في حضرة الحلم… سيرة أبي ودفء الذاكرة

محمد التفراوتي15 يونيو 2025آخر تحديث :
في حضرة الحلم… سيرة أبي ودفء الذاكرة

مكناس: محمد التفراوتي

كان أبي، رحمه الله، كثيرا ما يردد: “الدنيا كالحلم”، وهو شارد الذهن، وكأنه يرى ما لا نراه. كنت صغيرا آنذاك، وهو يحملني بين ذراعيه… ولم أكن أدرك تماما معنى كلماته.
ومضت الأيام، وإذا بي، بعد حين، أُمسك بذراعه وأسنده في مشيه، أعين قدميه اللتين خانتاه في شيخوخته.
في تلك اللحظات، كنت أكتفي بالنظر في ملامحه بعمق، كأني أخزن صور وجهه في ذاكرتي إلى الأبد. كنت أشبعه نظرا، وأبدد صمته باستحضار حكايات شبابه، وأذكره بأسماء رفاقه وأيامه الأولى. فينطلق في السرد بوجه مشرق، وكأن الزمن عاد به قليلا إلى الوراء. كنا نحفظ تلك القصص عن ظهر قلب، لكنها لم تفقد سحرها أبدا، نصغي له، ونستمتع بتفاصيل “الزمن الجميل”.

ترددت في ذهني عبارة “الدنيا كالحلم” من جديد، حين هاتفني صديقي مصطفى بعد غياب طويل. تبادلنا أطراف الحديث، واستحضرنا ملامح من الحياة الماضية، وإذا به يقول فجأة، دون سابق إنذار: “الدنيا كالحلم”… تماما كما كان يقولها والدي.
توقف الزمن لحظة، وعاد بي الشريط إلى الوراء، إلى تلك الجلسات الدافئة مع الوالد.
بعد إنهاء المكالمة، غصت في غياهب الذاكرة، منذ الطفولة الأولى، مرورا بكل ما حملته مراحل العمر من فرح وحنين ووجع…
وأدركت حينها، أن الدنيا فعلا… كالحلم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!