بيليم تسدل الستار على كوب 30: تقدم بطيء… وطموحات كبرى معلقة على هشاشة الالتزام الدولي

محمد التفراوتيمنذ ساعة واحدةآخر تحديث :
بيليم تسدل الستار على كوب 30: تقدم بطيء… وطموحات كبرى معلقة على هشاشة الالتزام الدولي

آفاق بيئية: محمد التفراوتي 

منذ أول مؤتمر مناخي في برلين عام 1995 وصولا إلى بيليم 2025، يبدو أن رحلتنا العالمية لمواجهة تغير المناخ ما تزال تمضي بخطى السلحفاة، بينما تتسارع حرارة الكوكب بخطى الفهد. وفي قلب الأمازون، حيث يتقاطع التاريخ البيئي مع رئة الأرض، اختتم “كوب 30″ بصيغة تجمع بين خيبة الأمل المعتدلة والوعود الطموحة.

رئاسة برازيلية تنحت طريقا جديدا… ولكن بحذر

في كلمتها الختامية، أكدت الوزيرة البرازيلية مارينا سيلفا أن المؤتمر أثبت قدرة المجتمع الدولي على التعاون رغم التوترات والاختلافات. ورفعت “سيلفا” سقف الطموح من خلال الإعلان عن خارطتي طريق استراتيجيتين. هما وقف وعكس مسار إزالة الغابات عالميا. و انتقال عادل ومنظم بعيدا عن الوقود الأحفوري. هذان المساران يطمحان لإعادة وضع العلم في مركز صنع القرار المناخي، في زمن يتراجع فيه الالتزام السياسي أمام ضغوط الاقتصاد والطاقة.

المخرجات الرئيسة: إنجازات مهمة… لكنها دون مستوى الإنقاذ المطلوب

آليات التمويل: بارقة أمل في تمويل الطبيعة

شهد المؤتمر إطلاق آلية تمويل الغابات الاستوائية (TFFF) كأداة مبتكرة تعتمد مبدأ “مكافأة من يحمي الغابات”. وهو تحول مهم نحو مقاربة تعتبر الغابات رأس مال مناخيا يجب الاستثمار فيه.

كما اتفق على مضاعفة تمويل التكيف ثلاث مرات بحلول 2035، خطوة ضرورية لدول الجنوب التي تقف على خط الدفاع الأول في مواجهة الاحترار العالمي.

دعم التنفيذ: سد فجوة الطموح

أعيد تفعيل آلية المسارعة العالمية للتنفيذ، في محاولة لتضييق الهوة بين ما تعد به الدول في وثائق المساهمات الوطنية (NDCs) وما يجري على الأرض. وقدمت 122 دولة خططا منقحة لخفض الانبعاثات بحلول 2035، في إشارة إلى عودة الزخم،  وإن كان خجولا، لمسار التنفيذ.

التكيف: نقطة تحول في القياس والاعتراف

للمرة الأولى، تم اعتماد مجموعة مؤشرات عالمية لقياس التقدم في مجالات التكيف، وهو ما يشكل نقلة نوعية نحو جعل التكيف عنصرا قابلا للتقييم لا مجرد شعار سياسي.

كما اعترف المؤتمر بدور الشعوب الأصلية والمجتمعات التقليدية والمنحدرين من أصول أفريقية باعتبارهم شركاء في صنع القرار المناخي، وليسوا مجرد متضررين أو ضحايا للظواهر المناخية.

التحديات: سقف طموح ما زال منخفضا

رغم ما تحقق، لم تخف الوزيرة “سيلفا”حقيقة أن التقدم يبقى متواضعا أمام هدف حصر ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية. ذلك أن العالم ما يزال بعيدا عن المسار المطلوب، والفجوة بين العلم والسياسة تتسع بدل أن تضيق.

وفي كلماتها الأخيرة، وصفت “سيلفا” استضافة البرازيل للمؤتمر بأنها “رسالة حب للإنسانية وتوازن الكوكب”، لكنها لم تخف قلقها من أن زمن التراخي قد نفد، وأن المرحلة المقبلة تتطلب جرأة سياسية لم تعد رفاهية.

قراءة تحليلية: ما بين الرمزية الأمازونية وضغط الواقع الدولي

يذكر أن اختيار بيليم، بوابة الأمازون، كان رسالة سياسية وبيئية. فالغابة التي تختزن 10 في المائة  من التنوع البيولوجي العالمي أصبحت رمزا للصراع بين النمو الاقتصادي وحماية الكوكب. ومع أن المؤتمر وضع أسسا جديدة في التمويل والتكيف، فإن النظام المناخي العالمي لا يزال رهين إرادات سياسية متباينة ومصالح اقتصادية ضاغطة، في وقت لم يعد فيه المجال يسمح بحلول رمزية أو تعهدات غير ملزمة. التقدم في كوب 30 مهم، لكنه لا يكفي.

فالعالم يدخل مرحلة “القرارات الصعبة”، حيث كل سنة من التأخير تقربنا خطوة نحو نقاط اللاعودة.

كوب 30 محطة مهمة… لكن الطريق إلى كوب 31 أصعب

خرجت بيليم برسالة واضحة. لا يمكن إنقاذ الكوكب بقرارات متواضعة وطموحات مؤجلة. وإذا كانت البرازيل قد قدمت من قلب الأمازون نبضا متجددا للأمل، فإن اختبار الجدية سيظهر في تنفيذ التعهدات خلال السنوات الثلاث المقبلة، وليس في صياغتها فقط.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!