آفاق بيئية: محمد التفراوتي
يشكل التكيف مع التغيرات المناخية اليوم أحد أبرز التحديات التي تواجه الإنسانية، نظرا لتسارع وتيرة الظواهر المناخية القصوى وامتداد آثارها إلى كافة مناحي الحياة. وإزاء هذا الواقع المتغير، تتعاظم الحاجة إلى مقاربة متعددة الأبعاد، تتكامل فيها السياسات العمومية، والمجهودات العلمية، وأدوار المجتمع المدني، والقطاع الخاص، ضمن رؤية شمولية واستشرافية قادرة على بناء مجتمعات أكثر صمودا.
الإعلام كفاعل مركزي في التكيف
غير أن هذه الجهود المتفرقة لا تكتمل إلا بحلقة مركزية تشكل صلة الوصل ومجال الالتقائية بين الفاعلين، وهي الإعلام. فالإعلام لم يعد مجرد ناقل للخبر، بل أصبح فاعلا أساسيا في تعزيز الوعي الجماعي، وتيسير فهم الرهانات المناخية، وترجمة المعطيات العلمية إلى رسائل مبسطة تحفز المواطن وصانع القرار على التحرك. إنه الآلية التي توحد الرؤية، وتعبئ الطاقات، وتواكب تنفيذ السياسات الترابية والوطنية للتكيف والتأقلم.
في هذا السياق، جاء تنظيم اللقاء الإعلامي حول التكيف مع التغيرات المناخية، تحت شعار: “الإعلام ودوره في تعزيز القدرة على الصمود المناخي”، كإحدى المبادرات المواكبة لتنزيل المخطط الوطني للتأقلم مع التغيرات المناخية، الذي ينفذ في إطار شراكة استراتيجية بين قطاع التنمية المستدامة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبدعم من الصندوق الأخضر للمناخ.
وقد تضمن هذا اللقاء برنامجا غنيا بالعروض والتفاعلات، سلط الضوء على الجهود المؤسساتية والعلمية والمدنية في هذا المجال، مع التركيز على أهمية الإعلام كقاطرة لبناء وعي بيئي ومناخي حقيقي، قادر على إسناد جهود التأقلم والصمود في مختلف الجهات المستهدفة من المشروع. كما شكل فرصة للتفكير الجماعي في التحديات المهنية والميدانية التي تواجه الإعلاميين، وبلورة توصيات عملية لتعزيز أدائهم في خدمة القضايا البيئية ذات الأولوية.
ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة مبادرات تهدف إلى إشراك مختلف الفاعلين، لاسيما الإعلاميين، في الجهود الوطنية لتعزيز الصمود المناخي، خاصة على المستوى الترابي، في الجهات المستفيدة من المشروع: جهة الشرق، جهة سوس ماسة، جهة درعة تافيلالت، جهة بني ملال خنيفرة، وجهة مراكش آسفي.
تميز اللقاء ببرنامج علمي وتواصلي مكثف، افتتح بعرض مفصل حول مشروع المخطط الوطني للتكيف مع التغيرات المناخية، ومستجدات تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (GIEC)، قدمه الدكتور جلال المعطى، المكلف بالمشروع ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب. كما تطرق الأستاذ تابع أبوالدهاج، المدير الجهوي للبيئة بجهة مراكش آسفي، إلى الإطار المؤسساتي لمواجهة التغيرات المناخية، مسلطا الضوء على المسارات التنسيقية وآليات التدخل الجهوي.
وتناول اللقاء كذلك، من خلال عرض الأستاذ عبد الرحمن أيت الحاج، قراءة ميدانية في مؤشرات التغير المناخي ومبادرات التأقلم في مجال شجر أركان كنموذج حي للصمود البيئي. كما قدم الناشط البيئي محمد التفراوتي عرضا بعنوان: “الإعلام البيئي ورهانات تغير المناخ: ضرورة التوعية بالصمود والتأقلم”، ركز فيه على أدوار الإعلام في ترسيخ ثقافة المناخ وتحفيز التحول المجتمعي نحو سلوكيات أكثر استدامة.
و الإعلام ليس فقط مرآة للواقع المناخي، بل أداة تغيير بامتياز، قادرة على ترسيخ وعي جماعي، ودفع مختلف المتدخلين إلى الالتقاء في نقطة محورية: التكيف اباعتباره مشروعا وطنيا وضرورة جماعية لمستقبل أكثر صمود وعدالة.
و أفاد الدكتور جلال المعطى، المكلف بمشروع المخطط الوطني للتأقلم مع التغيرات المناخية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب (PNUD)، خلال مداخلته أن التغير المناخي أصبح يمثل أحد أخطر التحديات العالمية، بالنظر إلى الوتيرة المتسارعة وغير المسبوقة للأحداث المناخية القصوى، من جفاف وفيضانات وحرائق غابات، والتي تؤدي إلى خسائر وأضرار متزايدة، وتجعل مسألة التكيف والمواجهة أكثر استعجالا من أي وقت مضى.
وأشار إلى أن نتائج مجموعات العمل الثلاث لتقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (AR6)، المنشور في 22 مارس 2023، تؤكد أن حوالي 3.3 إلى 3.6 مليار شخص يعانون من هشاشة كبيرة اتجاه التغيرات المناخية، مع تعريض ملايين الأشخاص لنقص حاد في الأمن الغذائي والمائي، خاصة في إفريقيا وآسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية، وأقل البلدان نموا، والجزر الصغرى، والقطب الشمالي.
وأكد أن التدفقات المالية العالمية الحالية المتعلقة بالتكيف غير كافية، مما يحد من تنفيذ خيارات أنشطة التكيف، لا سيما في البلدان النامية، وهو ما يعكس اتساع الفجوة بين احتياجات التكيف والتمويل المخصص له. وتتمثل العوائق الرئيسية في محدودية الموارد، ونقص مشاركة القطاع الخاص، والتعبئة غير الكافية للتمويل، ونقص المعارف المناخية، وضعف الإقبال على علوم التكيف، وغياب الشعور بالاستعجال.
وأوضح أن انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية من المرجح أن تتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية خلال القرن الحالي وفقا للمساهمات المحددة وطنيا، وهو ما يجعل من الصعب الحد من الاحترار دون درجتين مئويتين. وتؤكد الفوارق بين الانبعاثات المتوقعة والسياسات المنفذة على أن التدفقات المالية الحالية أقل بكثير من المستويات المطلوبة لتحقيق الأهداف المناخية في جميع القطاعات.
وأضاف أن المخاطر المناخية ستتفاعل أكثر مع المخاطر غير المناخية، مما سيؤدي إلى مخاطر مركبة ومتتالية يصعب التحكم فيها، وأن بعض التغيرات المناخية أصبحت حتمية ولا رجعة فيها، لكنها قابلة للتقليص من خلال خفض عميق وسريع ومستدام لانبعاثات الغازات الدفيئة. وأبرز أن التخفيف السريع يتطلب استثمارات كبرى ويتيح فوائد جانبية وتقليصا في التكاليف على المدى الطويل، مع ضرورة انتقالات عميقة وسريعة في كافة القطاعات لتحقيق مستقبل مستدام.
وبين أن الطاقة الشمسية والريحية، وتحسين النجاعة الطاقية، وتقليص انبعاثات غاز الميثان، تمثل مداخل فعالة، وأن التعاون الدولي هو محرك رئيسي لتحقيق تخفيف طموح للكربون وتنمية متأقلمة مع التغيرات المناخية.
وفي السياق الوطني، أوضح الدكتور المعطى أن المغرب يعاني بدوره من آثار تغير المناخ، حيث تشير التقارير إلى تراجع المناطق الرطبة وشبه الرطبة لفائدة المناطق شبه الجافة والجافة، نتيجة موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط التساقطات. كما أن الطلب المتزايد على الماء، وتوسع المدن، والأنشطة الزراعية والصناعية الحديثة، ساهمت في تدهور الموارد المائية وجودتها.
وأشار إلى أن الموارد المائية والفلاحة والبنيات التحتية والصحة تعد من أبرز القطاعات المهددة، حيث عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا في درجات الحرارة تجاوز 2 درجة مئوية (1.99 تحديدا بين 2022 و2023)، وهو ما أدى إلى ارتفاع التبخر بالسدود (مليون و500 ألف متر مكعب يوميا) وتراجع الموارد المائية بنسبة 67 في المائة.
وبين أن أزمة المياه في المغرب ليست ظرفية فقط، بل تعكس إجهادا هيكليا، ويتجلى ذلك في تراجع الموارد المائية للفرد من 3500 متر مكعب سنة 1960 إلى 600 متر مكعب حاليا، أي بانخفاض ستة أضعاف خلال ستين سنة. وأكد أن الجفاف بأنواعه الثلاثة (المناخي، الزراعي، الهيدرولوجي) أصبح أكثر تكرارا وشدة، مما يهدد التوازن بين العرض والطلب على المياه.
وأكد أن التحديات تشمل كذلك تأثير ندرة المياه على القطاع الفلاحي، حيث يستهلك هذا الأخير حوالي 89 في المائة من الموارد المائية، ويمثل 12في المائة من الناتج الداخلي الخام، و31 في المائة من الشغيلة، و74 في المائة من اليد العاملة القروية. ورغم أن إنتاج الحبوب لا يمثل سوى نسبة محدودة من القيمة المضافة الفلاحية، إلا أن تباينه يؤثر بشكل مباشر على ديناميات النمو الفلاحي، وقد أدى إلى انخفاض عدد العاملين بالقطاع من 4.2 إلى 3.8 مليون بين سنتي 2000 و2021.
وأضاف أن المغرب أطلق المخطط الوطني الاستراتيجي للتكيف (PNSA) في 2020، وتم إعداده بمنهجية تشاركية، وبدعم من الصندوق الأخضر للمناخ بمبلغ 2.3 مليون دولار ولأجل 36 شهرا. ويهدف المخطط إلى تعزيز أسس التخطيط والتمويل المستدامين للتكيف، مع التركيز على خمس جهات تجريبية، منها جهة درعة-تافيلالت.
وأشار إلى أن هذه الجهة شهدت إعداد خطة جهوية للتكيف والتنمية المناخية المقاومة (PADCR)، والتي تضمنت تشخيصا دقيقا للمخاطر المناخية الحالية والمستقبلية حتى أفق 2050، من بينها الجفاف، التصحر، الفيضانات، الانجرافات الأرضية، حرائق الواحات، وتآكل التربة، إلى جانب ضعف البنيات التحتية وهشاشة الوضع الاجتماعي.
وبين أن الخطة (PADCR) لجهة درعة-تافيلالت شملت 55 إجراء و4 مشاريع للتكيف، موزعة على الأقاليم الستة، مع اعتماد مقاربة تعتمد على تقييم الحساسية البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وقدرة التكيف، والهشاشة. وتم اعتماد أربع أهداف استراتيجية تروم تعزيز إدارة مستدامة ومنصفة للموارد المائية. و تقوية تدبير الظواهر المناخية القصوى لحماية السكان. ثم دعم الزراعة المنتجة والمتكيفة، وحماية التنوع الطبيعي، مع تقوية الحوكمة المناخية، والولوج إلى البيانات، والمشاركة الفعالة للفاعلين. وأكد أن تنفيذ هذه الخطة واجه بعض التحديات من بينها بطء المصادقة على الوثائق المرجعية، وصعوبة تبادل البيانات المناخية، وضعف التنسيق بين المتدخلين، مشيرا إلى أن لجنتين جهويتين من الجهات التجريبية أعلنتا تبني خطة التكيف بشكل رسمي، وتم إعداد 20 مذكرة مفاهيمية لتعبئة التمويلات.
وفي جانب الحكامة، أوضح الدكتور المعطى أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة خصصت محاور مهمة لتعزيز الحكامة المناخية، تشمل إنشاء لجان وطنية وتقنية علمية لتتبع المعطيات المناخية، وتفعيل الإطار المؤسساتي لتطبيق اتفاقية باريس، إلى جانب إدماج إشكالية التغير المناخي في البرامج الجهوية والمحلية للتخطيط، والاستفادة من فرص التمويل الدولي.
وأشار إلى أنه تم إعداد المساهمات الوطنية المحددة (NDC) بتشاور واسع، وتتضمن التزامات بتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تصل إلى 45.5في المائة في أفق 2030، منها 18.3في المائة غير مشروطة، و27.2 في المائة مشروطة بالدعم الدولي. وتغطي الإجراءات مجالات الطاقة، الفلاحة، النفايات، والموارد الطبيعية، منها 61 إجراء، بينها 34 غير مشروط، وتم تنفيذ جزء كبير منها منذ 2020.
وختم الدكتور المعطى مداخلته بالتأكيد على ضرورة تحيين المخطط الوطني للتكيف (PNSA) ليتماشى مع مستجدات تقرير GIEC السادس، وتعميم التخطيط الجهوي ليشمل الجهات المتبقية، مع اختبار التخطيط على المستوى دون الجهوي، وضمان إدماج خطط التكيف ضمن المخططات الترابية القطاعية، وتعزيز التمويل والمواكبة عبر إحداث لجان جهوية دائمة للتأقلم المناخي.
دور المغرب في مكافحة التغير المناخي وتعزيز التنمية المستدامة
استعرض السيد أبو الديهاج تابع، المدير الجهوي للبيئة لجهة مراكش-آسفي والمدير الوطني لبرنامج “مراكش مدينة مستدامة”، رؤية شاملة لدور المغرب في مكافحة التغير المناخي وتعزيز التنمية المستدامة و “دور قطاع التنمية المستدامة في مكافحة الاضطراب المناخي وتعزيز الحكامة الترابية”، متناولا عدة محاور رئيسية، بدء بالمفاهيم الأساسية المرتبطة بالتنمية المستدامة والتغير المناخي. حيث عرف التنمية المستدامة كآلية تهدف إلى تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، مشيرا إلى أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. كما شرح مفهوم التغير المناخي كتحول طويل الأمد في معدل حالة الطقس، ناتج عن عوامل طبيعية أو أنشطة بشرية.
وتطرق السيد أبو الديهاج إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، مبرزا دور الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان في ارتفاع درجة حرارة الأرض، ومذكرا بأهداف اتفاق باريس الرامية إلى حصر هذا الارتفاع بين 1.5 و2 درجة مئوية. كما أوضح مفاهيم التكيف والتخفيف والصمود المناخي، مشددا على أهمية تعزيز قدرة المجتمعات على مواجهة التحديات المناخية. واستعرض الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، والتي تركز على تعزيز الحكامة وبناء اقتصاد أخضر شامل. وأبرز أهدافها، بما في ذلك إدماج المجالات الترابية في جهود مكافحة التغير المناخي والاستفادة من صناديق التمويل الدولية. كما تناول المساهمات الوطنية المحددة للمغرب، حيث أشار إلى التزام البلاد بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2030.
ولم يفت السيد أبو الديهاج أن يسلط الضوء على بعض التطبيقات العملية، مثل البرنامج الوطني لتسيير النفايات المنزلية كنموذج فعال لتقليص الانبعاثات. وختم عرضه بتأكيد أهمية التعاون الدولي والتمويل المناخي في تحقيق الأهداف الطموحة للمغرب في مجال المناخ والتنمية المستدامة، مشيدا بدور الإعلام في تعزيز الوعي والقدرة على الصمود في وجه التحديات المناخية.
مجال أركان: شاهد على تغير مناخي تاريخي
شدد الباحث عبد الرحمن آيت الحاج على ضرورة تصحيح الفكرة الشائعة التي تقول إن مجال أركان يقتصر فقط على جنوب المغرب، موضحا أنه يتموضع بفي وسط البلاد، ضمن مناطق قاحلة إلى شبه قاحلة، ويلعب دورا بيئيا أساسيا، خاصة كحاجز طبيعي ضد التصحر الذي يهدد شمال المغرب.
وأشار آيت الحاج إلى أن غابة أركان تغطي مساحة تقدر بـ 830000 هكتار، وتتميز بتنوع بيئي كبير، حيث يمكن أن تضم ما يصل إلى 11 نظاما بيئيا مختلفا، تمتد من الساحل إلى ارتفاعات تبلغ حوالي 1100 متر. وأضاف أن زراعة شجرة أركان يمكن أن تنجح في عدة مناطق، ولا تخشى سوى البرودة في مرحلة الشتلة الصغيرة.
وفي تحليله لخصائص هذه الشجرة الفريدة، أوضح آيت الحاج أن شجرة أركان (argania spinosa) تنتمي إلى عائلة السابوتاسي (sapotaceae)، وهي عائلة نباتية ذات أصل استوائي. غير أن شجرة أركان تعد استثناء مميزا، إذ تنمو خارج هذه المنطقة المناخية، مما يجعلها، حسب تعبيره، “شاهدا على تغير مناخي أقدم من التغير المناخي الذي نعيشه اليوم”.
واستنادا إلى أبحاث باليو-نباتية أجريت في منطقة الداخلة، أشار آيت الحاج إلى اكتشاف حبوب لقاح لأركان تعود لأكثر من 20000 سنة، ما يثبت أن هذه الشجرة كانت منتشرة في السابق بشكل واسع في جنوب غرب المغرب، قبل أن تختفي من هذه المناطق ولا تبقى منها اليوم سوى آثار في منطقة تندوف.
وعند تطرقه إلى العلاقة بين الإنسان ونظام أركان البيئي، شدد آيت الحاج على أن استدامة هذا المجال الطبيعي كانت دوما مرتبطة بالحضور البشري، حيث طورت الساكنة المحلية تقنيات زراعية وأنماط عيش متكاملة مع الغابة، مثل أنظمة الزراعة على المدرجات، وهو ما يعكس العلاقة العميقة بين غابة أركان والأنشطة البشرية التقليدية.
ورغم فقر الموارد الطبيعية وهشاشة التربة، فقد تشكلت في مجال أركان تجمعات بشرية قديمة جدا، استطاعت أن تطور أسلوب حياة منسجما مع بيئتها، مساهمة في نشوء حضارة تقوم على التعايش مع هذا النظام البيئي.
واعتبر آيت الحاج أن مجال أركان يشكل نموذجا غنيا بالدروس لمواجهة التحديات المعاصرة، داعيا إلى الاستلهام من التجارب المحلية الأصيلة. وأضاف أن مستوى التوطن البيولوجي في مناطق أركان مرتفع جدا (20 في المئة من التنوع البيولوجي)، سواء تعلق الأمر بالنباتات أو الحيوانات، إلى جانب التنوع الزراعي البيولوجي الذي يميز نظم الإنتاج الفلاحي بهذه المناطق.
يشار أن اللقاء شهد نقاشا تفاعليا بين المشاركين حول التحديات المهنية والميدانية التي تواجه الإعلاميين في تغطية قضايا التغير المناخي، مع تقديم جملة من التوصيات لتقوية التناول الإعلامي لهذه المواضيع، على مستوى المعالجة، الخطاب، التنسيق، وآليات الدعم.
يذكر أن هذا اللقاء يندرج ضمن الرؤية الاستراتيجية لتمكين الإعلاميين من أدوات العمل المناخي، وتعزيز حضورهم في الديناميات الترابية، من خلال تعزيز المعارف في مجالات التغير المناخي والتكيف. و بناء قدرات الاعلاميين على التناول المواضيع البيئية المعززة بالمعطى العلمي. و إرساء شبكة تفاعل بين الإعلاميين والفاعلين المناخيين على المستوى الترابي. و تشجيع الإنتاج الإعلامي الجهوي المتخصص، بما يساهم في الترافع محليا ودوليا لقضايا التنمية المستدامة.