أبوظبي: عماد سعد:
أعلنت هيئة البيئة – أبوظبي عن الانتهاء من مشروع زراعة أشجار القرم داخل وحول جزيرة السعديات وجزيرة جبيل والذي تم خلاله زراعة 800 ألف شتلة من أشجار القرم على امتداد ساحل الجزيرتين. وكان قد بدأ العمل بالمشروع في شهر نوفمبر 2009 بالتعاون مع هيئة أبوظبي للسياحة وذلك في إطار مبادرة هيئة البيئة – أبوظبي لزيادة مساحة غابات القرم في إمارة أبوظبي والحد من تأثير المشاريع السياحية والإنشائية على طبيعة وبيئة المواطن الساحلية في جزيرة السعديات وجزيرة جبيل المجاورة لها والمناطق المحيطة بهما.
وتشهد جزيرة السعديات عملية تنمية واسعة النطاق تشرف عليها “شركة التطوير والاستثمار السياحي” لتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية قبالة شواطئ أبوظبي وذلك مع انتهاء مراحل تطويرها بحلول العام 2020. ويتمتع المخطط الرئيسي لـ «جزيرة السعديات» بمرونة كبيرة تعكس الالتزام بالمحافظة على طبيعتها البيئية الخاصة حيث تعتبر موطناً للأحياء والثروات الطبيعية التي تتواجد على شواطئها وتتخذ العديد من سلالات الطيور النادرة من محميات أشجار القرم الساحلية في الجزيرة موطناً لها.
وفي هذا الإطار، قال ثابت زهران آل عبد السلام مدير قطاع إدارة التنوع البيولوجي في الهيئة: “أن المشروع يهدف بشكل رئيسي إلى تأمين غطاء أكبر من أشجار القرم على سواحل أبوظبي من خلال تحويل المناطق المتناثرة من هذه الأشجار إلى غطاء كثيف متنامي مما يساهم في التقليل من التأثيرات السلبية للأعمال التطويرية الواسعة النطاق التي تشهدها الجزيرة“.
وأضاف: “ أنه وبالرغم من انتشار غابات القرم في إمارة أبوظبي، إلا أنه تزال هناك العديد من المناطق التي يمكن زراعة بأشجار القرم، مما سيعزز القيمة الإجمالية لمواردنا الساحلية”. وذكر أنه وفي ظل الأعمال التطويرية التي تشهدها جزيرة السعديات قامت هيئة البيئة – أبوظبي بالتعاون مع شركة التطوير والاستثمار السياحي بوضع خطة عمل لزراعة أشجار القرم داخل وحول جزيرة السعديات تواكب الأعمال الإنشائية “.
وذكر أنه خلال فترة تنفيذ المشروع تم زراعة 800 ألف شتلة من أشجار القرم في المناطق التي حددها الباحثون في الهيئة لزراعة أشجار القرم والتي شملت مسطحات المد والجزر ذات الطبقات الطينية والقنوات الطبيعية التي تنغمر بانتظام، مما ساهم في حماية التنوع البيولوجي الساحلي والحد من آثار الأعمال التطويرية وتدهور المواطن الطبيعية في الجزيرة “.
وتوصف المواطن الطبيعية لأشجار القرم في بعض الأحيان بـ”غابات البحر المطيرة”، حيث تعد من أهم النظم الإيكولوجية من الناحية البيولوجية وأكثرها إنتاجية. ومع ذلك، فإن هذه المواطن آخذةٌ بالانحدار في كافة أنحاء العالم، مما قد يعرض المجتمعات الساحلية إلى كوارث طبيعية كبيرة. وتسهم أشجار القرم في حماية الشواطئ من عمليات التعرية الناجمة عن الأمواج والتيارات المحيطية. وقد شكّل هذا النوع من الأشجار، منذ زمن طويل، مورداً غذائياً هاماً لكائنات عدّة كالأسماك والمحار وسرطان البحر، فضلاً عن تأمين المأوى للبشر (بفضل الأخشاب ) والطاقة (نظراً لإمكانية استخدامه كوقود). وحتى فترةٍ قريبة، كما تستخدم السواري المصنوعة من أخشاب القرم– لصلابتها ومقاومتها للنمل الأبيض – على نطاقٍ واسع كمواد بناء في شبه الجزيرة العربية.
وفي الوقت الراهن، يمتد غطاء القرم على مساحة 72 كم مربع في إمارة أبوظبي، بما في ذلك المناطق المتناثرة والمناطق المشجرة. وتعد جزيرة بوطينة –أحد المواقع المنافسة في مسابقة عجائب الطبيعة السبع – موطناً لغابات القرم المفعمة بالحياة، حيث تعد هذه الغابات من أفضل المناطق المحمية على المستوى العالمي.
وتجدر الإشارة إلى أمارة أبوظبي تأوي مناطق كثيفة من أشجار القرم على جزرها وفي أطرافها الساحلية، وعلى الرغم من أن معظم نباتات القرم تنمو بصورة طبيعية، فقد أدت الجهود المكثفة في العقود الثلاث الأخيرة في مجال إكثار وزراعة أشجار القرم إلى زيادة كبيرة في المساحة التي تغطيها هذه النباتات في الإمارة.
ومن المتوقع أن يتم تحويل جزيرة السعديات، الجزيرة الطبيعية التي تصل مساحتها إلى 27 كم مربع، إلى وجهة سياحية وثقافية عالمية بحلول عام 2020، حيث تعمل شركة التطوير والاستثمار السياحي (TDIC) على تطويرها. وتقوم الشركة حالياً بتنفيذ خطة فعالة لتشجير وإعادة تأهيل أشجار القرم بهدف حماية الأشجار الطبيعية المتبقية منها وإعادة تأهيل مواطنها الطبيعية المتضررة على طول الشريط الساحلي، مع الإشارة إلى أن الشركة تمتلك مشتلاً كبيراً في الساحل الشرقي للجزيرة.
وتتمثل نتائج برنامج زراعة أشجار القرم الذي أطلقته هيئة البيئة – أبوظبي بالتعاون مع هيئة أبوظبي للسياحة حتى الآن فيما يلي:
• على الرغم من عدم نمو أشجار القرم بشكلٍ سريع خلال فصل الصيف، إلا أن الشتلات التي جرى غرسها بين شهري فبراير وإبريل من العام الماضي
نمت بشكلٍ جيد، ويتضح ذلك من خلال تنامي ارتفاع الشتلات وكثافة أوراقها.
• لم تزد نسبة موت الأشجار عن 10% (وقد تم حصرها في عشرة مواقع اختيرت بشكلٍ عشوائي)، يعود معظمه إلى طول فترات الغمر بالقرب من القنوات
الطبيعية، بالإضافة إلى تشابك الطحالب والاضطرابات التي سببتها الغزلان.
• نمت بعض الشتلات أطول مما هو متوقع، حيث وصل متوسط ارتفاع الشتلات (30 شتلة في عشرة مواقع عشوائية) إلى 52 سم، مع الإشارة إلى أن
متوسط ارتفاع الشتلات عند التشجير كان 35 سم.
• ازدادت قيمة التنوع البيولوجي في المنطقة كما يتضح من تواجد الطيور وزيادة كثافة بطنيات الأقدام (مجموعة من الحيوانات المعروفة كالسحالي واليرقات)
في مناطق التشجير.
حقائق عن أشجار القرم:
• تشكِّل غابات القرم التي تغطي آلاف الهكتارات من الأراضي الواقعة على طول الخط الساحلي لدولة الإمارات جزءً لا يتجزأ من النظم البيئية الساحلية في
دولة الإمارات العربية المتحدة.
• تنمو أشجار القرم في درجات حرارة منخفضة لا تزيد على 35 درجة مئوية وفي مياه قليلة الملوحة، مما يجعل من المحافظة عليها تحدياً كبيراً للدولة حيث ترتفع درجات الحرارة فيها فوق 35 درجة مئوية خلال أشهر الصيف.
• ساهمت مشاريع إكثار وزراعة أشجار القرم التي أطلقها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله- بزيادة كبيرة
في المساحة التي تغطيها هذه النباتات في الإمارة في العقود الماضية.
• تغطي غابات القرم اليوم مساحة تقدر بـ 3000 هكتاراً من الأراضي في الدولة، منها 2300 هكتاراً في أبوظبي وحدها.
• تقع محمية القرم الشرقي على طول الطريق الدائري الشرقي على مقربة من مدينة أبوظبي وتجري إعادة تسمية هذا النظام البيولوجي الفريد من نوعه إلى محمية خور القرم الشرقي لتصبح المحمية الأولى ضمن المحميات الوطنية الخمس التي تم تحديدها في خطة أبوظبي 2030.
• متوسط ارتفاع أشجار القرم في إمارة أبوظبي يتراوح بين 3 إلى 5 أمتار ويصل أقصى ارتفاعها في بعض المناطق إلى 8 أمتار.
• وتعتبر أشجار القرم من النوع الرمادي المعروف بأفيسينيا مارينا (marina Avicennia) النوع الوحيد الذي ينمو على نطاق واسع في دولة الإمارات.
• نجحت هيئة البيئة – أبوظبي مؤخراً في إعادة توطين نوع ريزوفورا مكروناتا (Rhizophora mucronata) الذي كان ينمو بصورة طبيعية في دولة الإمارات ثم تعرض للانقراض بسبب الاستغلال المفرط حيث تمكنت الهيئة من خلال زراعة أعداد كبيرة من شتلات هذا النوع في مياه جزيرة رأس غناضة وذلك بعد 100 سنة من انقراضها.
فوائد نبات القرم:
• تمثل أشجار القرم موائل طبيعية غنية وآمنة لتكاثر عدة أنواع من الأسماك والثعابين البحرية والسلاحف والأسماك التجارية مثل الروبيان والسنوبر وسمك الناخر فضلاً عن الطيور البحرية التي تتخذ من غابات القرم أماكن مناسبة للتعشيش ووضع البيض.
• تنمو غابات القرم في المناطق التي تقع بين خطي المد والجذر وتسهم إسهاماً كبيراً في الحفاظ على البيئة حيث تمنع تآكل السواحل وتعريتها بسبب الأمواج والتيارات البحرية.
• تشكل غابات القرم مصدراً رئيساً للغذاء والوقود والخشب، بالإضافة إلى استخدامها في الماضي كمواد خام لبناء البيوت والسفن بسبب صلابتها ومقاومتها العالية للتعفن والنمل الأبيض.