محمد التفراوتي17 ديسمبر 2012آخر تحديث :

             

من قطع الأشجار غير المشروع الى غسل الاموال المتعلقة بتجارة الأخشاب:

جريمة إتجار مُنظّمة تتعدّى قيمتها الثلاثين مليار دولار وتؤدي إلى إزالة 90% من الغابات الاستوائية

تقرير يسلّط الضوء على 30 طريقة لشراء وغسل الأخشاب غير المشروع على حساب الأمن، وتخفيف تغيّر المناخ والجهود المبذولة لتعزيز التنمية المستدامة

 آفاق بيئية : روما 

أفاد تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة والانتربول، أن القطع غير المشروع للأشجار يساهم بـ 15 إلى 30% من الإتجار المشروع بالأخشاب. ومن الجدير ذكره، أن الغابات تمتصّ وتخزّن ثاني أكسيد الكربون المعروف بالكربون الأخضر، مما يساهم بالتخفيف من حدّة تغيّر المناخ. غير أن إزالة الغابات خصوصاً الغابات الاستوائية المطرية يساهم بما يقدر بـ 17 بالمئة من مجموع الانبعاثات التي يسببّها النشاط البشري؛ مسجّلة بذلك معدّل 50 بالمئة أكثر نسية لتلك الصادرة عن وسائل النقل على أنواعها، البحرية والبرية والجوية.

تشهد أهم البلدان الاستوائية في حوض الأمازون، ووسط أفريقيا، وجنوب شرق آسيا عملية قطع للأشجار بما يعادل 50 إلى 90 بالمئة، تجري من خلال جريمة منظّمة تهدد الجهود المبذولة لمكافحة تغيّر المناخ وإزالة الغابات والحفاظ على الحياة البرية والحد من الفقر.

ويشير تقرير الاستجابة السريعة الذي يحمل عنوان: “الكربون الأخضر:التجارة السوداء”، الى ان قيمة الإتجار غير المشروع تصل الى 30-100 مليار دولار سنوياً، مما يعيق عمل المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات REDD.

ويلاحظ الانتربول أنه إلى جانب تفاقم نشاط الجريمة المنظمّة في هذا المجال، هناك أيضاً جرائم أخرى متعلقة بالاتجار غير المشروع بالأخشاب، كالقتل وممارسة العنف والاعمال الوحشية ضد السكان المحليين.

ويؤكد التقرير على أنه من دون جهود دولية منسقّة لتنفيذ القوانين، سيتابع قاطعوا الأخشاب ومحتكريها نقل عملياتهم من مكان الى آخر والاستفادة من هذه التجارة على حساب البيئة والاقتصادات المحلية، وحتى على حساب حياة السكان المحليين.

وكان قد تمّ أطلاق تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في مؤتمر الغابات العالمي في روما خلال حفل نظمّه كل من برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي ومنظمّة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة والمبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات التي توفّر الإطار القانوني الدولي الذي يشمل على الاتفاقيات والمعاهدات المتعلّقة بحماية الغابات وتحدّ من قطع الأشجار غير المشروع وتدعم الممارسات المستدامة.

ويؤكد التقرير على أنه إذا أردنا لهذه المبادرة أن تستمّر، يجب أن تتفوّق مساعي المجتمعات للحفاظ على الغابات، على العائدات الناتجة عن النشاط الذي يؤدي إلى التدهور البيئي.

ويقول وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، السيّد أخيم شتاينر: “ان التمويل لتحسين إدارة الغابات هو فرصة كبيرة لمعالجة تغيّر المناخ وكذلك للحدّ من معدل إزالة الغابات وتآكل التربة وتحسين امدادات المياه. كما يوفر فرص عمل خضراء جديدة”.

ويضيف اللسيّد أخيم شتاينر: “إن قطع الأشجار والاستحطاب غير المشروع يقلّل من شأن كل تلك الجهود، كما يعتبر سرقة وسلب للرأسمال الطبيعي والمستقبل المستدام للمجتمعات والبلدان بحيث ان النشاطات غير القانونية تصبح أكثر نفعاً القانونية”.

ويذكر التقرير أن المجموعات التي تقوم بالعمل الاجرامي نجحت في دمج الطرق القديمة كالرشاوي بالأساليب التقنية الحديثة كقرصنة مواقع الانترنت الحكومية. إن العمليات غير المشروعة أصبحت أكثر تطوراً وتعقيداً بحيث أن قاطعوا الأخشاب والتجار ينقلون نشاطاتهم من منطقة إلى أخرى لتضليل الشرطة.

وقد أحرزت المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات REDD تقدماً ملموساً في مجال الحفاظ على الغابات. كما تبذل حالياً جهود لخلق حوافز من شأنها تشجيع التجارة المشروعة بدلاً من محاربة الجريمة. ولكن للأسف، لم تنجح الحوافز الاقتصادية السائدة في الحد من الفساد والاحتطاب غير المشروع إذ أن هناك بعض من المجازفة في سوء استخدامها.

ويقول الأمين العام للانتربول السيد أرونالد نويل “أن التهديد الذي تفرضه الجريمة المنظمة المتنقلّة على البيئة يتطلّب تنفيذ قانون دولي قوي وفعّال ومبتكر لحماية هذه المصادر الطبيعية ولمكافحة الفساد والعنف المتعلق بهذا النوع من الجرائم والذي من شأنه أن يؤثر على استقرار وأمن البلد.

إن التقديرات التي يشملها التقرير تظهر حجم المشكلة بشكل اكبر مما كان متوقعاً إذ أنها تعتمد على معلومات متطورة للوسائل المستخدمة لعملية غسل الأخشاب غير المشروع.

ويصف التقرير 30 طريقة مبتكرة يتم استخدامها لشراء وغسل الأخشاب غير المشروع. اذ تشمل الطرق الأساسية تزييف تراخيص الاستحطاب، ودفع الرشاوي للحصول على تلك التراخيص بما قد يعادل 50,000 دولار أمريكي للترخيص الواحد في بعض البلدان. كما يجري قرصنة المواقع الحكومية للحصول على تلك التراخيص. كما كشف التقرير عن طرق أخرى لغسل ملايين من الامتار المكعبة للخشب عبر دمجها بعمليات الاستحطاب والتجارة المشروعة.

كما يتم اقتطاع الأخشاب من الغابات البرية وتباع على أنها مزروعة باعانات مالية ودعم من الحكومات.

وقد وضع برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالتعاون مع الانتربول مشروع رائد أطلق عليه ” المساعدة لانفاذ القانون المتعلق بالغابات” والذي تمّوله حكومة النروج بهدف تطوير نظام دولي لمكافحة الجريمة المنظمة.

ويشمل التقرير توصيات مهمة ترمي الى دعم وتعزيز الجهود لحماية الغابات، نذكر منها:

– تعزيز فرص التمويل لمشروع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والانتربول.

– تنظيم ورش عمل تدريبية حول الجريمة المنظّمة لرفع مستوى الكفاءات المتعلّق بالاشخاص المسؤولين عن القيام ب العمليات واجراء التحقيقات.

– وضع جميع التراخيص تحت سجل وطني موحّد مما يزيد من الشفافية ويسهل التحقيق في الجرائم ذات العلاقة.

– تصنيف المناطق الجغرافية المشتبه بخضوعها لتلك الجرائم والحد من تصدير الأخشاب ومنتجاتها.

– الحد من جذب الاستثمارات من بلدان مصنفة مناطق خاضعة للاتجار غير المشروع بالأشجار وذلك من خلال وضع نظام دولي لمراقبة الشركات التي تعمل أو تشتري من مناطق تشهد نشاط غير شرعي على مستوى عالٍ.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!