البروفيسور “والتر ليل”: التكيف المناخي يتطلب بحثا علميا وتعاونا دوليا قويا
آفاق بيئية: محمد التفراوتي
احتضنت مدينة مراكش من 22 إلى 25 أبريل 2025 الاجتماع الثاني لمشروع “الحدائق المتكيفة مع المناخ”، بمشاركة خبراء من المغرب وكندا وبنين وألمانيا. ناقش المشاركون سبل التكيف مع التغيرات المناخية في الزراعة، وأبرزوا أهمية التعاونيات المحلية والنماذج البيئية المستدامة. شهد اللقاء عرض تجارب ميدانية من أزيلال، حيث تم التركيز على استغلال الموارد الغابوية غير الخشبية، وخاصة النباتات الطبية والعطرية، ودور التعاونيات في تعزيز سبل العيش. كما تم تقديم دراسة حول قدرة الغابات على امتصاص الكربون وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050. أوصى الخبراء بتعزيز البحث العلمي، ودعم المبادرات المحلية، ووضع استراتيجيات تدمج بين التنمية الزراعية وحماية البيئة، مع أهمية تبادل الخبرات بين دول الشمال والجنوب. وعلى هامش هذا اللقاء، أجرى محمد التفراوتي مقابلة مع الدكتور والتر ليل وهو أستاذ التنمية المستدامة وإدارة تغير المناخ بجامعة هامبورغ للعلوم التطبيقية بألمانيا، وأستاذ زائر بجامعة “مانشستر متروبوليتان” بالمملكة المتحدة. يشغل منصب رئيس مركز البحوث والنقل “التنمية المستدامة وإدارة تغير المناخ”، كما يترأس عددا من المبادرات الدولية الرائدة، من بينها برنامج الأبحاث بين الجامعات للتنمية المستدامة، وبرنامج المعلومات والأبحاث الدولية حول تغير المناخ.
له إسهامات علمية غزيرة بصفته محررا لسلسلتي “الاستدامة العالمية” و”إدارة تغير المناخ” الصادرتين عن دار “سبرينغر”. ويعد من أبرز الخبراء العالميين في ربط البحث الأكاديمي بالتنمية المستدامة والعمل المناخي.
التنمية المستدامة والتكيف المناخي رهينة البحث والتعاون الدولي
سؤال: كيف ترون التحديات المناخية الحالية في علاقة مع التنمية الزراعية المستدامة؟
البروفيسور والتر ليل: التغيرات المناخية اليوم تمثل تحديا وجوديا، خصوصا للقطاعات التي تعتمد مباشرة على الموارد الطبيعية، مثل الزراعة. نحن نشهد اضطرابات في أنماط هطول الأمطار، ارتفاع درجات الحرارة، وتزايد الظواهر المناخية المتطرفة، وكلها تؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي. لهذا، فإن تبني نماذج زراعية مستدامة ومتأقلمة مع المناخ لم يعد خيارا، بل ضرورة.
سؤال: ما أهمية المبادرات المحلية، مثل التعاونيات التي تعمل على تثمين النباتات العطرية والطبية؟
هذه المبادرات تمثل نموذجا مثاليا للتنمية المستدامة على المستوى المحلي. التعاونيات الزراعية، خصوصا تلك التي تشتغل في مجالات النباتات غير الخشبية، لها دور مزدوج: من جهة، تساهم في تحسين دخل السكان، خاصة في المناطق القروية، ومن جهة أخرى، تتيح الحفاظ على الموارد البيئية المحلية من خلال الاستغلال العقلاني والمتجدد.
سؤال: ما دور البحث العلمي في مواجهة هذه التحديات؟
البحث العلمي عنصر محوري. لا يمكننا تطوير حلول حقيقية وفعالة بدون قاعدة علمية متينة. نحتاج إلى دعم البحث الميداني، تعزيز الابتكار، والربط بين الجامعات والمجتمع. لذلك، نحن نركز في برامجنا على الشراكات بين المؤسسات الأكاديمية من الشمال والجنوب لتبادل المعرفة والتجارب.
سؤال: هل يمكن للجنوب أن يقود نماذج ناجحة في التكيف المناخي؟
بالتأكيد. هناك أمثلة كثيرة على مبادرات ناجحة في إفريقيا، أمريكا اللاتينية، وآسيا. المهم هو التمكين المحلي، بناء القدرات، وخلق شبكات تعاون دولية. الجنوب لديه من الموارد البشرية والطبيعية ما يؤهله للعب دور ريادي، إذا توفر الدعم المؤسسي والسياسات المناسبة.
سؤال: ما توصياتكم من خلال هذا اللقاء بمراكش؟
أوصي بالتركيز على الربط بين المعرفة والممارسة، أي ألا تبقى نتائج البحث العلمي حبيسة المختبرات، بل تتحول إلى سياسات وبرامج عملية. كما أشدد على ضرورة تمويل مبادرات المجتمعات المحلية، وتعزيز دور الشباب والنساء في مشاريع التكيف المناخي، دون أن نغفل أهمية إصلاح الأطر القانونية لتواكب التحديات البيئية الجديدة.