إدماج النظم الإيكولوجية ضمن التخطيط المدن

محمد التفراوتي17 ديسمبر 2012آخر تحديث :
إدماج النظم الإيكولوجية ضمن التخطيط المدن

cbo-cover

حفظ التنوع البيولوجي يمكن تحسين صحة البشر في المناطق التي تعرف توسعاً مدنياً متزايداً في العالم بحسب تقييم الأمم المتحدة

إدماج النظم الإيكولوجية ضمن التخطيط المدني يؤدي الى منافع إقتصادية ويحد من التدهور البيئي


حيدرآباد (الهند): للتوسع الحضري إنعكاسات كبيرة على التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية إذا ما إستمرت الإتجاهات الحالية، مع تأثيرات غير مباشرة على صحة البشر والتنمية، هذا ما أشار اليه التقييم الجديد الذي أعدته الإتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي التابعة للأمم المتحدة (CBD).

ويفيد هذا التقرير الذي يسلط الضوء على مساهمات أكثر من 121 عالماً، أن أكثر من 60 في المئة من الأراضي التي من المتوقع أن تتحول الى أراض حضرية بحلول العام 2030، لم يتم البناء عليها بعد وهذا يشكل فرصة كبيرة لتحسين الإستدامة في العالم عبر تعزيز الكربون المنخفض والتنمية الحضرية المتّسمة بكفاءة استخدام الموارد والذي يحد من التأثيرات الضارة على التنوع البيولوجي وتحسين نوعية الحياة.

وتمثل نشرة توقعات المدن والتنوع البيولوجي أول تحليل عالمي عن كيفية تأثير أنماط توسع الأراضي الحضرية المتوقعة على التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية الحرجة.

ومن المتوقع أن تتضاعف المنطقة الحضرية في العالم ثلاث مرات بين 2000 و2030، مع تضاعف عدد سكان المدن ليبلغ حوالي 4.9 مليار نسمة في الفترة ذاتها. ويقترب التوسع الحضري من المياه والموارد الطبيعية الأخرى وتستهلك الأراضي الزراعية الأولية.

وقال براوليو فريرا دي سوزا دياز، الأمين التنفيذي للإتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، “إن الطريقة التي صممت بها مدننا وسبل عيش المجتمعات فيها والقرارات السياسية التي اتخذتها السلطات المحلية ترسم الى حد واسع مستقبل الإستدامة في العالم”.

وأضاف قائلاً، “لا يكمن الإبتكار كثيراً في تطوير تكنولوجيات ومنهجيات بنيوية جديدة لكن بالعمل بالذي نملكه بين أيدينا، وغالباً ما تتطلب النتائج موارد إقتصادية أقل وهي أكثر إستدامة”.

ويفيد التقرير الى أن التوسع العمراني يحدث بسرعة كبيرة في المناطق القريبة من “المناطق الساخنة” من ناحية التنوع البيولوجي وفي المناطق الساحلية. وغالباً ما تفتقر المناطق التي تشهد توسعاً مدنياً سريعاً، كالمستوطنات الكبيرة ومتوسطة الحجم في البلدان الأفريقية الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى وفي الهند والصين الى الموارد من أجل تنفيذ التخطيط الحضري.

وقال آشيم شتاينر، وكيل الأمين العام في الأمم المتحدة والمدير التنفيذي في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، “إن أكثر من نصف سكان العالم يعيش اليوم في المدن، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة الى 60 في المئة بحلول العام 2030”.

وتابع قائلاً، “يشكل التقرير برهاناً أنه يجدر بالمعنيين بإدارة المدن والتخطيط الحضري إيلاء أهمية أكبر الى الرصيد الطبيعي الواقع ضمن حدود المدن. إن التطوير الحضري المستدام الذي يدعم النظم الإيكولوجية الثمينة يمثل فرصة مهمة لتحسين الحياة وسبل العيش وتسريع الإنتقال نحو إقتصاد أخضر شامل”.

وتعرف المدن أيضاً بدورها المتزايد في دعم أنواع النباتات والحيوانات والنظم الإيكولوجية المتنوعة، فعلى سبيل المثال، أكثر من 50 في المئة من أنواع النباتات الزهرية في بلجيكا يمكن إيجادها في بروكسل، في حين 65 في المئة من أنواع الطيور تعيش في بولونيا.

وتقوم المساحات الخضراء الحضرية بخدمات كبيرة في مجال النظم الإيكولوجية، وعلى سبيل المثال تنقية الغبار وإمتصاص ثاني أكسيد الكاربون من الهواء وتحسين نوعية الهواء. وتفيد البيانات من المملكة المتحدة الى أن زيادة بنسبة 10 في المئة في الغطاء الحرجي في المدن يساهم في خفض من 3 الى 4 درجات في درجة الحرارة المحيطة، مما يحد بالتالي من الطاقة المستخدمة في تكييف الهواء.

ويقدم التنوع البيولوجي الحضري مناقع كبيرة للصحة وقد أشارت الدراسات الى أن الإقتراب من الشجر يمكن أن يحد من حدوث الربو وأنواع الحساسية. ويحمل التخطيط الحضري المستدام الذي يتطرق الى مسائل التنوع البيولوجي وأولويات أخرى كالتخفيف من وطأة الفقر والعمالة والإسكان تأثيرات إيجابية للصحة والبيئة.

وبحسب البروفيسور توماس إيلمكفيست، من مركز Stockholm Resilience Centre والمحرر العلمي لهذا التقرير “أن المدن تحتاج الى كيفية الحماية وبشكل أفضل التنوع البيولوجي وتحسينه، لأن التنوع البيولوجي يمكن أن يكون له وجودأ في المدن وهو ذات أهمية كبيرة على صحة البشر ورفاهيتهم”.

وتسلط نشرة توقعات المدن والتنوع البيولوجي الضوء على مجموعة واسعة من المبادرات الناجحة التي تقوم بها المدن والسلطات المحلية والحكومات دون الوطنية في البلدان النامية والمتطورة على حد سواء.

ففي بوغوتا، كولومبيا، أدت التدابير كإقفال الطراقات في العطل الأسبوعية وتحسين نظام النقل العام وإنشاء ممرات للدراجات الهوائية الى تزايد نسبة الأنشطة البدنية بين المقيمين والحد من إنبعاثات غازات الدفيئة.

ويقدم التقرير أيضاً تحاليل مفصلة عن إتجاهات التحضر الإقليمي وتأثيرها على التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية.

في آسيا:

تشهد المنطقة في السنوات العشرين المقبلة حوالي نصف إزدياد الأراضي الحضرية في العالم وتحدث التغييرات الكثيفة في الهند والصين.

من المتوقع أن تؤدي المجموعات الحضرية المتزايدة في الهند (كالممر الصناعي مومباي-دلهي) الى تحويل مناطق بأكملها، مما يؤثر بشكل ملحوظ على الموائل والتنوع البيولوجي.

يشكل فقدان الأراضي الزراعية لمصلحة التحضر، والذي يرافقه بتخطيط غير كاف في خطوط التموين الغذائي عقبة حادة أمام الأمن الغذائي المستقبلي للمجتمعات الهندية المتزايدة.

يؤدي التغير في أساليب الحياة في الهند نتيجة التحضر الى التخفيف من الضغوط على الغابات بسبب إستخدام أقل للحطب والفحم.

في الصين، تزحف المناطق الحضرية أكثر فأكثر نحو المناطق المحمية.

في أفريقيا:

ينتشر التوسع المدني في أفريقيا بشكل أسرع من أي قارة أخرى، ويحدث معظم النمو السكاني في المدن التي تضم أقل من مليون نسمة، وغالباً ما تضم هذه المدن هيكليات حوكمة ضعيفة ومستويات فقر عالية وقدرة علمية ضعيفة تتعلق بالتنوع البيولوجي.

مستويات منخفضة من العمالة الرسمية في المدن تزيد من تبعيتها العالية على توفير خدمات النظم الإيكولوجية (وعلى سبيل المثال إنتاج الغذاء والمياه) في المناطق التي تقع ضمن حدود المدن أو قريبة منها.

في أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي:

تضاعف عدد المدن في المنطقة ست مرات خلال السنوات الخمسين الماضية.

يحدث الزحف العمراني نتيجة الإسكان خاصة للمقيمين ذوي الدخل المحدود في المناطق المهمة في تنوعها البيولوجي وفي خدمات النظم الإيكولوجية، كالأراضي الرطبة والسهول الفيضية. وغالباً ما تعتبر هذه المناطق أنها قيمة هامشية من قبل مسؤولي التخطيط العمراني.

في أوروبا وأمريكا الشمالية:

في أوروبا، بلغ مستوى التوسع الحضري 70 الى 80 في المئة وقد جاء النمو العمراني في العقود الأخيرة بشكل توسع في الأراضي الحضرية بدل نمو سكاني.

أظهرت الكثير من المدن الأوروبية والأمريكية إتجاهات في تقلص و/أو تحول في أنماط السكان في أواسط المدن، ترافقها إنسياح نحو الضواحي والمناطق خارج الضواحي.

وتظهر نشرة توقعات المدن والتنوع البيولوجي كيف أن المناطق الحضرية تلعب دوراً مهما ً في تحقيق الأهداف العشرين الرئيسية للتنوع البيولوجي (والتي تعرف بأهداف أيتشي للتنوع البيولوجي) التي وافق عليها أطراف الإتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي في العام 2010.

فعلى سبيل المثال، يساهم ترميم أو تخضير المواقع التي كانت في السابق صناعية أو مواقع مهملة من قبل السلطات الحضرية في دعم الجهود الرامية الى تحقيق الهدف الخامس عشر لهدف أيتشي، الذي يقضي بإستعادة 15 في المئة من النظم الإيكولوجية المتدهورة بحلول العام 2020.

وتساهم المدن المساعدة في منع إنقراض الأنواع المعروفة (هدف أيتشي الثاني عشر) عبر البحث والإستثمار في حدائق الحيوانات وأحواض الأسماك والمتاحف والتي تديرها السلطات الحضرية.

أعدت أمانة الإتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي نشرة توقعات المدن والتنوع البيولوجي بالتعاون مع Stockholm Resilience Centre (SRC) والمجلس الدولي للمبادرات البيئية المحلية (ICLEI). تعمل أمانة الإتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي تحت إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP).

يمكن تنزيل التقرير الكامل (باللغة الإنكليزية) على الصفحة التالية: www.cbd.int/subnational/partners-and-initiatives/cbo.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!