“ياربي السلامة”..ما تبقى من صوت والدي

محمد التفراوتي14 يونيو 2024آخر تحديث :
“ياربي السلامة”..ما تبقى من صوت والدي

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

في سنواته الأخيرة، كان والدي يردد كثيرا، بصوت مسموع يخترق سكون الليل: “يا رب السلامة”.
لم تكن مجرد دعوة، بل نداء متواصل، كأنما يوشوش به إلى السماء، أو يزرعه في جدران البيت وبين أنفاسنا.

كان صوته يوقظ من حوله من النوم، لا عنوة، بل كأن الدعاء ذاته يحمل قلقا دفينا وسكينة في آن معا.
وأغرب ما في الأمر، أن اسم والده كان عبد السلام.
فكأنما كانت هذه الكلمات وصلة رحم تمتد في الزمن، دعاء يصل الحفيد بالجد، والحي بالراحلين.

كلما خلوت إلى نفسي، يخترق مسامعي صدى تلك الكلمات:
“يا رب السلامة”
فأغوص في معناها، لا عن قصد، بل كأن الدعاء يفتح لي بوابة تأمل لا نهاية لها.
كنت أشعر، ولا زلت، أنني محاط بحماية لا ترى، مستظل بدعاء والدي الذي لم يفارق لسانه حتى آخر أنفاسه.

حتى زائر البيت، لم يكن يكتمل ترحيبه إلا بمرور هذا الطنين على مسامعه.
صار للدعاء طقسه، صار للسلامة حضورها، وصار لوالدي أثر لا ينمحي، حيا في الذاكرة وفي الدعاء.
” يا رب السلامة” لا يبدو مجرد كلمات، بل كأنه طقس يومي، ترنيمة حماية، أو حتى رسالة خفية تتجاوز الظاهر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!