آفاق بيئية: أنفاس
يفكّك محمد التفراوتي، رئيس مركز آفاق بيئية للإعلام والتنمية المستدامة، ما “تتعرض له واحات المغرب من استنزاف وتدمير ونزيف من آسا إلى فكيك، وتمظهرات ذلك: المجالية والترابية والبيئية والفلاحية، وما ينبغي فعله من أجل تجاوز هاته الوضعية الاستثنائية التي تفاقم أوجاع الساكنة الواحية وتنعكس سلبا على تنميتها واستقرارها”. في ما يلي نصّ الحوار:
تتعرض واحات النخيل في المغرب من آسا إلى فكيك لاستنزاف وتدمير ونزيف. كيف تقرأ هذا الاغتيال الرمزي؟
معظم الواحات تعاني. إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فمن المتوقع اختفاء الواحات، على المدى الطويل إلى حد ما. وليست الأسباب الطبيعية، وخاصة الجفاف او تغير المناخ، هي الأسباب الوحيدة التي توجه لها اللائمة، فالتدخل البشري يشارك إلى حد كبير في هذه الإشكالية. المغرب سيخسر لا قدر الله عنصرا من تراثه الوطني والطبيعي.
والأخطر من الجفاف هو أن سوء الاستغلال وهدر الموارد يعجلان بمعاناة الواحات ويسرعان من تدهور مساحاتها الوارفة، مما يؤدي إلى تداعيات اجتماعية خطيرة.
باتت الحرائق سنة مؤكدة كل سنة، أضحت أقسى اللحظات إيلاما وأوجع المراحل فاجعة، تفاجئ قاطني مختلف ربوع المناطق الواحاتية. افتتحنا موسم الصيف الحالي بحرائق مهولة بإقليم تنغير!
دائما نطرح السؤال. هل ندمر الواحات بأيدينا، أم هو جور الطبيعة وقساوة المناخ؟. هل نجعل أزمة المناخ مشجب نعلق عليه خيبة وفشل أداء الجهات المعنية بالقطاع أو المجال؟.
سبق أن نبهنا كنشطاء بيئيون من الاستفادة من استغفالنا كل مرة، على حين غرة من الحرائق السابقة التي نلذغ دائما من نفس جحرها. هل لا نقوى على تحديد مواطن الخلل ونقوم بإجراءات احترازية تقينا فجائية اندلاع لهيب النيران المستعرة بين أهلنا وحقول واحاتنا. وما يتلو ذلك من انعكاسات سلبية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية… وبالمنظومة البيئية والصحية عامة.
الحرائق تربك مختلف الاستراتيجيات التي تنشد تحقيق تنمية مجالية مستدامة. هل هو عامل مناخي أقوى من كل الاستعدادات وسبل المواجهة المعتمدة من قبل الجهات الوصية والمعنية؟، خصوصا أمام استحضار السياق الدولي المتمثل في تفشي الحرائق في عموم دول العالم . ففي 19 غشت الماضي 2023 استعرت الحرائق بجزر الكناري. تأججت بفعل الرياح القوية والحرارة العالية لتجهز على ما يناهز 5 آلاف هكتار من غابة ”تينيريفي”، فضلا عن حرائق كندا التي ناهزت ألف حريق، من شرقها إلى غربها، في يوم الجمعة المسمى الأسود (18 غشت 2023). سياق دولي، هو إذن، يؤكد فرضية انعكاسات تغير المناخ، وتبعات الإحترار العالمي.
وسياق وطني، بزع في أوج تجلياته خلال ارتفاع درجة الحرارة إلى درجة قياسية تجاوزت 50 درجة، حيث شهدت مدينة أكادير، يوم 11 غشت 2023، حدثا مناخيا وطنيا متطرفا. ودخل المغرب تاريخ أعلى درجة حرارية بتسجيل، لأول مرة، رقم قياسي بلغ نحو 50.4 درجة مئوية.
ومن المرجح، أن هذا الاستثناء المناخي يوعز إلى تأثير تغير المناخ، رغم أن هناك من يعتبر أن الظاهرة ما هي إلا دورة مناخية عادية. لا مراء أن تأثير تغير المناخ طال معظم الدول من ضمنها المغرب. ومختلف الظواهر المناخية القصوى التي تبدو هنا وهناك، مع موجات الحرارة الشديدة هي تذكير لذوي القرار بوجوب اعتماد سياسات عمومية تروم إيجاد سبل التكيف مع تغير المناخ. وتأهيل المناطق الهشة للتكيف مع مثل هذه الحرارة المتطرّفة، خصوصا في مجال القطاع الزراعي والواحات.
معظم الواحات تعاني. إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فمن المتوقع اختفاء الواحات، على المدى الطويل إلى حد ما. وليست الأسباب الطبيعية، وخاصة الجفاف او تغير المناخ، هي الأسباب الوحيدة التي توجه لها اللائمة، فالتدخل البشري يشارك إلى حد كبير في هذه الإشكالية. المغرب سيخسر لا قدر الله عنصرا من تراثه الوطني والطبيعي.
والأخطر من الجفاف هو أن سوء الاستغلال وهدر الموارد يعجلان بمعاناة الواحات ويسرعان من تدهور مساحاتها الوارفة، مما يؤدي إلى تداعيات اجتماعية خطيرة.
باتت الحرائق سنة مؤكدة كل سنة، أضحت أقسى اللحظات إيلاما وأوجع المراحل فاجعة، تفاجئ قاطني مختلف ربوع المناطق الواحاتية. افتتحنا موسم الصيف الحالي بحرائق مهولة بإقليم تنغير!
دائما نطرح السؤال. هل ندمر الواحات بأيدينا، أم هو جور الطبيعة وقساوة المناخ؟. هل نجعل أزمة المناخ مشجب نعلق عليه خيبة وفشل أداء الجهات المعنية بالقطاع أو المجال؟.
سبق أن نبهنا كنشطاء بيئيون من الاستفادة من استغفالنا كل مرة، على حين غرة من الحرائق السابقة التي نلذغ دائما من نفس جحرها. هل لا نقوى على تحديد مواطن الخلل ونقوم بإجراءات احترازية تقينا فجائية اندلاع لهيب النيران المستعرة بين أهلنا وحقول واحاتنا. وما يتلو ذلك من انعكاسات سلبية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية… وبالمنظومة البيئية والصحية عامة.
الحرائق تربك مختلف الاستراتيجيات التي تنشد تحقيق تنمية مجالية مستدامة. هل هو عامل مناخي أقوى من كل الاستعدادات وسبل المواجهة المعتمدة من قبل الجهات الوصية والمعنية؟، خصوصا أمام استحضار السياق الدولي المتمثل في تفشي الحرائق في عموم دول العالم . ففي 19 غشت الماضي 2023 استعرت الحرائق بجزر الكناري. تأججت بفعل الرياح القوية والحرارة العالية لتجهز على ما يناهز 5 آلاف هكتار من غابة ”تينيريفي”، فضلا عن حرائق كندا التي ناهزت ألف حريق، من شرقها إلى غربها، في يوم الجمعة المسمى الأسود (18 غشت 2023). سياق دولي، هو إذن، يؤكد فرضية انعكاسات تغير المناخ، وتبعات الإحترار العالمي.
وسياق وطني، بزع في أوج تجلياته خلال ارتفاع درجة الحرارة إلى درجة قياسية تجاوزت 50 درجة، حيث شهدت مدينة أكادير، يوم 11 غشت 2023، حدثا مناخيا وطنيا متطرفا. ودخل المغرب تاريخ أعلى درجة حرارية بتسجيل، لأول مرة، رقم قياسي بلغ نحو 50.4 درجة مئوية.
ومن المرجح، أن هذا الاستثناء المناخي يوعز إلى تأثير تغير المناخ، رغم أن هناك من يعتبر أن الظاهرة ما هي إلا دورة مناخية عادية. لا مراء أن تأثير تغير المناخ طال معظم الدول من ضمنها المغرب. ومختلف الظواهر المناخية القصوى التي تبدو هنا وهناك، مع موجات الحرارة الشديدة هي تذكير لذوي القرار بوجوب اعتماد سياسات عمومية تروم إيجاد سبل التكيف مع تغير المناخ. وتأهيل المناطق الهشة للتكيف مع مثل هذه الحرارة المتطرّفة، خصوصا في مجال القطاع الزراعي والواحات.
هناك الرأسمال اللامادي لهذه الواحات في المغرب من آسا إلى فكيك. وتم إنشاء الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان منذ عام 2010. غير أنه بعد مرور 14 عاما ما زلنا نصارع من أجل زراعة النخيل. كيف تقرأ هذا الوضع؟
الوضع ينذر بسوء العاقبة، رغم المجهودات المبذولة، والمخططات المرسومة، إلا أن التقهقر مستمر. لا يجب أن نبخس المجهودات المبذولة من قبل المؤسسات الرسمية، أو نتجه إلى عقلية المؤامرة. كي نكون موضوعيين في مقاربة الإشكالية. لا ننسى هنا مبادرات الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات والأركان، لها برنامجا وطنيا للوقاية من الحرائق والتصدي لها مع مختلف المعنيين باستخدام تقنيات مبتكرة للكشف المبكر والعمل بالكاميرات والطائرات بدون طيار وإجراءات أخرى مختلفة، ونذكر هنا توقيع رئيس جهة سوس ماسة إتفاقية شراكة، في الشهر الماضي من السنة الجارية (2024) مع عامل إقليم طاطا، ورئيس المجلس الاقليمي وكذا المديرة العامة للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، بغية تمويل وإنجاز مشروع وتجديد وتوسيع شبكة الماء الصالح للشرب بالدواوير التابعة لإقليم طاطا، بغلاف مالي يصل إلى 20 مليون درهم.
لكن يبقى حجم المعضلة أكبر والاكراهات أشمل.. هل ربما الضغط أقوى من كل الاتجاهات المتداخلة؟ لكن تبقى جودة التدبير في الميزان مطروحة.
سأسوق هنا مثالين لإشكالية تدبير المجال الواحي على مستوى جهة سوس ماسة وعلى المستوى المركزي بالوزارة المعنية. الأول تتعلق باتفاقية مع وقف التنفيذ وتتمثل في عقد مجلس جهة سوس ماسة لاتفاقية شراكة للحماية من الحرائق وتهيئة وتأهيل واحات طاطا، موقعة سنة 2022، استتبعها تماطل… تابعت الجهة الموضوع، وقامت بتعديل الاتفاقية في دورة استثنائية في يوم 16 نونبر 2023 لعدم التزام أحد الأطراف المشاركة مما عطل تنفيذ إجراءاتها، وهكذا تفاجئ ساكنة المنطقة بحريقين مهولين (حريقي منطقتي ”أديس و”تيزكي إيرغن” اللذان اندلع لهيبهما مع بداية شهر غشت 2023).
اتفاقية تم الرهان عليها لتخفيف الوطئ، وستساهم بفعالية في مواجهة معضلة نشوب أي حريق على حين غرة.. وبذلك ستحول مختلف الإجراءات الاحترازية دون انتعاش المسببات الرئيسية لاندلاع الحرائق. لكن اتفاقية بقيت حبرا على ورق. رغم أنه تمت المصادقة عليها في الدورة العادية للمجلس في أكتوبر 2022. وقد حدد، في المادة الثانية من الاتفاقية، أجل أقصاه 30 يوما لانطلاق تنفيذ اتفاقية الشراكة، ابتداء من تاريخ التأشير على الاتفاقية المشتركة. ورسمت أهداف مشتركة دقيقة مع مكونات مفصلة للمشروع. لم يتم تفعيل الاتفاقية. وهكذا يأتي يوم الخميس 27 يونيو 2024 بطاطا ليتم إعادة التوقيع على اتفاقية شراكة بين رئيس مجلس جهة سوس ماسة و كل من وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووالي جهة سوس ماسة، وعامل إقليم طاطا، ورئيس المجلس الإقليمي لطاطا والقائد الجهوي للوقاية المدنية لجهة سوس ماسة حول تمويل وإنجاز مشروع الحماية من الحرائق وتهيئة وتأهيل واحات طاطا. هل الاتفاقية هي نفسها السابقة وتم إعادة صياغتها لتجاوز المعيقات التي اعترضتها؟
ويبدو أن الغلاف المالي الإجمالي لهذه الإتفاقية يتجاوز 112 مليون درهم، وتهدف إلى الحماية من الحرائق وتهيئة وتأهيل الواحات التي تعاني من الحرائق بالإقليم. وتسريع عملية التدخل للحد من تفاقم حرائق الواحات. وحماية السكان والممتلكات العامة والخاصة من الأخطار الناجمة عن الحرائق والكوارث الطبيعية والحوادث المختلفة. ثم بناء وتجهيز مركز الاغاثة للوقاية المدنية بأقا. نتمنى أن نمر إلى مرحلة التنفيذ دون مماطلة بعد هذا طول الانتظار.
المثال الثاني هو سبق لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في عهد وزيرها السابق رئيس الحكومة الحالي السيد عزيز أخنوش، أن انتبهت مند 2016 لأهمية استدامة الواحات المغربية. وتقدم المغرب بمبادرة «الواحات المستدامة» في مؤتمر الأطراف الثاني والعشرون بمدينة مراكش (COP22) عام 2016، بغية حماية النظم البيئية الأكـثـر هشاشة، وتشجيع معالجة قضايا تـغـيـر المـنـاخ مـن خلال إجـراءات الـتـكـيـف واستحضار خـصائص كل نـظام بيئي، وكذا الدعوة لتعاون دولـي قوي لمواجهة تغير المناخ. لكن بقيت هذه المبادرة في الرفوف الى حين انعقاد المؤتمر الدولي للواحات ونخيل التمر في مدينة ورزازات، السنة الماضية، حول موضوع «جميعا من أجل استدامة وتكيف المنظومة الواحية»، من قبل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات وأعلن رسميا تبني المبادرة عمليا بعد انتظار ثمان سنين.
وفي سنة 2022 بادرت جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي بأبوظبي، إلى الاعلان عن «المبادرة الدولية للمحافظة على واحات النخيل في ظل التغير المناخي» بمقاربة تشاركية استندت، من بين مرجعياتها، على مرجعية «الواحات المستدامة» التي تقدم بها المغرب في مؤتمر الأطراف الثاني والعشرون بمدينة مراكش بالمملكة المغربية (COP22) سنة 2016. مسعى إذن سينطلق بتعاضد مختلف الأطراف الدولية المعنية بالواحات ستساهم في انقاد ما يمكن إنقاده واستدامة هذا الفضاء الطبيعي الهام.
لكن منذ ذلك الحين شمل المبادرة المغرب ”واحات مستدامة” المعلنة بقمة المناخ بمراكش التماطل والفرملة لا أدري هل مقصودة أو عفوية لم تدرج ضمن أولويات أجندة الوزارة. لم يكتب بعد تفعيل المبادرتين لا على المستوى الوطني أما على المستوى العربي أو الدولي فبقيت دون تنفيذ لا نعلم سبب هذه التوقف ومن أي جانب!!!! وتبقى الواحات المغربية في قاعة الانتظار تتطلع للحسم و الأجرأة من قبل ذوو القرار. الانتظار ثم الانتظار… هذا قدرنا!!!!!
ننتظر إذن تنفيذ مراسيم إجراءات تطبيقية لفحوى المبادرة ورسم خارطة طريق عملية. نقول لذوي القرار بكل ود، لم يعد هناك متسع للتماطل في حين ان الواحات تئن. لا مجال للتأجيل…..أرجوكم !!!!
نتطلع ونتمنى أن يتم الإفراج عن «استدامة الواحات» بمسؤولية وحزم وإجراءات إلزامية في أول مناسبة مقبلة تتجلى في المعرض الدولي للتمور بأرفود قبل نهاية السنة.
الوضع ينذر بسوء العاقبة، رغم المجهودات المبذولة، والمخططات المرسومة، إلا أن التقهقر مستمر. لا يجب أن نبخس المجهودات المبذولة من قبل المؤسسات الرسمية، أو نتجه إلى عقلية المؤامرة. كي نكون موضوعيين في مقاربة الإشكالية. لا ننسى هنا مبادرات الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات والأركان، لها برنامجا وطنيا للوقاية من الحرائق والتصدي لها مع مختلف المعنيين باستخدام تقنيات مبتكرة للكشف المبكر والعمل بالكاميرات والطائرات بدون طيار وإجراءات أخرى مختلفة، ونذكر هنا توقيع رئيس جهة سوس ماسة إتفاقية شراكة، في الشهر الماضي من السنة الجارية (2024) مع عامل إقليم طاطا، ورئيس المجلس الاقليمي وكذا المديرة العامة للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، بغية تمويل وإنجاز مشروع وتجديد وتوسيع شبكة الماء الصالح للشرب بالدواوير التابعة لإقليم طاطا، بغلاف مالي يصل إلى 20 مليون درهم.
لكن يبقى حجم المعضلة أكبر والاكراهات أشمل.. هل ربما الضغط أقوى من كل الاتجاهات المتداخلة؟ لكن تبقى جودة التدبير في الميزان مطروحة.
سأسوق هنا مثالين لإشكالية تدبير المجال الواحي على مستوى جهة سوس ماسة وعلى المستوى المركزي بالوزارة المعنية. الأول تتعلق باتفاقية مع وقف التنفيذ وتتمثل في عقد مجلس جهة سوس ماسة لاتفاقية شراكة للحماية من الحرائق وتهيئة وتأهيل واحات طاطا، موقعة سنة 2022، استتبعها تماطل… تابعت الجهة الموضوع، وقامت بتعديل الاتفاقية في دورة استثنائية في يوم 16 نونبر 2023 لعدم التزام أحد الأطراف المشاركة مما عطل تنفيذ إجراءاتها، وهكذا تفاجئ ساكنة المنطقة بحريقين مهولين (حريقي منطقتي ”أديس و”تيزكي إيرغن” اللذان اندلع لهيبهما مع بداية شهر غشت 2023).
اتفاقية تم الرهان عليها لتخفيف الوطئ، وستساهم بفعالية في مواجهة معضلة نشوب أي حريق على حين غرة.. وبذلك ستحول مختلف الإجراءات الاحترازية دون انتعاش المسببات الرئيسية لاندلاع الحرائق. لكن اتفاقية بقيت حبرا على ورق. رغم أنه تمت المصادقة عليها في الدورة العادية للمجلس في أكتوبر 2022. وقد حدد، في المادة الثانية من الاتفاقية، أجل أقصاه 30 يوما لانطلاق تنفيذ اتفاقية الشراكة، ابتداء من تاريخ التأشير على الاتفاقية المشتركة. ورسمت أهداف مشتركة دقيقة مع مكونات مفصلة للمشروع. لم يتم تفعيل الاتفاقية. وهكذا يأتي يوم الخميس 27 يونيو 2024 بطاطا ليتم إعادة التوقيع على اتفاقية شراكة بين رئيس مجلس جهة سوس ماسة و كل من وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووالي جهة سوس ماسة، وعامل إقليم طاطا، ورئيس المجلس الإقليمي لطاطا والقائد الجهوي للوقاية المدنية لجهة سوس ماسة حول تمويل وإنجاز مشروع الحماية من الحرائق وتهيئة وتأهيل واحات طاطا. هل الاتفاقية هي نفسها السابقة وتم إعادة صياغتها لتجاوز المعيقات التي اعترضتها؟
ويبدو أن الغلاف المالي الإجمالي لهذه الإتفاقية يتجاوز 112 مليون درهم، وتهدف إلى الحماية من الحرائق وتهيئة وتأهيل الواحات التي تعاني من الحرائق بالإقليم. وتسريع عملية التدخل للحد من تفاقم حرائق الواحات. وحماية السكان والممتلكات العامة والخاصة من الأخطار الناجمة عن الحرائق والكوارث الطبيعية والحوادث المختلفة. ثم بناء وتجهيز مركز الاغاثة للوقاية المدنية بأقا. نتمنى أن نمر إلى مرحلة التنفيذ دون مماطلة بعد هذا طول الانتظار.
المثال الثاني هو سبق لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في عهد وزيرها السابق رئيس الحكومة الحالي السيد عزيز أخنوش، أن انتبهت مند 2016 لأهمية استدامة الواحات المغربية. وتقدم المغرب بمبادرة «الواحات المستدامة» في مؤتمر الأطراف الثاني والعشرون بمدينة مراكش (COP22) عام 2016، بغية حماية النظم البيئية الأكـثـر هشاشة، وتشجيع معالجة قضايا تـغـيـر المـنـاخ مـن خلال إجـراءات الـتـكـيـف واستحضار خـصائص كل نـظام بيئي، وكذا الدعوة لتعاون دولـي قوي لمواجهة تغير المناخ. لكن بقيت هذه المبادرة في الرفوف الى حين انعقاد المؤتمر الدولي للواحات ونخيل التمر في مدينة ورزازات، السنة الماضية، حول موضوع «جميعا من أجل استدامة وتكيف المنظومة الواحية»، من قبل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات وأعلن رسميا تبني المبادرة عمليا بعد انتظار ثمان سنين.
وفي سنة 2022 بادرت جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي بأبوظبي، إلى الاعلان عن «المبادرة الدولية للمحافظة على واحات النخيل في ظل التغير المناخي» بمقاربة تشاركية استندت، من بين مرجعياتها، على مرجعية «الواحات المستدامة» التي تقدم بها المغرب في مؤتمر الأطراف الثاني والعشرون بمدينة مراكش بالمملكة المغربية (COP22) سنة 2016. مسعى إذن سينطلق بتعاضد مختلف الأطراف الدولية المعنية بالواحات ستساهم في انقاد ما يمكن إنقاده واستدامة هذا الفضاء الطبيعي الهام.
لكن منذ ذلك الحين شمل المبادرة المغرب ”واحات مستدامة” المعلنة بقمة المناخ بمراكش التماطل والفرملة لا أدري هل مقصودة أو عفوية لم تدرج ضمن أولويات أجندة الوزارة. لم يكتب بعد تفعيل المبادرتين لا على المستوى الوطني أما على المستوى العربي أو الدولي فبقيت دون تنفيذ لا نعلم سبب هذه التوقف ومن أي جانب!!!! وتبقى الواحات المغربية في قاعة الانتظار تتطلع للحسم و الأجرأة من قبل ذوو القرار. الانتظار ثم الانتظار… هذا قدرنا!!!!!
ننتظر إذن تنفيذ مراسيم إجراءات تطبيقية لفحوى المبادرة ورسم خارطة طريق عملية. نقول لذوي القرار بكل ود، لم يعد هناك متسع للتماطل في حين ان الواحات تئن. لا مجال للتأجيل…..أرجوكم !!!!
نتطلع ونتمنى أن يتم الإفراج عن «استدامة الواحات» بمسؤولية وحزم وإجراءات إلزامية في أول مناسبة مقبلة تتجلى في المعرض الدولي للتمور بأرفود قبل نهاية السنة.
ما المطلوب، في نظرك، لتجاوز هذا الوضع بواحات النخيل في المغرب حتى تخدم الانسان والمجال وتنعكس على التنمية الترابية والاقتصادية المحلية وتحقّق الأثر؟
يجب تطوير وإدماج البحث العلمي مع علم الاجتماع، لدراسة الوضع والحد من الاختلالات متداخلة الاتجاهات. وصياغة قوانين مناسبة لحماية وتطوير الواحات.
وتبقى إشكالية المياه السؤال الأكثر إلحاحا في الواحات مما يستوجب إحداث استراتيجية مستدامة لتعبئة الموارد المائية، القلب النابض للواحات. وباتت الحاجة ملحة إلى تدبير عقلاني وعادل لموارد المياه للحفاظ على النظم البيئية للواحات. وتوعية الفاعلين حول أهمية النظام البيئي الواحي. وكذا مسألة التخطيط المجالي. وهذا يتطلب إجراءات قوية تطرح المشكلة على الفور من حيث الإنقاذ وليس الحماية.
يجب أن تراجع المصالح الوصية والمعنية منهجية الاستعدادات وسبل المواجهة المعتمدة بمقاربة ذات خصوصية دقيقة. من خلال اعتماد سياسات عمومية تروم إيجاد سبل التكيف مع تغير المناخ. وتأهيل المناطق الهشة للتكيف مع مثل الحرارة المتطرفة والسلوك الانساني الشاذ. وتدقيق تدبير القطاع مع الأطراف الأخرى. عبر خلق مرصد بيئي للنظم البيئية للواحات للتتبع وتقييم الوضعية بدقة وحرفية علمية لتحديد موطن الخلل. ومراجعة السياسة العمومية المتبعة في المجال بحس ومسؤولية مرهفة ويقظة وتأهب عال…
يجب تطوير وإدماج البحث العلمي مع علم الاجتماع، لدراسة الوضع والحد من الاختلالات متداخلة الاتجاهات. وصياغة قوانين مناسبة لحماية وتطوير الواحات.
وتبقى إشكالية المياه السؤال الأكثر إلحاحا في الواحات مما يستوجب إحداث استراتيجية مستدامة لتعبئة الموارد المائية، القلب النابض للواحات. وباتت الحاجة ملحة إلى تدبير عقلاني وعادل لموارد المياه للحفاظ على النظم البيئية للواحات. وتوعية الفاعلين حول أهمية النظام البيئي الواحي. وكذا مسألة التخطيط المجالي. وهذا يتطلب إجراءات قوية تطرح المشكلة على الفور من حيث الإنقاذ وليس الحماية.
يجب أن تراجع المصالح الوصية والمعنية منهجية الاستعدادات وسبل المواجهة المعتمدة بمقاربة ذات خصوصية دقيقة. من خلال اعتماد سياسات عمومية تروم إيجاد سبل التكيف مع تغير المناخ. وتأهيل المناطق الهشة للتكيف مع مثل الحرارة المتطرفة والسلوك الانساني الشاذ. وتدقيق تدبير القطاع مع الأطراف الأخرى. عبر خلق مرصد بيئي للنظم البيئية للواحات للتتبع وتقييم الوضعية بدقة وحرفية علمية لتحديد موطن الخلل. ومراجعة السياسة العمومية المتبعة في المجال بحس ومسؤولية مرهفة ويقظة وتأهب عال…