التنمية المستدامة بالمغرب من ريو 92 إلى ريو + 20

محمد التفراوتي17 ديسمبر 2012آخر تحديث :
التنمية المستدامة بالمغرب من ريو 92 إلى ريو + 20

المنجزات و المعيقات و الأفاق

النادي المغربي للبيئة و التنمية في ملتقى

علمي حول مؤتمر قمة الارض ريو+20

آفاق بيئية : محمد التفراوتي

 يستعد المجتمع الدولي لتنظيم المؤتمر الدولي حول التنمية المستدامة في يونيو 2012 المقبل ( ريو + 20). وفي أفق التحضير لهذا المؤتمر الحاشد  على المستويين الدولي و  الوطني وبغية تقديم ما تحقق من منجزات و مبادرات أساسية،  و ما سجل من معيقات على مستوى التنمية المستدامة بالمغرب في العشريات الأربع الأخيرة بادر النادي المغربي للبيئة و التنمية إلى تنظيم ملتقى علمي وتشاوري  حول موضوع التنمية المستدامة بالمغرب من ريو 92 إلى ريو + 20:المنجزات و المعيقات و الأفاق.

تناول الأستاذ محمد فتوحي، رئيس النادي المغربي للبيئة والتنمية (CMED ) خلال الجلسة الافتتاحية سياق مبادرة النادي  للتحضير لريو+ 20، وكذا مفهوم الاقتصاد الأخضر في سياق الحفاظ على البيئة ومحاربة أشكال الهشاشة والفقر و تحقيق التنمية المستدامة ، مذكرا بضرورة تقييم مدى التقدم  المحرز في مجال التنمية المستدامة على مستوى الدول والمجتمعات المحلية .

وأوضح الاستاذ الفتوحي أن دواعي انخراط النادي ومواكبته لحدث المؤتمر الدولي ريو+20 يندرج ضمن انشغالاته وتتبعه لمجمل التزامات المغرب السياسية وكذا منجزاته القطاعية في هذا المسار دولة ومجتمعا مدنيا منذ مؤتمر ريو1992 .حيث سيشكل مؤتمر قمة الارض ريو+20  مناسبة جديدة لتقييم مفهوم التنمية المستدامة مجددا، وأين تتموقع الأمم المتحدة ومختلف الفاعلين الدوليين، ومنظمات المجتمع المدني سياسيا إزاء رؤى وتصورات تطرح بإلحاح إعادة النظر في المفاهيم الاقتصادية المهيمنة حتى الآن، والتي جعلتها الأزمات الاقتصادية المتتالية عرضة للنقد والمعارضة أكثر من أي وقت مضى.

ومن المتوقع أن يشهد المؤتمر في موضوع الاقتصاد الأخضر، يضيف الاستاذ الفتوحي ، جدالا حادا من جهة،بين أنصار السوق الحرة الخضراء (Green business) المدعومين من الشركات المتعددة الجنسيات والداعين إلى الزيادة في إنتاج الثروة وإحلال التكنولوجية الخضراء ومناصب الشغل الخضراء( في إطار ما يسمى بالخطة الخضراء الجديد( Green new deal)  تدريجيا محل التكنلوجية الملوثة والرافضين لأية دعوة للحد من النمو وتوزيع السلطة والثروة، ومن جهة أخرى، أنصار حق الشعوب في البقاء والعيش الكريم المدعومين بمنظمات المجتمع المدني والداعين إلى ترشيد استغلال الثروة وإعادة النظر في المفاهيم الكلاسيكية اللا أخلاقية  للتنمية الاقتصادية غير المحدودة، وتحقيق العدالة في توزيع الريع والثروات علي مختلف الشعوب بشكل لا يهدد استمرار الحياة على الكوكب.

وأكد السيد نائب عميد كلية علوم التربية، الأستاذ علال بلعزمية، على دور الجامعة و الباحثين في  معالجة قضايا التنمية المستدامة و الاقتصاد الأخضر فضلا عن مشاركة مختلف الأطراف الفاعلة المعنية من إدارات و جمعيات و إعلاميين و خبراء و باحثين في تناول مثل هذه القضايا الراهنة،التي ستعطي للموضوع دفعة جديدة.

وقارب الأستاذ محجوب الهيبة، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان ، موضوع المغرب من ريو 92 إلى ريو + 20 من زاوية حقوق الإنسان، حيث أبرز أن تطور مفهوم التنمية المستدامة مر عبر مسار طويل منذ مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة ( ستوكهولم 1972)، مرورا من قمة الأرض ( ريو 1992 بالبرازيل) إلى مؤتمر جوهنسبورغ حول التنمية 2002.

و ركز السيد الهيبة كذلك على ضرورة تعميق التفكير قصد إيجاد مقاربات جديدة وكذا إشراك جميع الأطراف المعنية (Parties prenantes). مستعرضا المقاربات المراد اعتمادها  والمرتكزة على مبدإ  تعزيز دور المجتمع المدني و اعتماد الديمقراطية التشاركية عوض الديمقراطية التمثيلية ثم تبني نهج تفكير قانوني جديد بغية إبرام عقد طبيعي(Contrat naturel )  عوض العقد الاجتماعي القديم (Contrat social )، مع إمكانية تناول مفهوم  الاقتصاد الأخضر كمدخل  لإعادة العلاقة بين الطبيعة و الإنسان .و الربط بين الحق و الواجب/ المسؤولية لتطوير مفهوم الديمقراطية التشاركية مع دعم سبل الالتقائية بين الجامعة و منظمات المجتمع المدني.

و حدد الأستاذ الهيبة مجموعة من الخصائص تميز تناول المشاكل البيئية من منظور التنمية المستدامة، و حصرها في ستة مؤشرات تتمثل في  المشاكل خفية ، والتي هي صعبة التوقع، وغير القابلة للتجزئة، والتي تعاني من نقص على مستوى الحكامة، ومن عجز التحقيق إلى عجز على مستوى تنفيذ القرارات،  ثم التي تستلزم ضرورة تجاوز الإقناع إلى درجة الإقتناع.

ومن جهته تناول السيد عبد الكبير المدغري العلوي مستشار البيئة والتنمية برنامج الأمم المتحدة بالرباط  محور مسلسل التحضير لريو+20 و السياق العام لهذا التحضير و التوجهات المميزة لعالم اليوم، مثيرا أهم التحديات البيئية القائمة داعيا إلى دعم مسلسل التنمية المستدامة.   وذلك أمام الضغط الديموغرافي المتفاقم خاصة في البلدان النامية، وما يشهده كوكبنا الأرضي من تغيرات هائلة وكوارث تقدر نتائجها الجسيمة بالمليارات، و ما يعاني منه من آفات خطيرة كانتشار الفقر و المجاعات في العديد من بقاع المعمور، و ذلك في زمان الاقتصاد الليبرالي و و الثورة التكنولوجية..

و استعرض الاستاذ عبد الكبير المدغري العلوي الاتجاه العالمي الحالي المتسم بالتحول على مستوى التوازن الجيوسياسي، و بروز حركات ديموقراطية تروم الحرية و المساواة و الانصاف ( الربيع العربي )، وتجلي نزعة تتطلع إلى اعتماد بدائل تنموية جديدة تقوم على أساس دعم التواصل التشاركي، و وضع محاربة الفقر في صلب التنمية المستدامة، و تبني معايير ناجعة لقياس الاستدامة الاجتماعية و دعم إرساء حكامة فعلية و فعالة و مرنة قصد الاستجابة لحاجيات التنمية المستدامة.

ووقف الأستاذ عبد الكبير المدغري العلوي على ضرورة رفع التحديات للاستفادة من دروس ريو 92  على المستويين الشامل و المحلي واعتماد مقاربات تنموية منصفة تراعي التقليص من الفقر، و خلق فرص  الشغل، و دعم الفرص بالنسبة للنساء و الشباب وكذا حماية الأنظمة الإيكولوجية الحرجة من أجل ضمان مستقبل بيئي سليم ثم ولوج الجميع إلى الطاقات المستدامة وتعبئة جميع مكونات المجتمع و احترام الالتزامات.

السياسة البيئية بالمغرب منذ ريو 92 ،  محور عالجه بالتحليل الاستاذ رشيد فيرادي، عن كتابة الدولة في الماء والبيئة – قطاع البيئة، ليتحدث عن الحكامة البيئية بالمغرب القائمة على أساس التشارك بين مختلف الفاعلين من قطاع البيئة و الجماعات المحلية و الفاعلين الاقتصاديين و جمعيات المجتمع المدني ،  مبرزا جهود المغرب المبذولة على المستوى التشريعي ومستعرضا مختلف مراحل تطور القانون البيئي الوطني إلى حدود2009. كما أبرز انشغال المغرب القوي و المتزايد بالانفتاح على التحديات البيئية  في محيطه الجهوي و العالمي، و ذلك من خلال توقيعه على العديد من المعاهدات و الاتفاقيات، معززا بذلك انخراط المملكة على مستوى القانون الدولي للبيئة.

ولخص الأستاذ رشيد فيرادي مختلف الأدوات المعتمدة في تعزيز القدرات الوطنية التي تعتبر الرافعة الأساسية للسياسة البيئية بالمغرب، في مجال التعاون الدولي والمرصد الوطني للبيئة و التحسيس و التواصل و الإعلام ودعم الجمعيات ثم التشارك مع القطاع العام و القطاع الخاص .

وعبر الاستاذ رشيد فيرادي عن كون الرأسمال الإيكولوجي في المغرب يظل مهددا بفعل النمو الاقتصادي و الضغط الديموغرافي.

حيث انتقل المغرب من مستوى التحسيس إلى مستوى العمل باعتماده لمقاربات متعددة الجوانب تهم المقاربة الترابية وهي توقيع اتفاقيات إطار مع الجهات الستة عشر. ثم المقاربة التشاركية بين مختلف الأطراف المعنية والمقاربة البرنامجية كالبرنامج الوطني للنفايات المنزلية و ما يشابهها.ذلك أن هذه المقاربات تتم في إطار وطني مساعد يتمثل في الميثاق الوطني، استراتيجية التنمية تدمج البعد البيئي ، و مكتسبات مهمة كاللجنة الوطنية و اللجان الإقليمية.

أما محور البعد الاجتماعي للتنمية المستديمة فتناول من خلاله الأستاذ محمد عياد ، باحث في علم الاجتماع، مجال التعامل مع البيئة كشأن قديم، مقابل وعي بيئي جاء متأخر بعد الحرب العالمية الثانية نظرا لاستمرار الاستغلال الجائر للطبيعة و ما ينتج عن ذلك من اختلال خطير في التوازن البيئي. مشيرا إلى أن الدول الصناعية المتقدمة هي المسؤولة عن تلوث البيئة العالمية، و لا زالت تلوث. و ميز الأستاذ عياد بين الدول المتقدمة التي تتحكم في تلوث بيئتها الخاصة، إذ هناك نوعا من التطابق بين الحراك و المردودية، بينما نجد في المقابل الدول النامية التي تعاني من اختلال التوازن و من عدم القدرة على تحقيق هذا التطابق.

و بالنسبة للمغرب، أوضح الأستاذ عياد أن دخول نمط الاقتصاد العصري منذ الفترة الاستعمارية، أفضى إلى خلخلة البنيات الاقتصادية و الاجتماعية، مما تسبب في خلق نوع من الهشاشة، و أدى إلى ترييف المدن، و تفاقم العمران العشوائي،  و تعقيد تدبير النفايات، و كذا إلى تنامي مشكل التصحر و تدهور الغطاء النباتي. و حاليا، تفاقمت التحديات البيئية حتى في بعض الميادين الخاضعة لنظام التدبير المفوض كالتدبير المفوض للنفايات في المدن الكبرى ، مما يطرح ضرورة  مواكبة مثل هذه المشاريع.  و خلص الأستاذ عياد إلى أن الهشاشة ناتجة عن عدم النضج الحداثي، أي النضج الديمقراطي ، معتبرا المقاربات المعتمدة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مثلا ، في سياق محاربة الفقر، مجرد مسكنات لا تتعمق في البحث عن الأسباب، و يظل مفعولها محليا؛ حاثا على  ضرورة التركيز على الاقتصاد الاجتماعي الذي يشكل رافعة التنمية عوض الاقتصار على مقاربات مسكنة، بحيث يجب البحث عن مقاربات جديدة من قبيل تأسيس صندوق وطني للجمعيات و ضرورة إنجاز حصيلة نقدية من أجل التغيير..

وقدمت الاستاذة مريم حوزير مستشارة التنمية المستدامة، بمؤسسةّ Allia dev). ّ) خلال مداخلتها حول التواصل الايجابي من أجل تعبئة الفاعلين في هيئات المجتمع المدني مشروعا تواصليا يروم تعبئة الأجيال و دعم مسيرتها نحو التنمية المستدامة. مبينة أهدافه و وسائله و منهجية العمل المعتمدة لتعبئة الفاعلين، و تحليل التحديات، و حثهم على الالتزام و تسهيل التبادل و التواصل الإيجابي بين الأطراف الفاعلة في مجال التنمية المستدامة.

و أبرزت الأستاذة حوزير التباين الحاصل على مستوى إدارة قطاع البيئة في البلدان المتقدمة مقارنة مع البلدان النامية  أي إذا كانت إدارة البيئة نسبيا قديمة في دول العالم المتقدم فإنها تظل حديثة العهد و تجريبية في دول العالم النامي. و إذا كانت وزارات البيئة هي المسوؤلة مؤسساتيا على السياسة البيئية، فإن تقييم الحصيلة يعتبر من مسؤولية جميع الأطراف المعنية من إدارات، جمعيات، مناضلون، جامعات…

و ألحت الاستاذة مريم حوزير على ضرورة مراعاة مجموعة من التحديات تهم أساسا وضع الإنسان في قلب التنمية المستدامة ثم  تحديد أرضية مرجعية حتى نتمكن من تقييم الحصيلة وكذا اعتماد مقاربات تقوم على أساس دعم الالتقائية، و التآزر و التشاور، و ذلك لتجنب الشعور بالفشل أثناء خلال المؤتمرات و بعدها بفعل عدم احترام الالتزامات من قبل العديد من الدول.

يذكر أن الملتقى شهد عرض  شريط وثائقئ حول موضوع الاقتصاد الأخضر ، أبرز أهمية دور منظمات المجتمع المدني باعتبارها أطرافا فاعلة في مسلسل التنمية المستدامة. و أشار إلى بعض التجارب الناجحة في مجال التنمية المستدامة.

لتفاصيل أكثر اضغط على هنا ، هنا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!