رغم التمسك بحماية القارة القطبية… مفاوضات لجنة الحفاظ على موارد أنتاركتيكا تنتهي دون اتفاق

محمد التفراوتي31 أكتوبر 2025آخر تحديث :
رغم التمسك بحماية القارة القطبية… مفاوضات لجنة الحفاظ على موارد أنتاركتيكا تنتهي دون اتفاق

آفاق بيئية – هوبارت، أستراليا: محمد التفراوتي

بعد أسبوعين من النقاشات المكثفة في هوبارت، اختُتم الاجتماع السنوي الرابع والأربعون لهيئة حفظ الموارد البحرية الحية في أنتاركتيكا (CCAMLR) دون تحقيق التقدم المنشود نحو إقرار إجراءات جديدة لحماية المحيط الجنوبي. ومع ذلك، خرج الاجتماع برسالة واضحة مفادها أن تحالفا متناميا من الدول بات أكثر إصرارا على حماية القارة القطبية الجنوبية، ورفض الرضوخ للضغوط الرامية إلى توسيع أنشطة الصيد الصناعي في أحد أكثر النظم البيئية هشاشةً على كوكب الأرض.

قالت كلير كريستيان، المديرة التنفيذية لتحالف أنتاركتيكا والمحيط الجنوبي (ASOC):“هذا العام أثبت أن مستقبل أنتاركتيكا لا يجب أن تحدده المصالح التجارية، بل صوت العلم والالتزام بالحفاظ على الحياة البحرية. لقد وقف المؤيدون للحماية صفا واحدا، مؤكدين أن الهدف الأساسي لجنة حفظ الموارد البحرية الحية في أنتاركتيكا (CCAMLR) هو الحفاظ على البيئة أولا وقبل كل شيء.”

وقد شكلت كل من تشيلي والأرجنتين والاتحاد الأوروبي ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية ومعهم عدد من الأعضاء الآخرين جبهة موحدة، نجحت في التصدي لمحاولات توسيع نطاق صيد الكريل في مناطق تزخر بالحيوانات المفترسة، مثل البطاريق والفقمات والحيتان، دون ضمانات كافية لحمايتها.

ركزت المداولات هذا العام على قضيتين مترابطتين. إنشاء منطقة بحرية محمية في شبه جزيرة أنتاركتيكا، وإدارة مصايد الكريل التي تمتد على جزء كبير من نفس المساحة البحرية. وعلى الرغم من أن الأعضاء سعوا خلال السنوات الماضية لتحقيق توازن بين الحماية والإدارة المستدامة، حاول بعضهم هذا العام فصل المسارين، في خطوة اعتبرت محاولة للفصل بين توسيع نشاط الصيد ومتطلبات الحفاظ البيئي.

قالت إميلي جريلي، مديرة الحفاظ على المحيطات في الصندوق العالمي للطبيعة، أستراليا: “لا يمكن الحديث عن إدارة مستدامة للكريل بينما نتجاهل الكائنات التي تعتمد عليه. فالعلم واضح، صحة أعداد المفترسات مرتبطة ارتباطا مباشرا بصحة مخزون الكريل. الحفاظ على هذا التوازن يتطلب إدارة وقائية فعالة، ومناطق بحرية محمية.”

وتبقى منطقة شبه جزيرة أنتاركتيكا البحرية المحمية، التي تقودها تشيلي والأرجنتين وتدعمها أكثر من 150 دراسة علمية، واحدة من أربع مبادرات حماية تنتظر الاعتماد. ولو تم إقرارها إلى جانب المناطق الحالية، ستغطي إجراءات الحماية 26 في المائة من مساحة المحيط الجنوبي، أي ما يعادل نحو 3 في المائة من مساحة المحيط العالمي.

ورغم فشل الاجتماع في اعتماد قرارات جديدة، يرى المراقبون أنه شكل نقطة تحول في مسار اللجنة، إذ برز توافق متزايد بين الدول الداعمة للحماية يعكس إرادة عالمية متنامية لإعادة لجنة حفظ الموارد البحرية الحية في أنتاركتيكا (CCAMLR) ” إلى صلب الجهود الدولية لحماية المحيطات، بما ينسجم مع معاهدة أعالي البحار والهدف العالمي بحماية 30 في المائة من المحيطات بحلول عام 2030.

غير أن اللجنة أضاعت فرصة مهمة لاعتماد تصنيف جديد لـ “النظم البيئية البحرية الهشة” (VME)، بعدما رفض عضوان الاعتراف بأحد الموائل على الرغم من وجود أدلة مصورة تثبت احتواءه على أنواع حساسة نادرة. وقد أثار هذا القرار استغراب المراقبين، خاصة أن أدلة مماثلة استخدمت سابقا للموافقة على 11 موقعا آخر.

كما ناقش الأعضاء تداعيات التغير المناخي على بيئة القارة القطبية، دون اتخاذ إجراءات ملموسة. فرغم إدراج اللجنة رسميا لتغير المناخ في مجالات عملها، إلا أن وتيرة التنفيذ تبقى بطيئة.

وقالت إيونهي كيم، المديرة التنفيذية لمعهد أبحاث المناخ والمحيطات: “القارة القطبية تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة أسرع من أي منطقة أخرى تقريبا، ومع ذلك لا تزال اللجنة تتعامل مع التغير المناخي كقضية هامشية. من الضروري اتخاذ خطوات عاجلة لحماية مرونة النظم البيئية في مواجهة هذه التحولات الخطيرة.”

وعلى الجانب الإيجابي، اعتمدت اللجنة قواعد جديدة لتنظيم عمليات إعادة الشحن في البحر، وهي الممارسة التي تشمل نقل الأشخاص أو الأسماك أو المعدات بين السفن. وتم الاتفاق على إلزام جميع السفن بالتسجيل العلني، في خطوة تعد تقدما مهما نحو تعزيز الشفافية وتحديث معايير العمل وفق أفضل الممارسات الدولية.

واختتمت كلير كريستيان بالقول:” بينما يلتزم العالم بخطوات جريئة لحماية المحيطات، ما زالت لجنة حفظ الموارد البحرية الحية في أنتاركتيكا (CCAMLR) تراوح مكانها. لكن الإصرار الذي أظهرته العديد من الدول هذا العام يثبت أن التغيير ممكن. ومع ذلك، فإن غياب التنفيذ سيجعل هذه الهيئة، التي كانت رائدة في الماضي، متأخرة عن الركب العالمي المتسارع نحو حماية المحيطات.”

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!