آفاق بيئية : محمد التفراوتي
فى إطار الملتقى الربيعى الأول للثقافة والإعلام تحت شعار “من اجل جودة التنمية الجهوية” نظم نادى الصحافة ندوة فكرية ناقش من خلالها المشاركون كتابى الدكتور مبارك حانون “الصواتة الزمنية، الوقف فى اللسانيات الكلاسيكية”، و”مـدخل لـلـسانـيات سـوسـيـر”.. والديوان الشعرى “سقف الموت” لعبد الرحيم عاشر.
الصواتة الزمنية
أكد الدكتور زهيد عبد الحميد أن “كتاب الصواتة الزمنية، الوقف فى اللسانيات الكلاسيكية” مشروع هام فى إطار الدرس الصوتى يمزج بين الدرس الصوتى العربى القديم والدرس اللسانى الصوتى الحديث. وهو فى هذا العمل يقتنع المؤلف بتكامل العلوم العربية وبأن جهود النحاة تستند إلى جهود غيرهم من العلماء وإن كانت لا تصرح بذلك إلا نادرا. فالاطلاع المعرفى الواسع والثقافة اللسانية المتخصصة جعلت من أبحاث الدكتور حنون مرجعية عالية فى تبسيط عدد من الآراء عند القدامى كابن سينا وابن جنى وابن الجزرى والقسطلانى وغيرهم من أهل الصوت والموسيقى مع ربط آرائهم بمعطيات النظرية الفونولوجية الحديثة التى تستوجب الاعتماد على عدد من العلوم والمعارف كالموسيقى والعروض والبلاغة والقراءات وغيرها من الروافد المعرفية التى جعلت من كتابات الدكتور حنون وأبحاثه مدونة علمية أصيلة فى الدرس اللسانى الحديث حافلة بدراسات أكاديمية جادة. فقد درس المكونات الصوتية بمختلف صنوفها وخصائصها مرورا بأصغر أجزائها ووصولا إلى قضاياها وظواهرها. فجاءت الأعمال التى قدمها رائدة فى هذا المجال متكاملة فى طرحها وتحليل قضاياها.
ويجد الدكتور زهيد، حينما يبحث عن تجليات هذه الأعمال، دروسا تعليمية مؤصلة لدراسة الصوت فى التراث العربى بإمكانات مؤهلة وطموح لا يهزم. وفى قراءته لجانب من بعض الأعمال التى أوردها على سبيل الاستشهاد لا على سبيل الإحاطة والبيان، حيث يقول مثلا فى نظرته إلى الحرف والحركة: إن القدماء يتصورون الهواء الخارج من داخل الإنسان إن خرج بدفع الطبع سمى نفسا، وإن خرج بالإرادة وعرض له تموج بتصادم جسمين سمى صوتا. وإن الصوت يخرج مع النفس مستطيلا متصلا إلى أن تعرض له فى الحلق الفم والشفتين مقاطع تثنيه عن امتداده فيسمى آنئذ حرفا، ولهذا السبب اعتبر ابن جنى الحرف: حد منقطع الصوت وغايته وطرفه، وكان الصوت بمثابة الزمان أو الخط والحرف بمثابة الآن أو النقطة. وهو يتخذ هيئة الصوت اللغوى من الهيئات التى يستفيدها من المخارج والمحابس.
أما الحركة فهى حسب ابن جنى صوت ناقص أو بعض حرف المد أو حرف صغير فيما يرى الفخر الرازى فى التفسير الكبير أن المراد من حركة الحرف صوت محسوس يوجد عقيب التلفظ بالحرف، بينما يرى البعض بأن قولهم حرف متحرك أو تحركت الواو ونحو ذلك تساهل منهم…وإنما المتحرك، فى الحقيقية هو العضو من الشفتين أو اللسان أو الحنك الذى يخرج منه الحرف، فالضمة عبارة عن تحريك الشفتين بالضم عند النطق فيحدث من ذلك صوت خفى مقارب للحرف إن امتد كان واوا، وإن قصر كان ضمة، والفتحة عبارة عن فتح الشفتين عند النطق بالحرف وحدوث الصوت الخفى الذى يسمى فتحة، وكذا القول فى الكسرة .
قوة الاستنباط الصوتي
فهكذا يدرك الدكتور زهيد قوة الاستنباط الصوتى لدى الدكتور مبارك حنون الذى اعتمده بإزاء هذا التصور القديم فيذهب إلى أن التصور القديم أن الحرف “أو الساكن أو الصامت” كيان لا يجرى فيه الصوت لأن الصوت ينقطع حينما ينحبس من مخرج معلوم، وأن الحرف بهذا المعني، عبارة عن صوت لغوى انحباسى Implosif بالمعنى الذى أعطاه له سوسور. وأن الحركة لا تتصور بمعزل عن الحرف. وحال موالاة الحركة أو المصوت القصير للحرف، فإن الحرف يكون متحركا أو صوتا لغويا انفجاريا Explosif.
وبهذا الاعتبار يركز الدكتور حنون، يضيف الدكتور زهيد، على معطيات الحرف الذى يمكن أن يكون ساكنا أو متحركا على جانب من الجوانب الهامة التى قد تضيف للجانب الصوتى القديم أبعادا نظرية وتطبيقية تتعلق بالزمان فموضوع الزمان فى الدرس الصوتى العربى قد استوفى مستواه النظرى مع الدكتور حنون فى عدد من الأبحاث التى واصل من خلالها دراسة الحركات سواء فى كتابه الذى سماه الصواتة الزمنية أو فى مقالاته التى خص بها الحركات وحروف المد. وهكذا تتوج أبحاثه بنتائج هامة بدءا من أطروحته التى قدم من خلالها انطلاقة لمشروع صوتى مركز بدأ يلحظ المتتبعون انطلاقته فى دراسة الوقف فى اللسانيات الكلاسيكية ثم الصواتة المرئية علامات الترقيم والروابط ثم التنظيم الإيقاعى للغة العربية: دراسة فى الصواتة الزمنية. ولا يخفى أن هذه المشاريع تخدم الجانب التواصلى اللفظى الذى تعانى اللغة العربية من نقصانه. كما تفيد الباحث اللسانى المتخصص وكذا المهتم بالجانب اللسانى بصفة عامة على جانب مهم من جوانب الدرس الصوتى القديم والحديث النظرى منه والتطبيقى فى ظواهر غنية ومفيدة تشكل أسسا للتقاطعات اللسانية الأخري، فموضوع الوقف مثلا متشعب فى موضوعه وموقعه ووضعه الفونولوجى ومن مشوقات القراءة التى تستفز القارئ إلى قراءته، الإشكالات القيمة التى يطرحها مثل التركيز على الكيفية التى تأسست بها الدراسات اللسانية للوقف، وكيف يمكن أن تتأسس الدراسة الفونولوجية له. وما هى الصعوبات التى العملية تجابه الباحث فيه.
وحتى يضع الباحث الدكتور مبارك حنون الباحث والقارئ المتطلع إلى معرفة هذا الموضوع فى صلب الثقافة التى يحملها موضوع الزمن الذى طالما استعصى إدراكه فى التاريخ اللسانى فقد حاول طرح بدائل قد يكون لها بلا شك وقع مهم فى الدرس اللسانى الحديث عموما والفونولوجى على وجه الخصوص وذلك بتركيزه على المدة كوسيلة يدرك بها الزمن. وأن الزمن له تأثير على المواقع والأحياز. مشيرا إلى أن الزمن ليس بعدا إنجازيا وإنما هو مكون مجرد وجب إدراجه فى التمثيل الفونولوجى كذلك فجاء هذا العمل من جهة مستوعبا للدراسات الصوتية والصواتية التى تناولت موضوع الزمن كما هو الشأن فى دراسة “المقطع والنبر”. لكن ما يلفت النظر عند المهتمين بالمعارف والعلوم الأخرى القديمة والحديثة هو الاصطلاح الصوتى الذى تحمله الظاهرة الصوتية: فالوقف مثلا وصفه الباحث فى إطار الرصد الصوتى بقوله: نحن نقف للبحث عن الألفاظ المناسبة لصياغة فكرة، نقف للإعلام بنهاية وحدة معينة من وحدات التركيب، نقف لنتنفس وقد نقف للتشديد على أمر وللإبهام والتضليل، مثلما نقف للإعلام بوحدة من الوحدات الإيقاعية، وبذلك يتضح أن للوقف متغيراته اللسانية وغير اللسانية ص7. أى أن الوقف باعتباره مقاربة تعددت مجالات الاختصاصات التى تناولته ومن هذه العلوم الفلسفة وعلم الأصوات واللسانيات والبلاغة والدراما والانثروبولوجيا وعلم النفس وعلم الأعصاب والطب السريرى واللسانيات النفسية والاجتماعية والهندسة السمعية والمختصون بالإذاعات وعلم النفس الفيزيائى وذلك لإدراك الأبعاد الزمنية رغم أن هذه العلوم متفرقة ومتباينة من حيث موضوعها وتنوع وجهات نظر مناهجها، ومن هنا تحددت عوامل الوقف ومنها: التنفس، العيا، القلق، الارتباك، الالتباس، الغضب، المقاطعةـ الألم، التعقيد التركيبي، الكذب، وتيسسير المفردات المعجمية، والتشديد والسأم وعدد من العوامل المقامية والعفوية واللسانية والتعاقدية .. ص 28.
فهذا الرصد اللسانى الرائع لظاهرة الوقف التى يندمج الزمن فى إطارها تبلور فى نظرية تطريزية عند الباحث الدكتور حنون باعتبار الوقف متغير من متغيرات الزمن إلى جانب التلفظ. وبما أن الزمن مقوم تنظيمى لكل أشياء حياتنا وأنه مقطع إلى دوريات متماثلة ومتغايرة بشكل من الاطراد فإن الوقف عامل جوهرى فى التنظيم الزمنى للغة. من خلال التطريز الإيقاعي.
محاور وفصول الكتاب
وفى التدليل على هذا الموضوع إشارات مرجعية فى الدراسات العربية القديمة وكذلك فى الدراسات الغربية. فجاء الكتاب فى عمل رائع لهندسة مشروع للدراسات الوقفية فى اللسانيات الحديثة حيث ركز على تصميم وفق المعطيات الآتية:
المحور الأول التقويم الفكرى للدراسات الوقفية فى اللسانيات الحديثة “علم الأصوات فونولوجيا تركيب”.
وفى هذا المحور تناول فصلين: الأول حول الأبحاث اللسانية الكلاسيكية “ومنها التوليدية الكلاسيكية” والأبحاث الحديثة ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بتعلق الأمر على وجه الخصوص بتصورى الفونولوجيا المركبية “تصور سيلكورك من جهة، وتصور نيسبور وفوجل وهييز من جهة أخري”.
أما الفصل الثانى فكان حول الفونولوجيا المركبية والوقف تقديم وتقويم وفى هذا الفصل تظهر عدة آليات صواتية تحليلية كانبعاث الفونولوجيا والإيقاع والتطريز والبداية غير الخطية لدراسة الوقف ثم التركيز على نظرية المجالات التطريزية أو الفونولوجيا المركبية حيث المبادئ الأساسية الموجهة والوقف والنقرات الصامتة والوقف فى المقاربة القائمة على العلاقة. وفعلا وفق هذه المعطيات فقد حاول المؤلف أن يتعقب فى هذا المؤلف أمرين اثنين شكلا قطبى هذه الدراسة :
- الوضع اللسانى للوقف.
- تحديد ملامح هذا الوضع “ص 269”.
وهى إشكالات هامة نذر كل إمكاناته وجهوده الفكرية من أجل الكشف عن مختلف تجلياتها ومظاهرها وهى التساؤل عن بنية الوقف المحتملة للغة والبحث عن العوامل التى أخفت وتخفى هذه البنية “ص 269”.
وفعلا فإن المؤلف الدكتور مبارك حنون طرق أبحاثا ودخل مقاما غير معتاد فى رأيه حينما حطم صنم التركيب وركز على التنظيم الإيقاعى للغة متجاوزا للدراسات التى قدمتها سيلكورك حول الوقف من الزاوية الإيقاعية “271”.
إنه جزم ووعد من الباحث حنون على وضع مقاربة إيقاعية للوقف تتمثل فيها الدراسات الفونولوجية بدوها الإنجازى لا بدورها التأويلى فقط كما تذهب إلى ذلك الدراسات التوليدية الكلاسيكية بنموذجيها ماقبل المعيار وما تسمى بالمعيار.
لسانيات سوسير
ومن جهته تناول الأستاذ عبد اللطيف سندباد كتاب “مـدخـل لـلـسـانـيـات سـوسـيـر” لنفس المؤلف، ليستنتج، أولا، من خلال تتبع مؤشرات مؤلفات الدكتور حنون مبارك أن المؤلف من مقعدى الدرس اللسانى بالعالم العربى وخاصة بالمغرب، وتشكل فترة الثمانينات بالمشهد الثقافى المغربى طفرة بامتياز فى توصيل المعرفة اللسانية والسيمائية إلى المتلقي، واتخذت قراءة الدكتور لكتاب “دروس فى اللسانيات العامة” لسوسير منحى متميزا قاعديا فى تقريب سوسير أو “إنسان الأسس” إلى مختلف الحقول الثقافية، وبالتالى رسم الآفاق الحديثة للسانية المعاصرة. ثم إن كتاب “مدخل للسانيات سوسير”، إن لم نقل إن كتاب “دروس فى اللسانيات العامة” لسوسير لم يتم نقله إلى العربية إلا فى بداية الثمانينات من خلال عدة ترجمات عراقية ولبنانية ومصرية وتونسية أى بعد حوالى سبعين سنة من نشر كتاب سوسير سنة 1916 ورغم هذا التأخير فلم يكن بوسع عمل سوسير أن يستوعب الاستيعاب المطلوب ما لم تستند إلى قيم مضافة، ولعل ما يشرع لإضافات علمية تعزز سبيل بناء نهضة لسانية عربية ما أنجزه حنون مبارك من تقديم كتاب “مدخل للسانيات سوسير” كونه جاء فى خضم أربعة سياقات، تعدد فى الترجمات واعتبره الدكتور دالا على أن أى ترجمة من هذه الترجمات لم تحظ بالقبول، النزعات التبسيطية والاختزالية التى تم ويتم بها استحضار الظاهرة السوسيرية من قبل أعلام اللسانيات البنيوية الأوروبية بل مثقفى الوطن العربي، كون هذا الإرث السوسيرى قد تم إنتاجه فى محيط ثقافى مغاير لمحيطنا الثقافى ومعالمه تستند إلى خلفيات فلسفية ومعرفية دوركايمية وسيكولوجية تتسم بالعقلانية والموضوعية ثم عدم الاستقرار الحقل اللسانى على مصطلحات موحدة . إذن هذه الاعتبارات الأربعة – يضيف الأستاذ سندباد – جعلها الدكتور منطلق إعادة إنتاج معرفة سوسير وخطابه فى اللسانيات العامة يقول الدكتور لم يعد هناك أى مسوغ لتجاهل سوسير، ولتجاهل اللسانيات. فلا أحد من اللسانيين وعلماء الأنثروبولوجيا والمحللين النفسانيين المشهورين لا يحيل، بشكل أو آخر، على أعماله. فحتى أولئك الذين اعتبروه متجاوزا يستخدمون فى أعمالهم الخاصة إشكالية مدينة إلى سوسير بشكل كبير. تقول ج. كريستيفا: “إن اللسانيات المعاصرة كلها تخضع للأسس السوسيرية”. فلا لسانيات بدون تمثّل هذه الأسس واستيعابها، ولا نماذج لسانية أخرى بدون الانطلاق من “النموذج” السوسيري. ذلك أن سوسير يشكل بشكل مباشر أو غير مباشر، محك كل المدارس اللسانية الراهنة. فسوسير، وإن كان قد اختار الدراسة المحايثة للغة Langue، انتقد العديد من وجهات النظر المختلفة، فكان بذلك اللسانى الأول الذى مهد لظهور مدارس لسانية أخرى نشأت فى قلب الهموم اللسانية التى عايشها فى دروسه. .
تأثير سوسير الواسع ولقد كان لأفكار سوسير تأثير واسع ومتنوع على حلقة براغ اللسانية رومان ياكبسون… وحلقة كوبنهاكن يلمسليف… والشكلانيين الروس تروبتسكوي… والمدرسة الوظيفية أندرى مارتينى …. والمدرسة التوليدية التحويلية مع تشومسكى …وعلى المدرسة التوزيعية فى أمريكا على يد بلومفيد الذى قال عن سوسير سنة 1924 لقد أمدنا بالأساس المنهجى لعلم اللغة الإنسانية ، ولأن قراءة مبارك للسانيات سوسير أسست قيمة مضافة فى جودة الترجمة وجمالية العرض المنهجى لكتاب سوسير حيث لم يتقيد الدكتور بالترجمة الحرفية للكتاب لأن همّه كان توصيل المعرفة اللسانية لأكبر شريحة قارئة من المتعلمين والمثقفين فأسس بذلك منهجا متميزا لتقريب المضامين وبنى معرفة دقيقة لا زال تأثيرها ممتدا إلى مختلف حقول المعرفة، وما ذلك إلا لأن الكتاب الذى تناوله الأستاذ الدارس والذى استحضره وفق فصوله، اللسانيات: الخطوة الأولى نحو تحديد الموضوع من التأريخ إلى المادة، موضوع اللسانيات، الدليل اللساني، اللسانيات السانكرونية والدياكرونية، تقطيع الوحدات اللسانية وقضية القيمة اللسانية، ميكانيزم اللسان، النحو وأنساقه الفرعية، دراسة الأصوات عند سوسير، السيميولوجية السوسيرية وبعض المفاهيم السوسيرية فى الكتابات اللسانية الحديثة أصبح إذن عمدة فى المراجع التقعيدية للظاهرة اللسانية، يؤكد الأستاذ سندباد، يحتل موقعا مركزيا داخل العلوم الإنسانية الشيء الذى جعله يفرض على كل مهتم منهجه التقديمى المتميز ونموذجه التحليلى المفاهيمى .
لم يكن المدخل للسانيات سوسير بفصوله العشرة وخاتمته ومراجعه ومصطلحاته المذيّلة بآخر الكتاب إلا أجوبة أمدنا بها الدكتور مبارك لمسائلة الظاهرة اللغوية بناء على إجابات سوسير، فجاء الكتاب ليس ترجمة حرفية بل إنتاجا مكمّلا لمعمارية النظر اللغوى فى الوطن العربي، طرح أسئلة بطريقة سوية وملائمة وتقدم بأجوبة عن إشكالات سوسير وما قبله وما بعده .
يسهب الأستاذ سندباد فى بسط المعالم الكبرى للكتاب إذ لم يكن غير طرح المزيد من الأسئلة لا زالت مستديمة وبالرغم من قرب قطع الكتاب لعقد من الزمن عن صدوره وحيث تزاحمت مدارس وتصورات لسانية أخرى صاغها لسانيون فإن صوت الدكتور عبر مدخله للسانيات سوسير لم يخب، ممكّنا للكتاب استدامة زمنية، وقابلية للحضور فى مختلف العلوم الإنسانية وذلك لما أصبح للكتاب من نضج بفضل الأسس المنهجية التى بلورها مبارك.
وفى الختام لم يستهدف، الناقد عبد اللطيف سندباد، نسبيا من هذه المداخلة استعراض المضامين الداخلية للكتاب غير أن جامعها مقاربة منهجية لخمس مداخل مركزية للسانيات العامة: المدخل الصوتي، المعجمي، التركيبي، الدلالي، السميائي، هذه المداخل تتوحد فى الكتاب لتشكل إطارا مرجعيا وثائقيا وعمدة للنهوض إلى جنب مجهودات لسانية أخرى فى سبيل بناء نهضة لسانية وسيميائية عربية وثقافية جديدة لا تتوقف عن مسائلة كل الوقائع طبيعية كانت أو إنسانية.
أما ديوان “سقف الموت” للشاعر والصحفى عبد الرحيم عاشر فتناوله بالنقد والتحليل الأستاذ الزكرى عبد اللطيف والذى أسهب فى سبر أغوار دلالات ومغازى التركيب الشعرى للديوان ليشيد بالتوجه الأدبى المتميز فى الملمح الشعرى للشاعر والذى أثنى عليه الشاعر عبد الرفيع الجواهرى فى مستهل الديوان”سقف الموت”.