آفاق بيئية : عمر الحياني (داكار)
قد يضطر الإنسان والحيوان والطير للسفر والتنقل من مكان إلى آخر بحثا عن هدف ما ، وكذلك تسافر النباتات بطرق مختلفة بعضها ذاتي والآخر بفعل فاعل .
نبات البطاطا الحلوة أحد المنقولات الأوروبية في زمن الاكتشافات للقارة الأميريكية حيث اٌعجب الأوروبيون بها فجلبوها إلى اسبانيا , ومن هناك انتقلت إلى البرتغال ثم قاموا بنقلها إلى إفريقيا واسيا ، والاسم العلمي لها (Ipomoea batatas )ويسميها الهنود الحمر بطاطا .
وتعد البطاطا الحلوة إحدى هذه النباتات التي شقت طريقها إلى السنغال، واستقر بها المقام في تلك الأرض الخصبة الوفيرة المياه ,لتصبح اليوم أحد أهم المنتجات الزراعية.
فمنذ تعرف المزارعون السنغاليون إلى هذه النبتة بدا الاهتمام بها ، وكان لحجم البطاطا الكبير والمردود المالي المجزي حافزا لزراعتها بكميات كبيرة ، حتى أصبحت تزرع على امتداد آلاف الهكتارات من الأراضي الخصبة على ضفاف نهر السنغال .
زراعة وطنية واستهلاك ضعيف
على الرغم من الإنتاج الوفير الذي يصل إلى 30 مليون طن في السنة من البطاطا إلا أنها لا تلقى إقبالا واسعا من السنغاليين وذلك حسب دون بويا الباحث في معهد البحوث الزراعية ,الذي أوضح خلال الدورة التدريبية الإقليمية الثالثة للصحفيين العلميين في داكار من 23-27 (كانون الثاني ) يناير 2012م بدعم من مركز أبحاث التنمية الدولية الكندية (IDRC)” أن استهلاك البطاطا الحلوة في السنغال لا يلقى الإقبال الكبير نظرا لان الأرز يعد الوجبة المفضلة لدى السنغاليين “.
ويواصل حديثه :” إن الاهتمام بالبطاطا الحلوة اكبر من ذي قبل حيث صارت تصدر بكميات كبيرة إلى موريتانيا لتعود إلى السنغال على شكل بسكويت – وحلويات- ومعجنات – وقد لعب الموقع القريب – دورا كبيرا في تسهيل تصدير البطاطا الحلوة إليها .
البطاطا الحلوة لا تستهلك كثيرا في السنغال مقارنة بساحل العاج والدول الأفريقية الأخرى، بحسب مدير المطبخ في فندق “نوفوتيل” فاي داكار جوزيف برييرا، الذي أوضح أنها “تستعمل فقط في المطبخ المحلي. كما أنها تستهلك في الأرياف أكثر من المدن، ولا سيما في جنوب البلاد مكان زراعتها”.
زهرة نبات البطاطا الحلوة
في سوق الخضار والفاكهة المحلي في داكار عبر ديبريل ديالو أحد بائعي البطاطا الحلوة عن إحباطه لعدم الإقبال على هذا المنتج الزراعي بقولة : “لا نبيع أكثر من 30 كيلو من البطاطا الحلوة يوميا” على الرغم من أن سعر الكيلو منها لا يتجاوز 700 سيفا أي ما يعادل دولار ونصف الدولار.
وقال ديالو: “توجد ثلاثة أنواع من البطاطا الحلوة: الأولى حمراء من الداخل وبيضاء من الخارج ، والثانية بيضاء من الداخل وحمراء من الخارج ، والثالثة بيضاء من الداخل والخارج ، وهي كلها تباع بنفس السعر ذاته على اختلاف أصنافها”.
الأرض المناسبة
تحتاج البطاطا الحلوة إلى تربة صفراء خفيفة جيدة الصرف خالية من الأملاح، و تعتبر الأراضي الطينية الثقيلة غير ملائمة لزراعتها حيث تعطي نمواً خضريا على حساب تكوين الجذور المنتفخة ( المحصول) التي تكون غير منتظمة الشكل ومشوهة لصلابة الأرض .
وهي ذات أوراق خضراء ، وتنمو بشكل أفقي فوق سطح الأرض ، و تنمو الثمرة في باطنها بأشكال طولية ومربعة ،وهي من المحاصيل الصيفية، التي لا تتحمل البرد أو الصقيع، وتحتاج إلى موسم نمو طويل قد يمتد من أربعة إلى خمسة أشهر، على ألا تقل الحرارة عن 20 درجة مئوية.
وهناك 350 صنفاً منها. ، وينتج الهكتار الواحد في السنغال 13,2 طناً للهكتار في السنغال ، وقد تم إجراء البحوث الزراعية لتحسين الإنتاجية بزيادة 50 طن للهكتار الواحد .
مراكز بحثية وتمويلات إنتاجية
وينفذ مشروع الأبحاث الزراعية للبطاطا الحلوة خططا مختلفة في السنغال على مدى ثلاث سنوات بالتعاون مع الصندوق الوطني للأبحاث الزراعية لتنفيذ بعض الدراسات حول استهلاك البطاطا والتنوع الكيميائي و إمكانيات إضافة التحسينات التكنولوجية وتطوير سبل التقنية المستخدمة وفق المتطلبات العلمية في المحافظة على النباتات .
ويسعى كذلك إلى استخدام منتجات ووصفات جديدة وإدخال تحسينات في إنتاج البسكويت والحلويات.
وفي تصريح خاص أكد البرفيسور ماكومبا ضيوف مدير عام معهد البحوث الزراعية (ISRA) إن مشروع البطاطا الحلوة يعد من المشاريع الزراعية الكبيرة في السنغال والتي رافقها إنشاء مركز متخصص لدراسة وتطوير زراعتها بالإضافة إلى إجراء تجارب علمية لتحويلها إلى صناعات تحويلية قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل وتحسين الظروف المعيشية للمزارعين والمنتجين .
وفي السياق نفسه أكد ضيوف أن زراعة البطاطا الحلوة ليس لها جوانب سلبية كبيرة على البيئة المحيطة ، فيما عدا أنها تحتاج كميات كبيرة من الأسمدة .
و ردا على سؤالنا حول كميات المياه التي تستهلكها البطاطا الحلوة أجاب ” أن الاستهلاك يعد متوسطا ويعتمد على أنظمة الري الحديثة لكن أساليب الري التقليدية لا تزال الغالبة وهو ما يلائم النهج البيئي في التنمية المستدامة .
في إطار زيادة الإنتاج وإيجاد علاقة تكاملية بين المزارع والمنتج ، تم إنشاء معهد السنغالي لتصنيع الاغذية (ITA),وخلال زيارة ميدانية للمعهد أكد الدكتور أبابكر ندوي مدير المعهد أن المعهد يقوم بفحص عينات من البطاطا الحلوة ويقدم الاستشارات العلمية ويجري تجارب مخبزيه للبطاطا الحلوة قبل طرح زراعتها وإنتاجها كمشاريع تنموية على المزارعين والمنتجين .
نقل التجربة
وقد أكد ندوي أن المعهد يعمل ألان على نقل التجربة السنغالية في زراعة البطاطا الحلوة إلي اليمن ودول وعربية وافريقية , للاستفادة منها باعتبارها مشروعا رياديا في التنمية الزراع.ية في افريقيا .
معمل تجريبي لحلويات البطاطا الحلوة- داكار
القيمة الغذائية العالية للبطاطا الحلوة
يذكر أن البطاط الحلوة تحتوي على كميات من البروتينات، و الألياف، و الكالسيوم، و الماغنيزسيوم، والفيتامينات المختلفة ويحتوي لب البطاطا الحلوة المطهوة بين 3 إلى 4 أضعاف القيمة الغذائية المطلوبة يوميا من فيتامين أ ، و %40 من فيتامين ج، وأكثر من 15 % من القيمة الغذائية من فيتامين ب6، و 10 % من حمض الفوليك.
إذا اخترت أن تتناول البطاطا الحلوة من دون تقشيرها، فإن القشر والذي لا يوجد ما يمنع تناوله، يضيف المزيد من الألياف إلى وجبتك.
انا مهندس زراعي بوزارة الزراعة بولاية الخرطوم العاصمة ومن المهتمين بالبطاطا الحلوة ..في السودان تزرع بكميات محدودة وفي مناطق محدودة ايضا..وتلقى اقبالا جيدا من المستهلكين.اتمنى ان تتاح لي فرصة للتدريب بالسنغال في هذا المجال . وفقكم الله