آفاق بيئية : راغدة حداد
راغدة حداد، رئيسة التحرير التنفيذية لـ البيئة والتنمية ، شاركت في جلسة بعنوان صحافيون ساهموا في تغيير العالم خلال مؤتمر الاتحاد العالمي للصحافيين العلميين الذي عقد في الدوحة من 26 الى 29 حزيران (يونيو). وهذه كلمتها خلال الجلسة.
نعم، لقد ساهمت في تغيير العالم، لكنني لست فخورة بذلك. وصلت الى هنا بالطائرة، ركبت سيارة أجرة الى المطار ومنه، أضأت جميع المصابيح في غرفتي بالفندق، استهلكت ماء ساخناً أثناء الاستحمام، تناولت أصنافاً متنوعة من الطعام المطبوخ أثناء الفطور. وفعلت أشياء أخرى كثيرة، تستهلك الطاقة من الوقود الأحفوري وتنتج انبعاثات كربونية تسبب الاحتباس الحراري وتغير المناخ. ان بصمتي الكربونية كبيرة.وإذ أدرك ذلك، أحاول أن أخفف بصمتي بالاقلاع عن العادات المسرفة في إطلاق الانبعاثات الكربونية. ومن خلال عملي في مجلة بيئية، أنشر هذه الرسالة.
سوف أخبركم قصة صغيرة: في العام 2007، لم تحتفل سلطنة عُمان بيوم البيئة العالمي في الخامس من حزيران (يونيو). في ذلك اليوم كانت على موعد مع غونو القاتل، أشرس الأعاصير التي شهدتها شبه الجزيرة العربية. لقد كان غونو تجسيداً حياً لتأثيرات تغير المناخ… ولشعار يوم البيئة العالمي 2007: ذوبان الجليد: موضوع ساخن . هذه كانت بداية موضوع الغلاف الذي كتبته لعدد تموز (يوليو) 2007 من مجلة البيئة والتنمية ، المجلة البيئية الأولى في المنطقة العربية، وهو أحد سلسلة مقالات كتبتها حول تغير المناخ.
المنطقة العربية، التي تضم 22 بلداً، ستتعرض لأقسى تأثيرات تغير المناخ. وهي بدأت فعلاً تعاني هذه التأثيرات، خصوصاً موجات الجفاف والتصحر وخسارة النظم الايكولوجية وتآكل السواحل وابيضاض الشعاب المرجانية. هناك 34 ألف كيلومتر من السواحل العربية، جميعها عرضة لارتفاع مستوى البحار نتيجة ذوبان الجليد وتمدد مياه البحار والمحيطات.
ان ادراك هذه التحديات وما يجب القيام به على مستوى الأفراد والمجتمعات والدول ما زال محدوداً في المنطقة. لذا نركز على مواضيع تغير المناخ في كل عدد من مجلتنا.إن تناول المسائل المتعلقة بتغير المناخ في وسائل الاعلام العربية ما زال محدوداً جداً. فقد خلص استطلاع أجرته البيئة والتنمية الى ان 10% فقط من الصحف العربية لديها صحافي أو محرر للبيئة والتنمية المستدامة. ولدى 10% صفحة أو حيز بيئي أسبوعي منتظم. البيئة والتنمية التي تصدر شهرياً، هي المجلة البيئية الأولى في العالم العربي والمصدر الرئيسي للأخبار البيئية في المنطقة. وبوجود 12 شريكاً اعلامياً في أنحاء الشرق الأوسط، يعاد نشر مقالاتها في صحف طليعية ومناقشتها في برامج تلفزيونية واذاعية.
بعد كتابتي عدة مقالات حول تغير المناخ، أردت الذهاب الى منطقة القطب الشمالي، لأشهد مباشرة على الاحتباس الحراري حيث يتجلى للعيان بأسرع وتيرة، ولأنقل هذه الخبرة الى القراء في أنحاء المنطقة العربية.
وقد حالفني الحظ. ففي صيف 2008، كنت بين 14 صحافياً علمياً تم اختيارهم للانضمام الى بعثة علمية على متن كاسحة الجليد الكندية اموندسن المخصصة للأبحاث. أبحرت طوال أسبوعين في الدائرة القطبية الشمالية، برفقة 50 عالماً من أنحاء العالم. وللأسف، لم يكن بينهم عالم عربي، على رغم أن المنطقة العربية مهددة الى أبعد الحدود.كنت الصحافية العربية الأولى التي تتوغل الى أصقاع القطب الشمالي وتشهد ذوبان الجليد والأبحاث التي يجريها فريق دولي من 50 عالماً على متن كاسحة الجليد.
المقال الذي كتبته كان موضوع الغلاف في عدد أيلول (سبتمبر) 2008 من البيئة والتنمية . وقد أعيد نشر هذا المقال في صحيفة الحياة الدولية، كما تمت ترجمته الى الانكليزية وأعيد نشره في صحيفة الدايلي ستار وعشرات وسائل الاعلام المطبوعة والالكترونية. وأجرت مجلات ومحطات تلفزيونية واذاعية مقابلات معي. وهذا ساعد كثيراً في نقل رسائل الى الجمهور العربي الواسع حول تغير المناخ وكيف يستطيع كل فرد المساهمة في مكافحته وتخفيف تأثيراته. وما زلت اتلقى دعوات لتقديم محاضرات حول تغير المناخ وتجربتي القطبية في جامعات ومدارس.نتيجة هذا المقال، والجمهور الواسع التي تلقى الرسالة، مُنحت جائزة صحافة الأرض عام 2009، التي تسلمتها أثناء انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ في كوبنهاغن. هذه الجائزة كان لها أيضاً أثر جيد في نقل معلومات ورسائل حول تغير المناخ من خلال مقابلات صحافية وتلفزيونية واذاعية متعددة.
الابحار في الدائرة القطبية الشمالية طوال أسبوعين من دون رؤية جليد يذكر كان أمراً لا يصدق. ومهما يكن السبب، فان الاحتباس الحراري حقيقة وذوبان الجليد عملية مستمرة. علينا جميعاً أن نفعل شيئاً، كأفراد ومؤسسات وحكومات ومجتمع دولي. ومهما يكن العامل البشري صغيراً أو كبيراً، علينا الاقلاع عن العادات المسرفة في اطلاق الانبعاثات الكربونية، من خلال تخفيض حرق الوقود واستهلاك الطاقة.
نعم، لقد ساهمت في تغيير العالم، وأنا لست فخورة بذلك. لكنني أحاول أن أحيِّد بَصْمتي الكربونية، عن طريق تخفيض استهلاكي للطاقة، وتركيب سخانة ماء شمسية في منزلي، وزراعة الأشجار والخضار في حديقتي. وأيضاً، من خلال نقل هذه الرسالة الى قرائنا في أنحاء المنطقة العربية، وأبعد.
مرحبا!انا هاجر لقد اعجبتني مقالتكي الرائعة جعلتني بالإضافة إلى مقالات أخرى بهذا الموضوع أتساءل توجد ألف طريقة لتجنب التلوث فلما يستمر الإنسان في ارتكاب الأخطاء و هو يعرف العاقبة و أيضا لما لا يوجد الوعي خاصة لدى الدول العربية بكثره و كذلك من وجهة نظري أن الوعي بالخطر المتربص بنا أو توعية الناس لن تكفي بل يجب تطبيق القانون و تجريم الاخطاء حينها سنختصر الطريق