آفاق بيئية : عبد الحي الرايس
هو يومٌ عربي للبيئة مُنبِّهٌ إلى ما ينبغي أن تحظى به البيئة لدى أقطار من الخليج إلى المحيط، جمعت بينها الأرومة واللسان، وامتد بينها الجوار، من مشرق إلى مغرب كسلاسل الجبال، تحُثُّ آلَ يَعْرُبٍ على الانخراط مع المنتظم الدولي في تقاسُم الهاجس البيئي بكل ما يستدعيه من تلبيةِ الحاجياتِ الحاضرة، دون مساس بتلك التي للأجيال القادمة، وسَعْيٍ متكامل لتحقيق أهدافِ تنميةٍ مستدامة، ومن نزوعٍ إلى اقتصادٍ في تدبير الموارد، وسهَرٍ على تحقيق التوازن، وتسريعِ انتقالٍ من طاقةٍ ناضبةٍ إلى أخرى مُسْتديمةٍ مُتجدِّدة، ومن تأصيلِ وَعْيٍ بما يتهدد الأرضَ والكائناتِ الحية عليها من انبعاثاتٍ مُلوِّثةٍ خانقة، وحرارةٍ مُتزايدة، وتغيراتٍ مُناخيةٍ مُتلاحقةٍ عاتية، وما يستلزمه كُلُّ ذلك من عنايةٍ بالمجال، وتأهيلٍ للإنسان، وكفٍّ عن الصراع، وإشاعةِ روح الوحدة والوئام، ونشرِ ألوية السلام.
ورابع عشر أكتوبر هو أيضاً يومٌ عالمي للتربية البيئية بما تقتضيه من إحكام الصلة بين الطبيعة والثقافة، بين الإنسان وكوكبه، بين البيئة والعدالة الاجتماعية، وبكل ما تَعِدُ به من تعهد الناشئة ومختلِفِ الفئات العمرية والاجتماعية بالتوعية والتحسيس بِدَوْر البيئة في حياة الإنسان وسائر الكائنات، وضرورةِ الانخراط الجماعي في حمايتها، وضمان توازناتها، والعمل على الحد من المخاطر التي تتهددها، والسعي الجاد لمواجهة بواعث القلق المناخي المُطْبِق والمتنامي برفع درجة الوعي، وتنمية روح المبادرة، لدى الأفراد والجماعات والدول.
وقد تنبه الإنسان ـ بَعْدَ لَأْيٍ ـ إلى ما راكمَهُ من أخطاء بسبب اندفاعه في التصنيع وتلويثِ الأجواء، وهَدْرِ الموارد، وحَيْدِ عن الترشيدِ والاقتصادِ في الاقتناءِ والاستهلاك.
وترسَّخَت القناعةُ بجدوى التربية على البيئة منذ مُستهل سبعينيات القرن الماضي في مؤتمرات عالمية لم تزدها قممُ الأرض إلا تأكيداً على مبدإ الاستدامة في التنقل، وفي تهيئة المدن، وفي كل عناصر التنمية ومجالاتها، وفي ترسيخ الوعي والاقتناع بدور الإنسان فيها ومسؤوليته عليها، تعددتْ لذلك الوصايا والمواثيقُ والعهود
ولعل خير خلاصةٍ تَعْلَقُ بالبال والوجدان، ينبغي أن يتمثلها ويَصْدُرَ عنها كلُّ إنسان: “عَلَيَّ أن أبدأ بنفسي ولا أنتظر، فإصلاحُ الأرض حمايةً للبيئة فرضُ عَيْنٍ وليس فرضَ كفاية”.