المغرب يعتمد أول استراتيجية وطنية للحفاظ على الجوارح

محمد التفراوتي5 سبتمبر 2025آخر تحديث :
المغرب يعتمد أول استراتيجية وطنية للحفاظ على الجوارح

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

في قلب جبل موسى، شمال المغرب،  حيث تتناغم الطبيعة مع السماء، شهدت طنجة حدثا فريدا يجمع بين شغف الطيور والالتزام البيئي، إذ أطلق الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) بالتعاون مع الوكالة الوطنية للمياه والغابات بالمغرب، أول استراتيجية وطنية لحفظ الطيور الجارحة (2024-2034)، مصحوبة بخطة عمل طموحة تهدف إلى حماية اثني عشر نوعا من هذه الطيور الرائعة، وتعزيز دور المغرب كممر حيوي للهجرة بين أوروبا وأفريقيا.

تمثل هذه المبادرة، الأولى من نوعها في المنطقة، لحظة فارقة في تاريخ حماية الطبيعة بالمغرب. وتشمل الأنواع المستهدفة نسورا ملتحية، ونسرا مصريا، ونسر بونيلي، ونسرا ذهبيا، ونسر الغريفون الذي عاد مؤخرا بعد غياب دام أربعين عاما. هذه الطيور ليست مجرد رموز للطبيعة، بل هي حراس التوازن البيئي الذين يمر أكثر من 300 ألف منها عبر المغرب سنويا، مهددة بخطر الصعق بالكهرباء، و الاصطدام بطواحين الهواء، تدهور الموائل، والتسمم أحيانا، بالإضافة إلى الصيد الجائر.

 

من خلال هذه الاستراتيجية، يسعى المغرب إلى قلب مسار الانخفاض في أعداد هذه الأنواع. فخطة العمل المرافقة تتضمن حماية موائلها، و تقليل مخاطر نفوقها المرتبطة بالبنية التحتية للطاقة، وكذا تعزيز توفر الغذاء، وتكثيف جهود البحث والمراقبة. كما ستعمل شبكة من مراكز رعاية الجوارح على إعادة تأهيل الأنواع الضعيفة وإطلاقها في البرية، لتستعيد أجنحتها الحرة السماء المغربية.

ورغم الأرقام والخطط، يحمل المشروع روحا وطموحا أكبر: بحلول عام 2034، يسعى المغرب لأن يصبح موطنا آمنا للطيور الجارحة التي تبني أعشاشها، وأن يكون ممرا مثاليا لمئات الآلاف من الطيور المهاجرة، موفقا بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية واحترام الطبيعة.

زهير أمهاوش، رئيس قسم الحدائق الوطنية والمناطق المحمية بالوكالة الوطنية للمياه والغابات، يؤكد: “المغرب يثبت دوره الريادي في حماية الأنواع المهددة وحفظ الطيور الجارحة، التي لا تعد فقط حراسا للتوازن البيئي، بل إرثا مشتركا بين شواطئ البحر المتوسط.”

يشار أن هذه المبادرة تندرج ضمن جهود مركز التعاون المتوسطي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN Med) لدعم دول المنطقة في وضع وتنفيذ استراتيجيات للحفاظ على التنوع البيولوجي، مؤكدا التزام المنطقة بوقف فقدان التنوع وتحقيق الأهداف العالمية للحفاظ على الطبيعة، وفق ما صرح به ماهر محجوب، مدير الاتحاد الدولي للبحر المتوسط.

يذكر أن هذا الإطلاق اكتسب بعدا رمزيا مميزا، إذ تزامن مع اليوم العالمي للنسور 2025، مناسبة عالمية تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية هذه الطيور الزبالة الكبيرة ودورها الحيوي في صحة النظم البيئية. وبذلك، يصبح المغرب أول دولة في المنطقة تعتمد إطارا استراتيجيا عشريا مخصصا للطيور الجارحة، مؤكدا التزامه بحماية الحياة البرية وتعزيز التعاون الإقليمي، في خطوة تحاكي الطموح البيئي العالمي، وتثبت أن السماء المغربية تستحق أن تبقى مأوى للجمال والطبيعة على حد سواء.

للإطلاع على الاستراتيجية باللغة الفرنسية اضغط هنا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!