آفاق بيئية: محمد التفراوتي
في إطار الجهود المتواصلة لترسيخ قيم الاستدامة وتعزيز التربية البيئية في الوطن العربي، تواصل جمعية أصدقاء البيئة مسيرتها الرائدة التي انطلقت من البحرين قبل ربع قرن، لتصبح اليوم نموذجا عربيا يحتذى به في صناعة قادة صغار للتغيير الإيجابي. وبمناسبة اليوبيل الفضي لبرنامج “ريم لقادة البيئة الصغار” بقيادة “فتاة العرب الخضراء” الدكتورة خولة المهندي، أصدرت الجمعية بيانا إلى الرأي العام يسلط الضوء على حصاد هذه التجربة التربوية الفريدة، وما حققته من أثر ملموس في بناء الإنسان وصناعة المستقبل.

البيان كالتالي:
التربية البيئية… أساس بناء الإنسان ومسار صناعة المستقبل
تؤكد التجارب العالمية والإقليمية أن التربية البيئية باتت ركيزة أساسية في التنشئة الاجتماعية السليمة وبناء قيم المواطنة والمسؤولية لدى الأجيال الجديدة. فتنمية وعي الطفل بالبيئة، وتعليمه احترام مواردها والمحافظة عليها، تضعه على طريق قيادة نفسه ومجتمعه نحو مستقبل أكثر استدامة وأمنا وتوازنا.
وفي مملكة البحرين، يشكل عمل جمعية أصدقاء البيئة نموذجا عربيا رائدا في هذا المجال، حيث استطاعت على مدى عقود أن تربط بين المعرفة البيئية والقيم الأخلاقية والعمل المجتمعي، من خلال برامج نوعية كان أبرزها برنامج “ريم لقادة البيئة الصغار” الذي أُسس عام 2000 على يد الدكتورة خولة المهندي.
لقد أثبت برنامج ريم، بشهادات آلاف الأسر والأطفال والخبراء في الوطن العربي، أنه تجربة تربوية استثنائية نجحت في تحويل الوعي البيئي من مجرد معلومات إلى سلوك يومي راسخ يقوم على الرحمة، وحفظ النعمة، والمسؤولية، والقيادة الإيجابية.
كما ساهم البرنامج في صناعة جيل من الأطفال الذين كبروا اليوم وقد حملوا معهم روحا قيادية متزنة، تضع البيئة في قلب هويتهم وقراراتهم وقيمهم.
إن هذه التجربة البحرينية المتميزة تمثل شاهدا حيا على نجاح التربية البيئية المبكرة في تشكيل شخصية الطفل، وتعزيز ثقته بنفسه، وتنمية قدرته على المبادرة، وتشجيعه على خدمة مجتمعه دون انتظار مقابل. إنها تجربة أثبتت أن زرع القيم البيئية في الصغر ينتج شبابا ناضجين قادرين على التفكير النقدي والعمل الجماعي واتخاذ قرارات أخلاقية في عالم سريع التغير.
ومن هنا، ندعو المؤسسات الحكومية، والمجتمع المدني، والهيئات التعليمية في الوطن العربي إلى تبني نماذج مماثلة، واستثمار الطاقات الهائلة للأطفال، ودعم البرامج البيئية القيمية التي تربط بين العلم والعمل، وبين المعرفة والسلوك، وتخرج جيلا مسؤولا يضع البيئة في صميم رؤيته للمستقبل.
تبقى تجربة جمعية أصدقاء البيئة في البحرين وبرنامج ريم نموذجا ملهما يستحق التقدير والتكرار، فهي تجربة أثبتت أن بناء الإنسان يبدأ من التربية البيئية والقيمية، وأن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في وعي الطفل وأخلاقه وروحه القيادية.




































