تمر المجهول صنف أصلي وسلالة محلية من المغرب

محمد التفراوتي22 مارس 2022آخر تحديث :
تمر المجهول صنف أصلي وسلالة محلية من المغرب

تأكيد المنشأ المغربي من خلال تحليل الحمض النووي لعدة عينات من نخيل المجهول

أبوظبي : محمد التفراوتي


شهدت العاصمة الاماراتية أبوظبي عقد المؤتمر الدولي السابع لنخيل التمر في مدينة أبوظبي المنظم من قبل جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي في الفترة ما بين 14 إلى 16 مارس الجاري، تحت رعاية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات. قدمت بالمؤتمر عدة بحوث ودراسات همت مختلف الجوانب تطوير وتنمية قطاع نخيل التمر ،الشجرة المباركة ، والابتكار الزراعي,
وترأس كل من عبد الله وهابي من إسبانيا وريكاردو سالومون توريس من المكسيك جلسة حول صنف المجهول: الأصل، التوزيع، الزراعة، التسويق والخصائص. وتناول الدكتور عبد الله وهابي فحوى دراسة مشتركة مع الدكتور عبد الوهاب زايد أمين عام جائزة خليفة لنخيل التمر والابتكار الزراعي تحدث من خلاله عن تمر المجهول، “درة التمور”، بكونه يشتهر بمظهره الجذاب، وكبر حجمه، ولونه البني وذوقه الممتاز ونكهته المميزة ، وله أهمية خاصة ومطلوب في السوق الدولية، وكذلك الأغلى مقارنة بأنواع التمور الأخرى. تمر المجهول يحتوي على بلورات سكر طبيعي تضفي بريقا خفيفا على بشرته، نكهته تحيل على العسل البري والكراميل. وهو واحد من أكثر المأكولات اللذيذة في الطبيعة، تذوقها كما لو أنها حلوى خرجت مباشرة من الفرن، يضيف الدكتور عبد الله وهابي.
ونشأ نخيل المجهول من وادي تافيلالت التابعة إداريا إلى عمالة الراشيدية. وتم تأكيد المنشأ من خلال تحليل الحمض النووي لعدة عينات من نخيل المجهول من مناطق متنوعة بما في ذلك المغرب ومصر والولايات المتحدة الأمريكية. وأظهرت هذه الدراسة أن صنف المجهول هو نوع سلالة محلية وصنف أصلي (Landrace) من المغرب.
يعرف المجهول بأنه من التمور عالية الجودة وكان يباع قديما بسعر أعلى من الأصناف الأخرى في أسواق إنجلترا وإسبانيا، وكانت معظم التمور، أنذاك، التي تم إحضارها إلى أوروبا تأتي من تافيلالت.
وفي سنة 1927، تم نقل أحد عشر (11) فرعا من فروع المجهول من بودنيب (تافيلالت، المغرب) إلى الولايات المتحدة الأمريكية ووضعها في الحجر الزراعي في ولاية نيفادا. وفي 1936 بقيت تسعة (9) فروع وأنتجت 64 فرعا جديدا. وتم نقل جميع الفروع إلى محطة أبحاث وزارة الزراعة الأمريكية في إنديو. وفي سنة 1944، تم توزيع الفسائل على المزارعين في ولايتي كاليفورنيا وأريزونا. وفي سنة 1968، بدء توزيع فروع المجهول على المستوى الدولي.
وتشير الدراسة أنه حاليا أكثر من 10 دول تنتج حوالي 108000 طن من تمور مجهول. وتقوم عدة دول أخرى بزراعة أصناف المجهول بكميات كبيرة. ويمثل إنتاج المجهول عالميا ما يناهز 94 المائة من إجمالي التمور المنتجة في المكسيك و70 في المائة من إجمالي التمور المنتجة في الأردن وتتزايد حصته من إنتاج التمر في المغرب ومصر بشكل تدريجي. وكانت أصناف المجهول من بين الأصناف الأكثر عرضة للإصابة بالمرض وبالتالي اختفت تمورها الطازجة من صنف المجهول من الأسواق الأوروبية بعد ذلك، وانخفض إنتاجه بشكل كبير.


وأفاد الدكتور عبد الله وهابي أنه من المتوقع أن يزداد إنتاج تمور المجهول بشكل كبير خلال السنوات القادمة، وذلك بسبب الشروع في إنتاج عدد كبير من أشجار النخيل الصغيرة زرعت على مدى السنوات الخمس الماضية في العديد من البلدان المنتجة للمجهول وكذا زراعة عدة ملايين من نخيل المجهول في مناطق واسعة جديدة، خاصة في المغرب ومصر.
وتناول السيد محمد باشري عن الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان (ANDZOA) من المغرب صنف المجهول في المملكة المغربية : الأصل والتوزيع الجغرافي والسوق الدولية، مستعرضا مجال إنتاج التمور حسب النوع والتوقعات المتنوعة والتسويق المستقبلي. وأكد على أن تمر المجهول متأصل بتافيلالت بالجنوب الشرقي للمملكة المغربية وهذا الصنف هو ثمرة الانتقاء الذي قام به فلاحو المنطقة عبر العصور ويتميز ثمار هذا الصنف بخصائصه المبهرة التي تتفوق عن باقي الأصناف باللون والحجم والشكل والوزن. ولهذا فإن تقديم تمر المجهول لديه دلالات تراثية وثقافية متميزة حيث يقدم في المناسبات ذات الأهمية الكبرى كعربون للتقدير والاحترام وكرم الضيافة.


وهو صنف من التمر جذب انتباه العديد من المستثمرين الإقليميين والدوليين. مما أدى إلى انتشاره في مختلف مناطق المغرب، وكذلك بدول أخرى في جميع أنحاء العالم، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والمكسيك وجمهورية ناميبيا، والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية وأستراليا. ويتوزع انتاج المجهول في المغرب على نطاقين رئيسيين: المزارع التقليدية تلك الواقعة على ضفاف وادي زيز وغريس وتودغة ودرعة و المزارع العصرية للمجهول في منطقة الرشيدية. تطورت هذه الأخيرة بشكل ملحوظ في إطار مخطط المغرب الأخضر، الذي خصص دعما هاما للمزارعين في كل من القطاعات التقليدية والتجارية. لتتواصل هذه الجهود في سياق الاستراتيجية المغربية الجديدة للجيل الأخضر. وتم تصدير ما يناهز 3500 طن من تمور المجهول خلال سنة 2020 . وتبقى كمية إنتاج صنف تمور المجهول محدودة في الوقت الراهن ، ستعرف تطورا ملحوظ خلال السنوات القادمة حيث يتوقع تطور الإنتاج ليصل الى 70 ألف طن بحلول سنة 2028.


وتناول الدكتور جلين سي رايت عن جامعة أريزونا – مركز يوما للزراعة، الولايات المتحدة الأمريكية، مداخلة حول الأصول المغربية لصنف تمر المجهول، وأفاد أنه استجابة للطلب والحاجة لإيجاد محاصيل تتكيف مع الصحراء بالولايات المتحدة استوردت وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) آلاف فسائل نخيل التمر، خاصة من الجزائر وتونس ومصر والعراق إلى كاليفورنيا وأريزونا. كما استورد الخواص الآلاف بشكل متتالي لمختلف أصناف التمور. ويعود تاريخ وصول صنف المجهول الأول إلى الولايات المتحدة إلى عام 1912. وتم استيراد تمور المجهول بنجاح إلى الولايات المتحدة ،في سنة 1927، من قبل الدكتور والتر سوينجل. وكان سوينجل يزور بودنيب جنوب المغرب، حيث باعه أحد مزارعي الواحة المحلية 11 فرعا، وتم تعبئتها في صناديق خشبية وشحنها إلى الولايات المتحدة، لتصل بعد خمسة أسابيع. ولتفادي خطر الإصابة بمرض البيوض، تم تطهير الفسائل فور وصولها وتم وضعها في الحجر الزراعي في ولاية نيفادا لمدة ثماني سنوات، حيث نجا تسعة من أصل 11.

ويعتبر إنتاج التمور في الولايات المتحدة منخفضا مقارنة بالدول الأخرى المنتجة للتمور. ويقدر أن الولايات المتحدة تنتج الآن حوالي 25000 طن من صنف المجهول. وتعد جمعية (DatePac) تعاونية كبيرة للمزارعين في أريزونا تقوم بإنتاج تمر مجهول عضوي وخالي من المبيدات. وتقول (DatePac) إنها تبيع 90 في المائة منه في جميع المحلات التجارية الكبرى في الولايات المتحدة. وهناك مستودعات أخرى لتعبئة التمور أصغر حجما تقوم بتوزيع ثمارها في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية. وتظهر إحصاءات وزارة الزراعة الأمريكية ذلك إذ يتم تصدير التمور الأمريكية إلى كندا وأستراليا والمكسيك والمملكة المتحدة. واستهلك الأمركيون التمور (غير المصنعة) حوالي 75 غرام لكل شخص سنويا في سنة 2019.
وتطرق بحث مشترك بين السيدن مديش عبد الإله عن جامعة القاضي عياض والخبير دولي عبدالله الوهابي المتطلبات المناخية التعددية لصنف تمور المجهول. وتمثل المناطق المنتجة للمجهول حول العالم تنوعا لمجموعات من خصائص التربة ، بما في ذلك العوامل الفيزيائية والكيميائية . و الوحدات الحرارية المتراكمة خلال الفترة من نضج الثمار إلى نضج الثمار. ومتوسط الرطوبة النسبية للهواء خاصة أثناء نمو الثمار ونضجها. لذلك ، فإن ثمار المجهول المنتجة في هذه المناطق لها خصائص مختلفة للفاكهة نتيجة للتركيبات المذكورة أعلاه. وهذا يشمل لون الفاكهة (نسبة عالية من الرطوبة النسبية مع ارتفاع درجة الحرارة توفر ثمار داكنة) وسكر الفاكهة المحتوى والفينولات والفيتامينات ومضادات الأكسدة. كما تتأثر خصائص ثمار المجهول بالممارسات الزراعية السائدة ، مثل التسميد ، وإدارة الري … وتلعب ممارسات الحصاد ، وكذلك مناولة ما بعد الحصاد ، دورا مهما أيضا في جودة المنتج النهائي. لذلك ، من الضروري بناء قدرات منتجو مجهول والممارسات الزراعية الجيدة (GAP) المطبقة على زراعة المجهول لضمان إنتاج فواكه عالية الجودة تتناسب مع معايير السوق المرجوة. ويجب تكييف هذه الممارسات الزراعية مع الخصائص الخاصة من كل منطقة إنتاجية من المجهول ، مع العلم أن الصنف المجهول لديه مرونة جيدة وقدرة على التكيف مع مختلف الظروف المناخية.
وعالج بحث مشترك ، آخر، بين الخبير الدولي الدكتور عبدالله الوهابي والدكتورعبد الوهاب زايد أمين عام جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي بالإمارات العربية المتحدة موضوع التسويق الإقليمي والدولي لتمور المجهول ليخلص إلى أن إنتاج التمور يتم في 40 دولة حول العالم ، ويبلغ إنتاجها السنوي 9,075,466 طن. من هذا الإجمالي، يتم توزيع1,836,827 طنا (20.24 في المائة ) على المستوى الدولي ، محققة دخل إجمالي قدره 2 مليار دولار أمريكي . ويتم استخدام كميات التمور المتبقية للاستهلاك المحلي والنفايات التي تمثلها تصل إلى 40 في المائة من إنتاج التمور في بعض البلدان المنتجة للتمور. كما أن البيانات المتوفرة المقدمة من المنظمات الدولية حول إنتاج التمور والتسويق دولي لا تحدد حصة أصناف التمور المحددة، وبالتالي، من المستحيل التمييز بين الوزن النسبي لأنواع مختلفة من التمور ،ما لم يتم إبلاغ المعلومات من قبل المنظمات المعنية في إطار إنتاج التمور المستهدفة. و المعلومات المتعلقة بإنتاج وتسويق المجهول الواردة في البحث تم جمعها بالتعاون الذي يحظى بتقدير أكبر من قبل أعضاء وكالات ومراكز البحث في الدول المنتجة الرئيسية لتمور المجهول . يقتصر ، حاليا ، إنتاج تمور المجهول بشكل أساسي على خمس دول و يبلغ إجمالي إنتاج تمور المجهول 1.16 في المائة فقط من الإجمالي العالمي إنتاج التمور ، لكن المجهول هو التمور الأكثر رواجا والأكثر تكلفة في العالم السوق الدولي. و لسوء الحظ ، لا توجد بيانات تتعلق باقتصاديات تسويق هذا التنوع المهم المقدم من أي منظمة دولية. لذلك لا يمكن قياس حصتها المالية في الدخل البالغ 2 مليار دولار الناتجة عن سوق التمور الدولي.ومن المتوقع ويجب أن تتغير المعلومات والإحصاءات الواردة في البحث بالكامل على مدى السنوات الخمس المقبلة ، بسبب الزيادة الكبيرة في المساحات المزروعة بنوع المجهول في العديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.


في الواقع ، كجزء من “المغرب الأخضر” برنامج 2008-2020 ، قامت المملكة المغربية بزراعة أكثر من ثلاثة ملايين نخلة ، بما في ذلك 70 في المائة على الأقل من صنف المجهول.وسيستمر توسيع مزارع المجهول في المغرب مع البرنامج الجديد: “الجيل الأخضر 2020-2030” ، الذي يركز على زيادة عدد مرافق تعبئة التمور. و أطلقت مصر أيضا برنامجا طموحا للغاية لزراعة عدة ملايين من نخيل التمر ، مع المجهول باعتباره الصنف الرئيسي.يجب أن يجعل دخول جميع أشجار النخيل المزروعة حديثا في الإنتاج من المغرب ومصر المنتجين الرئيسيين للمجهول في العالم .
المجهول درة التمور 


وصدر عن الأمانة العامة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي كتاب “المجهول درة التمور” خلال افتتاح المؤتمر الدولي السابع لنخيل التمر 2022. ويعتبر هذا الكتاب الأول من نوعه في مجال توثيق أصل صنف تمر المجهول من منطقة بوذنيب بالجنوب الشرقي من المغرب.
ويقول الدكتور عبد الوهاب زايد أمين عام الجائزة بأن هذا الكتاب شارك في إعداده 8 من وزراء الزراعة، و4 منظمات دولية و44 باحثا وعالما متخصصا بصنف المجهول من 13 دولة بالعالم، حيث أجمع جميع المشاركين في إعداد الكتاب بالدليل القاطع أن صنف المجهول يرجع أصله إلى منطقة (بودنيب) بالمملكة المغربية، وقد انتقل إلى ولاية كاليفورنيا عام 1927 ومن هناك تم إكثاره وإعادة انتشاره على مستوى العالم.
وأضاف أمين عام الجائزة الذي قام بإعداد المادة الأساسية للكتاب بالتعاون مع الدكتور عبد الله وهبي الخبير الدولي في زراعة النخيل وإنتاج التمور، بأن كتاب (المجهول درة التمور) يعتبر نقلة نوعية في توثيق أصل هذا الصنف المميز من التمور على مستوى العالم، لدرجة بات يسمى (درة التمور) و (لؤلؤة التمور) وغيرها من الأسماء، مؤكدا دحض الشائعات التي راجت حول أصل هذا الصنف، نظرا لانتشار صيته وميزاته الفريدة وارتفاع ثمنه عن باقي تمور العالم، فقد حيكت حوله الكثير من القصص والحكايات حول أصله، “لدرجة بتنا نرى ونسمع أن كثيرا من الدول قد تبنت هذا الصنف ونسبته لنفسها أو لغيرها بدون أي دليل علمي يوثق أصل هذا الصنف”.
هذا وقد أشارت الدكتورة جلين سي رايت من جامعة اريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية إلى أن أول وصول لمجموعة شتول تمر المجهول إلى أمريكا كان عام 1927من قبل الدكتور والتر سوينجل الذي كان بزيارة إلى منطقة (بودنيب بالمملكة المغربية)، حيث أحضر معه 11 فسيلة من صنف المجهول خالية من مرض البيوض، وقام بشحنها ضمن صناديق خشبية إلى الولايات المتحدة، نجها منها 9 فسائل، تم نقلها إلى منشأة تابعة لوزارة الزراعة الأمريكية في كاليفورنيا. ومن هناك انتشرت زراعة وإنتاج وصناعة تمور المجهول الى القارة الأمريكية بأكملها، بالإضافة الى انتقال صناعة المجهول إلى العديد من دول العالم الأخرى، وجميعها يعود الى استيراد شتول المجهول من المغرب في سنة 1927.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!