حماية الملك العام المائي وتطوير آليات الحكامة الجيدة

محمد التفراوتي30 مايو 2017آخر تحديث :
حماية الملك العام المائي وتطوير آليات الحكامة الجيدة

آفاق بيئية : محمد التفراوتي

نظمت وكالة الحوض المائي بجهة سوس ماسة يوما دراسيا حول حماية الملك العام المائي وتفعيل آليات المراقبة تحت شعار “حماية الملك العام المائي مسؤولية مشتركة “.

وسبق أن صادق مجلس الحكومة على مشروع قانون الماء في صيغته الجديدة، رقم 15-36، بعد عشرين سنة من إصدار القانون رقم 10-95. وتتضح جليا أهداف هذا القانون في تعزيز المكتسبات وتطوير الحكامة في قطاع الماء من خلال تبسيط المساطر وتقوية الإطار القانوني المتعلق بتثمين مياه الأمطار والمياه المستعملة، ووضع إطار قانوني لتحلية مياه البحر، وتقوية الإطار المؤسساتي وآليات حماية موارد المياه والمحافظة عليها فضلا عن تحسين شروط الحماية من الظواهر القصوى المرتبطة بالتغيرات المناخية.

ومبادئ هذا القانون الأساسية تهم الملكية العامة للماء، وحق جميع المواطنات والمواطنين في الولوج إلى الماء والعيش في بيئة سليمة، وتدبير الماء طبق ممارسات الحكامة الجيدة التي تشمل المشاركة والتشاور مع مختلف الفاعلين، والتدبير المندمج واللامركزي لموارد المياه مع ترسيخ التضامن المجالي، وحماية الوسط الطبيعي وتطوير التدبير المستدام مع اعتماد مقاربة النوع فيما يخص تنمية وتدبير الموارد المائية.

ويتضمن المشروع مستجدات هامة، من قبيل إحداث مجالس استشارية على صعيد الأحواض المائية مكلفة بدراسة وإبداء الرأي حول المخطط التوجيهي للتدبير المندمج لموارد المياه أساسا، فضلا عن وضع إطار قانوني لتحلية مياه البحر، وإجبارية توفر التجمعات الحضرية على مخططات مديرية للتطهير السائل تأخذ بعين الاعتبار مياه الأمطار وضرورة استعمال المياه المستعملة.

وينظم المشروع مهنة حفر الأثقاب ووضع إطار قانوني متكامل للوقاية والحماية من الفيضانات ووضع أنظمة معلوماتية تتعلق بالماء على صعيد الحوض المائي وعلى الصعيد الوطني تمكن من التتبع المنتظم للماء وللأوساط المائية والنظم البيئية، وتبسيط مساطر الترخيص باستعمال الملك العام المائي.

وأفاد مدير وكالة الحوض المائي لسوس ماسة السيد محمد فسكاوي ، خلال الجلسة الافتتاحية ، أن هذا الملتقى الدراسي يعد ثمرة مشاورات مكثفة مع السلطات القضائية والاقليمية والأمنية بالجهة . والتي تفاعلت بشكل متميز مع الرغبة في تنسيق وتسويق آليات العمل المشترك المرتبطة بتفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بحماية الملك العام المائي.

وذكر السيد الفسكاوي بالوضيعة الحرجة التي وصلت إليها الموارد المائية بحوض سوس ماسة والتي تستوجب العمل سويا لوقف وتيرة استنزاف الثروة المائية، إذ أصبح العجز المائي يتفاقم سنة بعد أخرى بفعل التغيرات المناخية وانتشار الآبار العشوائية وارتفاع وتيرة الاستغلال. كما أن آثار الاستغلال الغير الرشيد للموارد المائية له آثار بيئية واقتصادية واجتماعية لارتباطها الوثيق باستقرار وأمن الساكنة اللذان يميزان المغرب إقليميا ودوليا.

وأكد السيد الفسكاوي أن الملتقى يتغيى فرز توصيات قابلة للأجرأة مع تفعيل منظومة تراقب الملك العام المائي في سياق خطة عمل تنشد تنسيق الجهود على المستوى العملي عن طريق أعوان شرطة المياه و الشرطة البيئية وضباط الشرطة القضائية ثم على مستوى المواكبة القضائية  للملفات المرتبطة بالمخالفات المرصودة للاستغلال الغير القانوني للملك العام المائي .

وأشار الفسكاوي إلى مكانة  المغرب الرائدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمشاريع الهيكلية في إطار الاقتصاد الاخضر و توفره على منظومة تشريعية مهمة ومتطورة تروم حماية البيئة والموارد الطبيعية وما يرافقها من مخططات عمل قطاعية .

وقال الفسكاوي أن جهة سوس ماسة كانت سباقة  في إرساء قواعد حكامة جيدة وفريدة لتدبير الموارد المائية من خلال توقيع أول اتفاقية إطار على الصعيد الوطني تهدف إلى تنمية وحماية الموارد المائية بالجهة حيث عملت بنجاح على تدبير الطلب على الماء  وتدبير العرض وتثمينه ، فضلا عن النتائج الايجابية للجنة عقدة الفرشة المائية التي ساهمت في خلق وعي شامل لدى جميع المتدخلين  والمستعملين ، من خلال مقاربة تشاركية تعمل على ترشيد استعمال الماء واقتصاده وتنظيم مهنة حفر الآبار وتبسيط بعض المساطر.

ومن جهته أكد السيد عبد الله أوباري نائب رئيس جهة سوس ماسة أن الجهة تعرف خصاصا مائيا ملحوظا، إذ يعد هذا المورد الطبيعي رافعة للتنمية بالجهة ، التي تعتمد في اقتصادها على القطاع الفلاحي والسياحي ثم الصيد البحري.

و وعيا منه بأهمية الماء و بضرورة استعماله بطريقة معقلنة، بادر المجلس الجهوي لسوس ماسة درعة إلى اتخاذ اجراءات آنية بانخراط جميع المتدخلين عبر وضع عقدة الفرشة مند سنة 2006 و التي تعتبر الأولى من نوعها على الصعيد الوطني ثم تأسيس جمعية “أكروتيك “لمواكبة الفلاحين  وتشجيع البحث العلمي ، يضيف السيد أوباري .  كما تم التوقيع على الاتفاقية الاطار الأولى التي سطرت من بين أهدافها الانتقال من السقي الإنجذابي إلى السقي بالتنقيط لحوالي 30000 هكتار.

واستحضر السيد أوباري إشكالية تغير المناخ و انعكاساته على الموارد المائية من خلال توالي فترات الجفاف أو الفيضانات التي يمكن أن تؤثر سلبا على المنشآت المائية.

 وأكد السيد أوباري أن الجهة مدعوة إلى وضع التصميم الجهوي لإعداد التراب ومخطط التنمية الجهوية ، في إطار الجهوية المتقدمة وتطبيقا لمقتضيات القانون التنظيمي للجهات رقم 111-14  بالإضافة إلى  المخطط الجهوي لتدبير النفايات الصناعية والطبية والصيدلية الغير الخطر والنفايات الهامدة والنفايات الفلاحية والنهائية لما سيكون لهذه المخططات من وقع ايجابي على التدبير المندمج لقطاع الماء والحفاظ عليه من التلوث . ومن بين الاختصاصات المخولة للجهة في ظل القانون التنظيمي الجديد وضع استراتيجية لاقتصاد الطاقة والماء بالإضافة إلى الحماية من الفيضانات.

وذكر السيد  أوباري  أن رئيس مجلس الجهة بادر إلى عقد عدة اجتماعات تحضيرية  مع جميع المؤسسات المعنية بغية تحضير إطار قانوني ومؤسساتي يتمثل في الاتفاقية الإطار رقم 2 للتدبير المندمج للموارد المائية التي هي في أطوارها النهائية.

وتناول السيد محمد أمغار رئيس مصلحة الدراسات والتخطيط  بالوكالة الحوض المائي وضعية الموارد المائية بحوض سوس ماسة. في حين استعرضت السيدة نزيهة الشقروني رئيسة قسم التشريع المائي بكتابة الدولة المكلفة بالماء مجال تدبير الملك العام المائي   ودواعي وأهداف مراجعة قانون الماء وأهم مستجداته في إطار مواجهة التحديات التي تعرفها الموارد المائية والتي تتجلى في المياه الغير الاعتيادية المتمثلة في تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه المستعملة والتدبير التشاركي للمياه الجوفية والتطهير السائل والنظام المعلوماتي للماء. وتقوية الإطار المؤسساتي من خلال إحداث مجلس الحوض المائي ودعم وتوضيح اختصاصات المجلس الأعلىى للماء والمناخ ووكالات الأحواض المائية ولجن الأقاليم والعمالات للماء وتوسيع تركيبة هذه المؤسسات .

وعرضت السيدة الشقروني ، كذلك ، تعريف وتكوين الملك العمومي المائي ثم استعمال واستغلال الملك العمومي المائي وحماية الملك العمومي المائي والمحافظة عليه وادارة الماء والمراقبة من خلال شرطة المياه والعقوبات المحددة في السياق .

واشتملت مداخلة النيابة العامة موضوع دور النيابة العامة في حماية الملك العام المائي  ألقاه  السيد ابراهيم وجيك نائب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بأكادير .

وتناول السيد خالد الغزواني رئيس قسم الشؤون القروية بعمالة اشتوكة أيت باها محور الموارد المائية بإقليم اشتوكة آيت باها بين إشكالية الندرة وتحدي المحافظة على المكتسبات حيث يتسم الاقليم بمناخ شبه جاف  إلى شبه صحراوي مع ضعف التساقطات المطرية، حيث تتراوح بين 250 و350 ميليمتر في سنة وعدم انتظامها سواء من سنة إلى أخرى أو خلال نفس السنة، فضلا عن ضعف الموارد المائية السطحية وعدم انتظامها . كما يعد النشاط الفلاحي قطاع استراتيجي بالنسبة للإقليم بحكم اسقاطاته السوسيو اقتصادية ، حيث ساهمت المؤهلات المناخية واليد العاملة المؤهلة، في استقطاب استثمارات جديدة في الميدان الفلاحي، خصوصا في ظل الدعم الكبير للقطاع في إطار مخطط المغرب الأخضر والدعم المخصص لاستعمال الري الموضعي وغيره من التحفيزات ، مع  تمديد المساحات المسقية سواء من خلال ظهور ضيعات جديدة أو إحياء وتهيئة مناطق كانت تزرع سابقا.

معطيات هي إذن تقود نحو ارتفاع طلبات الحصول على امتيازات لاستغلال الملك العام المائي سواء تعلق الأمر بتعميق الآبار القائمة أو إنجاز أثقاب تعويضية، والإقبال على التصريح بنقط جلب الماء في إطار المراسيم الصادرة بتمديد أجل التصريح بنقط جلب الماء.

وهكذا أصبحت المنطقة تشهد ضغط مفرطا على الفرشة المائية التي تعاني أصلا من عجز كبير في الموازنة حيث انتقل العجز من 58 مليون م3 إلى 90 مليون م3 خلال العشر سنوات الأخيرة. وذلك رغم كون المنطقة تحتل موقع الريادة من حيث النجاعة في استعمال الموارد المائية في المجال الفلاحي .

ووعيا بحجم التحديات التي تطرحها إشكالية الموارد المائية بالإقليم، يضيف السيد خالد الغزواني ، تبنت السلطة الإقليمية الانخراط التام للتصدي لكل أشكال الترامي على الملك العام المائي والحرص على التنسيق الوثيق مع المصالح المعنية لضمان النجاعة في التدخلات، وعقد اجتماعات دورية لتقييم الوضعية ودراسة مختلف الإكراهات ثم مراسلة السلطات المحلية من حين لآخر للتأكيد على ضرورة تشديد المراقبة والتصدي لعمليات الحفر غير القانونية.

وخلص السيد الغزواني إلى أن إقليم اشتوكة أيت باها يساهم في حل الإشكالات التنموية للعديد من المناطق بمختلف أقاليم المملكة من خلال توفير فرص للشغل لليد العاملة الوافدة من هذه المناطق (هجرة داخلية من حوالي 40 إقليم نحو اشتوكة أيت باها).ويفرز هذا الوضع تحديات جمة من حيث الاستباقية في مواكبة هذه الديناميكية وتوفير البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة وكذا تحديات التنمية المستدامة. مما يتطلب التعامل مع الإشكالات المطروحة بالإقليم وعلى رأسها ندرة الموارد المائية، وفق مقاربة جديدة تتجاوز النظرة المحلية أو الجهوية لتأخذ بعدا وطنيا في مستوى حجم التحديات السوسيواقتصادية بالمنطقة.

وتخلل الملتقى الدراسي عرض شريط وثائقي يتضمن عدة معطيات طبيعية ومختلف الامكانيات التي تتوفر عليها جهة سوس ماسة درعة ، من حيث المنشئات والموارد المائية وكذا الاجهاد الذي تشكله الانشطة الاقتصادية والزراعية بالمنطقة على المياه الجوفية والسطحية كما أبرز الشريط المجهودات العلمية والمساعي التحسيسية والتدبيرية لوكالة الحوض المائي بجهة سوس ماسة  التي تروم تقليص الهوة بين العرض والطلب وترشيد الاستغلال المفرط وأجرأة  قانون حماية الملك العام المائي فلنتابع :

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!