“فاو” وفرنسا تحثّان على إدراج الزراعة في جدول أعمال المداوات العالمية حول تغيّر المناخ
مطلوب سياسات واستثمارات أكثر استهدافاً لمواءمة الزراعة مع تأثيرات التغيّر المناخي
آفاق بيئية : روما
أكد كلا المدير العام لمنظمة “فاو” جوزيه غرازيانو دا سيلفا، ووزير الزراعة الفرنسي ستيفان لو فُلّ أن جميع البلدان ينبغي أن تسعى إلى ضمان اتفاق طموح تصدياً لتغيّر المناخ، ولوضع الأمن الغذائي والزراعة في صلب النقاشات الجارية حول هذه القضية؛ وحذّرا من أن الإخفاق في ذلك من شأنه أن يقوّض التقدم الذي أحرز مؤخراً في مناهضة الجوع على الصعيد العالمي.
وتأتي مناشدة جوزيه غرازيانو دا سيلفا وستيفان لو فُلّ توطئة لمؤتمر 7-8 ديسمبر/كانون الأول الذي تعقده الأمم المتحدة حول تغير المناخ (COP21) في العاصمة الفرنسية، وذلك خلال فعالية جانبية على هامش أعمال لجنة الأمن الغذائي العالمي (CFS) المجتمعة في روما هذا الأسبوع.
وأشاد المدير العام للمنظمة بمصادقة المجتمع الدولي مؤخراً على جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة، الذي يشمل القضاء على الجوع والفقر المدقع كأحد أهدافه الرئيسية. مع ذلك، شدد على أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب “نقلة نوعية” نحو نظم للزراعة والغذاء أعلى إنتاجية وشمولية، وأكثر تواؤماً مع تغير المناخ.
وأضاف، “يمكننا القضاء على الفقر المدقع والجوع بحلول عام 2030، ونعلم أن لدينا الأدوات لذلك، لكننا ندرك أيضاً أن تغير المناخ يهدد بعرقلة ما نبذله من جهود… إذ أنه يؤثر سلبياً بالفعل على الأمن الغذائي بل ويجعل من القضاء على الجوع مهمة أشد صعوبة وأصعب مراساً مما هي الآن”.
وأوضح غرازيانو دا سيلفا، بالقول “نحن نعتقد أن الزراعة بمعناها الواسع- بما في ذلك الغابات، ومصايد الأسماك، وتربية الأحياء المائية- يمكن ويجب أن تلعب دوراً محورياً في التصدي لتغير المناخ وللتكيف مع آثاره، مثل ندرة المياه وملوحة التربة أو تزايد الآفات والأمراض النباتية والحيوانية”.
ومن جانبه، قال وزير الزراعة الفرنسي لو فُلّ، أن كل رجل وامرأة على وجه الأرض سيتحملون العواقب، “إن لم يتوصل زعماء العالم إلى اتفاق على أهداف فعلية وملموسة”، للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأشار إلى أن الزراعة كثيراً ما يُنظر إليها كمشكلة لدورها في إطلاق انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، داعياً إلى ضرورة إحراز تقدم في التقنيات التي “تسمح لنا بأن نكون أكثر اقتصاداً، وأقل استهلاكاً للطاقة”.
ومضى قائلاً “إن أي شخص ينظر في الزراعة لا يمكنه أن يتناول مُشكِلها بالتدابير العلمية وحدها… لأن التكنولوجيا يجب أن تساير الجانب الاجتماعي”، مضيفاً “ونحن بحاجة إلى إعادة النظر في نماذجنا الزراعية بغية التكيف مع كل نظام ايكولوجي على حدة، وثمة حاجة إلى ثورة للانتقال إلى تطبيق الآليات الطبيعية لفائدة الإنتاج”.
تغير المناخ أشد إضراراً بالفقراء
ولاحظ غرازيانو دا سيلفا كيف أن الفئات الأشد فقراً وضعفاً في العالم- نحو 80 في المائة منهم يعيشون في المناطق الريفية- هي الأكثر تضرراً بفعل الآثار السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري بما في ذلك الجفاف والفيضانات.
وشدد الرئيس التنفيذي لمنظمة “فاو” على أن أولئك السكان من المزارعين الأسريين، والرعاة، وصيادي الأسماك، ومجتمعات الغابات يعتمدون جميعاً على الموارد الطبيعية أساساً وهم أول من يعاني بسبب الصدمات الناجمة عن الطقس، “بينما هم الأقل مسؤولية عن تغيّر المناخ ولا يسعنا أن نتركهم يتحمّلون تكاليف التكيّف والتواؤم مع التغير المناخي”.
ودعا إلى وضع سياسات وإلى رصد مزيد من الاستثمارات الهادفة إلى مواءمة الزراعة مع آثار تغير المناخ، بما في ذلك الحد من إزالة الغابات ووقف الصيد الجائر، وتحسين خصوبة التربة، وخفض الانبعاثات الغازية الضارة.
وقال غرازيانو دا سيلفا أن “فاو” مستعدة لمساعدة البلدان من خلال أنشطة الزراعة الايكولوجية، والزراعة “الذكية مناخياً” في عمليات الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، والإدارة المستدامة للأراضي، وترميم مناطق الغابات والأراضي الطبيعية.
كذلك، تحدّث في الفعالية الموازية على هامش أعمال لجنة الأمن الغذائي العالمي، التي نظِّمت شراكةً بين “فاو” وفرنسا والمغرب، السيد محمد الكروج المدير العام لوكالة المغرب للتنمية الفلاحية (ADA)، والذي أطلع المشاركين على الدروس المستفادة من تجربة بلاده في إطار مخطط “المغرب الأخضر”.
ومن بين المتحدثين الآخرين شدّد مُقرر الأمم المتحدة الخاص للحق في الغذاء، هلال إلفير، على الجوانب الإنسانية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف له؛ ولابوديني أتوغا، مفوض الزراعة والبيئة والموارد المائية لدى الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، الذي أكد على التزام الهيئة الإقليمية بالتصدي لتحديات الأمن الغذائي وتغير المناخ.