البعد البيئي لمشروع تحلية مياه البحر باشتوكة أيت باها

محمد التفراوتي6 أكتوبر 2019آخر تحديث :
البعد البيئي لمشروع تحلية مياه البحر باشتوكة أيت باها

باتت تحلية مياه البحر ملاذا وبديلا لإشكالية شح المياه ونقص مياه العذبة. وتشهد جهة سوس ماسة إنجاز تحلية مياه البحرلاشتوكة. ويمتد هذا المشروع على مساحة 20 هكتار ،  وتتطلع ساكنة سوس ماسة إلى مرحلة الإنتاج في أفق شهر يوليوز 2021 إذ سيستفاد من كميات مهمة للسقي ولأغراض زراعية وكذا  لاستهلاك الماء الشروب.

ولسبر أغوار تفاصيل هذا المشروع الرائد بجهة سوس ماسة نجري حوار مع الدكتورة الباحثة سلطانة ادامين.

آفاق بيئية : محمد التفراوتي

ما الدواعي السوسيو اقتصادية لمشروع تحلية مياه البحر باشتوكة أيت باها؟

تحتل منطقة اشتوكة أيت باها مركز الريادة في الفلاحة العصرية المتطورة، وذات أهمية إستراتيجية، فهي تمتاز ببنية تحتية مهمة و ظروف مناخية ملائمة لإنتاج البواكر، مما جعلها أول حوض مصدر للبواكر بالمملكة  ( 85 في المائة من صادرات البواكر و 97 في المائة من الطماطم على الصعيد الوطني)، بالإضافة الى مزروعات أخرى مهمة. كما أنها تتميز بتأطير بشري أو يد عاملة شبه مختصة مما جعل  فلاحو هذه المنطقة يعدون الأكثر نجاحا في المغرب بتحكمهم الجيد في التقنيات الزراعية المتطورة خصوصا تلك المتعلقة بالاقتصاد والنجاعة في استعمال الماء ( يمكن الإشارة الى أن إحدى الضيعات النموذجية حضيت بزيارة ملكية ) بالإضافة الى قرب المنطقة من الأسواق.

 وتعتبر منطقة اشتوكة أيت باها تجميع رأسمال اجتماعي نظرا للهجرة المتوافدة عليها، وبسبب فرص الشغل التي توفرها و بالتالي استقطاب السكان من جميع أنحاء المغرب، خصوصا بمناطق أيت عميرة، سيدي بيبي و بلفاع  فبها تجمعات سكانية كثيفة تعتمد على النشاط الفلاحي دون الحديث عن فرص الشغل في الأنشطة الموازية للنشاط الفلاحي.

هذا النجاح الاقتصادي للمنطقة أصبح مهددا بسبب الاستغلال المفرط للمياه الجوفية ، و بالتالي استنزاف الفرشة المائية و احتمال تسرب المياه المالحة الى هذه الأخيرة. لذلك كان لا بد من اتخاذ اجراءات موازية لانقاد المنطقة و تحقيق التنمية المستدامة بها، تمثلت في الاجراء الاول لانقاد الفرشة المائية بإخراج مرسوم المحافظة الذي نص على تطبيق نظام الحصص و مراقبة الأحجام المستخرجة من الفرشة المائية و فرض عقوبات. و الاجراء الثاني  اتخذته كل من وزارة الفلاحة و الصيد البحري و التنمية القروية و المياه و الغابات و المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب بانجاز مشروع  كبير لتحلية مياه البحر الذي جاء لتحقيق مجموعة من الأهداف من قبيل تأمين تزويد منطقة اشتوكة بمياه الري من خلال تحلية مياه البحر كبديل للمياه الجوفية وتجنب خسائر رأس المال الفلاحي ( بيوت مغطات و محطات التلفيف والمعدات الفلاحية)  ثم الحفاظ على النشاط الفلاحي في المنطقة، بما في ذلك المزروعات ذات القيمة المضافة العالية، و بالتالي الحفاظ على مناصب الشغل وخلق فرص جديدة و الاستفادة من خبرة القطاع الخاص من خلال انجاز شراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال ضمان خدمة للري بجودة عالية ومستديمة لصالح الفلاحين و التثمين الامثل لمياه السقي و الرفع من الانتاج الفلاحي.

ثم المحافظة على الخبرة الكبيرة لفلاحي المنطقة في المجال الفلاحي سواء على مستوى الانتاج او التحويل او التصدير .و المحافظة على اسواق التصدير.

ماهو الجانب البيئي لمشروع تحلية مياه البحر باشتوكة ايت باها ؟

 يتمثل الجانب البيئي في حماية الفرشة المائية التي تعد موردا استراتيجيا في ظل خطر التغيرات المناخية و توغل مياه البحر و المشروع يحترم البيئة بشكل كبير، إضافة الى الحفاظ على المياه الجوفية و بالتالي الحفاظ على المحيط الحيوي لمنطقة اشتوكة خاصة المنتزه الطبيعي لسوس ماسة. والحفاظ على التوازن الايكولوجي بالمنطقة خصوصا بالمنطقة الساحلية الواقعة ضمن المنتزه الوطني لسوس ماسة الذي يلعب دورا ايكولوجيا هاما حيث يعتبر ملجأ لآخر مجموعات طائر ابو منجل المهدد بالانقراض، كما يضم مصب واد ماسة الذي يعد ضمن المناطق الرطبة المندرجة ضمن اتفاقية “رامسار” الدولية (RAMSAR). بالإضافة لآثاره على أشجار الأركان و منظومة الأحياء وزحف الرمال و مدخول الساكنة.

هل من تدابير علمية لمخلفات تحلية مياه البحر ؟

 فأيضا بالنسبة لمخلفات تحلية مياه البحر فإرجاع الملح الطبيعي الى البحر سيتم بطريقة علمية عبر قناة طولها تقريبا 600 متر و بالتالي تجنب كارثة بيئية ممكنة في حالة توجه الفلاحين نحو اعداد و تجهيز وحدات فردية لتحلية مياه الآبار و ذلك بسبب قذف المحاليل الملحية في المحيط البيئي بطريقة عشوائية . أيضا اعتماد المشروع أحدث التقنيات في انجاز منشآت و تجهيزات التحلية و الري و احدث الوسائل لتسييرها و استغلالها ملائمة للبيئة.

ما هي مبررات موافقة الموافقة البيئة من قبل اللجنة الوطنية للتأثير على البيئة؟

في حالة عدم التدخل لإيجاد حل تقلص المياه بالمنطقة سيكون هناك استنزاف للفرشة المائية مما يؤدي إلى توغل مياه البحر و بالتالي ستصبح المياه الجوفية ملوثة و غير قابلة للاستعمال. كما أن كميات المياه المستعملة ستكون مضبوطة و مقننة بحصيص(3600متر مكعب) و لا تفوق حاجيات المزروعات و ستمكن من المحافظة على الفرشة المائية كما و كيفا مما سيحد من نفاذ المبيدات و الاسمدة الى المياه الجوفية.

 و الجديد في الامر هو كيفية التخلص من مخلفات المعالجة بما فيها الملح، فقد تمت دراسة كيفية ارجاع هذه المادة بطريقة علمية و كذلك بتقنيات جد مكلفة ، لانها تتطلب معدات و آليات جد متطورة لقذف هذه النسبة من الملوحة، تتماشى مع الحفاظ على البيئة البحرية و عدم المساس بالكائنات الحية المتواجدة في البحر.  

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!