تساقطات ثلجية منتصف ديسمبر 2025: المغرب أمام قلعة مائية طبيعية

محمد التفراوتيمنذ ساعتينآخر تحديث :
تساقطات ثلجية منتصف ديسمبر 2025: المغرب أمام قلعة مائية طبيعية

آفاق بيئية: محمد التفراوتي 

شهدت المرتفعات المغربية منتصف ديسمبر 2025 تساقطات ثلجية كثيفة، غطت مساحات شاسعة من جبال الأطلس والريف، وحولت القمم إلى خزانات طبيعية ضخمة للمياه. وقد قام مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد (CRSA) بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات بتحليل هذا الحدث الاستثنائي عبر صور الأقمار الصناعية، القياسات الميدانية، النماذج الفيزيائية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، لتقديم تقييم دقيق لكمية الثلوج ومردودها المائي.

النتائج الرئيسية

أظهرت صور الأقمار الصناعية أن مساحة قدرها 46,148 كيلومتر مربع غطيت بالثلوج يوم 18 ديسمبر 2025، فيما سجلت القياسات الميدانية بمحطة أوكايمدن (2600 م) يوم 19 ديسمبر سماكة تراوحت بين 45 و60 سم. وبالاعتماد على النماذج الفيزيائية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، قدر المخزون المائي المكافئ لهذه الثلوج بحوالي 284 مليون متر مكعب، أي ما يعادل أربعة أضعاف الاستهلاك السنوي لمدينة مراكش.

توزيع المخزون المائي

توزع هذا الرصيد الأبيض  بين الأحواض المغربية بشكل متفاوت. احتل أم الربيع الصدارة بـ 71.21 مليون م³، ليؤكد مكانته كأحد أهم الشرايين المائية للمملكة. و يليه حوض درعة بـ 57.87 مليون م³، وهو ما يعزز قدرته على تغذية المناطق الصحراوية. ثم حوض تانسيفت بـ 28.29 مليون م³، الذي يعد رصيدا حيويا لمدينة مراكش وضواحيها. أما حوض سوس فقد استفاد من 14.30 مليون م³، وملوية من 11.87 مليون م³، في حين كان نصيب سبو أكثر تواضعاً بـ 2.33 مليون م³.

الأهمية الاستراتيجية

ويشكل هذا الغطاء الثلجي قلعة مائية طبيعية، إذ يذوب تدريجيا ليغذي الأنهار والسدود ويعزز تغذية الفرشات المائية. ورغم أن جزء منه سيتبدد بفعل التبخر  تحت تأثير الشمس والرياح، فإنه يبقى رصيدا أساسيا لمواجهة الجفاف وضمان الأمن المائي الوطني. وعلى عكس الأمطار الغزيرة التي قد تسبب فيضانات مفاجئة، فإن الثلوج توفر تغذية تدريجية وآمنة للموارد المائية.

البعد السياسي والعمومي

إن هذه المعطيات العلمية الدقيقة تمثل معلومة آنية لتغذية السياسات العمومية في مجال تدبير الموارد المائية. فهي تتيح لصناع القرار تقدير حجم المخزون المائي الطبيعي، وتوجيه الاستثمارات نحو الأحواض الأكثر استفادة، وتعزيز التنسيق بين المؤسسات المعنية بالماء والمناخ. كما تشكل قاعدة معرفية لدعم استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية وضمان الأمن المائي على المدى الطويل.

يشار أن هذا الحدث الثلجي يمثل فرصة ثمينة لتعزيز الأمن المائي الوطني، ويؤكد أهمية البحث العلمي والتقنيات الحديثة في تقييم الموارد الطبيعية وتدبيرها بشكل مستدام. ويواصل فريق مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد (CRSA) العمل على تطوير نماذج دقيقة لتقدير الخسائر الناتجة عن التبخر، بما يعزز قدرة المغرب على مواجهة التغيرات المناخية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!