النانو «حقيقة من بعد الخيال»

محمد التفراوتي28 يونيو 2007آخر تحديث :
النانو «حقيقة من بعد الخيال»

آفاق بيئية : زهير آل طه

إن الواقع المرير في العالم الثالث و نحن لسنا ببعيدين عنه بالرغم مما نملكه و نعتبره علامة فارقة في المملكة في مجال البحث العلمي منذ ما يقارب الثلاثة عقود، متمثلا في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم و التقنية، و الذي اصطدمنا مؤخرا بما دار في مجلس الشورى من انتقاد شديد لأدائها وذلك إثر اطّلاع المجلس على تقرير للمدينـة الذي وصفه كثير من الأعضاء بالإنشائي والخالي من المعلومات المأمولة، وكانت المدينـة قد تقدّمت للمجلس باعتذارها للتأخر في إعداد التقرير أكثر من ثلاث سنوات وبررت ذلك بصعوبـة الحصول على المعلومـة، مما لا يضع مجالا للشك أن المدينة تحتاج إلى إصلاح شامل لمعالجـة الضعف الواضح في الأداء المنجز وتدني الإنجاز العلمي المؤمل الملموس و العملي و حتى الإعلامي الذي تفتقر إليه المدينة في مخرجاتها على الشبكة العنكبوتية هي و مثيلاتها من الجامعات السعودية في مراكزها للأبحاث المشتتة و التي احتلت الثالث من الآخر في تصنيف عالمي من بين 3000 جامعة في العالم في عام 2006، لا لشيء إلا أننا لا نملك من القرار السديد و الحاسم في أنفسنا و إطلاقها بصراحة للاعتذار و الرحيل عن قيادة مراكز الأبحاث و شغلها بالطاقات الشابة التي تملك المملكة منهم الكثير مع فقدان الرابط و المحور التنظيمي و المرجعي لهم، و التي كان يتوجب على مدينة الملك عبد العزيز للتقنية و العلوم من احتضانهم و توظيف طاقاتهم من خلال تكوين بنك معلومات و اتصال عن كل باحث و متخرج في المملكة أو قادم إليها مضافا إلى ترتيب الندوات وورش العمل البحثية و حتى التعارفية في جميع مناطق المملكة و استقطابهم لديها دائمين أو على هيئة منح وقتية، و إن كانت هناك بعض التحركات و الإشارات المعلنة لكنها ليست بالشكل المطلوب.

فلو قارنا ما يقوم به مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني و هو في ريعان انبثاقه منذ أربع سنوات، و الذي أرى فيه الانطلاق نحو القمة في تحريك الجمود، فانه لن يكون غريبا عليه في يوم قادم قريب بإذن الله أن يقوم باحتضان البحث العلمي و مخرجاته بعمق من خلال الحوار و لقاءاته الهادفة، منطلقا من النظرة المستقبلية و الاستراتيجية التي يتبناها و إن كانت تحوي من الخيال و البعد المستقبلي الذي ينتهجه الغرب سبيلا للإبداع و الاختراع، و الذي لم نصل إليه حتى الآن بما تحويه الكلمة من معان سوى اجترار الضغوط العالمية وتبرير التخلف جرائها، متباهين بغفلة عاجز أننا نبدأ من حيث انتهى الآخرون متناسين أننا من الخمول لم نعد نصحو مبكرين و لم نوقت حتى منبهاتنا أو لا نملك حتى ساعات رنانة لصحوتنا، لان هناك فرقا بين الحلم الذي لا نملك فيه التوجيه من خلال الغثيان و بين الخيال في نهار الصحوة و التمعن و التخطيط للوصول إليه.

ووصولا إلى حقيقة الخيال العلمي الذي تتبناه الدول الكبرى منذ زمن الصحوة لديها زمن الضمور و الخمول لدينا، ذاك الفارق و البون الشاسع بيننا وبينهم فيما يسمى تقنية النانو التي لم تأخذنا الجرأة لامتطاء جواد الانطلاق فيها إلا من قريب معيب، فعندما تحدث ريتشارد فينمان عالم الفيزياء الأمريكي و الحاصل على جائزة نوبل عام 1959 عن رغبته و تخيلاته في بناء ملايين المصانع الصغيرة جدا بما لا يمنع من مناورة الذرة بالذرة في الفيزياء، ضاربا عرض الحائط بالخوف حينها في ذاك الزمان و التدقيق على عدم مخالفة الأنظمة الفيزيائية للقوانين، مبرهنا أن الخيال العلمي لديهم يأخذ منحى من البحث و التفعيل و التحفيز للوصول إلى اقرب مراتب الواقع الذي يمكن تطبيقه و إثباته، كشاهد حي ترجمه الاهتمام و الدعم الغربي في تحقيق الآمال الخيالية في تقنية النانو التي كان يحلم بها ريتشارد إلى حقيقة، و التي أخرجها بعد ذاك الباحث الأمريكي اريك دريكسلر عام 1980 إلى ارض الواقع منطلقا بها إلى عالم البحث و التطوير في حياتنا و في بيئتنا المليئة بالتحديات في مختلف أنماط العلوم البشرية والصناعية والتي ستخدم الكثير من العلوم التي لم تتمكن من قولبة الصعوبات لديها إلا بهذه التقنية الحديثة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!