التحديات المناخية في سوس ماسة: استراتيجيات التكيف وإجراءات المواجهة

محمد التفراوتي10 مايو 2025آخر تحديث :
التحديات المناخية في سوس ماسة: استراتيجيات التكيف وإجراءات المواجهة

خارطة طريق خضراء لسوس ماسة

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

تواجه منطقة سوس ماسة تحديات بيئية خطيرة تهدد توازنها الاقتصادي والاجتماعي، نتيجة للآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تتسارع بشكل غير مسبوق. تشمل هذه التحديات تأثر مصادر المياه، نقص الزراعة المستدامة، وتهديدات على البنية التحتية، ما يتطلب تطوير استراتيجيات شاملة ومرنة للتكيف. فقد أظهرت الدراسات والبحوث أهمية العمل على تعزيز مرونة المنطقة في مواجهة هذه التحديات لضمان مستقبل مستدام لسكانها ومواردها.

خطة التكيف والتنمية القادرة على الصمود أمام التغيرات المناخية بجهة سوس ماسة

وفي هذا السياق نظم يوم 09 ماي الجاري اجتماع دراسة واعتماد خطة التكيف والتنمية القادرة على الصمود أمام التغيرات المناخية بجهة سوس ماسة (PADCR-SM). تحت رئاسة والي جهة سوس ماسة.
تم عرض مشروع المخطط (PADCR)، الذي يدمج الإجراءات المعتمدة للتكيف بالإضافة إلى أوجه التكامل بين القطاعات، وذلك من أجل مناقشة واعتماد المشاريع ذات الأولوية التي سيتم تطويرها في شكل مذكرات تصورية بهدف تقديمها لطلب تمويل من صندوق المناخ الأخضر (FVC).

افتتح السيد الوالي سعيد أمزازي الاجتماع بكلمة حدد من خلالها مرامي المشروع ووجوب استفادة الساكنة من مخرجاته بشكل عملي، مناقشا تفاصيل ومحاور الدراسة، ومبديا مجموعة من الآراء التنقيحية والتوجيهات لتجويد مختلف التصورات التي تم عرضها من قبل كل من السيدين منير تمام وحميد فنزي عن مكتب الدراسات، وذلك بمقاربة علمية وبراغماتية تراعي خصوصية الجهة وحاجياتها.

وتلت كلمة السيد الوالي كلمة رئيس جهة سوس ماسة، الذي عبر بدوره عن وجوب اعتماد المقاربة التواصلية والتحسيسية في الدراسة، كي تستجيب لتطلعات الساكنة وتواكب وعيها، مبرزا أهمية التواصل في تقريب المفاهيم وتعزيز الانخراط الفعلي في مشاريع التكيف.

تعتبر جهة سوس ماسة من بين خمس جهات رائدة تم دعمها في إطار المشروع الوطني “دعم أسس التخطيط والتمويل المستدامين للتكيف في المغرب – الخطة الوطنية للتكيف (PNA)”، إلى جانب جهات مراكش آسفي، بني ملال خنيفرة، درعة تافيلالت والجهة الشرقية. انطلق هذا المشروع سنة 2022، وهو ثمرة مسار بدأ منذ 2017 بشراكة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة – قطاع التنمية المستدامة، وجميع الأطراف المعنية وطنيا وترابيا، ويستفيد من تمويل بقيمة 2,329 مليون دولار من صندوق المناخ الأخضر على مدى ثلاث سنوات.

الهدف من المشروع والتوجهات المستقبلية

يتوافق هذا المشروع مع محاور الخطة الوطنية الاستراتيجية للتكيف (PNSA)، ويهدف إلى إرساء أسس التكيف المستدام مع التغيرات المناخية من خلال تعزيز الحكامة، التوعية، و الوصول إلى المعلومة، وتعبئة التمويلات المبتكرة، وكذا الحد من هشاشة المناطق.

ويشكل الاجتماع تتويجا لمسار تشاركي وشامل لبناء الخطة (PADCR-SM)، الهادفة إلى وضع رؤية موحدة ومتكاملة للتخطيط الجهوي للتكيف، فضلا عن تعزيز الرافعات الأفقية كالحكامة، التوعية، التكوين والتمويل. وتشتمل الخطة على أزيد من 30 إجراء قطاعيا للتكيف، تم تقييمها وترتيبها حسب الأولوية واعتمادها من قبل الأطراف الجهوية المعنية، وفق معايير استراتيجية تتعلق بالحكامة، الفعالية، المنافع البيئية والاجتماعية والاقتصادية، الاستدامة، الصمود والابتكار.

التحديات المناخية في الجهة

وفي هذا الإطار، أفادت السيدة خديجة السامي، المديرة الجهوية للبيئة بجهة سوس ماسة، أن الجهة تواجه تحديات مناخية متزايدة بفعل موقعها الجغرافي بين التأثيرات المحيطية والصحراوية، ومن أبرز هذه التحديات ارتفاع درجات الحرارة، اضطراب التساقطات، ندرة المياه، وتزايد المخاطر التي تهدد الزراعة والبنية التحتية والمناطق الساحلية.

وأكدت أن هذه المعطيات استوجبت وضع خطة جهوية للتكيف والتنمية المناخية المرنة، تم إعدادها بمواكبة وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق المناخ الأخضر، إلى جانب الشركاء المؤسساتيين. وأشارت إلى أن إعداد الخطة اعتمد على منهجية واضحة من ثلاث مراحل أساسية، شملت تقييم المخاطر والهشاشة المناخية، تحليل السياسات والبرامج، تنظيم ورشات تشاورية، وتحديد الأولويات وفق معايير متعددة.

أهمية المشروع على المستوى الوطني والدولي

أفاد السيد جلال المعطى، ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD)، أن مخطط التكيف والتنمية المناخية المقاومة (PADCR-SM) يشكل “ركيزة أساسية لرؤية تنموية جديدة، تنسجم مع النموذج التنموي الوطني، وتستند إلى الخصوصيات الترابية للجهة”. وأشار إلى أن المشروع يعد محطة بارزة في مسار تنزيل المشروع الوطني “دعم أسس التخطيط والتمويل المستدامين للتكيف مع تغير المناخ”، الذي تم إطلاقه سنة 2022 بتمويل من صندوق المناخ الأخضر.

وختم المعطى تصريحه بالتشديد على أن “الاستثمار في التكيف ليس خيارا بل ضرورة تنقذ الأرواح وتبني مجتمعات أكثر صمودا”، داعيا إلى تظافر الجهود من أجل ترجمة الطموحات المناخية إلى نتائج ملموسة.

أزمة المياه في سوس ماسة: من التحدي إلى الحلول المستدامة

من بين أبرز التحديات التي تواجهها منطقة سوس ماسة، يعد نقص المياه الجوفية وارتفاع الضغط على الموارد المائية من المشاكل الأكثر تعقيدا. تعتمد المنطقة بشكل رئيسي على المياه الجوفية، التي شهدت انخفاضا حادا في مستوياته خلال السنوات الماضية. مع تزايد الحاجة الماسة إلى المياه في الزراعة والشرب، أصبح من الضروري تنفيذ حلول مبتكرة لإدارة المياه.

استراتيجيات المياه المستدامة

من أجل الحد من تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية، أظهرت التجارب أهمية تحسين نظم إدارة المياه وتقوية بنيتها التحتية. هذا يتطلب تبني استراتيجيات جديدة لحصاد المياه وتقوية شبكات النقل والتوزيع.

الزراعة تحت المجهر المناخي

القطاع الزراعي في سوس ماسة يشكل حجر الزاوية للاقتصاد المحلي، لكنه يعاني بشدة من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية. لذا، يعد تعزيز الزراعة المقاومة للجفاف ضرورة ملحة، عبر تبني تقنيات حديثة وتعميم استخدام الري الذكي.

وبات تبني الزراعة المستدامة جزء لا يتجزأ من سياسات المنطقة لمواجهة التغيرات المناخية، كما أن الابتكار في تقنيات الزراعة التعاونية سيقوي القطاع الزراعي ويزيد من القدرة على التكيف مع التحديات البيئية.

البنية التحتية: من الهشاشة إلى الصمود

وتعتبر البنية التحتية في سوس ماسة تفي وضع هش أمام تأثيرات التغيرات المناخية، مثل الفيضانات والحرائق. لضمان الاستدامة، لابد من تبني تصاميم بناء مرنة ومبتكرة يمكنها مقاومة مختلف أنواع المخاطر.

من أجل تقديم حلول فعالة، يجب أن تتبنى الحكومة نهجا شاملا يتضمن السياسات البيئية المناسبة، في حين يبقى دور المجتمع المدني محوريا في نشر الوعي وتوفير التدريب للمجتمعات المحلية.

التمويل الدولي: ضرورة حتمية لإنجاح استراتيجيات التكيف

التمويل الدولي يمثل عنصرا أساسيا في تنفيذ مشاريع التكيف المناخي في المنطقة. يشمل ذلك الحصول على تمويلات من المنظمات الدولية والبنوك التنموية.

التوصيات المستقبلية: التكيف المستدام والتعاون الشامل

ويستوجب تبني سياسات مرنة وشاملة للتعامل مع التغيرات المناخية، مع تعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني، مع التركيز على نشر الوعي وتعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!