آفاق بيئية : محمد التفراوتي
خلدت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بتعاون مع الوكالة الالمانية للتعاون الدولي اليوم العالمي للمناطق الرطبة الذي يصادف 2 فبراير من كل سنة بمدينة أكادير (جنوب المغرب)تحت شعار “المناطق الرطبة من أجل مستقبلنا، أنماط عيش مستدامة ” . و تميز هذا اللقاء التواصلي بالتوقيع على أربع اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون بين جميع الأطراف قصد تثمين المناطق المحمية والمحافظة عليها.
وتهم الاتفاقية الاولى ،التي تجمع بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر ومرصد الساحل الفرنسي ، تعزيز العمل وتبادل التجارب والاستفادة من الخبرات و الأبحاث في كل ما يتعلق بتدبير الأراضي الرطبة . كما تشجع على تكثيف الهندسة البيئية في تدبير المناطق الرطبة.وتروم الاتفاقية الثانية ، بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والوكالة الوطنية لتدبير الاحياء المائية (ANDA)، تعزيز وتنمية تربية الأحياء المائية في جميع الاوساط القارية والبحرية عن طريق تشجيع الاستثمارالخاص في هذا المجال وتبادل الخبرات بغية تحسين تدبيره ،مع العمل على تنظيم أنشطة تساهم في الترويج للصيد سواء بالمياه القارية او البحرية .في حين تنشد الاتفاقية الثالثة ،بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر ومجموعة من الجمعيات المنضوية تحت لواء ما يطلق عليه بالرابطة المغربية في مجال تغير المناخ والتنمية المستدامة، إنشاء خلية عمل جهوية لتطوير مختلف وسائل التواصل وتعزيز جودة التكوين المتعلق بتدبير الأراضي الرطبة كي يستفيد منه كل المهتمين بمن فيهم الجيل الصاعد.أما الاتفاقية الرابعة فهي عبارة عن شراكة بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والجامعة الملكية للصيد الترفيهيمن اجل تطوير هذا المجال وتحسينه وتشجيع السياحة البحرية مع إجراء دورات تدريبية مكثفة للحراس لتنمية مهاراتهم.
وأفاد عبد العظيم الحافي، المندوب السامي لـلمياه والغابات،أن المندوبية تسعى إلى المساهمة في المحافظة على التنوع البيولوجي وتأهيل المنظومات البيئية بمنتزه سوس ، وتساهم في التنمية المحلية المستدامة، من خلال الشراكة مع مختلف المتدخلين والقطاعات ومواكبة وتأهيل الأنشطة السوسيو اقتصادية للساكنة المحلية من قبيل تربية النحل، جمع بلح البحر، السياحة البيئية، الزرابي، الصيد التقليدي عبر القوارب فضلا عن التحسيس والتوعية.
وتعد المناطق الرطبة من المناطق الأكثر إنتاجية في العالم،تساهم بما يناهز 14.000 مليار دولار سنويا على المستوى السوسيو-اقتصادي.و يعتبر المغرب من بين الأكثر غنى بالمناطق الرطبة مقارنة مع باقي الدول المغاربية، حيث تغطي الأنظمة الرطبة مساحة إجمالية تقدر بأزيد من 200 ألف هكتار ، يضاف إليها حوالي 3500 كلم من السواحل البحرية.وانخرط المغرب ، مند توقيعه على اتفاقية (رامسار) سنة 1980، في سياسة المحافظة والتنمية المستدامة للمناطق الرطبة، عبر تضمينها في المخطط المديري للمناطق المحمية وتجهيزها بالآليات والأدوات اللازمة لتحقيق التدبير المستدام لهذه المناطق.
وتم تحقيق العديد من المنجزات من بينها صدور القانون المتعلق بالمناطق المحمية سنة 2010التزم فيه المغرب بالحفاظ على النظم الايكولوجية.وكذلك اتمام الجرد الوطني للمناطق الرطبة وبلورة الاستراتيجية الوطنية لحمايتها. ولمواجهة مخاطر الاستغلال المفرط لمختلف موارد المناطق الرطبة وتعرضها للاختلالات البيولوجية التي يعرفها العالم حاليا بسبب إشكالية التغيرات المناخية.
وتتلخص أهم منجزات المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في إخراج الجرد الوطني للمناطق الرطبة في المغرب، حسب أهمية وهشاشة الانظمة البيئية المتواجدة بها،الذي كشف عن 300 موقع على مساحة 400ألف هكتار.ثم وضع استراتيجية وطنية للحفاظ على المناطق الرطبة ستمكن على المدى الطويل من المحافظة على المناطق الرطبة بالمغرب في ظل التنمية البشرية المستدامة.وإدراج 20 موقعا جديدا على قائمة رامسار، ليصل بذلك العدد الإجمالي إلى 24.وكذا تطوير وتحديث استراتيجية تدبير المناطق الرطبة ذات الأولوية، حيث يتمركز العديد منها بالمنتزهات الوطنية.ووضع استراتيجية تعليمية ،توعوية وتحسيسية خاصة بالمناطق الرطبة في إطار برامج التربية البيئية .هذا وتم إنجاز عدة مشاريع تنموية بهذه المناطق، في إطار تشاركي مع فعاليات المجتمع المدني والساكنة المحلية، تهدف إلى تثمين هذه المنظومات ذات أهمية إيكولوجية وسوسيو-اقتصادية عالية، عبر تنمية السياحة البيئية وتنمية بعض الأنشطة المدرة للدخل .
يشار أن تخليد هذا اليوم عرف مشاركة والي الجهة زينب العدوي، وعامل اشتوكة آيت باها عبد الرحمان بنعلي، ورئيس الجهة إبراهيم حافيدي، ووزعت معدات وبدلات على أعضاء جمعية “الواد” لمرافقي زوار المنتزه بمصب واد ماسة، وتم الوقوف على تجربة
التعاونية النسوية للمنتجات البحرية بدوار “الدويرة”، بجماعة إنشادن، واطلع الوفد على سلسلة تربية وإنتاج بلح البحر.
تعريف المناطق الرطبة
المناطق الرطبة هي كل وسط تغمره المياه كليا أو جزئيا, أو به نسبة من المياه أو الرطوبة أكان ذلك خلال كامل السنة أو لفترة مؤقتة، والمنطقة الرطبة قد تكون طبيعية أو اصطناعية. ولأنّ خزانات المياه متواجدة دائما في أسفل المناظر الطبيعية تترسب فيها مختلف المواد وتخضع لتأثيرات البيئة المحيطة في حوض مصرف المياه. وتعد سبخات او أهوار او مستنقعات مغمورة بالمياه بشكل مؤقت أو دائم سواء أكانت اصطناعية أو طبيعية المياه فيها راكدة او جارية , عذبة أو قليلة الملوحة أو مالحة ويندرج ضمنها المناطق البحرية التي لا يزيد عمقها عن ستة أمتار .
تقدر نسبة الأراضي الرطبة بحوالي 6% من المساحة الاجمالية لسطح الكرة الأرضية بمساحة 7ر5 مليون كم 2 منها 2% بحيرات و 30% سبخات و 26% أهوار و 20% مستنقعات و 15% سهول فيضانية .
أهمية الأراضي الرطبة
للأراضي الرطبة وظائف حيوية أساسية كمنظم لحركة الأجسام المائية وكبيئات غنية بالتنوع الحيوي ، تحتوي على مصادر ذات قيمة اقتصادية وتراثية وعلمية وترفيهية عالية وهي من أكثر البيئات المنتجة في العالم وهي مهد التنوع الحيوي اذ توفر الأغذية والمياه التي تعتمد عليها لبقاء أنواع لا حصر لها من النباتات والحيوانات والطيور والثدييات والزواحف والبرمائيات والأسماك واللافقاريات وهي كذلك من المصادر الرئيسية للموارد الوراثية النباتية .
وللأراضي الرطبة سماتها الخاصة فهي جزء من التراث الثقافي وهي أحد منابع الحس الجمالي وملاذ للحياة البرية يؤدي التعدي المتزايد على الأراضي الرطبة الى فقدانها وبالتالي الى دمار بيئي كبير غير قابل للتعويض في بعض الأحيان .
الأهمية الاقتصادية
المناطق الرطبة باختلاف أنواعها تعد ثروة طبيعية منتجة لمواد مختلفة تدخل ضمن المتطلبات المعيشية للإنسان.فالسدود والمحاجر المائية والبحيرات والأنهار تمد الإنسان بالمياه الصالحة للشرب وكذا الري، وهذا بغض النظر على الإنتاج الكهربائي فيما يخص السدود.
– الشطوط والسباخ تستخرج منها الأملاح المختلفة ( مادة مصدرة )
-المروج هي منتجة لمادة العلف وهي كذلك تعد مساحات رعوية.
الأهمية الإيكولوجية
المناطق الرطبة هي أوساط حيوية جد هامة لبعض الكائنات الحية يتعلق الأمر بالحيوانات والنباتات ، و هي تستقطب خاصة الطيور المائية (الشتوية ) المهاجرة التي تعبر القارات . فهي محطات عبور لهذه الكائنات أو محطات توقف أو محطات عيش وتكاثر.
البعد الجغرافي للمناطق الرطبة
و تكمن الثروة الأساسية لهذه المناطق في احتوائها لعدد هائل من الطيور المائية المقيمة والمهاجرة بين القارات وفيما يخص حالة المغرب التي تنتمي إلى الشمال الإفريقي الذي يعتبر المعبر الأساسي للطيور المهاجرة بين قارتي أوربا وإفريقيا يجعلها تكون جد معنية بهذا الأمر . و بما أنّ القضية تعني دولا عديدة من الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط و الضفة الجنوبية منه ، يقتضي الحال أن تكون المغرب عند مستوى تطلعات هذه الدول ، لأنّ هذه الطيور ليست لها جنسية و لا حدود ، فهي تقضي نصف السنة تقريبا بأوربا و النصف الأخر بإفريقيا . و عليه فإنّ هذه الكائنات تعتبر إرثا حيوانيا مشتركاا. لذا ما يتم إجراؤه من تدابير في بلدان أوربا لحماية هذه الطيور يجب إجراؤه بالبلدان الإفريقية المطلة على البحر الأبيض المتوسط. فالمناطق الرطبة الكائنة بمختلف الدول المذكورة هي حلقات متواصلة ومتممة لبعضها البعض .