الجغرافية البيئية لمنطقة الواحات البحرية

محمد التفراوتي10 أكتوبر 2016آخر تحديث :
الجغرافية البيئية لمنطقة الواحات البحرية

  آفاق بيئية : د. حمدي هاشم   

الصحراء هبة الواحات

 تدبرت مقولة هيرودت الشهيرة عن مصر ونظرت في مظاهر السطح بالصحراء الغربية وفعل الريح والماء حسب طبيعة العصر الجيولوجي فوجدتها تنطق بحال الصحراء هبة الواحات. وترى الواحات البحرية بمنتجعها الخصب وسط هذه الصحراء الجرداء تحيط بها تلال الكوارتز السوداء لتفرش الأرض من حولها بسحوق بركاني وهاج يتوجها بحلة من الرهبة والسحر والجمال خاصة في مشرق الشمس وفي المغيب وهذه اللوحة الفريدة للصحراء السوداء في الليالي القمرية والتي تجعل منها علامة جغرافية بيئية للصحراء الغربية بامتياز.

علاوة على الكثير من الأماكن الأثرية الهامة ومنها معبد الإسكندر الأكبر ومقابر العصر البطلمي ذات النقوش والرسوم الجميلة وكذلك وادي المومياوات الذهبية والكنائس القديمة من العصر الروماني والتي تدل على علاقة مقدسة بين (مدينة البهنسا) التاريخية والواحات البحرية.

هذه الواحة الصحراوية المتميزة ومن معالمها: البحيرة المالحة، بلدة القصر القديمة، جبل الكريستال ذي الحجارة البلورية، الصحراء السوداء، العين السحرية، واحة الحيز والينابيع الحارة والباردة. وتتمتع بطبيعية جبال وتكوينات صخرية لا مثيل لها في العالم ويستمتع المرتحلون فيها بجمالها النهاري وخلفيتها المبهرة في الليل مع جلسات البدو الخلوية علاوة على المنتجات والمشغولات التراثية البيئية. 

الطريق الصحراوي الدولي

كان يؤدي الطريق الصحراوي الدولي إلى الواحات وليبيا من قبالة مدينة البهنسا المقدسة (أوكسيرنخوس) غربي النيل والتي كانت تضم حامية عسكرية رومانية لكونها مدينة تجارية دينية غنية والطامعون فيها كثيرون، وكانت مصر ترسل الضريبة الزراعية (10%) من أجود أنواع القمح والشعير إلى روما ومن بعدها القسطنطينية وكذلك الذهب والرخام والعبيد. وكانت تتبع في هذه الفترة الواحات البحرية الحالية (إقليم البهنسا) من الناحية الإدارية وقد سميت (واحة البهنسا) كدليل على ارتباطها من الناحية الدينية والثقافية بالمدينة الأم وعلاقتها التجارية بوادي النيل.  

وتعود أهميتها المكانية كبوابة ملكية للصحراء الغربية مع تنفيذ محافظة المنيا المرحلة الأولى من طريق البهنسا مركز بني مزار ـ البويطي (2014م) للربط بين ساحل البحر الأحمر والواحات البحرية وسيوه وغيرها عبر الطريق العرضي من شبكة الجمهورية. مع توقع تنمية نحو (300 ألف فدان) على المياه الباطنية المتدفقة بجانبي الطريق واستغلال الثروات الطبيعية والتعدينية لإقامة مجتمعات عمرانية جديدة وجذب الاستثمارات على طول مسار الطريق، علاوة على تخفيف العزلة النسبية للواحات البحرية باختصار المسافة بينها وبين محافظة المنيا إلى (160 كم) بدلاً من (615 كم) ومردود ذلك على التنمية السياحية فيها وتأكيد ربطها التعليمي بمصر الوسطى.

الموقع

يقع منخفض الواحات البحرية في الهضبة الوسطى من الصحراء الغربية عند دائرة عرض مدينة المنيا تقريباً ويبلغ في الطول أقصاه من الشمال إلى الجنوب نحو (95 كم)، بينما يبلغ أقصى اتساع من الشرق إلى الغرب حوالي (40 كم) ويشغل نحو (2200 كم2) محتلاً بذلك الترتيب الثاني بعد منخفض الفيوم من حيث المساحة، ويشكل ذلك المنخفض حوالى (0,3 %) من إجمالي مساحة الصحراء الغربية ويطلق عليه البعض الواحة الصغرى مجازاً. وتمثل منطقة الواحات البحرية عقدة المرور ومركز التقاء جميع الطرق المؤدية إلى واحات صحراء مصر الغربية حيث تتصل بواحة سيوه في الغرب وواحة الفرافرة في الجنوب ومنها إلى واحتي الخارجة ثم الداخلة.

الهيكل الإداري

يتبع مركز الواحات البحرية محافظة الجيزة ويتكون من (العاصمة الإدارية) مدينة الباويطي وعدد (3) وحدات محلية قروية يتبعها القرى الرئيسية والقرى والعزب التوابع على النحو التالي:

  • منديشة (منديشة، العجوز، القبالة، الحارة)
  • الزبو (الزبو، مارود، الجزائر، عين القصر وتوابعها)
  • القصر (القصر، طبل آمون، ريس، عين العزة، الغربية، التبينة ـ المناجم)

وتبلغ مساحة مركز الواحات البحرية (12,1ألف كم2) وتشغل مساحة منخفض الواحات البحرية منها حوالي (18%)، وقد تغيرت تبعيتها الإدارية من محافظة مطروح إلى محافظة الجيزة مع ظهور مدينة المناجم كوحدة تعدادية مستقلة في تعداد (1976م) وتتبيعها للواحات البحرية.

السكان

يعود أصل سكان الواحات البحرية إلى خليط من شعبها القديم بعد دخولهم في الإسلام ومن عرب البدو الرحل والنازحين من واحة الداخلة علاوة على قاصديها من الوادي للعمل في التجارة والكثيرون من هؤلاء قد استقروا فيها بصفة دائمة. ويقدر عدد سكانها في العصر الروماني المسيحي بنحو (100 ألف نسمة) عندما كانت تمثل الظهير الزراعي والتجاري لمدينة البهنسا بينما يبلغ عدد سكانها (36,7 ألف نسمة) حسب تقدير (2015م) ويتركز أكثر من نصفهم في الباويطي والقصر ثم قرى منديشة، الزبو، الحارة، العجوز والقبالة، على التوالي، وتوجد في جزء المنخفض الجنوبي على مسافة (45 كم) من مدينة الباويطي قرية الحيز والعزب التابعة لها بينما توجد في شمال شرق المنخفض خارج حدود العاصمة الإدارية بنحو (50 كم) مستعمرة مناجم استخراج خام الحديد.

العمران

يتكون سكان الواحات البحرية من (70 % ريف) و (30 % حضر) حسب تعداد (2006م) وينعكس ذلك على نوعية النمط العمراني حيث يعيش أكثر من ثلثي السكان بمناطق العمران الريفي وتشكل بقية السكان نمط العمران الحضري، وقد تغير نمط العمران الواحي القديم المتناغم مع البيئة الصحراوية حيث زحفت العمارة الحديثة وتطاولت بكل ما فيها من تعارض على هذه البيئة البكر. ومن المتوقع حدوث تغير في نسبة سكان الريف والحضر بالواحات البحرية في التعداد الحالي (2016م) الذي لم تنشر بياناته بعد.   

البنية ولتضاريس

تتشكل الصحراء الغربية من ثماني منخفضات وثلاثة هضاب من الجنوب إلى الشمال، هي:

  • الهضبة الجنوبية من الصحراء وتنحدر شمالاً إلى منخفض الخارجة والداخلة.
  • الهضبة الوسطى وتنحدر بلطف نحو الشمال بينما تشرف على منخفض الخارجة والداخلة بجروف شديدة الانحدار من ارتفاع نحو (300 متراً) ونشأت بهذه الهضبة منخفضات الفرافرة والبحرية والفيوم وتنتهي عند بداية منخفضات سيوه والقطارة والنطرون.
  • الهضبة الشمالية وتشرف على واحة سيوه في الجنوب وعلى منخفض القطارة من علو (200 متراً) فوق قاعه وهى تنحدر بلطف تجاه الشمال على البحر من علو (50 متراً) تقريباً.

ويتبع منخفض الواحات البحرية جيولوجية الهضبة الوسطى وسط نطاقي تكوينات الحجر الطباشيري الكريتاسي والحجر الجيري الأيوسيني حيث تتألف تكوينات المنخفض الظاهرة من صخور رسوبية ورواسب مفككة من العصرين الكريتاسي الأعلى والهولوسين. وتعود نشأة هذه المنخفضات الصحراوية إلى ظهور الفوالق التكتونية الخطية الممتدة والتي منها خرجت الشقوق الأرضية وتعرضت للتشكيل من عمليات الإرساب والتعرية (المائية والهوائية) حسب طبيعة التطور الجيولوجي، وأظهرت بذلك أن الصحراء هبة الواحات حيث جرت الحياة فيها بوجودها. وقد ارتبط خروج الكثير من العيون والينابيع بالبنيات الجيولوجية من صدوع وفوالق، مثل، عين البشمو وعين المفتلا بقرية القصر وعين الهوبجة بالباويطي.

إمكانيات المياه الجوفية

يرقد تحت الصحراء الغربية خزان مياه عذبة جوفية هائل باتجاه عام من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي بينما تحول التكوينات الجيولوجية في الجزء الشمالي وخاصة الفوالق دون استمرار امتداد المياه العذبة تحتها ويتصل هذا الخزان بالحوض النوبي الممتد بين مصر وتشاد وليبيا والسودان.

وتدبر شركات البترول بحفر الآبار الجوفية الاحتياجات من المياه لاستغلال حقول البترول على جانبي طريق القاهرة ـ الواحات البحرية. ويتم الحفر في (تكوين المغرة) حسب دراسات هذه الشركات صاحبة حق الامتياز (قارون للبترول، شمال البحرية للبترول، وسبترول) وقد تم إيقاف الحفر مع ظهور طبقات (تكوين الضبعة) الذي لا تتوافر بين طياته إلا المياه عالية الملوحة.

وتقف الواحات البحرية فوق (خزان الكريتاسي العلوي) بطبقاته من الحجر الجيري ومفاصل طبقات من الشيل بسمك ما بين (750 ـ 1100 متر) ويتميز هذا الخزان بامكانيات مياه جوفية عذبة للزراعة والشرب وتتراوح أعماق المياه فيه ما بين (100 ـ 1500 متر). وتدور درجة السحب من ذلك الخزان في حدود الأمان الجوفي فهو غير متجدد ويقدر عمره بمائة عام (100) ويعاد بعد انقضاءها تقييم الوضع المائي بتكنولوجيا متقدمة تحدد حجم سريان وتجدد المياه في الخزان من عدمه.    

التنوع البيولوجي

تتميز منطقة الواحات البحرية بالغنى في التنوع البيولوجى من الكائنات الحية النباتية والحيوانية المهددة بتدمير  موائلها الطبيعية نتيجة الاستغلال المفرط للغطاء النباتى في الوقود وصناعة الفحم والجمع الجائر للأعشاب الطبية والرعى الجائر مما يؤدى إلى فقد الأنواع وتدهور التنوع البيولوجى، كما تتمثل الأنواع الحيوانية فى وجود الثدييات والزواحف والطيور وغير ذلك.

  • النباتات البرية (الفلورا): قدرت عدد الأنواع الموجودة في الواحات البحرية والفرافرة والخارجة بنحو (250) نوع تشمل (170) نوع من أعشاب تصاحب محاصيل وبساتين الفاكهة مثل (الجعضيض، النجيل، الحندقوق المر، الجرجير، حشيش الفرس، حشيش الجبل، الخلة، أبو عفين، والقرضاب وغيرها). ولا تختلف الفلورا في الواحات البحرية بكثير عن مثيلتها في منطقة النيل علاوة على التي تنمو في الأراضي الرملية مثل: الحنظل، الرطريط، الخريط، الغبيرة، السكران، السبط، الغاسول، والعبل وغيرها.
  • الحيوانات البرية (الفونا): تعتبر الواحات البحرية مؤئلاً هاماً من الموائل الطبيعية حيث يوجد فيها من الثدييات: فأر الغيط، العرس، الثعلب، الضبع، الذئب، القط البري ومن الزواحف الحية المقرنة ومن الطيور: البعفة، اليمام البلدي، الهدهد، الأبلق، الأسود أبيض الرأس، والزمير.

محميات الصحراء الغربية

تكتسي الصحراء الغربية بكثبان رملية وأخاديد وواحات وهضاب جبلية ووديان تغطي معظم أراضي الغرب من وادي النيل وتحتوى بيئة هذه الصحراء البكر على كثير من الظواهر الطبيعية والجيولوجية والحضارية والتنوع البيولوجي في مملكتي الحياة النباتية والبرية. ويقع في نطاقها عدد عشر (10) محميات طبيعية (بحيرة قارون، الجلف الكبير، الصحراء البيضاء، قبة الحسنة، منطقة السلوم البحرية، منطقة العميد، نيزك جبل كامل، الواحات البحرية، واحة سيوه، ووادي الريان) أي ثلث محميات مصر المسجلة حتى الآن على مساحة نحو (64 ألف كم2) والتي تشكل نحو (43%) من المساحة الاجمالية للمحميات الطبيعية في مصر.

محمية الواحات البحرية

أعلن جهاز شئون البيئة “الواحات البحرية” محمية للأثر الطبيعي سنة  (2010م) على مساحة (109 كم2) والتي تشكل (5%) من مساحة منخفض الواحات البحرية الإجمالية وتضم: الدست والمغرفة، جبل الإنجليز (منديشه) والصحراء السوداء. ويقع منخفض الواحات البحرية بين محميتي (سيوه) في الشمال الغربي و(الصحراء البيضاء) الفرافرة في الجنوب.

وترجع أهمية محمية الواحات البحرية لإكتشاف حفريات الديناصورات فوق أراضيها علاوة على ثرواتها الطبيعية والحضارية والثقافية. وتنقسم هذه المحمية إلى ثلاث وحدات داخلية وهى:

  • جبل الإنجليز: يقع هذا الجبل فى منطقة منديشة وفيه أطلال موجودة على قمته المتميزة باللون الأسود حيث استخدمه الإنجليز في أثناء الحرب العالمية الثانية كبرج للمراقبة نظرا لارتفاع منسوبه وتستطيع منه رؤية المدينة بكاملها والأراضي الزراعية المحيطة بها.
  • الدست والمغرفة: هما جبلان متجاوران الأول جبل الدست وارتفاعه (800 م) هرمي الشكل وعند قاعدته اكتشف الجيولوجي الألماني “سترومر” حفريات لأربعة ديناصورات حديثة (1944م) ونقلها لإحدى متاحف ميونخ ودمرت في أثناء الحرب العالمية الثانية، وقامت بعثة من جامعة بنسلفانيا الأمريكية مع هيئة المساحة الجيولوجية في عام (2000م) بالكشف عن هيكل أقدم ديناصور من أكلة العشب في مصر والثاني في العالم كله الأمر الذي جعل البعض يطلقون على الواحات البحرية (جنة الديناصورات) وللأسف فقد نقل هذا الهيكل إلى أمريكا لإجراء الأبحاث عليه ولا ندري إذا كان قد عاد أم بقي هناك في البلد الأول الذي أعلن عن اكتشافه، بينما يبعد الثاني جبل المغرفة وارتفاعه (600 م) بمسافة خمسين متراً عن الجبل الأول.
  • الصحراء السوداء: تغطي هذه الصحراء طبقة من مسحوق أسود نتيجة التجوية الطبيعية في صخور التلال البركانية المنعزلة بأراضيها والتي تميز متحف منخفض الواحات البحرية المفتوح وتقع جنوب مدينة البايوطي بنحو (50 كم) إلى الشمال من الصحراء البيضاء وتنعكس منها ألوان مكوناتها (الدلوريت والكوارتزيت الحديدي، الحجر الرملي الحديدي والجيري الأبيض، وأكاسيد الحديد الحمراء والبرتقالية والصفراء) والتي تميل للسواد فتظهرها الليالي القمرية وكأنها لوحة لمنتجع بيئي وسط السحاب. وهي لا تقل في أهميتها البيئية عن الصحراء البيضاء وكان يجب أن تعلن الصحراء السوداء محمية بذاتها.

السفاري والسياحة العلاجية

طورت سياحة السفاري من الترحال الاقتصادي في الصحراء بعد شغلها لأنشطة ثانوية في منتجعات البحر الأحمر وخليج العقبة بالانتشار في الصحراء الغربية بين منخفض الواحات البحرية والصحراء البيضاء في الفرافرة وكذلك سيوة والعوينات والفيوم بل تمركز هذا النشاط في الواحات البحرية حيث مناظر الأرض الصحراوية وظاهرة الصحراء السوداء التي تميز بيئتها ومنها إلى سائر الأماكن السياحية الأخرى في الصحراء الغربية.

تمتع الواحات البحرية بمقومات السياحة العلاجية مناخ نقي وبيئة طبيعية بكر خالية من تلوث الصناعة الحديثة والعشوائيات ومشكلات المدن والتجمعات الحضرية ولا سيما الضوضاء والاختناقات المرورية وغيرها، وكذلك طبيعة منخفض البحرية الحيوي وعلاقاته المكانية وتركيبه الجيولوجي بطباقه الخازنة للمياه الجوفية مع تميزها المعدني وغير ذلك. ورغم ذلك فالسياحية العلاجية عشوائية فيها لقلة أماكن الإقامة لروادها والتي لا تحقق إلا استخدام مناطق الآبار والعيون لليوم الواحد وعدم توافر الخدمة الطبية والعمالة السياحية.

وأكدت دراسة أن الألمان واليابانيين من أهم الجنسيات المرتبطة بزيارة هذه الواحة الصغرى وأن نحو (60%) من السائحين يقصدونها دون غيرها من الأماكن الأخرى ويأتون عبر القاهرة من الطريق البري بغرض رحالات السفاري أو الاستشفاء أو كليهما معاً، وكان من المقترحات التوسع في إقامة المنتجعات العلاجية والحفاظ على البيئة ولا مانع من إنشاء مطار لخدمة السياحة في المنطقة.

النشاط الاقتصادي

يعتمد سكان الواحات على نشاط الزراعة المرتبط بالثروة الحيوانية بصورة رئيسية ثم صناعات التمر المجفف وزيت الزيتون والمشمش المجفف والغزل والنسيج واستخراج خامات الحديد وتجارة منتجات البلح والزيتون والمشمش وغيرها، وتحتل الآن السياحة المرتبة الأولى من النشاط الاقتصادي للسكان. وكان قد اكتشفت تركيزات من اليورانيوم في جبل الهفوف عن طريق المسح الإشعاعي الجوي وتحقيقه على الأرض في عام (1978م).

  • الزراعة: تساعد الحرارة المرتفعة والرطوبة النسبية المنخفضة على زراعة كثير من المحاصيل والفاكهة والخضر، مع قلة الإصابة بالأمراض الفطرية والبكتيرية والفيروسية، ومنها زراعة أشجار النخيل بالأراضي القديمة (1123 فدان) ومعها الزيتون والمشمش والكركديه والبطيخ والسمسم والشعير والقمح، ويزرع البرسيم الحجازي والبطاطس بالأراضي المستصلحة (1189 فدان) على مسافة نحو (25 كم) من قرية الباويطي بينما لا تزيد مساحة الخضر عن (250 فدان) لسد احتياجات السكان منها.
  • استخراج خام الحديد: تعد الواحات البحرية المنتج الرئيسي لخام الحديد بمصر وذلك منذ عام (1973م) حيث يستخرج منها نحو مليوني طن سنوياً ويتم نقلها ومعها كميات من الحجر الجيري والدولوميت بعد عمليات التعدين والتكسير والتجهيز والتجنيس بعربات السكك الحديدية التي تصل المنجم بمقر شركة الحديد والصلب بالتبين في حلوان. وتقع أماكن استخراج الحديد في جبال البحرية (ناصر، غرابي، الحارة، والجديدة) ويقدر الاحتياطي من الخام فيها بحوالي (200) مليون طن.
  • المحاجر: تؤمن المحاجر بطريق الواحات أغلب احتياجات محافظة الجيزة من الخامات المحجرية (2006م) وذلك بنسبة 100% من البازلت (196 ألف م3)، 60% من الزلط (297 ألف م3)، 26% من الرمل (164 ألف م3) ونحو 2% من الطفلة (15 ألف م3).
  • السياحة: تجذب الواحات البحرية السياحة البيئية للآثار وسياحة السفارى والتخييم فى الصحارى وخاصة فى الصحراء السوداء بالإضافة إلى بعض التلال كبيرة الحجم كالهفوف والدست والمغرفة ومنديشة والأماكن الأثرية التي يعود تاريخها إلى العصر الحديث حتى العصرين الروماني والقبطي، والسياحة العلاجية مع انتشار بعض من الآبار والعيون الكبريتية والرمال والشمس بغرض الاستشفاء من الأمراض الجلدية والروماتيزمية. علاوة على الأماكن ذات النمط العمراني القديم فى قرى (القصر والباويطى والعجوز القديمة) التي تحتوي على تاريخ اجتماعى وثقافى فى كل المراحل التاريخية وتراث النظم التقليدية المعرضة للاندثار والتي يرتادها الكثير من عشاق آثار هذه البيئة الصحراوية.

وادي المومياوات الذهبية

يؤكد هذا الكشف الأثري (1996م) على أهمية تاريخ الواحات البحرية في بداية العصر الروماني، بمومياوات ذات صدور مذهبة ومزخرفة بالنقوش الهيروغليفية ورسومات دينية لأفراد من طبقة بالغة الثراء عاشت فيها خلال هذا العصر، وقد تعرض هؤلاء لوفاة سريعة وجماعية بأعداد غفيرة من انتشار مرض وبائي، ولم يرقى تحنيطهم إلى تقنية الفراعنة الأمر الذي ساعد على تلف وتحلل وتفحم معظم المومياوات المكتشفة، وقد وجدت عشر مومياوات بحالة جيدة منها عرضت في متحف الواحات بالباويطي، ويقع وادي المومياوات على مسافة بضعة كيلومترات غربي الباويطي وهو مغلق على الدراسات والأبحاث التي تجرى فيه.

عاش هؤلاء فترة من الزمن يعملون في الزراعة والصناعة والتجارة وكان نظام الري السائد هو الآبار الرومانية وكانت روما تعتمد على منتجاتهم من البلح، زيت الزيتون، الخمور من عرق البلح ونبيذ العنب والمشغولات اليدوية، وقد تم الكشف عن أطلال مصنع خمر العنب بقرية الحيز في سنة (1938م).

وهناك من كشف عن تواجد إسرائيلي ملحوظ بعد ظهور وادي المومياوات الذهبية وشبهات حول سرقة بعض آثاره ومزاعم في علاقة تاريخية لليهود فيها وأن هناك من الأجانب ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية لهم فنادق واستثمارات خاصة في الواحات البحرية.

تحديات التنمية الإقليمية  

تواجه خطة الواحات البحرية للتنمية الإقليمية (2020م) ارتفاع معدل نسبة البطالة وتوفير فرص العمل لأبنائها في الداخل والمقيمين خارجها والارتقاء بمستويات التنمية البشرية وتقوية علاقات المحيط الجغرافي والتوسع في زيادة رقعة العمران الصحراوي لاستيعاب جزء من سكان الوادي والدلتا وكذلك التوسع الزراعي وتنمية الثروة الحيوانية والصناعات التقليدية والتراثية لخدمة قطاع السياحة وربط مشروع استخراج خامات الحديد بالتنمية الإقليمية.

ومن أهم مشكلات الصحراء الغربية: ظاهرة التصحر وقحولة الأراضي، انخفاض الإنتاجية النباتية الحيوانية وفقر المراعى الطبيعية، تدهور النظم البيئية، وتشبع التربة بالماء (الغدق)، وغير ذلك. بينما تتمثل أهم تحديات التنمية في هذه الصحراء البكر على النحو التالي:

  • توفر المياه والطاقة:ويمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال استخدام تقنيات الزراعة الحديثة واستغلال مصادر المياه الجوفية بما توفره تكنولوجيا الطاقة الشمسية من إمكانيات.
  • ثقافة الصحراء: تعوق أساليب التعايش مع الصحراء السكان من الوادي والدلتا في المجتمعات الصحراوية لاختلاف المناخ والتضاريس والموارد والأنشطة الاقتصادية، ومطلوب رفع الوعي المجتمعي بثقافة التعايش مع البيئة الصحراوية وتطويعها للتنمية المستديمة. 
  • شبكات النقل والمواصلات:تحد هذه الشبكات من إقامة المشروعات الاقتصادية نظرا لتكاليف عملية الربط الباهظة بين محاور التنمية في الصحراء وإحداث النهضة المطلوبة فيها ومنها الطريق الجديد الجاري إنشاؤه بين البهنسا والباويطي على مسار (درب البهنساوي) القديم.

ومن أجل الاستثمار الأمثل للأصول البيئية لابد من وضع منخفض الواحات البحرية على خريطة السياحة العالمية وحماية الآثار المكتشفة وربطه بخطة السياحة البيئية في مصر، مع التغلب العلمي والتكنولوجي على قيود توفير المياه والطاقة وضبط العلاقة بين التربة والمياه والنبات واستحداث نباتات للتعايش مع ظروف البيئة الصحراوية وتأكيد مظاهر العمران البيئي في تنمية الصحراء الغربية لاستيعاب جزء من سكان الوادي والدلتا.

delta-nil
الطبيعة الطبوغرافية للمناطق المحيطة بالطريق البهنسا بني مزار ـ الباويطي
oasis
منظر عام للواحات البحرية من أعلى الجبل الأسود

اترك رداً على سيد قرشم إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • سيد قرشم
    سيد قرشم منذ 7 سنوات

    مقالة ثرية جدا في معلوماتها.. كنت أتمنى أن تتضمن مزيدا من الصور المعبرة والخرائط التوضيحية حتى تكتمل سعادتي بوجبة ثقافية سياحية كاملة.. شكرا على كل حال.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!