مجهودات متواصلة لحماية شجرة الأركان

محمد التفراوتي5 يناير 2016آخر تحديث :
مجهودات متواصلة لحماية شجرة الأركان

من قبل المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر 

huile argan

شجر الأركان بين الحفاظ على الموروث الطبيعي

و على حقوق ومكتسبات الساكنة المحلية

آفاق بيئية : محمد التفراوتي

 الأركان ، الشجرة الفريدة  ، تجسد ثقافة متجذرة في عمق حضارة المغرب وتاريخه . ومستوطنة بمنطقتي سوس وحاحة . تغطي نحو 800 ألف هكتار من جنوب المغرب  .تمتد على مساحة تقدر ب 870  ألف هكتار. بمناطق شبه جافة وجافة   . تشكل درعاً بيولوجياً واقياً من التصحر، و توفر للساكنة منتجات متعددة كالحطب والكلأ وخاصة الزيت التي تستعمل في التغذية وفي الاستعمالات الطبية والتجميلية.

 يعاني مجال شجر الأركان من ظروف بيئية صعبة تتجلى في المناخ الجاف و توالي سنوات الجفاف و الضغوطات البشرية المتعددة والتي تهدد توازنها واستمرارها.

وفي هذا السياق تم سن تشريع خاص يكرس الترابط الوثيق بين الغابة ومحيطها البشري، وذلك لدمج حقوق الانتفاع  الموسعة في التدبير المستدام لمواردها وتوظيفها في مجال التنمية المحلية.كما أن الأنشطة البشرية داخل المجال الغابوي للأركان باتت تتجاوز القدرة الإنتاجية لهذه المنظومة الغابوية، حيث تعيش بالمنطقة ساكنة تقدر ب 2.5 مليون نسمة، منها 55 % قروية.

ويعاني مجال شجر الأركان من عدة إكراهات تتضح جليا في الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، حيث يمثل الرعي الجائر واستعمال حطب التدفئة أكثر من ثلالث مرات القدرات الإنتاجية للغابة.ثم توالي سنوات الجفاف التي تزيد من قحولة الأراضي (95%  من الأراضي)  وحساسيتها إلى التصحر (70%  من الأراضي).وشيخوخة الأشجار وضعف كثافتها ، وكذا اختلال منظومة الدورة المائية، حيث يتقلص عمق الفرشة المائية ب 3 إلى 5 أمتار سنويا، وتعرف الحصيلة المائية نقصا يقدر ب 250 مليون متر مكعب سنويا.هذا فضلا عن التوسع العمراني على مساحة تقدر ب 4.300 هكتار خلال العشر سنوات الأخيرة.  

 وأدرجت غابة الأركان ضمن الشبكة الدولية لمحميات المحيط الحيوي، سنة 1998 اعترافا بأهمية الموروث الغابوي لهذه الشجرة المميزة .

وتبقى تربية الماشية واستخراج زيت الأركان من أهم الأنشطة البشرية المرتبطة بمجال الأركان، إذ يقدر القطيع الذي يرعى بالغابة ب 1.5 مليون رأس، كما يقدر إنتاج زيت أركان ب 4.000 طن سنويا. إلا أن هاته الأنشطة بالإضافة إلى جمع حطب التدفئة، تعتبر من عوامل التصحر الأساسية لهذا المجال وتحد بشكل مباشر من إمكانية التخليف الطبيعي لهاته المنظومة الغابوية، مما يستوجب اللجوء إلى تقنيات التخليف الاصطناعي عبر غرس شجيرات الأركان التي يتم إنتاجها بالمشاتل (800.000 شجيرة سنويا).

أمام هذه الإشكاليات، نهجت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر مقاربة جديدة مبنية على مدخلين أساسيين يتجليان أولا في محاربة التصحر كانشغال دائم يستحضر على مستوى التخطيط الاستراتيجي والبرمجة الميدانية ؛ وثانيا في البعد المجالي كإطار لبلورة المشاريع واندماجها وتنفيذ البرامج. وتنهج المندوبية السامية مقاربة تشاركية مع مستعملي المجال لبناء مشاريع تنطلق من الميدان وتندرج في برنامج عشري لفترة 2005 – 2014 يتم تفعيله عبر برامج سنوية في إطار تعاقدي مع المصالح الجهوية ومع باقي الشركاء.arganier

 ومكنت هذه المقاربة من تحديد 16 مشروع مجالي بمنظومة الأركان بغلاف مالي يناهز 600 مليون درهم، وترتكز أهم محاور هذا البرنامج في تأمين الملك العقاري على جل مجموع مساحة غابات الأركان وعبر التهيئة التشاركية للغابات على مساحة 260.000 هكتار .ثم من خلال تخليف غابات الأركان على مساحة 17.000 هكتار، والتي تهم الغابات ذات الأولوية من حيث ضعف كثافتها أو تقدم أشجارها في السن .وتهيئة المناطق المحمية وفق ما يقتضيه التقسيم المجالي لمحمية المحيط الحيوي للأركان . وتنظيم سلاسل الإنتاج المرتبطة بمنتوجات الأركان وفق منهجية التنمية المستدامة للموارد .و تجهيز المجال الغابوي بالمسالك ونقط الماء الضرورية. ثم إنجاز دراسة تهيئة الأحواض المائية على مساحة 1.630.000 هكتار وتم وضع آليات مضبوطة لحماية  ومحاربة الحرائق . ومواصلة جهود البحث الغابوي لتطوير تقنيات إنتاج الشتائل وتخليف غابة الأركان.

ومن أجل ضمان إنجاح هاته البرامج دأبت المندوبية السامية إلى إنجاز عمليات مصاحبة لفائدة الساكنة تتجلى على الخصوص في تنظيمها عبر تعاونيات وجمعيات مع تفعيل الأداة القانونية المتعلقة بمنح التعويض عن حقوق الانتفاع في المناطق المحظورة من الرعي. ويبلغ مستوى هذا التعويض 350 درهما للهكتار في السنة كلما بلغت  المساحة المعنية 100 هكتار، حيث تم خلق 18 جمعية رعوية على مساحة تقدر بحوالي 3.367 هكتار تستفيد سنويا من تعويض قدره  1.178.450 درهما (5.250.000 درهم منذ 2006). و ساهمت المندوبية السامية مع مختلف الشركاء في خلق 245 تعاونية نسائية (6.500 منخرطة) لاستغلال وتثمين زيت الأركان.

وبالموازاة مع هذه التدخلات، عملت المندوبية السامية على الحد من تأثير الزراعات المسقية على التشكيلات الغابوية للأركان حيث بادرت ابتداء من سنة 2005 إلى عدم الاستجابة إلى الطلبات الجديدة لهذه الغاية مع معالجة تجديد الرخص القائمة حسب معايير موضوعية تهدف إلى الحفاظ على المكونات البيئية لهذا المجال بما في ذلك على الخصوص، الموارد المائية الجوفية والتي بلغت فرشتها مستوى ينذر بخطورة الوضع خاصة في سافلة الحوض المائي لمنطقة سوس.

وتعمل المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر جاهدة من أجل تفعيل إستراتيجيتها في هذا المجال، بالاعتماد على إشراك الساكنة المحلية وعلى مختلف الفرقاء، وذلك عبر إنجاز برامج مختلفة تسعى إلى ضمان تنمية مستدامة تزاوج بين الحفاظ على هذا الموروث الطبيعي من جهة، و على حقوق و مكتسبات الساكنة المحلية من جهة أخرى.

ويذكر أن المندوبية السامية وقعت مع مختلف  المؤسسات على برنامج إطار يهدف لإحياء غابة الاركان على  200ألف هكتار في حدود 2020 وذلك بشراكة مع التنظيمات  المهنية وجمعيات المجتمع المدني  والساكنة المحلية و بتنسيق الوكالة الوطنية لتمية مناطق الواحات و اركان.

و يشار أن المندوبية السامية تعتزم في إطار البرنامج العشاري 2015-2024 مواصلة برنامج تنمية هذ المنظومة بغلاف مالي يقارب (1) مليار درهم. ومن أهم العمليات المبرمجة تأمين الملك العقاري على مجموع مساحة غابات الأركان و تأهيل غابات اركان على مساحة 200 ألف هكتار .وتخليف غابات الأركان على مساحة 22  ألف هكتار، والتي تهم الغابات ذات الأولوية .وخلق 18 جمعية رعوية وتجهيز المجال الغابوي بالمسالك ونقط الماء الضرورية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!