آفاق بيئية : محمد التفراوتي
في اطار تقييم مدى تأثر الساكنة القروية بالتغيرات المناخية وفرص التأقلم الممكنة، تم تنظيم دورة تكوينية لفائدة ساكنة عدة دواوير من الجماعات القروية ستي فاطمة أوريكة و أوكايمدن بمبادرة من مشروع ادارة المياه و دفع مقابل الخدمات البيئية في سياق تغير المناخ (GIREPSE) الذي تنسقه الجمعية المغربية للعلوم الجهوية (AMSR). وقد استهل البروفسور عبد اللطيف الخطابي رئيس الجمعية المغربية للعلوم الجهوية هذه الورشة بالتعريف بسياق ودواعي الدورة التكوينية في مجال التعاونيات والدور الذي ينشده المشروع في دعم قدرات الساكنة القروية. حيث أفاد أن البحوث العلمية التي تم إنجازها من قبل مشروع ادارة المياه ودفع مقابل الخدمات البيئية في سياق تغير المناخ اوصت بترجمة محواها إلى انشطة مدرة للدخل لدعم قدرات الساكنة المحلية خصوصا المرأة التي تعاني من الهشاشة وعدم وصولها للقرار وللموارد الطبيعية. وبعد العديد من الدراسات المنجزة حول المؤهلات الطبيعية والبشرية في المنطقة والتي مهدت لعدة مقترحات حيث شكل محور إنشاء التعاونيات أحد أهم الأنشطة تهدف إلى تنمية هده المؤهلات حيث عمل المشروع على دعم تأسيس تعاونيات مختلفة الانشطة مع تعزيز القدرات عبر تكوين روادها في مجالات عديد تتجلى أهمها في تثمين الموارد الفلاحية (الجوز والتفاح والصبار ) والزراعة البيولوجية وتربية النحل و تثمين النباتات الطبية والعطرية والصناعة التقليدية وتدوير وتثمين النفايات الصلبة لإنتاج السماد الطبيعي (كومبوسط ) .
واستفاد المشاركون من المراحل الاساسية لإنشاء تعاونيات في ظل القانون الجديد الذي يؤطرها، بهدف تمكين” ساكنة العالم القروي من معرفة جميع الوسائل والآليات المساعدة لضمان مدخول قار ومن أجل تحسين ظروفهم المعيشية للتأقلم مع اثار تغير المناخ.
وأوضح المندوب الجهوي لمكتب تنمية التعاون بمراكش السيد الاستاذ حسن عدولي الذي نشط الورشة عدة نقط أساسية والتي تلعب دور مهم في تأسيس وتسيير التعاونيات، معرفا بتاريخ ودور مكتب تنمية التعاون في تنمية وإنعاش القطاع التعاوني، كمؤسسة عمومية لها اختصاصات هامة لتنمية القطاع التعاوني. ودور المكتب في ميادين التكوين والإعلام والمساعدة القانونية، ثم مبادئ التعاون وتكوين المتعاونين، والمساعدة على إنجاز مشاريع اجتماعية لفائدة المتعاونين، فضلا عن فض النزاعات والمراقبة للتأكد من احترام التعاونيات للقانون الجاري به العمل.
واعتبر الاستاذ عدولي التعاونية جماعة مستقلة من الأشخاص يتحدون اختياريا لتلبية احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتطلعاتهم المشتركة، من خلال الملكية الجماعية لمشروع تتوافر فيه ديمقراطية الإدارة والرقابة. مؤكدا على كون التعاونيات تستند على قيم الاعتماد على النفس والديمقراطية والمساواة والعدالة والتضامن. ووفقا للتقاليد التي أرساها مؤسسوا التعاونيات، فإن أعضاء التعاونيات يؤمنون بالقيم الأخلاقية للأمانة والصراحة والمسؤولية الاجتماعية، والاهتمام بالآخرين. وتعتبر المبادئ التعاونية خطوطا مرشدة يمكن عن طريقها وضع القيم موضع تطبيق.
وفي سياق تكوين آخر سعى مشروع (GIREPSE) إلى إجراء دورة تدريبية مماثلة لتعاونيات منطقة أوريكة بغية خلق انشطة مدرة للدخل عبر تثمين أعشاب المنطقة الطبية والعطرية وتربية النحل.
وأن إنشاء التعاونيات يهدف بالأساس الى تثقيف ساكنة الدواوير من اجل تقييم وتسويق أفضل لهده النباتات يضيف البروفسور الخطابي .
و يذكر أنه تم إعداد خريطة تموضع مختلف النباتات العطرية والطبية اعتمادا على وفرتها وموقعها وتم تحديد مواقعها بالغابات ، وترسيمها وفق وحدات أكثر تجانسا. وقد تم التعرف على مجموعة من 22 نوعا من النباتات العطرية والطبية، وشهدت الورشة التكوينية حول بعض الانشطة المذرة للدخل كتربية النحل واستغلال وتثمين النباتات العطرية والطبية بمشاركة بعض افراد التعاونيات الرائدة عرض معطيات تعريفية مفصلة في ميدان تربية النحل انطلاقا من فكرة ودراسة الجدوى للمشروع ومرورا بمراحل وكيفية تربية النحل ومواكبة الانتاج والتسويق.
واستفاد المشاركون من العروض التي أشرف على تقديمه عضوين من تعاونية “اكنضيس” ب “إيجوكاك” والتي همت التعريف بمجال عمل وخبرة التعاونية وميدان اشتغالها حيث عرضت نوعية الاعشاب المستغلة وكيفية جمعها وتاريخ استغلال كل نبتة وطرق التثمين والتسويق للمواد المنتجة . وفي إطار التكوين في تقنيات تربية النحل تطرق السيد عمر التايب ، تقني فلاحي متمرس ، إلى سبل مزازلة تربية النحل وأهميتها الاقتصادية والمعيقات المرتبطة بمزاولتها.
يشار أن الملتقى شهد حضور عدة فعاليات وممثلي تعاونيات سبق للمشروع أن ساهم في تاسيسها وأخرى بصدد التأسيس .وحضي الملتقى بتجاوب كبير من قبل ساكنة دواوير المنطقة ، الذين عبروا عن ارتياحهم للتفاعل الإيجابي مع مبادرات مشروع (GIREPSE) الرامية إلى تحسين الظروف المادية والاجتماعية للساكنة المحلية وذلك في ظل ضعف الأنشطة الاقتصادية القارة وفضاء شغل مناسب وكذا إلى إبراز مؤهلات المنطقة والحد من الفوارق الاجتماعية وتأهيل المرأة للقيام بدور إقتصادي منتج وفعال .
وعمل المشروع على دعم وتدريب وتعزيز قدرات تعاونية نساء الحوز بدوار “أسكاور” المختصة في تدوير وتثمين النفايات الصلبة ، وتعاونية “اكري فودن” المختصة في صناعة الكسكس و تعاونية ” أملوكي” المختصة في تثمين المنتوجات الفلاحية (التفاح والصبار ) و تعاونية ” وان امان ” المختصة في الزراعة البيولوجية . و تعاونية ” تزوركي” والمختصة في تثمين المنتوجات الفلاحية (الجوز ) وتعاونية ” انفكاين” المختصة في الاعشاب الطبية و العطرية و تعاونية “تودا الخير” ثم تعاونيتين بدوار “تورشت” ” أمل توشي” و”شباب توشت ” المتخصصتين في تربية النحل وتثمين المواد الفلاحية . وتعاونية ” اقرشال” المتموقعة في دوار ” ايت اعمر” و المختصة في الصناعة التقليدية (الزرابي ) وتعاونية “تغيرة نوزمور” المتموقعة في دوار “سكر” و المختصة في الاعشاب الطبية و العطرية وتعاونية “تسغموت” المتواجدة في دوار ” تيماليزن” و المختصة في الصناعة التقليدية (الخياطة والطرز ) .
ويذكر أن مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE)، تنسقه الجمعية المغربية للعلوم الجهوية (AMSR) بشراكة مع جامعة القاضي عياض والمدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين والمديرية الوطنية للأرصاد الجوية والمرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة بجهة مراكش تانسيفت والمعهد الوطني للتهيئة والتعميير ثم جامعة مونكتون بكندا . ويتناول المشروع القضايا المعقدة والمتعلقة بالنظم الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية وتفاعلاتها، وذلك بغية النهوض بسياسة الإدارة المتكاملة للمياه مع الأخذ بالاعتبار جميع القوى الداعمة للتغيير، الداخلية والخارجية.