التكيف مع المناخ بعد كارثة آسفي: واجب أخلاقي

محمد التفراوتيمنذ ساعتينآخر تحديث :
التكيف مع المناخ بعد كارثة آسفي: واجب أخلاقي

آفاق بيئية: محمد التفراوتي 

شكلت مياه الأمطار الغزيرة التي اجتاحت أحياء مدينة آسفي  مشهدا مأسويا حول الشوارع إلى مجار عسرة والأحياء إلى جزر معزولة. هذه الكارثة، التي خلفت دمارا ماديا ومعاناة إنسانية، لم تأت من فراغ، بل كانت الترجمة الواقعية والصادمة للتحذيرات العلمية التي طالما نظر إليها وكأنها سيناريوهات مستقبلية بعيدة.

و على إثر هذه الفاجعة، صرح الدكتور جلال المعطى، مدير مشروع PNA-FVC ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وحدة البيئة والطاقة وتغير المناخ، لمنصة آفاق بيئية بأن هذه المأساة ليست حادثا معزولا، بل تجسيد واقعي لسيناريوهات تغير المناخ التي حذرت منها التشخيصات العلمية وخرائط المخاطر. وأكد أن ما وقع في آسفي يبرز الحاجة الملحة إلى إدماج التكيف مع المناخ في صميم السياسات الإقليمية والاستثمارات العامة، مشددا على أن تعزيز الوقاية وحماية السكان لم يعد خيارا بل واجبا أخلاقيا واستراتيجيا.

وأوضح الدكتور المعطى أن تقييم خطة التكيف والتنمية القادرة على الصمود أمام التغيرات المناخية (PADCR) صنف مدينة آسفي ضمن المراكز الحضرية ذات التعرض العالي لمخاطر الفيضانات والغمر البحري والجريان السطحي الحضري، وأن هذه الأحداث تبرز ضرورة الانتقال من التحذير العلمي إلى التنفيذ العملي. وأضاف أن برنامج إدارة الكوارث في منطقة مراكش-آسفي يقترح مجموعة متماسكة من الإجراءات الهيكلية تجمع بين الحلول الرمادية والحلول القائمة على الطبيعة وتدابير الحوكمة، وتشمل حماية المؤسسات التعليمية والصحية من الفيضانات، تحديث وتأمين البنية التحتية والمرافق العامة المعرضة لمخاطر المناخ،  و تحسين أنظمة تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي، ونشر الحلول القائمة على الطبيعة للحد من المخاطر المناخية.

وختم الدكتور المعطى تصريحه بالتأكيد على أن هذه المأساة في آسفي تذكير صارخ بأن آثار تغير المناخ لم تعد مجرد توقعات بعيدة، بل واقع ملموس يستدعي تحركا عاما مباشرا، وأن المؤسسات مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالتصرف بجدية وبعد نظر ومسؤولية، واضعة التكيف مع تغير المناخ في صميم السياسات الإقليمية وقرارات التخطيط.

كارثة آسفي ليست الأولى،وقد لا تكون الأخيرة إذا لم تتخذ الإجراءات الجريئة. إنها تذكير صارخ بأن آثار التغير المناخي لم تعد توقعات علمية، بل باتت لها تكاليف بشرية واقتصادية باهظة ندفعها اليوم. المسؤولية الآن ملقاة على عاتق المؤسسات المعنية للانتقال من مرحلة “إدارة الكوارث” رد الفعل، إلى مرحلة “الوقاية والتكيف” الاستباقية، ووضع التكيف مع المناخ في صميم كل قرار استثماري وتخطيطي، لأن تكلفة عدم الفعل، كما رأينا، أصبحت أعلى من أي وقت مضى.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!