قانون 03-12 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة بالمغرب

محمد التفراوتي5 مايو 2006آخر تحديث :
قانون 03-12 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة بالمغرب

آفاق بيئية : محمد التفراوتي

يعتبر قانون دراسات التأثير على البيئة الذي صدر صيف 2003 بالجريدة الرسمية عدد 5118، بمثابة أداة جديدة من الأدوات التي تم تبنيها وفق مضمون المبدأ رقم 17 من تصريح ريو ديجانيرو حول البيئة و التنمية في يونيو 1992، الذي يوصي الحكومات الأطراف على ضرورة إخضاع المشاريع التي يمكن أن تخلف أضرار محتملة بإنجاز دراسات مسبقة للتأثير على البيئة.

و من أجل ترجمة هذه الاهتمامات على أرض الواقع على مستوى جهة سوس ماسة درعة، نظمت المفـتشية الجهوية لاعداد التراب و البيئة للجهة بتنسيق مع المصالح المركزية للوزارة لقاء من أجل التعريف و التحسيس بمضمون هذا القانون و شرح مجمل المساطر المتعلقة بإنجاز دراسات الوقع البيئي للمشاريع الاقتصادية التي ينص القانون على إخضاعها لهذا النوع من الدراسات. خاصة و أن الفاعلين الاقتصاديين بالجهة في أمس الحاجـة الى التعـرف على هذا القانـون و أبعـاده الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية لماله من آثار ايجابية خاصة فـيما يتعلق بتنافســية المشــاريع   و استدامتها و جلب الاستثمار و تشجيع صناديق الدعم الدولية على تمويل المشاريع في بلدنا.وذلك لتدارس كافة الجوانب المرتبطة بتطبيق هذا القانون بين مختلف المعنيين : منتخبون، مصالح تقنية للدولة، فاعليـن اقتصاديـين، مكـاتب الدراســات، باحـثين و خبراء، و مجتمع مدني، و ذلك في اطار نوع من التشاور و التوافق حول مستقبل التنمية المستدامة بالجهة.وفي  أفق تقييم الآثار المحتملة للأنشطة و الاشغال على البيئةوازالة أو تخفيف تأثيراتها السلبية وتحسين آثارها  الإيجابية على المحيط البيئي.

وأوضح كاتب العام ولاية أكادير خلال الجلسة الافتتاحية الى أن  المغرب التزم التزاما صارما بالتنمية المستديمة والمحافظة على البيئة وصادق على اتفاقيات دولية وجهوية تتعلق باستصلاحها، ووعيا منه بالثغرات والعلل الموجودة في تشريعه البيئي، شرع المغرب منذ 1990 في عصرنة إطاره التشريعي والتنظيمي بصياغة وتبني نصوص تتماشى مع التطور التكنولوجي وتوفق بين ضرورات حماية البيئة ومتطلبات التنمية المستديمة، وتتفق مع التزامات المغرب على المستويين الجهوي والوطني.ثم إن ما تخضع له البيئة في بلدنا من إكراهات قوية سببها بالأساس النمو الديموغرافي والتمدن وضرورات التنمية الاقتصادية، هذه الإكراهات التي تضاف إليها التقلبات المناخية وندرة الموارد الطبيعية وهشاشتها تتسبب في تدهور الوسط الطبيعي وتضر بصحة السكان وبجودة عيشهم، ولإدماج البعد البيئي في التصور العام للتنمية الاقتصادية الشاملة .وهكذا تم إصدار قوانين متعلقة بحماية البيئة من بينها القانون المتعلق بدراسات التأثير على البيئة والذي يعتبر من الناحية التطبيقية بمثابة قانون يلزم مجموعة من المشاريع الاستثمارية بضرورة إعداد دراسة الوقع البيئي.كما ان ميزة الجهة كقطب اقتصادي مهم عرف في السنوات الأخيرة إنجاز مشاريع تنموية مهمة شملت عدة ميادين خاصة المجال السياحي والصناعي والتجهيزات الأساسية،و للحد من التأثيرات السلبية وتحسين الآثار الإيجابية لهذه المشاريع على البيئة ،نظمت الجهة المعنية هذا اللقاء من أجل التعريف والتحسيس بمضمون هذا القانون خاصة وأن الفاعلين الاقتصاديين بالجهة في أمس الحاجة إلى التعرف عليه وعلى أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وآثاره الإيجابية.

ومن جهته اوضح السيد السيد محمد بوهدود بودلال عن جهة سوس ماسة درعة ان المشرع أحدث الجهة كوحدة ترابية وإطار ملائم وحلقة رئيسية قادرة على إتمام واستكمال الصرح المؤسساتي للمملكة وكوسيلة لتحقيق التنمية المستديمة في إطار احترام التوجهات العامة والأهداف المعتمدة في السياسة العامة للبلاد.ومنذ نشأة المجلس الجهوي لجهة سوس ماسة درعة وهو يعي وعيا تاما بالأهمية الاستراتيجية التي تكتسيها حماية البيئة في المحافظة على الموارد الطبيعية للجهة التي تزخر بمؤهلات طبيعية وتراثية جمة .كما أن التطور الصناعي والعمراني بشكل متسارع خلف أضرارا بيئية على المحيط الطبيعي والبشري اللذين إن لم تتدخل السلطات المعنية للحد منهما ستكون لهما عواقب وخيمة على مستقبل البشرية.مما استوجبت ضرورة الاهتمام بالمجال البيئي والتفكير بكل الإجراءات الرامية إلى المحافظة عليه, وصدور هذا القانون، موضوع الدراسة ، ليعزز الترسانة القانونية المرتبطة بالبيئة خطوة جبارة لترسيخ الوعي البيئي لدى كل الفاعلين الاقتصاديين والهيئات المنتخبة وفعاليات المجتمع المدني .وقد انخرط المجلس الجهوي لسوس ماسة درعة بشكل فاعل في إدماج البعد البيئي في مقاربته التنموية عبر مراعاة الشروط الكفيلة بمحافظة البيئة في كل المشاريع الاقتصادية التي قام بها من خلال إجبار المقاولات التي تتعامل معه على ذلك بشكل صارم.

وأثار السيد بودلال إشكالية النفايات الطبية التي تفرزها المستشفيات والمصحات العمومية والخاصة والمختبرات والتي يتم طرحها في المطارح العادية للنفايات وهو أمر خطير ستكون له نتائج سلبية على صحة الإنسان وعلى سلامة الطبيعة مما يستدعي إيجاد حل مستعجل لمعالجة هذه النفايات بعيدا عن عمليات الحرق الذي يسبب بدوره في مشكل صحي  بسبب تلوث الجو.وفي نفس السياق اخبر المتحدث ان  لجنة الصحة والمحافظة عليها التابعة للمجلس الجهوي قد انكبت على دراسة هذه الإشكالية والبحث عن كل السبل الكفيلة بالخروج بحل لمعالجة النفايات الطبية بطريقة تحترم معايير احترام البيئة. و اهتدت إلى ضرورة اقتناء مطحنة معقمة كأنجع الوسائل لتدبير هاته الأزبال.وقد عرف المغرب عدة تجارب مماثلة خاصة بمدن طنجة فاس تطوان والقنيطرة التي اعتمدت آلات لطحن وتعقيم النفايات.وهذا المشروع يجب أن تساهم فيه كل الأطراف المعنية من وزارة الصحة العمومية ووزارة البيئة والبلديات التابعة للجهة ثم إن اخضاع كل المشاريع والأنشطة والأشغال والتهييئات والمنشآت المزمع إنجازها والتي يمكن أن تلحق أضرارا بالبيئة لدراسة التأثير على البيئة، مسطرة ستضمن لا محالة حماية البيئة من كل ما من شأنه أن يلحق بها أضرارا.

ومن جهته أفاد الدكتور ادريوش، المفتش الجهوي لاعداد التراب الوطني والماء والبيئة، أن المغرب شهد في السـنوات الماضية تنمية اقتصــادية مهمة، و تشييد بنيات و تجهيزات كبرى، غير أن كل ذلك لم يأخذ بعين الاعتبار في غالب الأحيان البعد البيئي و التدبير العقلاني للموارد الطبيعية.و وعيا بذلك تم احداث قطاع حكومي مكلف بالبيئة سنة 1992 و ذلك بهدف وضع سياسة مندمجة لحماية و استصلاح البيئة. حيث عمل على انجاز الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة و التنمية المستدامة عام 1995، التي انبثق عنها مخطط العمل الوطني لحماية البيئة  اذ بينت الدراسة التي أنجزت عام 2003 على أن تكلفة تدهور البيئة بالمغرب بلغت 13 مليار درهم في السنة أي 3,7% من الناتج الداخلي الخام.

ولمواجهة ذلك اتخذت جملة من التدابير كالبرنامج الوطني للتطهير السائل لرفع نسبة الربط بشبكة التطهير الى 80% في غضون سنة 2015.البرنامج الوطني لتدبير النفايات الصلبة في أفق تغطية كافة التجمعات السكنية بمطارح مراقبة في حدود 2020. أما على المستوى التشريعي، صدرت صيف 2003 في الجريدة الرسمية عدد 5118 ثلاثة قوانين تخص حماية المجال البيئي بالمملكة.يتعلق الأمر بقانون 11.03 الخاص بحماية و استصلاح البيئة، و القانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء، ثم القانون رقم 12.03 الذي يهم دراسات التأثير على البيئة.الذي يندرج  في إطار ضرورة إدماج البعد البيئي في التصور العام للتنمية الاقتصادية.و من ناحية أخرى، يضيف الدكتور الدريوش، فقد كرس مبدأ الملـوث المؤدي و المستعمل المؤدي في انجاز و تدبير المشاريع. كما أنه من جهة ثالثة، يهدف الى الأخذ بعين الاعتبار حماية التوازن البيئي بمناسبة وضع و تنفـيذ المخطـطات القطاعية، و إنجاز المشاريع و التجهيزات الأساسية.. كما دعا المفتش الجهوي المشاركين  لتدارس مختلف القضايا و الإشكاليات التي يطرحها هذا القانون في اطار تشاروي و توافقي موازاة مع الأسئلة الجوهرية في المواضيع المرتبطة بالمقتـضيات المرجعية و النصوص التطبـيقية لقانون 12.03، خاصة منها احداث اللـجن الجهـوية لفحص دراسـات التأثير، و البحث العلني، و مسطرة الموافقة البيئية..

أما رئيس المجلس الجماعي السيد طارق القباج فذكر بالوضعية الحساسة لجهة سوس ماسة درعة على مستوى البيئي وتميزها بالهشاشة مما يستوجب وضع سيناريو الكارثة المتوقعة في افق 2020 على مستوى الخصاص المائي من أولوية الاهتمامات. وأشار الى أن  بعض الجهات المشابهة لنفس شروط جهة سوس ماسة درعة.عملت هلى تنمية سياسة المحافظة على الماء عبر تحلية ماء البحر وإعادة استعمال المياه العادمة في سقي المساحات الخضراء وفي اتجاه الأنشطة السياحية وفي بعض المنتوجات الفلاحية كالطماطم .اذ ان كلفة هذه التقنية منخفضة واصبح المتر المكعب باربعة دراهم ونصف والماء المعالج بدرهمين .كما انتقد حل إلقاء المياه العادمة في البحر موضوع دراسة أنجزتها الوكالة المستقلة المتعددة الخدمات باكادير، اقتداء ببعض المدن المغربية ،  وذلك لكون العملية المقترحة أي مشروع التطهير شمال اكادير الذي رفض من طرف المجلس الجماعي سيلوث شاطئ المحطة السياحية فضلا عن ضياع المياه التي يمكن ان تستعمل في السقي المساحات الخضراء…

اشتمل برنامج هذا اليوم التواصلي مناقشة أربعة عروض تتطرق إلى “مهام المفتشية الجهوية لإعداد التراب الوطني” و”الاستراتيجية القانونية للتأهيل البيئي بالمغرب” و”قانون ومنهجية دراسات التأثير على البيئة” و”مسطرة تدبير دراسات التأثير على البيئة وتجربة اللجنة الوطنية.

استهل الدكتور الدريوش مهام المفتشية الجهوية لإعداد التراب الوطني ومجال تدخلها وشركائها ومختلف الانجازات

و الآليات المتوفرة للاشتغال . وتناول  السيد عبد العزيز الزين رئيس قسم التقنيين محور “الاستراتيجية القانونية للتأهيل البيئي بالمغرب” ليبرز المعالم الستراتيجية القانونية الوطنية في المجال البيئي ،الأهداف ، المقاربة والآليات ، خصائص التشريع البيئي المغربي ،المعوقات المؤسساتية و المادية نحو تطوير التشريع البيئي ،تقييم التشريع البيئي المغربي من حيث المبادىء العامة للتشريع البيئي الدولي وعلى مستوى التقنيات و ممارسة الإختصاصات و التشريع   ، ملامح سياسة تشريعية جديدة وفق القوانين البيئية الجديدة و مشاريع القوانين والمعايير و المقاييس.

أما “قانون ومنهجية دراسات التأثير على البيئة ” تناوله باسهاب المهندس جعفر ابو الجيوش رئيس قسم المشاريع النمودجية .لستعرض كذلك عرض ” مسطرة تدبير دراسات التأثير على البيئة وتجربة اللجنة الوطنية”

يذكر  انه  في إطار التزام المغرب باحترام المواثيق الدولية، و المعاهدات التي صادقت عليها جاءت تقنية دراسات التأثير على البيئة التي ستمكن  من تقييم الآثار المباشرة و غير المباشرة التي يمكن أن تلحق البيئة على الأمد القصير أو المتوسط و البعيد نتيجة إنجاز جملة من المشاريع الاقتصادية، و تشـييد التجهيزات ؛ هذه الدراسة التي ستمكن كذلك من تحديد التدابير الكفيلة بإزالة هذه الآثار أو التخفيف منها أو تعويضها. ويعتبر هذا اللـقاء ، اتحسيسي والتواصلي حول قانون 03-12 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة، الأول من نوعه على صعيد الجهة وفسح المجال لتدارس كافة الجوانب المرتبطة بتطبيق هذا القانون بين مختلف المعنيين : منتخبون، مصالح تقنية للدولة، فاعليـن اقتصاديـين، مكـاتب الدراســات، باحـثين و خبراء، و مجتمع مدني، و ذلك في اطار التشاور و التوافق حول مستقبل التنمية المستدامة بالجهة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!