آفاق بيئية: محمد التفراوتي
في قلب المحمية الحيوية لسوس-ماسة، وبين هضاب مراكش-آسفي وأراضي كلميم-واد نون، تنمو أشجار أركان الصغيرة في صمت. لكن هذا الصمت يخفي دورا مناخيا مهما، تكشفه دراسة علمية جديدة أنجزها باحثون مغاربة من المركز الجهوي للبحث الزراعي بأكادير وجامعات مغربية. البحث انجز من قبل الطالبة في سلك الدكتوراه السيدة أسماء أومست وتأطير الباحث الرئيس والمنسق الدكتور جمال الحلام رفقة فريق علمي يضم مجموعة من الباحثين المغاربة، ينتمون إلى مؤسسات مختلفة، من قبيل المركز الجهوي للبحث الزراعي بأكادير، وجامعة ابن زهر، وجامعة السلطان مولاي سليمان، ومعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر أركان (ANDZOA).
المعادلات التي تقيس الكربون
ركزت الدراسة على تطوير معادلات رياضية تعرف باسم “المعادلات الألومترية”، بهدف قياس وزن الأشجار (الكتلة الحيوية) بدقة، وبالتالي حساب كمية الكربون التي تخزنها هذه الأشجار في كل مكوناتها: الجذور، الفروع، الأوراق، والساق.
من خلال قياس القطر والارتفاع والعمر، ودمجها بنموذج رياضي ذكي، استطاع الفريق حساب كمية الكربون المخزن في أشجار الأركان الصغيرة، التي يتراوح عمرها بين سنتين وست سنوات.
الأركان الفلاحي: زراعة جديدة لغاية مناخية
تشكل هذه الأشجار جزء من مشروع “الأركان الفلاحي” الذي يهدف لتحويل شجرة أركان من مجرد عنصر غابوي إلى مكون رئيسي في الحقول الزراعية، مما يمكنه أن يعزز من قدرة المغرب على مواجهة التغير المناخي.
ماذا وجدت الدراسة؟
تبلغ كمية الكربون التي تخزنها الأشجار من 0.01 إلى 0.82 طن من ثاني أكسيد الكربون للهكتار الواحد.المعدل السنوي لتخزين الكربون بلغ 0.20 طن من CO2 للهكتار في السنوات المدروسة (2021–2023)..تبين أن الأوراق والسيقان تمثلان أعلى نسبة من الكتلة الحيوية مقارنة بالجذور.ازدادت الكتلة الحيوية والكربون مع تقدم عمر الشجرة.
أهمية النتائج
تمكن هذه النماذج الجديدة صناع القرار والباحثين من تقييم فعالية زراعة أركان في الحد من التغير المناخي. واحتساب كمية الكربون المخزن بدقة دون تدمير النبات. وتقديم حلول زراعية مستدامة في المناطق الجافة وشبه الجافة.
وأوصت الدراسة بتطوير معادلات مخصصة لمراحل النمو المختلفة. واستكشاف تقنيات غير تدميرية لقياس جذور الأشجار مثل الرادارات تحت الأرض. وربط هذه البيانات بسياسات زراعية ومناخية أوسع. تكشف هذه الدراسة أن لأشجار أركان، حتى في مراحلها المبكرة، دور مهم في احتجاز الكربون، مما يمنحها بعدا جديدا كفاعل مناخي، إلى جانب دورها البيئي والاقتصادي المعروف.
يشار أن المعادلات العلمية، حين تترجم إلى سياسات ذكية، يمكنها أن تجعل من جذور أركان ملاذا للأمن المناخي في المغرب.