التغيرات البيئية خلال العقد الماضي

محمد التفراوتي8 أكتوبر 2017آخر تحديث :
التغيرات البيئية خلال العقد الماضي

 آفاق بيئية : محمد التفراوتي

انطلقت مسيرة رصد وتحديد أولويات البيئة العربية وسبل التواصل بين الجمهور والمسؤولين قبيل سنة 2006 كبادرة مميزة تجرى لأول مرة في الوطن العربي أطلقتها مجلة “البيئة والتنمية” التي يديرها الاستاذ نجيب صعب وذلك من خلال استطلاع البيئي شمل 18 بلداً عربياً يروم كهدف استراتيجي وضع سياسات بيئية تستجيب لتطلعات الناس .

وعرضت نتائج لاستطلاع في سياق تقرير تحليلي  في مؤتمر اقليمي حاشد حول “الرأي العام العربي والبيئة” من تنظيم مجلة “البيئة والتنمية”، بالاشتراك مـع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة وصندوق أوبك للتنمية الدولية.

وبين الاستطلاع الاول أن السبب الرئيسي للتدهور البيئي، وفق الجمهور العربي، هو عدم الالتزام بالتشريعات والقوانين، وقد اختار الجمهور تلوث الهواء والنفايات والأسمدة والمبيدات الزراعية وضعف الوعي ومصادر المياه كأبرز المشكلات البيئية. وقال نجيب صعب كلمته الشهيرة أنذاك : ” لقد قال الجمهور كلمته، وعلى الحكومات أن تسمع”.

ويعد هدا التقرير ، حينها ، حصيلة دراسة كبيرة وهامة جداً،. حيث التقى صناع القرار والإعلام والجمهور، من مسؤولين، ورؤساء منظمات إقليمية ودولية،وباحثين وخبراء بيئيين، ورؤساء تحرير صحف، وممثلون عن المجتمع المدني، وعن القطاع .

وتأسس المنتدى العربي للبيئة والتنمية الذي ضم بين أعضاءه أهم الخبراء ورواد البيئة العربية والدولية وتواصلت الاصدارات السنوية لتقارير أكاديمية رصدت الاشكالات الكبرى للمشهد البيئي العربي امتدت لعقد من الزمن وشملت عموم  الظواهر البيئة وتشعباتها المختلفة .

وبعد عقد من العمل الدؤوب وقف المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وقفة تأملية ومقاربة تشاركية مع الرأي العام والجمهور العربي من خلال استطلاع  ثاني للرأي العام في 22 بلدا عربيا من ضمنها المغرب ، شارك فيه أكثر من عشرين ألف عربي .

وأفادت نتائج الاستطلاع  أن الجمهور العربي يتفق والخبراء في أن تغير المناخ، مشكلة “خطرة” في بلدانهم.  كما أن الوضع البيئي العربي، استمر في التدهور طوال العقد الأخير.  و أن 61 في المائة من المشاركين في الاستطلاع، قالوا إن وضع البيئة في بلدانهم يتراجع، مقابل 80 في المائة يعتقدون بأنه سيئ.

ويعتقد نحو 95  في المائة من المشاركين في الاستطلاع بأن بلدانهم لا تتصدى بما يكفي للتحديات البيئية، وأن الحكومات لا تبذل ما يكفي لهذا الغرض ولإدارة البيئة على نحو صحيح.

وتراجع وضع البيئة العربية في مختلف الجوانب ، لكنه “أحرز تقدماً على بعض الجبهات، والتحسن المتواضع الذي حصل، مهدّد في حال استمرار الصراعات والحروب وعدم الاستقرار”.

وعلل المشاركون في الاستطلاع أسباب التدهور البيئي في بلدانهم إلى سوء الإدارة البيئية، وعدم الالتزام بتشريعاتها وضعف أجهزة حماية البيئة وموازناتها.

وأوضحت نتائج الاستطلاع أن 27 في المائة  عبروا عن رغبتهم في المشاركة بالحملات البيئية، و25 في المائة مستعدون للالتزام بالتشريعات البيئية، في حين  أن 24 في المئة يتطلعون للتطوع في أي نشاطات بيئية، كما أن 17 في المائة ليس لديهم مانع في دفع ضرائب للبيئة.

وتدهورت  نوعية الهواء في البلدان العربية، وتضاعفت انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وفقا لما اظهرت المستويات المسجلة لتلوث الهواء في المدن العربية، إذ تراوحت بين 5 و10 أضعاف الحدود القصوى التي حددتها منظمة الصحة العالمية .

وتتفاقم  ندرة المياه تتفاقم في المنطقة العربية، نظراً لمحدودية موارد المياه العذبة المتجددة وتدهور جودتها، وتزايد النمو السكاني ونقص الأموال لتمويل البنى التحتية للمياه، علما بأن نحو 40 % من السكان العرب يعيشون في فقر مائي مطلق

وتشكل البلدان العربية أكبر منطقة عجز غذائي في العالم، ومن حيث القيمة النقدية، سجلت الفجوة الغذائية العربية الإجمالية زيادة كبيرة من 18 مليار دولار أميركي العام 2005 إلى 34 مليار دولار العام 2014، لذلك لا بد من تخفيف الهدر وتحسين الإنتاجية وزيادة الموازنات المخصصة للأبحاث الزراعية، والتعاون الإقليمي.

وتضع الاتجاهات الحالية لاستخدام الطاقة الاقتصادات العربية ضمن أقل البلدان كفاءة على الصعيد العالمي، فمساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة ما تزال هامشية في حدود 3.5 %، لكن التوقعات إيجابية في الغالب، بحيث يتوقع بأن يتضاعف حجمها حتى العام 2020 .

وأعلنت 12 دولة عربية عن أهداف للطاقة المتجددة، تتجاوز 20 في المائة، بينها المغرب والإمارات والأردن والجزائر ومصر والسعودية وتونس.

يشار أن المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) سيعرض تقريره السنوي العاشر” البيئة العربية في عشر سنين ”  خلال مؤتمره السنوي الذي يعقد في بيروت في شهرنوفمبر المقبل. وسيرصد التقرير التغيرات البيئية خلال العقد الماضي، مركزا على التغيرات في الإدارة والسياسات البيئية و مجالات المياه والطاقة والغذاء ونوعية الهواء والبحث العلمي البيئي والاقتصاد الأخضر ، محاولا تناول مكامن القوة والضعف  و لاستخلاص النتائج واقتراح إجراءات تقويمية ترسم خارطة طريق  نحو مستقبل أفضل .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!