«سحر حقيقي»: كيف تم العثور على حطام سفينة من القرن السادس عشر قبالة سواحل راماتويل؟

محمد التفراوتي14 يونيو 2025آخر تحديث :
une épave du XVIe siècle repose au large de Ramatuelle juin 2025
une épave du XVIe siècle repose au large de Ramatuelle juin 2025

آفاق بيئية: محمد التفراوتي 

في عمق يتجاوز 2560 مترا تحت سطح مياه البحر المتوسط، حيث لا يصل الضوء ولا أثر للإنسان، كان الاكتشاف مذهلا ومثيرا للدهشة. حطام سفينة ضخمة ملقاة على قاع البحر، أول دليل مرئي على وجود شيء استثنائي. خلفها، تبرز معالم تلال رملية دقيقة، ثم يظهر تدريجيا الشكل الغامض لسفينة تجارية من عصر النهضة، تحمل بداخلها أواني خزفية تعود لقرون مضت. السفينة التي أطلق عليها اسم “كامارات 4” (Camarat4)،  نسبة إلى رأس “كاب كامارات” قرب راماتويل (جنوب فرنسا) – باتت اليوم تُطعد أعمق حطام معروف ضمن المياه الخاضعة للسيادة الفرنسية.

كبسولة زمنية من عصر النهضة

تعود هذه السفينة إلى القرن السادس عشر، وقد استقرت في الأعماق دون أن يمسها أحد منذ غرقها، ما يجعلها موقعا أثريا فريدا من نوعه. وصفت من قبل فريق الباحثين بأنها “كبسولة زمنية”، نظرا لحالة حفظها المذهلة. يقول “أرنو شوماس”،(Arnaud schaumasse) مدير قسم الأبحاث الأثرية تحت المائية (DRASSM) التابع لوزارة الثقافة الفرنسية: «لقد توقف الزمن تماما على هذه السفينة. ما نراه أشبه بمشهد محفوظ خارج التاريخ».

ما يجعل هذه القطعة الفريدة أكثر إثارة هو موقعها الغارق في عمق سحيق، حيث يستحيل عمليا أن تصل إليها عمليات النهب أو التخريب، ما حافظ على محتوياتها في حالتها الأصلية.

من تدريب عسكري إلى اكتشاف تاريخي

جاء هذا الاكتشاف مصادفة خلال تمرين تدريبي للبحرية الفرنسية. وبينما كانت سفينة عسكرية تقوم بعمليات مسح روتينية باستخدام السونار قبالة سواحل “راماتويل”، (Ramatuelle) التقطت الأجهزة إشارات غير معتادة. تم إرسال كاميرا استكشافية لتقصي الأمر، لتظهر تدريجيا معالم سفينة غارقة لم تر منذ خمسة قرون.

وفي اللحظة التي ظهرت فيها الصور الأولية، أدرك الفريق أن ما تم العثور عليه يتجاوز مجرد حطام. إنه اكتشاف أثري نادر من عصر النهضة، محفوظ على حاله، يُظهر بقايا السفينة وشحنتها التجارية من الخزف والحديد. وقد عرضت تفاصيل هذا الاكتشاف في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات، المنعقد في مدينة نيس يوم الأربعاء 11 يونيو، وسط تفاعل دولي واسع.

وجهة مجهولة وأسئلة بلا أجوبة

لا يزال الغموض يكتنف مصير هذه السفينة. من أين أتت؟ وإلى أين كانت تتجه؟ وماذا حدث لها في رحلتها الأخيرة؟ أسئلة كثيرة تبقى بلا إجابة. ويقول الباحثون إن السفينة كانت في رحلة تجارية، وعلى متنها حمولة مهمة، لكنها لم تصل أبدا إلى وجهتها. ولا تزال الظروف التي أدت إلى غرقها غير معروفة، ما يضفي على الاكتشاف بعدا درامي وإنسانيا.

يشار أن “كامارات 4” ليست فقط اكتشافا أثريا استثنائيا من عصر النهضة، بل نافذة مفتوحة على ماض سحيق في قلب محيط يعاني من التلوث في الحاضر. إنها تذكير بأهمية حماية تراثنا البحري، وبدور العلوم والبحوث في إماطة اللثام عن أسرار خفية في أعماق لم نعد نملك رفاهية تجاهلها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • المبروكي عدنان
    المبروكي عدنان منذ 16 ساعة

    موضوع في غاية الأهمية و كتابة اهل الابداع.
    مزيدا من التألق سيدي محمد التفراوتي
    تبارك الله عليك

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!