آفاق بيئية: محمد التفراوتي
تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، شهد الشيخ نهيان مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس أمناء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، يوم الأربعاء 16 أبريل 2025، حفل تكريم الفائزين بالجائزة في دورتها السابعة عشرة، بحضور الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، الممثل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما حضر حفل الافتتاح أكثر من 10 وزراء ووكلاء وزارة من الدول المنتجة للتمور، ومديرو ورؤساء منظمات إقليمية ودولية، إلى جانب 52 سفيرا، منهم 34 من السلك الأجنبي و18 من السلك العربي، بالإضافة إلى الفائزين والمكرمين، وعدد كبير من المختصين والمهتمين بزراعة النخيل وإنتاج التمور والابتكار الزراعي.
نفخر ونعتز بإنجازات الجائزة
في كلمته، ثمن الشيخ نهيان مبارك آل نهيان اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة بالتنمية الزراعية بشكل عام، وبنخيل التمر بشكل خاص، مؤكدا أن عهده رسخ مكانة النخلة كرمز للخير والازدهار، وشاهدة على منجزات الوطن.
وتوجه الشيخ نهيان بالشكر إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، على رعايته وحرصه على أن تكون هذه الجائزة العالمية تعبيرا صادقا عن اهتمام الدولة، قيادة وشعبا، بالنهضة الزراعية، والتزامها بالريادة في الابتكار الزراعي. وعبر عن فخره بانتماء الجائزة لمؤسسة إرث زايد للعطاء الإنساني، تحت مظلة ديوان الرئاسة، بما يستحضر الإرث الكبير للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أسس نهضة زراعية شاملة، وجعل من النخيل محورا للتنمية الزراعية المستدامة في الدولة.
شخصية السنة
و أعلن الشيخ نهيان مبارك آل نهيان اختيار الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، “شخصية العام 2025” لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، تقديرا لدوره في دعم وتطوير قطاع النخيل. كما كرمت عدة شخصيات وطنية ودولية بارزة أسهمت في خدمة هذا القطاع.
تكريم الفائزين بالجائزة الدولية
جرى تكريم الفائزين في الدورة السابعة عشرة، وتوزيع الجوائز على الفئات المختلفة. وحاز جائزة فئة البحوث والتكنولوجيا الحديثة مناصفة كل من د. عبد القادر جغلي (أستراليا) ود. خالد حزوري (الإمارات). في حين حصلا على جائزة فئة المشاريع التنموية والإنتاجية، مناصفة كل من شركة إيدن (الإمارات) ود. نواف الهاجري (الكويت). أما جائزة فئة الابتكار الزراعي فنالتها شركة Spotta (المملكة المتحدة). وفاز كل من خميس القبيسي (الإمارات) والمهندس القدري بن محمد (تونس).
بجائزة فئة الإنتاج والتصنيع والتسويق. ونال كل من د. غلام مرخند (باكستان) ود. شريف الشرباصي (مصر) بجائزة فئة الشخصية المتميزة.
الاتحاد الدولي لمكافحة سوسة النخيل الحمراء
واعلن الشيخ نهيان مبارك آل نهيان عن إطلاق “الاتحاد الدولي لمكافحة سوسة النخيل الحمراء”، بدعمٍ من مكتب الشؤون الدولية، بديوان الرئاسة، بالتعاون مع مؤسسة “جيتس” العالمية، وبتعاونٍ وثيق، بين المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، وجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، وبالتعاون كذلك، مع المركز الدولي للزراعة الملحية، جامعة الإمارات العربية المتحدة، هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، ويمثل هذا الاتحاد، استجابة مواتية، لتوصيات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP28، يساهم في تعزيز القيمة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لنخيل التمر، بالإضافة إلى تقديم حلول صديقة للبيئة، تسهم في تحقيق التنمية المستدامة في العالم.
التمور رافعة استراتيجية للتنمية في العالم العربي
وقدم السيد شو دونيو المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) كلمة بالمناسبة تلاها نيابة عنه نائبه السيد عبد الحكيم الواعر، معتبرا نخيل التمر ركيزة استراتيجية لتنمية الاقتصادات المحلية وتعزيز الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا.
وأكد أن الدول العربية تعد المنتج الرئيسي عالميا للتمور، إذ تسهم بما يقرب من ثلثي العرض العالمي، رغم أن الجزء الأكبر من الإنتاج يستهلك محليا. غير أن الإمكانيات التصديرية لا تزال كبيرة، خصوصا مع تحقيق معدل نمو سنوي في الصادرات بلغ نحو 10% خلال العقد الماضي.
وأوضح المسؤول الأممي أن قطاع التمور يتمتع بأبعاد متعددة، تتجاوز البُعد الاقتصادي، لتشمل القيم الثقافية، والأهمية الغذائية، والدور البيئي في المناطق الجافة وشبه الجافة. ولفت إلى قدرة النخيل على التكيف مع الظروف المناخية الصعبة، ومساهمته في تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة عبر امتصاص الكربون، فضلاً عن تهيئة بيئة مناسبة لنمو نباتات أخرى في الواحات.
كما شدد على الدور المحوري الذي تلعبه النساء في هذا القطاع، سواء في عمليات الجني والفرز في الحقول التقليدية أو في مصانع التحويل والتعبئة، مؤكدا على البعد الاجتماعي للتمور كمصدر للدخل وخلق فرص العمل، خاصة في المجتمعات القروية.
التحولات والتحديات
و أبرز التحول الملحوظ في الزراعة النخيلية خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفعت مساحة الأراضي المزروعة وزاد حجم الإنتاج بنسبة 23% في شمال إفريقيا خلال عقد واحد فقط، مدعوما بالتوسع الزراعي والتكنولوجيا. كما تضاعف حجم الصادرات تقريبا في نفس الفترة.
ورغم هذا النمو، يواجه القطاع تحديات جسيمة، منها ضعف الإنتاجية في بعض الدول، التفاوت الكبير في الغلة (من 2 إلى 37 طن/الهكتار)، إضافة إلى تأثيرات التغير المناخي، وتراجع الموارد المائية، وظهور أمراض وآفات، وانخفاض جودة ما بعد الجني، إلى جانب عدم تجديد الأصناف بشكل كاف، خاصة لدى صغار المزارعين.
وأشار نائب المدير العام للفاو إلى أن السياسات غير الملائمة، وضعف التنسيق بين مؤسسات البحث العلمي، والممارسات الزراعية غير المستدامة، تمثل عوائق أخرى تحد من التطور المنشود لهذا القطاع الحيوي.
ابتكار وتقنيات من أجل المستقبل
ورغم هذه التحديات، أكد المسؤول الأممي وجود أفق واعد للتمور في ظل التحول نحو الابتكار. وشدد على ضرورة توظيف المعارف الفلاحية التقليدية ودمجها بالتكنولوجيا الحديثة، بما يشمل الذكاء الاصطناعي، الزراعة الذكية مناخيا، الصور الفضائية، التطبيقات الرقمية، التعبئة الذكية، والتجارة الإلكترونية.
وأعلن عن ثلاث مبادرات رئيسية تقترحها الفاو لدعم هذا التوجه من قبيل لوحة رقمية تفاعلية (GIS Atlas) خاصة بالتمور، توفر بيانات آنية ودقيقة عن الإنتاج والتجارة وتدعم اتخاذ القرار. و أكاديمية إقليمية لتأهيل القيادات في إدارة نظم الأغذية، مع مسار خاص لإدارة قطاع التمور باستخدام أدوات رقمية متقدمة. ثم برنامج إقليمي لتحليل وتحسين سلسلة القيمة في قطاع التمور، يستند إلى دراسة أنجزتها المنظمة سنة 2023 وتنتظر تنفيذ توصياتها. وفي ختام كلمته، أكد نائب المدير العام التزام الفاو بمواصلة دعم قطاع نخيل التمر من خلال تعزيز التعاون مع وكالات الأمم المتحدة، والمؤسسات البحثية، والقطاعين العام والخاص، بهدف تحقيق التنمية المستدامة والابتكار في سلسلة القيمة الزراعية.
إنجازات الجائزة
تم عرض فيلم وثائقي يوثق مسيرة الجائزة منذ تأسيسها عام 2007، وما حققته من مبادرات ومشاريع تنموية بدعم وتوجيهات القيادة الرشيدة.
توقيع 9 مذكرات تفاهم
شهد الحفل توقيع 9 مذكرات تفاهم مع وزارات الزراعة ومنظمات إقليمية ودولية، لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات، وتنظيم مهرجانات للتمور في الأردن، باكستان، إثيوبيا، موريتانيا، ومعارض في أبوظبي، إضافة إلى مذكرتين مع الصندوق الدولي لتنوع المحاصيل لتسجيل صنف تمر “المجهول” ضمن قائمة التراث غير المادي لليونسكو، وتنظيم المؤتمر الدولي الثامن لنخيل التمر 2026.
إطلاق 7 كتب علمية
وأعلن عن مراسم إطلاق 7 كتب جديدة ضمن منشورات الجائزة، بحضور المؤلفين، همت
كتاب “زراعة نخيل التمر” (عربي وإنجليزي) و “قاموس مصطلحات التقانة الحيوية” بالتعاون مع الفاو. و “نخيل التمر في المكسيك” (بالإسبانية) و “صنف المجهول درة التمور” (بالإندونيسية) وكذا “الصناعات الغذائية من التمور” (بالعربية) ثم “الزراعة العضوية” (بالإنجليزية).
يشار أن مؤسسة إرث زايد الإنساني تأسست في نوفمبر 2024 بموجب مرسوم اتحادي، لترسيخ جهود دولة الإمارات في العمل الخيري والإنساني على المستوى العالمي، وتحقيق استدامة مبادراتها في العطاء، وتحمل إرث المغفور له الشيخ زايد في خدمة الإنسان.