التقائية وتنسيق البرامج والتدخلات العمومية لتفعيل حماية الموارد المائية

محمد التفراوتي24 مارس 2024Last Update :
التقائية وتنسيق البرامج والتدخلات العمومية لتفعيل حماية الموارد المائية

احتفال باليوم العالمي للمياه بجهة سوس ماسة

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

يحتفل يوم 22 مارس من كل سنة، في كل بقاع العالم، باليوم العالمي للمياه. وتركز هذه الذكرى على البعد الأساسي الذي تلعبه المياه في إرساء السلام والاستقرار والازدهار على المستوى العالمي. و”المياه يمكن ان تؤدي إلى إرساء السلام أو إشعال فتيل النزاع”. وخلدت جهة سوس ماسة بمدينة أكادير هذه المناسبة بعقد ملتقى ترأسه والي جهة سوس ماسة وحضره مختلف الفاعلين. استعرضوا نتائج عملهم من زوايا تخصصهم. تناولوا الاكراهات والفرص والتهديدات مقابل الجهود والمساعي المبذولة بكل مسؤولية والأفاق الاستباقية والمستشرفة لتطورات المستقبل. والقادرة على التكيف.

استهل السيد سعيد أمزازي، والي جهة سوس ماسة، عامل عمالة أكادير اداوتنان، الملتقى بالإشارة إلى أهمية الاحتفال باليوم العالمي للماء الذي يأتي في سياق وطني تطبعه جهود مبذولة على كل المستويات لتنفيذ التوجيهات الملكية السامية، الداعية إلى التصدي لإشكالية الماء وما تفرضه من تحديات ملحة في الحاضر والمستقبل، وأخذها، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة. وفي ظل ظرفية عامة تطبعها حالة الإجهاد المائي التي تعرفها بلادنا بفعل تفاقم ظاهرة التغير المناخي.

وأكد السيد أمزازي أن الاحتفاء يشكل فرصة للوقوف عن كثب على الوضعية العامة لهذا القطاع البالغ الأهمية بجهة سوس ماسة التي تعيش، منذ سنوات متتالية، موجة جفاف متواصلة وندرة متزايدة في التساقطات المطرية، مما ترتب عنه عجز مائي كبير ومتنام، خاصة على مستوى واردات السدود، مما جعلها تصل إلى مستويات متدنية، بحيث أصبح التحدي يتمثل في توفير الماء الشروب للمواطنين، ولاسيما في المرحلة الحالية التي تعرف فيها الجهة متطلبات متزايدة في الأنشطة السياحية والصناعية والفلاحية.

“ونظرا للحالة الحرِجة للموارد المائية قامت اللجنة الجهوية للماء في دجنبر الماضي بوضع مخطط إنقاذ لمواجهة هذه الوضعية في صيغة برنامج استعجالي، والذي كان وراء إعطاء الانطلاقة الوطنية لوضع مخطط إنقاذ ، كما أريد أن أبشركم أن التساقطات المطرية الأخيرة أمنت لنا، و لله الحمد، سنة ونصف من الماء الشروب”، يضيف السيد أمزازي.

 ويكتسي الملتقى أهمية قصوى، إذ يشكل جسرا للتواصل والتداول حول إشكاليات تدبير ندرة الموارد المائية واستراتيجيات تحسينها، ويجمع مختلف الفاعلين المعنيين، من سلطات ومنتخبين ومصالح لاممركزة ومؤسسات عمومية ومجتمع مدني، في إطار من الالتقائية والتنسيق الكاملين حول مشروع موحد. وتعد مناسبة لتسليط الضوء على سبل تفعيل حماية الموارد المائية ومكافحة مختلف مظاهر الاستنزاف والاستغلال العشوائي لها وإغنائها بالمصادر غير التقليدية للتقليل من الاعتماد على الأمطار، والتوسع في الاستثمار في الموارد المائية البديلة لضمان مواكبة هذا القطاع لبرامج التنمية السوسيو اقتصادية، ومواجهة الندرة بالتحكم في الموارد المتوفرة وتثمينها وتخزينها وعقلنة استخداماتها. كما يشكل هذا اللقاء مناسبة إضافية للوقوف على الحملة التحسيسية التي قامت بها جماعة أكادير بمعية باقي الفاعلين المعنيين لتوعية عموم المواطنين بأهمية الاقتصاد في استهلاك الماء ومحاربة مختلف أشكال تبذيره، يؤكد السيد امزازي.

إن إشراك التلاميذ في التوعية بأهمية المحافظة على المياه كجيل صاعد وللأجيال المستقبلية، له أهمية من حيث إدراك خطورة مسألة ندرة هذه المادة الحيوية وحجم الخصاص الكبير فيها، في ظل شح الأمطار الذي بات معطى هيكليا، وترسيخ مبادئ ترشيد وعقلنة استعمال الماء لديهم وتربيتهم على تحسين سلوكاتهم اليومية في استخدامه، ليس فقط في الوسط المدرسي، ولكن أيضا داخل محيطهم الأسري والاجتماعي، بحيث يقومون بدورهم بتحسيس هذا المحيط وينقلون إليه المعرفة التي حصلوها في مجال اقتصاد الماء وتثمينه في المؤسسات التعليمية، إذ نعتبرهم سفراء للمحافظة على هذه المادة الضرورية لبقاء الكائنات الحية بين عائِلاتهم الكبيرة والصغيرة، يضيف السيد امزازي.

ومن جهته قال رئيس مجلس جهة سوس ماسة السيد كريم أشنكلي أنه تم الانتقال اليوم من مرحلة كان الجميع يحذر فيها من مخاطر الإجهاد المائي، إلى مرحلة أكثر صعوبة، تفرض تدبير هذه الندرة والتعامل معها وفق آليات ووسائط مبتكرة، تخفف من وطأة هذه الإشكالية التي يعلم الجميع مدى خطورتها وانعكاساتها على كافة مناحي حياة المجتمع، ذلك أن تدبير هذه الإشكالية والتعامل مع كل مكوناتها الـمتداخلة ليس مقتصرا على فاعل دون غيره، بقدر ما يستلزم تظافر جهود الجميع.

وذكر السيد أشنكلي بفحوى توجيهات جلاله الملك خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، من قبيل ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، واستثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة، في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة. وإعطاء عناية خاصة لترشيد استغلال المياه الجوفية، والحفاظ على الفرشات المائية، من خلال التصدي لظاهرة الضخ غير القانوني، والآبار العشوائية.  والتأكيد على أن سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، وإنما هي شأن مشترك يهم العديد من القطاعات، يستوجب الأخذ بعين الاعتبار، للتكلفة الحقيقية للموارد المائية، في كل مرحلة من مراحل تعبئتها، وما يقتضي ذلك من شفافية وتوعية، بكل جوانب هذه التكلفة.

ويستلزم تبعا لذلك اتخاذ إجراءات عملية ينبغي تنزيلها على وجه السرعة والاستعجال على أرض الميدان، فالمدبر للمرافق العمومية ذات العلاقة بالماء ملزم بالعمل على إرساء آليات لعقلنة استعمال المياه وخاصة على مستوى تحسين مردودية الشبكات المزودة للساكنة بالماء الصالح للشرب والتقليص من نسب هدر هذه المادة الحيوية، يشيرأشنكلي.

“كما أن الباحث الجامعي والأكاديمي يجب عليه العمل على ابتكار وسائل تسمح بتحقيق المردودية المطلوبة وبأقل تكلفة على مستوى الإجهاد المائي، إضافة إلى اللجوء لما تتيحه المياه غير الاعتيادية من بدائل في هذا المجال، فضلا على أَن الـمربي مطالب بتحسيس الناشئة بأهمية الاستهلاك الـمعقلن للماء، كما أن الفاعل الاقتصادي بدوره ملزم بإرساء مشاريع تأخذ بعين الاعتبار مطمح ترشيد استعمال الماء، الذي يجب أن يكون محور اهتمام الواعظ الديني والإعلام من أجل ضمان انخراط الجميع في هذا العمل التوعوي والتحسيسي الهام الذي يستلزم أيضا مساهمة المجتمع المدني في بناء منظومة استراتيجية متكاملة الأطراف تتميز بالفعالية والاستدامة”.

وأشار أشنكلي إلى مساعي مجلس الجهة مذكرا ببرنامج التنمية الجهوية 2022-2027 الذي يتضمن مشاريع مهيكلة من قبيل محطة التحلية بتزنيت التي سوف يتم الاستفادة من شطرها الأول قبل سنة 2026، والطريق السيار للماء انطلاقا من محطة التحلية الحالية. هذا بالإضافة إلى مشاريع موازية أخرى تروم عقلنة استعمال المياه وتشجيع البحث العلمي ذو الصلة بهذا الموضوع. وتنخرط الجهة في شراكة مع جمعية “أكروتيك” من أجل اقتصاد الماء والطاقة بهدف تعزيز وتنمية “برنامج “أكروتيك” للسقي الذكي” الرامي الى تغطية 10 ألف هكتار إضافية، فضلا عن إحداث الجهة لشركة التنمية الجهوية “الابتكار الفلاحي” بغرض تدبير العديد من المشاريع النموذجية من بينها تشجيع البحث العلمي لعقلنة وترشيد استهلاكِ مياه السقي. وتساهم الجهة في توفير الماء الصالح للشرب بالعالم القروي سواء في إطار برنامج تقليص الفوارق المجالية أو في إطار البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي (2027-2020).

وطالب أشنكلي برسيخ ثقافة الوعيِ بإشكالية الماء، وضرورة تجند الجميع لإيجاد حلول مبتكرة لرفعِ تحدي ندرة الماء.

واستعرض عبد الغني بوعيشي، نائب رئيس جماعة أكادير مكلف بتدبير شؤون البيئة وجودة الحياة، عرض خطة العمل والنتائج الأولية للحملة التوعوية حول ترشيد استعمال المياه التي أطلقتها بلدية أكادير. وتناول  البرنامج السنوي التحسيسي وفق برنامج عمل يتضمن مختلف الأنشطة التي تهم حوكمة استعمال المياه من خلال مساعي تهم “مثالية الإدارة” والقيام برسوم جدارية و مسابقات ودورات تكوينية وحملات تحسيسية.

الدكتور عبد الغني بوعيشي

 وأكد السيد بوعيشي على ترشيد استخدام الموارد المائية في ظل شح الأمطار وموجة الجفاف. وأن مختلف الأنشطة تأتي في سياق المساهمة في تنزيل القرار العاملي رقم 05 بتاريخ 22 يناير 2024 لمواجهة الاجهاد المائي وترشيد استعمال الماء.  وتنطلق عملية الترشيد، في سياق “ميثاق مثالية الادارة”، بالبنايات الجماعية ذات الاستهلاك العالي تحت شعار ” الماء نعمة نستعملوه بحكمة”. فضلا عن الحد من تسرب مياه الشرب في المباني الجماعية تبعا اتفاقيات مع وكالة توزيع الوكالة المستقلة المتعددة الخدمات بأكادير.  وتم اعتماد العديد من الوسائل التواصلية من الملصقات والإعلانات والعديد من كبسولات فيديو توعوية مع مختلف المتدخلين. ومختلف الجداريات في المداخل الشمالية والجنوبية وأهم شوارع المدينة مع استعمال دراجات هوائية متنقلة مع مكبرات صوت في الأماكن العامة.  وقافلة عبارة عن شاحنة صغيرة مجهزة بلوحات إشهارية متنقلة عبر شوارع المدينة، ثم إعلانات و ندوات في وسائل الإعلام والإذاعات المحلية. ناهيك عن مواكبة لجنة التقييم و التتبع في الموضوع.

وأفاد السيد رشيد مداح  مدير وكالة الحوض المائي لسوس ماسة عن معيقات والآفاق الموارد المائية، مستعرض البيانات المناخية واتجاهات موارد المياه في السياق الوطني والمحلي وتقييم إجراءات التواصل والتوعية. وأشار السيد مداح إلى المعطيات المناخية و أهم الاكراهات بحوض سوس ماسة المتسم بالجفاف في الغالب. والمتمتع بأشعة الشمس السنوية المرتفعة نسبيا بمعدل 3089 ساعة في السنة. وتميزت السنوات الأخيرة بانخفاض متوسط ​​لهطول الأمطار وتقلب درجات الحرارة و ارتفاع درجات الحرارة ورياح الشرقي أكثر تواترا. وتناول ملامح المياه السطحية الإضافية والسدود الكبيرة والمتوسطة مع 30 سدا صغيرا وبحيرات جبلية. ثم التغذية الاصطناعية لمنسوب المياه الجوفية. وتدبير الطلب وتثمين المياه من خلال تحسين معدل كفاءة شبكات التوزيع ليصل إلى 80 في المائة عام 2030 و85 في المائة اعتبارا من عام 2040 مع الحفاظ على نفس المعدل حتى عام 2050.

وقدم السيد عبد السلام جوليد المدير الجهوي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب عرضا حول التخطيط وإمداد مياه الشرب، ومختلف الخطوات التي يجب اتخاذها، مستعرضا الحالة الراهنة والمشاريع المبرمجة لتامين وتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب جهة سوس ماسة. وبلغت كمية الانتاج من مياه الشرب سنة 2023 من جميع المنظومات المائية المستغلة 92,1 مليون متر مربع موزعة حسب مصادر الانتاج المتمثلة في المياه الجوفية و المياه سطحية و تحلية مياه البحر. وتناول أهم المشاريع المنجزة أو التي في طور الإنجاز من قبيل البرنامج الوطني للماء الشروب ومياه السقي. ومشاريع تحلية مياه البحر وأفاق توسيع محطة تحلية مياه البحر بالصبيب الإضافي. وتقوية تزويد قناة الجر بين الأقاليم. وأشار إلى البرنامج الاستعجالي للتزويد بالماء الصالح للشرب بكلفة 520 مليون درهم. وعلى مستوى الاقتراحات ذكر السيد جوليد بإنجاز قناة للربط بين سد عبد المومن وسد الدخيلة لتفادي ضياع الماء و تأثر جودته خلال مجرى الوادي. والعمل على تعبئة الموارد المالية لتثنية قناة المياه المحلاة انطلاقا من محطة التحلية إلى خزانات مدينة أكادير و خاصة الشطر الاستعجالي ) بكلفة 400  مليون درهم(. والعمل على إخراج اتفاقيات استغلال و تسيير محطات التحلية المتنقلة لضمان ديمومة استغلالها. ثم مواصلة إنجاز أثقاب عميقة لتزويد المناطق الجبلية البعيدة عن منظومة محطة التحلية. وأشار إلى حرص المكتب على مراقبة جودة المياه باستمرار للتأكد من احترام معايير الجودة المعمول بها للمياه المنتجة و الموزع. وتحدث عن استراتيجية التواصل حول أهمية الحفاظ على المياه والتحديات الحالية.

وتحدث المدير الجهوي للفلاحة السيد نور الدين كسى عن المشاريع المهيكلة وبرامج القطاع الفلاحي المتعلقة بالماء، حيث تم وضع آليات للحكامة المتعلقة بالماء، وتعبئة المياه غير التقليدية عبر تحلية مياه البحر واستخدام المياه العادمة المعالجة، وكذا اعتماد أنظمة السقي المواجهة لتغير المناخ. مذكرا بقانون الاستثمارات الفلاحية وعملية تشييد السدود والاعداد الهيدروفلاحي لمدارات السقي الكبير والاحواض التقليدية المستصلحة طيلة المرحلة الخمسينية الممتدة ما بين 1970 و 2020. وأشار إلى التدبير التشاركي للري ومشروع تجويد السقي الكبير ثم قانون2-84 المتعلق بجمعيات مستعملي المياه لأغراض زراعية. والمسار التاريخي إحداث وكالات الحوص المائي وإصدار قانون الماء بغية اقتصاد المياه وإدارة الطلب لتتلوه مخطط المغرب الأخضر. والبرنامج الوطني لاقتصاد مياه الري وبرنامج توسيع السقي و الشراكة بين القطاع العام والخاص و تعبئة المياه غير التقليدية (تحلية مياه البحر لاشتوكة ). ومرسوم المحافظة على الفرشة المانية لاشتوكة خلال العشرية الحالية 2020-2030. والإجراءات الموازية لإنقاذ منطقة اشتوكة وتنزيل مرسوم المحافظة على الفرشة المائية للحفاظ على المياه الجوفية و على النشاط الفلاحي و الاستفادة من خبرة القطاع الخاص.  وإنشاء آلية مبتكرة للسيطرة والإدارة المشتركة المياه الجوفية والمياه المحلاة ومراحل تنزيلها.

وعرض السيد كسى مختلف تفاصيل مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسقي حوض الكردان ومكوناته وتأثيراته. ومشروع مرونة واستدامة السقي الممول من قبل البنك الدولي وبرنامج السقي الصغير والمتوسط. ثم برنامج دعم التنمية الشاملة والمستدامة للمناطق الزراعية والقروية. والبرامج الوطني للاقتصاد في مياه الري. وأهداف واجراءات دعم الجمعيات في التحويل الجماعي للسقي بالتنقيط والطاقة الشمسية، موضحا ماهية مشروع الفلاحة الدقيقة المتمثلة في مشروع الري الذكي بمنطقة سوس ماسة والافاق المستقبلية للقطاع مع الفرص المتاحة.

 ومن جهته تحدث يوسف التازي مدير عام الوكالة المستقلة المتعددة الخدمات  عن الإجهاد المائي الذي يعرفه المغرب عموما وجهة سوس ماسة تحديدا، وذلك بسبب توالي سنوات الجفاف، وضعف التساقطات والذي أدى إلى تدني حقينة

السدود وتراجع مستوى الفرشة المائية، وبالتالي أصبح اللجوء إلى المياه غير الاعتيادية البديل الأساس الذي سيساهم في نقص العجز المائي الذي تعرفه الجهة عامة وأكادير الكبير خاصة. وعرض التازي مكونات مشروع إعادة استعمال المياه العادمة المصفاة بالمنطقة الجنوبية والذي يتكون من محطة المعالجة الثلاثية وشبكة جلب المياه بطول 87 كلم. ومحطة ضخ. وبين مكونات شبكة توزيع المياه العادمة المصفاة بأكادير الكبير بالمنطقة الشمالية وكذا المساحات الخضراء المبرمجة ثم تطور استهلاكات ملاعب الكولف والجماعات.

وأشار السيد التازي إلى تأهيل وتوسيع محطة المعالجة بمنطقة المزار، متناولا تفاصيل البرنامج الإستعجالي المعتمد في ظل الأزمة المائية، ويشمل مجموعة من الإجراءات على المدى القصير لضمان توفير المياه الصالحة للشرب، لاسيما في المدن والمراكز والقرى التي تعرف عجزا أو من المحتمل أن تعرفه.

وقدم عيدة بوكنين المدير الاقليمي لوزارة التربية الوطنية بأكادير إداوتنان الإجراءات المتخذة لترشيد استهلاك الماء بالمؤسسات التعليمية التابعة للمديرية الإقليمية أكادير إداوتنان.

وذكرت الدكتورة لمياء الشاكري المديرة الجهوية للصحة بأكادير من حيث محور”الماء والصحة العامة”  بالترسانة القانونية المنظمة لفحص الماء، و الفحص الصحي لأنظمة إمدادات مياه الشرب. وتناولت بالشرح الاهداف العامة لاستراتيجية وزارة الصحة للحفاظ على الماء، محددة معايير الماء الصالح للشرب وكذا معايير الماء الملوث . وأسهبت بالتحليل العرض الصحي الجهوي المتعلق بمراقبة جودة الما. والأمراض المنقولة بواسطة الماء الملوث. ثم الوضعية الوبائية للأمراض المنقولة بواسطة الماء الملوث . و

برنامج العمل لمراقبة النقط المائية الجماعية لسنة 2024.

يذكر أن الملتقى شهد توقيع بروتوكول اتفاق يروم إعداد وتنظيم برنامج سنوي للتوعية والتحسيس حول الممارسات الناجعة لاستخدام المياه. ويشار أن الملتقى شهد عرض مجموعة من التلاميذ وصلات تحسيسية وتوعوية حول أهمية الماء وضرورة المحافظة عليه وضمان استدامته.

ولسبر أغوار إشكالية تدبير ندرة المياه بجهة سوس ماسة من زاوية مختلفة،  وتعميق التناول واستنباط بعض الرؤى والتصورات المعضدة للجهود المبذولة. أجرى موقع آفاق بيئية حوارا مع الخبير الدولي، من مغاربة العالم، الدكتور يوسف بروزيين، الممثل الإقليمي للمعهد الدولي لإدارة المياه بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

الدكتور يوسف بروزيين

ما هي وضعية جهة سوس ماسة من حيث إشكالية تدبير الطلب على الماء وتراجع الموارد المائية في السياق الدولي ؟ 

ارتبطت منطقة المغرب والشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ فترة طويلة بندرة المياه وحالات الجفاف المتكررة بسبب المناخ في المقام الأول. وقد زادت هذه الظاهرة من حيث تواترها وشدتها على مدى العقود الثلاثة الماضية، ومن المتوقع أن تشتد في ظل الظروف الجوية القاسية المتوقعة في المستقبل. ومن خلال عملنا مع شركائنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يمكننا أن نؤكد أن الوضع المائي المعقد في سوس ماسة يشترك فيه مع معظم الأحواض والمناطق القاحلة الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من منظور اجتماعي واقتصادي؛ وأوجه التشابه الرئيسية و القواسم المشتركة تتجلى في اولا الموقع الجغرافي إذ يقع كل من حوض سوس ماسة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأوسع في مناخات قاحلة وشبه قاحلة، تتميز بمحدودية هطول الأمطار وارتفاع معدلات التبخر. ويعرض هذا السياق الجغرافي هذه المناطق لندرة المياه وظروف الجفاف. ثانيا محدودية الموارد المائية،  فتوفر موارد المياه العذبة في كل من حوض سوس ماسة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ككل محدود. وفي كثير من الأحيان، تخضع مصادر المياه السطحية، مثل الأنهار والبحيرات، لطلبات متنافسة من مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلي.

ثالثاا ثار تغير المناخ،  فحوض سوس ماسة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا يشتركون في تأثرهم سلبيا بتغير المناخ، بما في ذلك التحولات في أنماط هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة تواتر وشدة حالات الجفاف. وتؤدي هذه التغيرات المرتبطة بالمناخ إلى تفاقم ندرة المياه، مما يؤدي إلى انخفاض توفر المياه وزيادة الإجهاد المائي. رابعا هناك عامل النمو السكاني  السريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك حوض سوس ماسة في المغرب، يفرض ضغوطا إضافية على الموارد المائية. ويؤدي تزايد التوسع الحضري والتصنيع إلى زيادة الطلب على المياه، مما يزيد من الضغط على الإمدادات المحدودة بالفعل ويزيد من حدة المنافسة على موارد المياه. هذا فضلا عن الاعتماد الزراعي،  أي أن الزراعة هي المستهلك الرئيسي للمياه في كل من حوض سوس ماسة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. ومع ذلك، فإن ممارسات الري غير الفعالة في بعض الحالات والإفراط في استخراج المياه الجوفية تساهم في استنزاف المياه وتفاقم ندرة المياه. وهناك مخاوف تهم  جودة المياه  فحوض سوس ماسة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعرف تحديات تتعلق بنوعية المياه، بما في ذلك التلوث الناجم عن الجريان السطحي الزراعي، والتصريف الصناعي، ومياه الصرف الصحي غير المعالجة. وتشكل مصادر المياه الملوثة مخاطر صحية وتزيد من الضغط على موارد المياه المجهدة بالفعل.

المقاربات المعتمدة من قبل الاطراف المعنية والمتدخلة هل هي كافية من الناحية المنهجية والاستراتيجية ام هي تدبير آني للأزمة دون استشراف؟ 

في ظل فترات الجفاف المتكررة  في سوس ماسة ومعظم مناطق الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ومع تزايد مستويات ندرة المياه، هناك حاجة إلى نظام ديناميكي لإدارة المياه بما في ذلك القوانين والمؤسسات الفعالة والتخطيط والإجراءات القائمة على العلم. وبهذا المعنى، فإننا نثمن توقيت تحديث الخطة الرئيسية للتنمية المتكاملة للموارد المائية (  (PDAIRE من قبل وكالة الحوض المائي سوس ماسة (ABHSM) وخاصة مراجعة هيكلتها حول التحديات ذات الصلة بديناميكية الوضع المائي في الحوض على وجه الخصوص.

وتلبية الاحتياجات المائية بطريقة مستدامة، وإدارة الاستغلال المفرط لموارد المياه الجوفية، والحفاظ على النظم البيئية، وكذلك تدبير الظواهر المتطرفة. ويشير هذا إلى أن حوكمة المياه في حوض سوس ماسة تتحول نحو الإدارة على المدى الطويل من خلال الأخذ في الاعتبار التدبير الآني للمخاطر.

ومع تزايد مستويات ندرة المياه، هناك حاجة إلى تحديد موارد المياه لدعم تخطيط الموارد المائية باستخدام مصطلحات واضحة ونهج متسق. لدعم وزارة التجهيز والمياه، ممثلة بوكالة الحوض المائي سوس ماسة ، في هذه المهمة، نفذ المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) نهجا للمحاسبة المائية لتحديد التوازن المائي واستخدام المياه وتوفر المياه في سوس حوض نهر ماسة في الماضي القريب، وكذلك في ظل الظروف المناخية المستقبلية. الهدف العام للمشروع (الترابط مع الأمن المائي في شمال أفريقيا) الذي دعمته حكومة المملكة المتحدة، هو دعم مسيري الموارد المائية في وكالة الحوض المائي لجهة سوس ماسة.

ABHSM، وأصحاب المصلحة الآخرين، ومراقبة توزيع المياه بين القطاعات المختلفة، ومراقبة إنتاجية المياه وتنظيم قرارات الاستثمار.

هل أثمر عن هذا المشروع نتائج مهمة تشكل إضافة نوعية؟

أظهرت نتائج هذا المشروع أنه سيكون من الضروري توفير كمية أكبر من المياه للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية المتعلقة بالري واستخدام المياه البلدية والصناعية، ناهيك عن الزراعة البعلية أو الزراعة المروية التكميلية. ستحتاج إدارة خزانات المياه السطحية والجوفية إلى التعامل مع ارتفاع مخاطر الفيضانات، وفترات أطول دون هطول، وتغيير أنماط تغذية المياه الجوفية وتصريفها. يواجه الحوض مشكلات تتعلق بجودة المياه: وهذا يؤدي إلى كون كميات كبيرة من المياه التي يحتمل أن تكون قابلة للاستغلال “غير مستخدمة” – ويمكن أن يساعد إحراز تقدم في الجودة في إحراز تقدم في الكمية. هناك حاجة إلى مراقبة منتظمة لجودة المياه، فضلا عن معالجة مياه الصرف . كما أن زيادة تغذية المياه الجوفية والحد من استخراج المياه الجوفية ستساهم أيضا في تحسين الجودة .

التعاون الدولي أساسي في دعم مواجهة الاكراهات والاشكاليات ذات الطابع الكوني من قبيل شح المياه.ما هي أوجه و آفاق التعاون الدولي لجهة سوس ماسة على مستوى الموارد المائبة؟ 

كاستمرار لهذا التعاون، وفي إطار “مبادرة من الهشاشة إلى القدرة على الصمود في وسط وغرب آسيا وشمال أفريقيا”  (F2R-CWANA)، قام المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) بتطوير لوحة معلومات مبتكرة للمحاسبة المائية عبر الإنترنت لحوض سوس ماسة بالتعاون مع ABHSM. توفر هذه الأداة نظرة عامة شاملة عن حالة المياه في الحوض، بما في ذلك توفر المياه للفرد كل شهر، ونسبة الإجهاد المائي البيئي، وكمية المياه المتاحة لمزيد من الاستخدام، ونسبة إغلاق الحوض. ثم  توازن الماء مع الأخذ في الاعتبار التدفقات الداخلة والاستخدام والتدفقات الخارجة.  وكذا تأثير المناخ على هطول الأمطار، والتبخر، والتدفق، وتوافر المياه. ثم تحليل التغيرات الهيدرولوجية طويلة المدى. ومن خلال تقديم رؤى قيمة حول إمدادات المياه والطلب والإنتاجية، تهدف لوحة المعلومات إلى سد فجوة الاتصال بين نتائج البحوث وصناع القرار وصناع السياسات لتسهيل التخطيط التشاركي والمستدام وإدارة موارد المياه العذبة الشحيحة.

 ماهي الآفاق المتوقعة قطاع المياه بالمغرب في سياق الرهانات الكبرى للمنظومة البيئية التي يشهدها العالم عامة والمغرب خاصة؟ 

في IWMI، وفي عملنا مع مختلف الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نسعى دائما نحو إجراء تحولات منهجية للتغلب على أزمة المياه هذه من خلال اعتماد إطار عمل للترابط بين الأرض والمياه والطاقة (LWE) في إدارة المياه والموارد الطبيعية الأخرى. ومن خلال النظر بشكل كلي في أوجه الترابط بين موارد المياه والأراضي والطاقة النادرة، سيكون من الممكن تحديد أوجه التآزر والمقايضات لضمان الاستخدام الفعال للموارد. وفي هذا الصدد، نعرب عن ارتياحنا للخطوات التي اتخذتها المملكة المغربية بتعليمات من جلالة ملك المغرب بوضع الماء في قلب العمل التنموي والمناخي بالمملكة ودعوته الملكية إلى تعزيز التعبئة لضمان الأمن المائي في المملكة. إن الاستثمارات الكبيرة والمتنوعة في المياه (تحلية المياه، نقل المياه…)، والطاقة (الطاقة الشمسية، الهيدروجين الأخضر…)، والزراعة (الزراعة المحافظة على الموارد، والري بالتنقيط…) في المغرب على نطاق فوري وعلى المدى الطويل، كلها متناغمة مع توصياتنا لتحقيق تنمية مرنة ومزدهرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويسعدنا أيضا أن نرى تضاعف جهود المغرب في معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها لأننا نعتقد أن المملكة يمكنها بذل المزيد من الجهد لسد الفجوة في توازن أنظمة المياه. ويتوقع المغرب إعادة استخدام حوالي 100 مليون متر مكعب من المياه العادمة المعالجة سنويا اعتبارا من عام 2027 في ري ملاعب الغولف والمساحات عامة وري بعض المحاصيل. نحن نؤمن أن عددا كبيرا من أنظمة المحاصيل يمكن أن يستفيد بأمان من مياه الصرف الصحي المعالجة لتخفيف الضغط على موارد المياه العذبة وتعزيز الأمن الغذائي في المملكة، وسنكون سعداء دائما بدعم المملكة في هذا الصدد.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News
error: Content is protected !!