آفاق بيئية: محمد التفراوتي
يشكل التغير المناخي أحد أخطر التحديات التي تواجه البشرية اليوم، حيث لم تعد تداعياته مجرد توقعات علمية، بل أصبحت واقعا ملموسا يهدد النظم البيئية والموارد الطبيعية، ويؤثر بشكل مباشر على حياة الأفراد والمجتمعات. وفي هذا السياق، تتجلى النساء كأكثر الفئات تأثرا بهذه التحولات المناخية، سواء في أوقات الكوارث أو خلال مراحل التعافي وإعادة البناء.
إن ارتباط النساء، خصوصا في المناطق الهشة، بإدارة المياه، الزراعة، والرعاية الأسرية، يجعلهن في مواجهة يومية مع آثار تغير المناخ. ومع ذلك، غالبا ما يستبعدن من دوائر صنع القرار، ولا يؤخذ بعين الاعتبار دورهن الحيوي في وضع وتنفيذ السياسات المناخية. هذا الواقع يعمق من فجوة النوع ويزيد من هشاشة النساء اجتماعيا واقتصاديا.
ورغم التحديات، تظهر تجارب ميدانية عديدة أن النساء لا يقتصرن على المعاناة فحسب، بل يلعبن دورا فاعلا في التكيف والابتكار. إن الاعتراف بدور النساء، ودعم قدراتهن، خاصة النخب النسائية المؤثرة، أصبح اليوم أولوية لضمان عدالة مناخية حقيقية وشاملة، تتفاعل مع جميع الفئات وتستجيب لحاجياتها المتعددة.
وما يزيد من راهنية هذا الموضوع، هو ما تعرفه بعض الجهات من المغرب، من أزمات بيئية حادة كالجفاف والفيضانات، التي أظهرت بشكل واضح حجم التأثير غير المتكافئ على النساء والأسر، في ظل غياب آليات الحماية والمعلومات والموارد.
من هذا المنطلق، تبرز الحاجة الملحة إلى تبني مقاربات منصفة وعادلة، ترتكز على النوع الاجتماعي في تدبير المخاطر المناخية، وتضمن حضورا فعليا للنساء كشريكات في صنع القرار، لا كمستفيدات فقط، بل كصانعات للسياسات وحاملات لحلول عملية ومستدامة.
ومن هنا، انبثقت مبادرة مشروع “توازن: العدالة المناخية وحقوق الإنسان”، الذي تشرف عليه السيدة شرفات أفيلال، رئيسة منتدى المناصفة والمساواة، كخطوة رائدة لتعزيز قيادة المرأة في الحوكمة المناخية المراعية للنوع الاجتماعي بالمغرب.
ويعد هذا المشروع تجسيدا عمليا للرؤية الوطنية في إدماج النوع الاجتماعي ضمن السياسات المناخية، من خلال دعم النخب النسائية وتمكينهن من أدوات التأثير والمشاركة الفعالة في تدبير الشأن البيئي والإنساني على المستوى الترابي.
وفي هذا السياق، يجري محمد التفراوتي حوارا خاصا مع السيدة شرفات أفيلال، يتناول فيه آفاق المشروع وأهدافه الاستراتيجية، إضافة إلى رؤيتها حول التحديات المناخية والإنصاف، وانعكاسات المشروع على المناطق المستهدفة وجهويا، وذلك في إطار مواكبة إعلامية معمقة لهذا الورش المجتمعي الطموح.
سؤال 1: ما هو الإطار العام الذي يندرج فيه هذا المشروع؟
جواب: يندرج المشروع في إطار الرؤية الاستراتيجية للمغرب بشأن إدماج النساء في التنمية، وهو منسجم مع مقتضيات الفصل 19 من الدستور الذي ينص على المساواة، كما يتوافق مع توجهات النموذج التنموي الجديد الذي يدعو إلى تمكين المرأة وضمان مشاركتها الفعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
سؤال 2: من هن المستفيدات المستهدفات من هذا المشروع؟
جواب: يستهدف 200 امرأة موزعة على عشر جهات بالمغرب، من بينهن منتخبات في الجماعات الترابية (المحلية والجهوية). و ممثلات الهيئات الاستشارية. وناشطات جمعويات في مجال النوع الاجتماعي أو ممثلات عن الفئات الهشة.
سؤال 3: كيف يرتبط المشروع بالعدالة المناخية؟
جواب: المشروع يتبنى مقاربة شاملة للعدالة المناخية، من خلال تمكين النساء وتعزيز مشاركتهن في مراكز اتخاذ القرار المتعلقة بالوقاية من الكوارث البيئية وتدبيرها، وذلك لضمان استجابات عادلة وشاملة تراعي حاجيات الفئات المتضررة.
سؤال 4: ما هي المستويات التي يسعى المشروع للتأثير فيها؟
جواب: يعمل المشروع على ثلاثة مستويات متكاملة. المستوى البرلماني، بدعم تشريعات تراعي النوع الاجتماعي ومراجعة النصوص القانونية. والمستوى الحكومي عبر إدماج منظور النوع في السياسات العمومية الخاصة بالمخاطر المناخية. ثم المستوى الترابي من خلال تطوير سياسات محلية حساسة للنوع تراعي خصوصيات الجهات والفئات الهشة.
سؤال 5: ما هو الهدف الاستراتيجي للمشروع؟
جواب: الهدف الاستراتيجي هو تمكين النساء السياسيات من المعارف والمهارات الضرورية التي تخول لهن التأثير في السياسات العمومية الخاصة بالتنمية وإدارة المخاطر المناخية على مختلف المستويات. محلي، جهوي، ووطني.
سؤال 6: ما هي الطموحات العامة للمشروع؟
جواب: يطمح المشروع إلى وضع النساء في صميم الاستجابات المناخية، باعتبارهن قائدات قادرات على التغيير ومساهمات فعالات في تعزيز الصمود المجتمعي.
سؤال 7: ما هي الأهداف الخاصة للمشروع؟
جواب: المشروع يركز على هدفين أساسيين. تعزيز قدرات النساء المستهدفات عبر تطوير معارفهن حول التغير المناخي وآليات مواجهته، ليكن فاعلات على المستوى المحلي. و تعزيز حضور النساء في مراكز القرار وذلك لضمان مشاركتهن في صياغة وتنفيذ السياسات المناخية
سؤال 8: هل هناك بعد تشريعي في المشروع؟
جواب: نعم، يسعى المشروع إلى تحفيز البرلمانيات على الترافع من أجل تشريعات منصفة تأخذ في الاعتبار النوع الاجتماعي في مواجهة التغير المناخي، سواء بتعديل القوانين أو وضع نصوص جديدة تعزز من فعالية السياسات البيئية.