آفاق بيئية: محمد التفراوتي
نظم بمناسبة اليوم العالمي للبيئة لقاء تواصليا، بمدينة أكادير، تدارس من خلاله مجموعة من الخبراء مختلف أشكال القضايا البيئية من تخصصات والزوايا متنوعة. وخلال الملتقى تناول الدكتور فؤاد مساندة مدير مختبر بيوتكنلوجيا وتثمين الموارد الطبيعية بكلية العلوم أكادير، مستقبل أركان في منظومة بيئية تخضع لتغير مناخي غير ملائم.
وأفاد الدكتور فؤاد مساندة أن وسط غرب المغرب يشكل إحدى أبرز مناطق شمال إفريقيا سواء من حيث طبيعة مناظرها الطبيعية أو نباتاتها. وتتوافق المنطقة مع مفترق طرق نباتي حقيقي حيث تلتقي العناصر الجغرافية النباتية المتنوعة. وتتكون البنيات النباتية من عناصر ذات أصول متوسطية وصحراوية واستوائية و”ماكرونيزية”، أي شبه استوائية وصحراوية ومحيطية، وكذا العديد من النباتات المستوطنة التي تتعايش تبعا للظروف المناخية.
وأضاف مساندة ان أصالة القطاع النباتي تكمن في وجود الجنس المستوطن شجر أركان، والسهوب ذات الأنواع الصبارية، والعديد من الأنواع المستوطنة والبلوط و العرعار، ذلك ان شجرة أركان هي نوع مستوطن ينتمي إلى العائلة الاستوائية. هذه العائلة معروفة منذ العصر الطباشيري الأعلى ويتفق العديد من المؤلفين على اعتبار شجرة أركان من بقايا العصر الثالث.
وتمثل النباتات الموجودة بالقطاع 1240 نوعا ونوعا فرعيا، وهو ما يمثل 24 في المائة من إجمالي النباتات بالمغرب. وتحتوي المنطقة على 142 نوعا مستوطنا ومع حوالي 50 نوعا خاص بقطاع شجر أركان.
وقد تم وصف أكثر من عشرة تشكيلات نباتية يهيمن عليها نبات أركان. ويمكن تفسير هذا التنوع الذي تنظمه شجرة أركان بصمود الشجرة التي تسمح لها بشغل جميع أنواع الأتربة، باستثناء الرمال المتحركة العميقة والشربط الارتفاعي الذي يبدأ من مستوى سطح البحر إلى ارتفاع حوالي 1500 متر، يشير المساندة.
وتوفر غابات أركان، بالإضافة إلى دورها البيئي، مجموعة واسعة من الاستخدامات للساكنة المحلية. ونظرا لهذه الأهمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية، تم الاعتراف بشجرة أركان كمحمية للمحيط الحيوي من قبل اليونسكو في عام 1998. ومع ذلك، فإن التنوع البيولوجي في هذا القطاع مهدد بشدة بسبب الآثار المرتبطة بتغير المناخ والنشاط البشري، مما يجعل التصحر المشكلة البيئية الرئيسية بالمنطقة.
و تشير توقعات تغير المناخ في المغرب إلى أن البلاد ستشهد انخفاضا في هطول الأمطار بنحو 20 في المائة بحلول عام 2050 و40 في المائة بحلول عام 2080، فضلا عن زيادة في شدة أحداث الجفاف الشديد. وسترتفع درجات الحرارة في الصيف بمقدار 2.5 إلى 5 درجات مئوية، ودرجات الحرارة في الشتاء بمقدار 2 إلى 3.5 درجة مئوية. ويصنف حوض المتوسط، الذي ينتمي إليه المغرب، ضمن المناطق الأكثر عرضة للتغير المناخي، وتشهد البلاد بالفعل الآثار السلبية لهذا التغير، وأحد القطاعات الأكثر عرضة لهذا التغير هو قطاع التنوع البيولوجي.