جيل Z والفراغ السياسي: من يؤطر شباب اليوم؟

محمد التفراوتيمنذ ساعتينآخر تحديث :
جيل Z والفراغ السياسي: من يؤطر شباب اليوم؟

رسالة مفتوحة إلى الأحزاب السياسية المغربية: 

في ظل ما عرفته الساحة الوطنية من تحركات واحتجاجات شبابية قادها جيل ما يعرف بـ«جيل Z»، وما رافقها من مظاهر عفوية وأحيانا انفلاتات من بعض الدخلاء، يبرز سؤال عميق حول غياب التأطير السياسي والفكري للشباب، ودور الأحزاب في إعادة بناء جسور الثقة والمشاركة.
الرسالة التالية موجهة إلى الأمناء العامين والكتاب العامين للأحزاب السياسية، تدعو إلى وقفة تأمل ومسؤولية لإعادة الحياة إلى الفعل الحزبي وتحديث أساليبه بما يواكب زمن الرقمنة وتحولات المجتمع: 

إلى الأمناء والكتاب العامين المحترمين،

ما شهدناه مؤخرا من احتجاجات قادها جيل ما يعرف بـ«جيل Z»، وما رافقها أحيانا من انفلاتات من بعض الدخلاء، يطرح تساؤلات عميقة حول دور الأحزاب السياسية وغيابها عن تأطير فئة واسعة من المواطنين، ولا سيما الشباب، تأطيرا سياسيا وإيديولوجيا يؤسس لبناء وعي جماعي ومسؤولية مدنية حقيقية.
لقد كان هذا الدور في الماضي ركيزة لبناء خلف سياسي مؤمن بخياراته، يثري المشهد الوطني، ويعزز الانخراط، ويحد من العزوف السياسي.
حينها، كان الشباب يجدون في الفراغ منفذا نحو الأنشطة الثقافية والفنية والجمعوية والكشفية، حيث كانت الأحزاب تمتلك حقيقة تنظيمات موازية: شبيبات وقطاعات نسائية وطلابية، تستقطب وتكون وتنمي روح النقاش والانتماء.
أما اليوم، فقد غيرت الرقمنة وعوالم الافتراض قواعد اللعبة.
انعزل الشباب في غرفهم، ولكل عالمه الخاص وشاشته الصغيرة، لا نعرف ما الذي يشكل أفكارهم، ولا من يؤطرهم. غابت السياسة الواقعية، وحل محلها فضاء رقمي واسع بلا بوصلة فكرية.
إن المسؤولية الآن تقع على الأحزاب السياسية.
فالشباب لن يطرقوا أبواب المقرات الحزبية، إن كانت أصلا مفتوحة، بل على الأحزاب أن تتوجه إليهم حيث هم:
في المدارس والجامعات والمعاهد، لعرض برامجها ورؤاها وخطاباتها بأسلوب تفاعلي قريب من اهتمامات الجيل الجديد.
ويستحسن أن تنظم لقاءات دورية وزيارات ميدانية بالتناوب إلى المؤسسات التعليمية، وفق برامج تربوية تراعي الفئات العمرية، في إطار اتفاقيات شراكة بين الأكاديميات الجهوية والأحزاب السياسية، بما يعيد الثقة في السياسة كممارسة مدنية بناءة.

وإلى جانب التأطير والتواصل، يجب أن تعمل الأحزاب على إشراك الشباب في التدبير السياسي العمومي، من خلال منحهم فرصا فعلية للمشاركة في اتخاذ القرار، وتقلد المسؤوليات المحلية والجهوية والوطنية.
كما ينبغي تأهيلهم فكريا ومؤسساتيا لممارسة السياسة بروح المسؤولية والابتكار، ليصبحوا فاعلين في مسار الإصلاح والبناء الديمقراطي، لا مجرد متفرجين أو محتجين.
فإدماج الشباب في الفعل السياسي ليس ترفا، بل ضرورة وطنية لضمان استمرارية الدولة والمجتمع بروح متجددة ورؤية مستقبلية.

كما يتعين على الأحزاب أن تلج العالم الرقمي بقوة، فتواكب حضور الشباب في منصات التواصل وغرف الدردشة والتطبيقات الحديثة، لتسويق أفكارها وبرامجها ليس فقط خلال الحملات الانتخابية، بل على امتداد الموسم الاجتماعي والسياسي.
إن الرهان الحقيقي اليوم هو استعادة السياسة لمعناها التربوي والثقافي، وإعادة ربط الجسور بين الأحزاب والشباب، عبر مقاربة جديدة تخاطب العقول بوضوح، وتفتح الآفاق أمام مشاركة جيل متعطش للتعبير والمبادرة.

وبهذا وجب الاعلام السلام

محمد التفراوتي: كاتب وإعلامي بيئي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!