نظام معلوماتي للبيئة للتأقلم مع تغير المناخ

محمد التفراوتي17 ديسمبر 2012آخر تحديث :
نظام معلوماتي للبيئة للتأقلم مع تغير المناخ

region
آفاق بيئية : محمد التفراوتي 

بات من نافلة القول أن ظاهرة تغير المناخ  والاحتباس الحراري  بمختلف التأثيرات المتطرفة التي يشهدها كوكبنا الأرضي هي سبب ما تعانيه عموم المناطق من جور الطبيعة وغلو تاثيراتها من فياضانات و كوارث  طبيعية و تصحر وتعرية و جفاف وشح المياه وارتفاع منسوب مياه المحيطات.
وأضحى مفهوم التأقلم  مع ذلك ضرورة ملحة للتكيف مع واقع الوضعية الحالية وحتمية ما هو آت من مفاجئات  .وذلك أمام تعنت الدول الصناعية في تقليص لفظ نسبة انبعاثاتها الغازية وكذا تجاهل الملوثون خطورة إنهاك الموارد الطبيعية واستنزافها  على نمط عيش الساكنة الحالية والأجيال اللاحقة.
ويندرج المغرب من بين البلدان الأكثر تعرضا للآثار السلبية لتغير المناخ. وتؤكد دراسة حول تغير المناخ منذ القرن الماضي أن متوسط  ارتفاع درجة حرارة الأرض بعموم التراب الوطني يقدر حوالي  C° 1 خلال الفترة 1960-2000 و تميل في اتجاه تصاعدي( درجة الحرارة) الأدنى والأقصى…هذا فضلا عن  انخفاض التساقطات المطرية خلال موسم الأمطار في حدود المتوسط  23 مليمتر . وبروز الجفاف بحدة  في العقود الأخيرة كعنصر هيكلي للمناخ بالبلاد.
ويتذكر المغاربة  الفيضانات الخطيرة  التي غمرت بعض المدن المغربية  خلال الفترة  1996- 2010  ، سواء في  حيث كثافتها أو ازدياد و تيرتها. وتظهر الدراسات المستقبلية للمناخ حدوث أكثر للظواهر المتطرفة المتكررة مثل الجفاف والفيضانات.ذلك أن هشاشة المغرب أمام  تغير المناخ  والمتمثل في  ندرة الموارد المائية، تواتر الظواهر المناخية  المتطرفة من قبيل  موجات الحر والجفاف الممتد على فترات طويلة والأمطار الغزيرة التي تفضي إلى فيضانات وكوارث على مستوى  الأراضي والبنيات التحتية. فضلا عن الخسائر الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر على طول 3500 كيلومتر من السواحل الوطنية علما  80في المائة  من البنية  التحتية الصناعية والطاقية  متمركزة في هذه المناطق.
يؤثر  تغير المناخ  تأثيرا خطيرا على التنمية البشرية في المغرب ويشكل تحديا كبيرا أمام مبادرة  مكافحة الفقر في الواقع ،كما يشكل تهديدا للساكنة خصوصا الفقراء. وذلك على  مستوى سبل العيش لكون أغلبية الفقراء تعتمد على الاستخدام المباشر للموارد الطبيعية والأراضي الزراعية والغابات ومصايد الأسماك والمياه من أنهار وبحيرات ومياه جوفية  . وكذا  الصحة  حيث  يؤثر تغير المناخ على صحة الإنسان بطرق مختلفة، بما في ذلك عدم إمكانية الحصول على مياه الشرب، وتدهور نوعية وكمية الموارد الغذائية والتلوث والمرض. إذ أن بعض الفئات السكانية أكثر عرضة لذلك  كالأطفال، والنساء الحوامل وكبار السن. ثم الهشاشة لأن الفقراء يعيشون في بيئات وظروف غير مواتية  وهشة وغير صحية. region_2

دواعي  تتطلب رسم سياسات احترازية وصياغة برامج تستشرف المستقبل وتتكيف مع الوضع ، ولا تستثنى بذلك جهة سوس ماسة درعة بجنوب المغرب  من هذه الإرهاصات . مما حدا بمختلف فعاليات الجهة بتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (( GIZ   والمرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة بعقد عدة لقاءات تشاورية ودورات تدريبية  لتشخيص الوضع الراهن وتعزيز القدرات والمعارف لدى مختلف الجهات المعنية في قضايا مخاطر المناخ بالمنطقة  وكذا رسم خارطة طريق تستشرف الآفاق الواعدة لجهة سوس ماسة درعة .  
وعمل المشاركون  ضمن لجنة تشمل مختلف القطاعات المتدخلة في المجال، على   إدماج تدابير الحد من المخاطر المناخية والوقاية منها في السياسات القطاعية وفي عملية التخطيط للتنمية.وتناقش المشاركون حول  الإستراتيجية المشتركة التي تمكن من التعرف على التهديدات الرئيسية لآثار المناخ  على السكان والموارد الطبيعية والحد من الهشاشة  البيئية والاقتصادية.وتدارسوا خلال يوم دراسي نظم مؤخرا حول النظام المعلوماتي الجهوي للبيئة .
وذكر رئيس جهة سوس ماسة درعة الدكتور الحافيضي إبراهيم بحالات تأثير تغير المناخ على الجهة وما تخلفه من كوارث و فياضات وموجة الحر والبرودة  مما يكلف الجهة فقدان  ما يتراوح بين 50 إلى 80 في المائة من مستوى الإنتاج الفلاحي وامتداد ذلك إلى قطاعات أخرى ..
وأشار السيد عمور عبد الرحمان رئيس لجنة البيئة بالجهة إلى مساعي اللجنة لإرساء منظومة بيئية سليمة  ومحاولة تكيفها مع المعطيات المناخية المقلقة والتي تتطلب جهود مضاعفة  للحد من التأثيرات المناخية الخطيرة وحدد أوجه التعاون مع مختلف الأطراف المتدخلة في قطاع البيئة وتغير المناخ..
واستعرضت فتيحة فضيل  مديرة المرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة السياق الايكولوجي و السياسي لتأسيس المراصد الجهوية بمختلف أنحاء المغرب  ، محددة  أهدافها  في أفق  تحسين المعرفة عن حالة البيئة الإقليمية و أوجه إدارة المعلومات البيئية الإقليمية،وكذا  تحليل التفاعلات بين البيئة والتنمية، و تقديم الأدوات اللازمة  للفعاليات المحلية لدعم اتخاذ القرار ثم  تعزيز النظر في القضايا البيئية تجاه المشاريع الاستثمارية المحلية مع  تطوير وحدة خدمة التحليل والحد من مخاطر تغير المناخ. و مراقبة جودة هواء  جهة أكادير ، عبر منظومة معلوماتية حديثة .
وتباحث المشاركون ، في ثلاث مجموعات موضوعاتية ، حول أربع محاور تناولت بالدرس والتحليل اقتراحات وتعليقات مرتبطة بتحليل خدمات النظام المعلوماتي الجهوي للبيئة  والحد من المخاطر المناخية ثم مناحي  احتياجات المعلومات ودعم التكيف مع تغير المناخ في المنطقة. وكذا مبادئ وسبل تبادل المعلومات والمعطيات فضلا عن   إجراءات التشاور والمجموعات المستهدفة، وقنوات الاتصال.region_3
واستعرض الأستاذ فريد ودار عن الوكالة الالمانية للتعاون الدولي الهدف العام  لمشروع التكيف مع التغير المناخي  والمتمثل في دعم التنسيق القطاعي في مجال التكيف المناخي كما يروم المشروع دعم أجرأة تدابير التكيف المناخي و المساهمة في توفير المعلومات و تطوير المعطيات المتعلقة بالتغير المناخي.

كما لم يفت الاستاذ فريد تقديم أهم المحاور التي يرتكز عليها هذا المشروع كإدراج الآثار المناخية في نظام لتدبير المخاطر المناخية في المخططات التنموية على المستوى الجهوي و الجماعي وتطوير بعض الآليات و الوسائل لأجرأة  المخططات و الاستراتيجيات القطاعية و المجالية التي تأخذ بعين الاعتبار تدبير مخاطر المناخ و كدلك المساهمة في خلق نظام المعلومات و الإرشاد حول التغير المناخي على مستوى جهة سوس ماسة درعة.

يذكر أن البرنامج التكويني ” إدماج  المناخ من أجل التنمية” (CPDev) هو  مقاربة وضعتها  الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ،  بتنسيق مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،  تمكن من  تحديد وإدراج تدابير الحد من المخاطر المناخية والوقاية في السياسات القطاعية وفي عملية التخطيط للتنمية.ويندرج مشروع التكيف مع تغير المناخ(PACC)  ضمن دينامية تسعى  إلى توحيد جهود مختلف أصحاب المصلحة في منطقة سوس ماسة درعة ماسا لتنفيذ إستراتيجية مشتركة نمكن من التعرف على التهديدات الرئيسية لتأثيرات المناخ على السكان والموارد الطبيعية والحد من الهشاشة الإيكولوجية والاقتصادية.وفي نفس السياق نظمت ورشة خاصة بالمشروع ألمت بمختلف الجوانب التي تهم جهة سوس ماسة درعة.
ويعقد هذا المشروع أهمية خاصة في التخطيط الإقليمي بما في ذلك العوامل المناخية، وكذلك الإجراءات المحلية  التي اتخذت على مستوى تغير المناخ.وذلك من خلال تحليل السياسات والاستراتيجيات والبرامج والمشاريع والمشهد الحالي أو المستقبلي لتأثيرات المناخ وإدماج مقاييس التكيف الخاصة و المطلوبة؛ مع الأخد بعين الاعتبار الحاجة إلى التكيف مع تغير المناخ `في عملية صنع القرار، من قبيل التخطيط الاقتصادي ووضع الميزانية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!