يوم الأرض … لنحذر أن نصل الى نقطة اللا عودة

محمد التفراوتي22 أبريل 2023آخر تحديث :
Many mixed hands reaching up to grab a piece of Mother Earth.
Many mixed hands reaching up to grab a piece of Mother Earth.

آفاق بيئية : دكتور: أحمد زكى ابو كنيز*

يحتفل العالم سنويا بيوم الارض فى الثانى و العشرين من شهر ابريل و هو أحد الايام الدولية التى يحتفى بها عالمياً و التى تهدف الى تعزيز الاهتمام و رفع الوعى و التثقيف لدى الشعوب بالقضايا ذات الاهمية الكوكبية بل و يتم من خلالها حشد الارادة السياسية قطرياً او دوليا حيال هذه القضايا . وذلك بهدف اذكاء الوعى الجمعى العالمي بها و هنا تقوم الجهات ذات الصلة بالقضية سواء حكومية او اهلية بالتخطيط والتنظيم والتنفيذ للعديد من الانشطة و الفعاليات بهدف لفت الانتباه و تعديل السلوك او اتخاذ قرارات لتغير الممارسات و السياسات بما يخدم الاهداف التى تصب في المصلحة العامة.
و لكن لماذا نحتفل بيوم الارض او على الاحرى لماذا يتوجب علينا حماية الارض؟


معلوم ان الارض هى الام الرؤوم للكائنات التى تعيش عليها و اهمها قطعاً الانسان خليفة الله في الارض و ان الله تعالى قد خلق الارض و قدر فيها اقواتها واوجد فيها كائنات متعددة او ما يمكن ان نسميه النظام البيئي المتوازن لكى ياتى الانسان و يستفيد به, و من المؤكد ان هناك عناصر هامة خلقها الله لا تستقيم الحياة الا بها و اهمها الماء و الهواء و هذان العنصران ترتبط حياة الكائنات الحية بهما , ومن الضرورى ان يكونا في حالة سليمة وصالحة للاستفادة بهما , فاذا ما حدث اى خلل فيهما فسيكون مردود ذلك سلبياً على حياة الناس و بدرجة او بأخرى نقول ان هذين لعنصرين يرتبطان ارتباطاً و ثيقاً بامنا الارض او يمكن القول انهما يكادا يكونا جزء لا يتجزأ منها او مكملين لها فبوجودهما تكتمل مقومات وجود الحياة .
بل يمكن القول ان الارض و المياه و الهواء لابد ان يتصفوا بمجموعة من الصفات التى تجعل الحياة ميسورة و ممكنه او القول انهم معاً يشكلون وسطاً مناسباً للحياة.
و لكن اذا ما حدث تلوثت المياه او تلوث الهواء او تلوث التربة الزراعية؟ هنا يحدث الخلل وتتأثر جودة الحياة و ربما تظهر الامراض و ذلك بتلوث المياه او الهواء او التربة الزراعية, والمعروف أن التلوث معناه دخول طاقة او مادة ملوثة للعناصر الثلاث و ربما يكون اهم مظاهر التلوث هو تلوث الهواء بنواتج حرق المواد العضوية او بانبعاثات المصانع و المركبات التى تعمل بالوقود الاحفورى مما ينجم عنه غازات الاحترار العالمى التى تؤدى الى ظاهرة التغيرات المناخية بتأثيراتها السلبية المتعددة و ما يترتب على ذلك من تدهور نوعية الحياة على كوكب الارض.
لذا فان منع الممارسات السلبية هذه تمثل طوق النجاه للبشرية و بالتالى اعود فاقول ان الحفاظ على امنا الارض معناه الامتناع عن تلويث العناصر الثلاث الماء و الهواء و التربة الزراعية, ولكن مما يؤسف له فان ما جرى منذ القرن الثامن عصر من تغير في حياة البشر نتيجة الثورة الصناعية و التى اعتمدت على الوقود الاحفورى ابتداء من الفحم و مرورا بالبترول و انتهاء بمحاولة زيادة الرقعة الزراعية على حساب الغابات الطبيعية ادت الى خلل واضح في النظم البيئية في معطم ارجاء الكرة الارضية , ومما يؤسف له فان التقدم الصناعى و التنمية الاقتصادية الغير رشيده جعلت البشرية على اعتاب سداد فاتورة التقدم الغير محسوب العواقب البيئية , من خلال التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية المتعددة مثل زوبان الجليد ومن ثم فقدان مساحات شاطئية و اختفاء دول جزرية و احداث مناخية حادة و انخفاض انتاج الغذاء….الخ.

أرقام مفزعة

في إحدى دراسات اوضحت أن البشر قد أنتجوا 6.3 بليون طن من المخلفات البلاستيكية حتى عام 2015م، وأنّ 90% منها لن يتحلل خلال الخمسمائة سنة القادمة، وأن جزءاً كبيراً من هذه الأجزاء البلاستيكية الصغيرة سيبقى متراكماً في الهواء، والماء، والتربة كما أنّ الانشطة البيئية البشرية غيَّرت ما يزيد عن 70% من مساحة الأرض الغير مغطّاه بالجليد، كما تم ازالة ما يزيد عن 100 مليون فدان من الغابات خلال العشرين عاماً الاخيرة بالإضافةً إلى التجارة غير القانونية القائمة على عناصر الحياة البريّة، وهذه التجارة تحتل المركز الرابع بين اشكال التجارة الغير قانونية في العالم، حيث ادت الى وجود اكثر من مليون نوع من الكائنات الحية معرّضة للانقراض
و من اجل هذا كان الاحتفال بيوم الارض الذى من أهم مظاهره ان ينفذ الأشخاص العديد من الانشطة المختلفة التي تتم ممارستها في هذا اليوم تقديراً واحتفالا به، فمن اهم مظاهرة تَّجنب استعمال السيارات والتي تُعد أكثر مصادر تلوث الهواء بالانبعاثات الكربونية والتي تضر بالأرض بشكل كبير بما فيها من غازات دفيئة تؤثر على الهواء المحيط بالارض او الغلاف الجوى ، ويُمكن تقليل تلوث الناجم عن استخدام السيارات الخاصة من خلال استبدالها بركوب حافلات جماعية او القطار أو ركوب دراجة هوائية أو البقاء بالمنزل وممارسة العمل من داخله اذا كان ذلك ممكناً, و ربما هذه الطقوس المميزة لذلك اليوم تعطى مفهوماً واضحاً بضرورة التخلى عن الافراط في استخدام السيارات التى تعمل بالوقود الاحفورى الملوث، وذلك للحفاظ على كوكب الأرض وللحصول على بيئة نقية خالية من الملوثات الصحية المختلفة. و من هنا يترسخ لدينا مفهوم ضرورة التخلى عن المركبات التى تتسبب انبعاثاتها في الاضرار بالبيئة و يتم البحث عن وسائل اخرى كالمركبات الكهربائية و التى تعمل بالغاز الطبيعى …الخ. كما تتم مناشدة الحكومات بضرورة تغير التشريعات و الممارسات بما صب في صالح حماية امنا الارض.
من المؤكد ان الوقت ينفذ سريعاً و ان ظللنا في هذا السباق المحموم نحو الصناعة و الزراعة وغيرهما من عناصر التنمية الاقتصادية دونما الاخذ في الاعتبار التكلفة البيئية الناجمة عنها فقد نصل الى مرحلة تنهار فيها النظم البيئية بشكل لا يمكن اعادته الى حالته الاولى و عندها نكون قد وصلنا الى نقطة اللا عودة. من هنا كانت اهمية يوم الارض كأحد المناسبات العالمية مثل يوم البيئة ويوم المياه ويوم العمل الطوعى وساعة الارض …..الخ للتذكير بضرورة البحث عن حلول حتى لا نصل الى نقطة اللا عوده.

فماذا نفعل؟

لابد من زيادة الجهود المبذولة لحل المشاكل البيئية والمتمثلة في التلوث و إزالة الغابات، والاحترار العالمي، وتراكم المخلفات، وفقدان مصادر الغذاء، و ذلك بالعمل على إنشاء مشاريع ناجحةٍ لتقليل انبعاث غازات الدفيئة، وإدارة الغابات ادارة رشيده و زراعة الأراضي التي تُعاني من الانجراف او التصحر ، والوصول إلى محايدة الكربون ليصبح استِهلاكُه مساوٍ لإنتاجه عالمياً، وإنتاج الطاقة اعتماداً على المصار النظيفة المتجدده ، والاهتمام بالشعاب المرجانية والانواع المعرَّضة لخطر الانقراض، وإنشاء أنظمة تصريف صحية وصديقة للبيئة.
بالإضافة الى تنفيذ انشطة تهدف لحماية الارض ؛ مثل تنظيف الشواطئ ، و التوسع في زراعة الاشجار بشكل كبير ، و تنظيم المسيرات التوعوية، وبذلك يمكن القول إنّ أهداف الاحتفال باليوم الارض تتلخّص في توعية الأفراد بالأخطار التي تواجه أمنا الارض . و تشجيع الناس على المشاركة الفعَّالة في هذا اليوم من خلال الاحتفال والمساهمة في الانشطة التوعوية والميدانية لحماية الارض. تحفيز الأفراد على الاهتمام بالبيئة المحيطة بهم لجعلها أكثر صحة وأمناً بهدف حمايتها، والتمتع بمستقبل أكثر إزدهاراً و الضغط على الحكومات لكى تقلل من الانبعاثات الكربونية تدريجيا حتى الوصول الى صفر كربون , من خلال الممارسات الفعلية و التوسع في العمل المناخي مع بنية تشريعية فعالة تصب في صالح حماية الكوكب.

* دكتور: أحمد زكى ابو كنيز : أستاذ بمركز البحوث الزراعية. رئيس الاتحاد النوعى للبيئة باسوان- مصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!