آفاق بيئية : المغرب
ارتبط مفهوم التراث التقليدي والثقافة والروحانية على نحو متأصل مع مصادر المعيشة لدى شعوب الجبال، حيث غالباً ما تحكم أنماط الحياة التقليدية سبل كسب العيش لدى هؤلاء الشعوب وكفافهم. كما تستضيف الكثير من المناطق الجبلية مجتمعات أصلية ذات مخزون ثمين من المعارف والتقاليد واللغات التي تحافظ عليها.
إلى جانب ذلك، تحمل الجبال معانٍ روحانية لدى جلّ الأديان، من قبيل جبل أوليمبوس، وجبل سيناء، وماتشو بيتشو، وجبل آثوس، والجبال البوذية المقدسة الأربعة، وما إلى ذلك. وقد استطاعت شعوب الجبال تطوير نظم استخدام مميزة للأراضي التي تتسم بغناها بالتنوع الحيوي البارز على المستوى العالمي، فضلاً عن تطورها عبر القرون بفضل التعايش المتناغم لتلك المجتمعات مع البيئة.
وبالنسبة لشعوب الجبال، لا تعتبر الأراضي والمياه والغابات مجرد موارد طبيعية. إذ تفهم الأجيال الجديدة التي تتبع سنن آبائها الأولين أن رفاههم وهويتهم ومستقبل ذرياتهم يعتمد على خدمة البيئة بكل اهتمام. وتعتبر معرفتهم وأساليبهم التقليدية مفتاح إدارة تكيف النظم الإيكولوجية الجبلية الهشة وتحسينها.
وتشكل الجبال أيضاً مناطق للسياحة والتجارب الثقافية. فمن التزلج والتسلق إلى زيارة الكنائس الصخرية في إثيوبيا، توفر الجبال كافة الأطياف الممكنة المطلوبة من كافة شرائح السياح. فإذا ما خضعت السياحة الجبلية إلى إدارة مستدامة، سيكون لها دور في تحفيز وحماية الثقافات التقليدية، فضلاً عن توفيرها لحوافز من أجل حماية النظم الإيكولوجية والسلع والخدمات الجبلية.
ويفتح اليوم العالمي للجبال لعام 2016 باب الفرصة أمام تسليط الضوء على تنوع الثقافات الجبلية وغناها، والترويج لمجموعة واسعة من الهويات الجبلية، مع ضمان الاعتراف بالحقوق المحلية واستمرارية الأساليب التقليدية.