آفاق بيئية: محمد التفراوتي
أعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) و منظمة الأغذية والزراعة (FAO) عن إطلاق أولى مبادرات الاستعادة العالمية الرائدة لهذا العام، والتي تستهدف معالجة القضايا البيئية الكبرى مثل التلوث، الاستغلال غير المستدام، والأنواع الغازية في ثلاث قارات. تهدف هذه المبادرات إلى استعادة ما يقرب من خمسة ملايين هكتار من النظم البيئية البحرية، وهي مساحة تعادل تقريبا مساحة كوستاريكا، حيث يتم استضافة مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات بالتعاون مع فرنسا.
تمتد المبادرات الجديدة إلى مناطق مثل قناة موزمبيق الشمالية الغنية بالشعاب المرجانية، وأكثر من 60 جزيرة مكسيكية، ومنطقة مار مينور في إسبانيا، وهي أول نظام بيئي في أوروبا يتمتع بشخصية اعتبارية. تم الإعلان عن هذه المبادرات في فعالية خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات في نيس، فرنسا، وقد أصبحت الآن مؤهلة للحصول على دعم من الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، أكدت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: “بعد عقود من اعتبار المحيط أمرا مسلما به، نشهد تحولا كبيرا نحو استعادة البيئة. التحديات التي نواجهها كبيرة، لذا يجب على الجميع أن يتكاتفوا لتحقيق النجاح.” وأضافت: “تظهر هذه المشاريع الرائدة في مجال استعادة البيئة العالمية مدى الترابط بين حماية التنوع البيولوجي والعمل المناخي والتنمية الاقتصادية. لتحقيق أهدافنا، يجب أن يكون طموحنا بحجم المحيط الذي نحاول حمايته.”
مبادرات الاستعادة البيئية
تعد جوائز “الريادة العالمية في مجال الاستعادة” جزء من مبادرة “عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظم الإيكولوجية” التي يقودها برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO). تهدف المبادرة إلى منع تدهور النظم البيئية، وعكس مساره، والتصدي لهذه الظاهرة في كل قارة وكل محيط. تسعى هذه المبادرات إلى استعادة مليار هكتار من النظم البيئية بحلول عام 2030.
قناة موزمبيق الشمالية
تعد هذه المنطقة من أهم المناطق البيئية في المحيط الهندي، حيث تحتوي على 35 في المائة من الشعاب المرجانية الموجودة في المحيط. ولكن، تواجه المنطقة تهديدات كبيرة بسبب الجريان الزراعي، الصيد الجائر، وتغير المناخ. بدأت البلدان مثل جزر القمر، مدغشقر، موزمبيق، وتنزانيا التعاون لاستعادة حوالي 87,200 هكتار من الأراضي البرية والبحرية المتضررة. وتشمل الإجراءات المتخذة استعادة الغابات الزرقاء والخضراء، وزراعة أشجار المانغروف، وتحسين إدارة مصائد الأسماك.
من المتوقع أن تؤدي هذه الجهود إلى استعادة 4.85 مليون هكتار بحلول عام 2030، مما يعزز رفاهية المجتمعات المحلية ويوفر أكثر من 2000 فرصة عمل جديدة.
جزر الطيور البحرية في المكسيك
تعاني الجزر المكسيكية من التأثيرات السلبية للأنواع الغازية، ولكن بعد إطلاق برنامج طموح لاستعادة البيئة، عاد أكثر من 85 في المائة من مستعمرات الطيور البحرية التي كانت قد اختفت. يشمل البرنامج إزالة الأنواع الغازية وترميم المناظر الطبيعية، بالإضافة إلى التعاون مع المجتمعات المحلية لضمان استدامة المبادرة.
من المتوقع أن تشمل المبادرة ترميم أكثر من 100,000 هكتار بحلول نهاية العقد، وهو ما يساهم في حماية أكثر من 300 نوع من الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض.
إسبانيا: بحيرة مار مينور
تعد بحيرة “مار مينور” واحدة من أهم المعالم البيئية في إسبانيا، حيث تتعرض لمخاطر من الأنشطة الزراعية والملوثات الصناعية. استجابة لهذه التحديات، أطلقت الحكومة الإسبانية خطة طموحة لاستعادة البحيرة من خلال إنشاء أراض رطبة، وزيادة التنوع البيولوجي، وتحسين إدارة المخاطر.
يتوقع أن تؤدي المبادرة إلى ترميم 8,770 هكتارا من الأراضي، مما يساهم في تحقيق أهداف إسبانيا المناخية. كما يهدف الحزام الأخضر حول البحيرة إلى امتصاص أكثر من 82,000 طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2040.
المراجعة والاختيار
تم اختيار هذه المبادرات الرائدة بعد مراجعة شاملة وفقا لمعايير دقيقة من قبل خبراء استعادة النظم البيئية من شبكة عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظم البيئية. يتم تحديد هذه المبادرات بناء على قدرتها على تحقيق استعادة بيئية واسعة النطاق وطويلة الأجل.