خسارة التنوع البيولوجي تهديد للإنسانية

محمد التفراوتي3 يونيو 2020آخر تحديث :
خسارة التنوع البيولوجي تهديد للإنسانية

في يوم البيئة العالمي


آفاق بيئية : د. محمد عبد الرءوف

يشير التنوع البيولوجي إلى التنوع الاحيائي على الأرض، بما في ذلك البشر والنباتات والحيوانات والبكتيريا … إلخ. يعد التنوع البيولوجي أمرًا ضروريًا لتعزيز إنتاجية النظام الإيكولوجي حيث يكون لكل نوع، بغض النظر عن صغره أو كبره، دورًا مهمًا يلعبه.

حان وقت الطبيعة

في عصرنا الحالي، العديد من الأنواع مهددة بالإنقراض بسبب مختلف الأنشطة البشرية مما يعرض التنوع البيولوجي الرائع علي الأرض للخطر. إن موضوع يوم البيئة العالمي لهذا العام، والذي يتم الإحتفال به في 5 يونيو من كل عام، هو “حان وقت الطبيعة”. وهذا يعني التركيز على التنوع البيولوجي ودوره في توفير البنية التحتية اللازمة التي تدعم الحياة على الأرض والتنمية البشرية.

في الحقيقة هذا توقيت مناسب جداً لهذا الموضوع وسط أزمة الوباء العالمية كوفيد-19. ففي الواقع، الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر أخذة في الإزدياد. ويرتبط هذا الإزدياد إرتباطًا وثيقًا بالتنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية.

الأمراض ذات المنشأ الحيواني

وفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، لعام 2019: “تغير المناخ والأرض”، فقد قام البشر بتغيير 75 ٪ من الأراضي على كوكب الأرض، و 66 ٪ من المحيطات. إن أشكال التنمية غير المستدامة التي تعتمد فقط على الجشع المادي تؤدي إلى فقدان الموائل، وإزالة الغابات ، ظاهرة الدفيئة ، الملوثات السامة والكيماوية ، وتلوث الهواء ، وتلوث المياه وتلوث الأراضي … وتستمر القائمة. ونتيجة لذلك، تم تدمير أغلبية الموائل الطبيعية مما مكّن الفيروسات والبكتيريا وغيرهم من مسببات الأمراض الكامنة في مستودعات الحياة البرية من الإنتشار بسهولة أكبر وإصابة الحيوانات والبشر.

بعض هذه الأمراض الحيوانية لا تجعل الحيوان مريضاً ولكنها ستمرض الإنسان. وتتفاوت هذه الأمراض الحيوانية المصدر ما بين مرض قصير المدى إلى مرض خطير يهدد الحياة البشرية. وشهدت السنوات الأخيرة ظهور العديد من الأمراض الحيوانية مثل الإيبولا وأنفلونزا الطيور ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ومرض زيكا. كما أن العديد من الأمراض الحيوانية المنشأ هي أمراض عابرة للحدود حيث تنتشر عبر الحدود من موطنهم الطبيعي وتؤثر على التجارة والصناعة والسياحة مع عواقب اقتصادية مدمرة.

إن يوم البيئة العالمي فرصة ذهبية لتوعية المزيد من الناس بهذه القضايا والتهديدات. وكلما إزداد وعي الناس بالقضايا المحيطة بالتنوع البيولوجي وأهميته، كلما إزدادت مبادرات العمل وأنشطة الحماية والحفاظ.

وقف خسارة التنوع البيولوجي

حالياً علي الجميع العمل بشكل متضافر لإنهاء الأزمة الصحة العالمية. لكن موضوع يوم البيئة العالمي ينبهنا لقضية أكبر وأهم وهي حماية التنوع البيولوجي بإعتبارها السبيل الأهم لحماية البيئة، والمساعدة في إستعادة التوازن البيئي ومن ثم وقف هذه الأنواع من الأوبئة مستقبلاً وحماية الجنس البشري.

فإذا كان هناك درس واحد تتعلمه البشرية من جائحة الفيروس كوفيد-19 فهو “أننا نعيش خارج القدرة الاستيعابية للكوكب لذا فإننا نعرض صحة الطبيعة وصحة الإنسان للخطر”. وبالتالي، تحتاج البشرية إلى اتخاذ مسار جديد للتنمية المستدامة والذكية والعادلة والأقل تلويثًا. نحن بحاجة إلى منع خسارة التنوع البيولوجي وأيضاً لنشر مفهوم حياة الزهد والإنسجام مع الطبيعة.

جهود ملموسة لحماية التنوع البيولوجي بالوطن العربي

وغني عن القول، أن أجدادنا في الوطن العربي تمكنوا من العيش في إنسجام مع الظروف الطبيعية القاسية لقرون عديدة. كما أنه في الآونة الأخيرة، حظيت قضية التنوع البيولوجي (الحفاظ على الحياة البرية وتنميتها) بإهتمام كبير في مختلف الدول العربية، وهو ما إنعكس في الجهود الهائلة التي تبذلها الدول العربية وإنجازاتها المهمة في هذا المجال، من سن التشريعات ومراقبة تنفيذها وإنشاء وتوسيع المناطق المحمية لحماية وتربية وإعادة إدخال الأنواع المهددة بالانقراض في موائلها الطبيعية.

لكن لأن المشكلة كبيرة ومعقدة فمازالت الدول العربية بحاجة لمزيد من الجهود والتوعية والإستثمارات الخضراء…الخ. ولأن التنوع البيولوجي لا يعرف الحدود السياسية فلابد من تكثيف التعاون المشترك وتبادل المعلومات حول مختلف الموضوعات البيئية وبخاصة في مجال التنوع البيولوجي خاصة أن الوطن العربي يواجه تقريباً نفس مشكلات البيئة ونفس تحديات التنوع البيولوجي.

في يوم البيئة العالمي، دعونا نتحد لحماية بيئتنا الهشة. فالبيئة تتمتع بالقدرة على توحيدنا جميعًا في معركتنا ضد كوفيد-19، وفي نفس الوقت حماية التنوع البيولوجي وبالتالي مساعدتنا على تحقيق التنمية المستدامة وتحسين نوعية الحياة لأجيالنا الحالية والمستقبلية.

يوم البيئة العالمي هو الفرصة المناسبة لنخبر للبشرية: حان الوقت للإنتباه، حان الوقت لإعادة بناء إقتصادات خضراء أكثر صداقة للبيئة من أجل الناس والكوكب… بإختصار فقد “حان الوقت للطبيعة”.

*د. محمد عبد الرءوف : رئيس المجتمع المدني التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وعضو شبكة العمل المناخي – الوطن العربي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!