آفاق بيئية: أمينة مكاوي*
نظمت مؤسسة السلام والتنمية المستدامة ندوة دولية يوم السبت 3 ماي، ناقش خلالها خبراء من مجالات متعددة النموذج المغربي للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، واعتبروه تجربة واقعية وجدية يمكن أن تلهم حلولًا مبتكرة لمناطق النزاع في الجنوب العالمي.
شارك في الندوة نخبة من الأكاديميين والخبراء، من بينهم الدكتورة أمينة المكاوي، أستاذة الأنثروبولوجيا الاجتماعية، والدكتور مصطفى أوزير، المتخصص في اللسانيات الاجتماعية، والدكتور أندريه غريمبلات، الخبير في علوم الإعلام، والدكتور خوسيه هيريرا، مدير المؤسسة، والدكتور رافائيل باسوستو أوجيدا، المختص في القانون الزراعي، إلى جانب الدكتور سيف بن عبد النور، والدكتور لويس راميريز كاريو.
تناول المشاركون موضوعات تتعلق بالحكم الذاتي والتنمية المستدامة، مسلطين الضوء على الأبعاد القانونية، وأهمية الربط بين التنمية والشرعية المحلية. كما تطرق النقاش إلى مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، باعتبارها رافعة لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
اتفقت الآراء على أن النموذج المغربي يوفر بيئة مناسبة للتنمية، بشرط تجاوز النزاعات المفتعلة من خلال دعم دولي فعال وتعاون جنوب-جنوب. ورأى المشاركون أن تجربة الحكم الذاتي والتنمية في الصحراء المغربية تشكل نموذجا قابلا للتطبيق في السياقات المماثلة داخل الجنوب العالمي.
دعت الدكتورة أمينة المكاوي إلى تسليط الضوء على معاناة المواطنين المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف، معتبرةً أن مقترح الحكم الذاتي يشكل مدخلا لتحقيق سلام عادل وشامل. واختتمت الندوة بالتأكيد على أهمية دور المؤسسات الأكاديمية في دعم الحوار العالمي وتعزيز الفهم المتبادل.
في السياق الراهن، ومن خلال ترسيخ التعاون بين بلدان الجنوب، خاصة بين المغرب والمكسيك اللذين تجمعهما علاقات متينة واهتمامات متقاربة في مواجهة تحديات مشتركة، تبرز أهمية طرح مبادرة الحكم الذاتي وقراءتها قراءة موضوعية من داخل أمريكا اللاتينية. إن التفاعل العلمي والتحليل الأكاديمي الهادف يمنح هذا المقترح بُعدًا جديدًا كأحد أعمدة قوة الجنوب العالمي، كما يسهم في كشف الحقائق والوقائع المرتبطة بملف الصحراء المغربية، وعلى رأسها معاناة المواطنين المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف والواقع الإنساني الصعب الذي يعيشونه.
في لحظة عالمية تتقاطع فيها الأسئلة الكبرى حول العدالة والكرامة والاستدامة، لم يعد الالتزام بقضايا الإنسان خيارا أخلاقيا فقط، بل ضرورة وجودية تفرضها التحديات المشتركة. ومن هذا المنطلق، تشكل مبادرة الحكم الذاتي المغربية إطارا فكريا وعمليا لقراءة جديدة تستلهم القيم الكونية في معالجتها لقضية ترتبط بكرامة الإنسان وحقه في العيش الآمن والمستدام. إن تأمل هذه التجربة من داخل الفضاء الأكاديمي لأمريكا اللاتينية، خاصة في سياق العلاقات المتنامية بين المغرب والمكسيك، يفتح أفقا لحوار إنساني يعيد مركزية الإنسان في قلب كل مشروع سياسي وتنموي. وهكذا، يصبح الفكر أداة وصل بين الجنوب والجنوب، لا لفرض حلول، بل لاقتراح رؤى تتأسس على الإنصات، والاعتراف، والمسؤولية المشتركة.
*أمينة المكاوي: باحثة أنثروبولوجية