بملتقى ارفود للتمور
آفاق بيئية : محمد التفراوتي
شهدت مدينة أرفود الفيحاء المعرض الدولي للتمر في دورته 12، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ووفق شعار “الجيل الأخضر، آفاق جديدة لتنمية النخيل واستدامة الواحات”.
ويأتي هذا الملتقى في سياق اهتمام المغرب بقطـاع نخيـل التمـر كمجال حيـوي له تأثيراقتصادي واجتماعي والبيئي في مناطـق الواحـات المغربية.
وتفيد مصادر رسمية أن المسـاحة واحات النخيل خلال الموسـم الفلاحـي 2023-2022 بلغت مـا يقـارب 65.700 هكتـار، أي مـا يزيـد عـن 7 ملاييـن نخلة. لكن يستورد المغرب حوالي 30 في المائة من احتياجاته من التمور لتلبية الطلب الداخلي، خاصة خلال شهر رمضان.
تتميـز واحـات النخيـل الوطنيـة بتنوعهـا الواسـع. وتعـد أصنـاف “المجهـول” و”بوفكـوس” و”النجـدة” مـن أهـم الاصنـاف، حيـث تسـاهم بمفردهـا بأكـثر مـن 50 في المائة مـن الانتـاج الوطنـي.
بلـغ متوسـط الانتـاج الوطنـي للتمـور خـلال المواسـم الفلاحيـة الخمـس الماضية نحـو 000 130طـن. وتسـاهم جهـة درعة- تافيلات وحدهــا بحــوالي 90 في المائة مــن الانتــاج الوطنــي للتمــور. في المقابــل، يبلــغ الطلــب عــلى التمــور ســنويا 105000 طــن، بالمتوســط. وعليه فاستهلاك الفرد على الصعيد الوطني يبلغ 25,3 كيلوغـرام للفـرد علـى الصعيـد الوطنـي، مقابـل 15 كيلوغـرام للفـرد في مناطـق الانتـاج.
وتعتبر سلسـلة نخيـل التمـر ليسـت مجـرد نشـاط اقتصـادي، بـل هـي أيضـا فضاء لأسلوب حيـاة وتـراث ثقافي وتاريخـي وطبيعـي وزراعـي.
وبشكل نخيل التمر القلب النابض للمجال الواحي. يتفوق على أنـواع الأشـجار المثمـرة الأخرى في مناطـق الواحـات. ويقـوم بـدور حاسـم في الحفـاظ عـلى تـوازن منظومتها البيئية.
تمتـد واحـات النخيـل المغربيـة علـى مسـاحة تبلـغ حـوالي 7,65 ألـف هكتـار. تضم منطقــة زراعــة النخيــل عــلى ما يناهز 90 واحــة موزعــة عــلى 8 أقاليــم تقــع في جنــوب شرق المغــرب، وتهم مدن فجيــج والرشــيدية وتنغــير وورزازات وزاكــورة وطاطــا وكلميــم وآســا الــزاك. وتتمركــز أساســا بجهــة درعــة تافيلالت.
وتضم المساحة الجغرافيـة لهـذه السلسـلة الشاسـعة 13 اقليـم جنـوب الغـرب. ومـن أهـم الجهـات المنتجـة، سـنة 2022 هي جهـة درعـة تافيلالت بنسـبة 76 في المائة ، وسـوس ماسـة بنسبة 15 في المائة ،ثم الجهـة الشرقيـة بنسبة 5 في مائة وكلميـم واد نـون بنسبة 4 في المائة.
وتسـاهم زراعـة النخيـل بنسـبة تصـل مـن 20 إل 60 في المائة في الدخـل الفلاحـي لأكثر مـن 4.4 مليـون نسـمة ويوفـر، بالاضافـة إلى التمـر، مـواد مختلفـة مخصصـة للحـرف والبنـاء وإنتـاج الطاقـة.
ويوفـر قطـاع التمـور وظائـف في المناطـق الصحراويـة ذات تـوازن فلاحـي بيئـي هـش، مـما يسـاهم في الحفـاظ عـلى اسـتقرار السـاكنة في هـذه المناطـق وتحسـين الظـروف المعيشـية للسـاكنة المحلية .ويتمتع النخيل الوطني بواحد من أغنى الأصناف على المستوى الدولي مع أكثر من 450 نوع.
ويعد قطاع النخيل جزء من استراتيجية الجيل الأخضر 2030-2020، التي تولي أهميـة لسلسـلة النخيـل، إذ تم التوقيـع على عقـد برنامـج لتنمية سلسـلة نخيـل التمـر بين الحكومـة والفيدراليـة البيمهنيـة المغربيـة للتمـور. ورصدت تكلفـة لتنفيـذ مختلف الاجـراءات المبرمجـة مـا بـين 2021 و2030 بلغت نحو 47.7 مليـار درهـم، وذلك لإعـادة تكثيـف وتأهيــل واحـات النخيــل المتواجـدة، وإحـداث مغروسـات جديـدة للنخيـل خـارج مـدار الواحـات، ثم تطوير إنتاجيــة وتطويــر التخزيــن و والتصنيــع والتصدير والتسـويق الداخلـي وتعزيـز قيمـة منتجـات النخيـل الفرعيـة.
وتتطلع الاستراتيجية، افـق 2030، غرس 5 ملايين نخلة منها 3 ملايين في واحات النخيل التقليدية. و توسيع المساحة خارج مدارات النخيل التقليدية بمقدار 14000 هكتار لتصل إل 21000 هكتار. ثم تحسين الانتاج ليصل إلى 300 ألف طن. وتحسين معدل التوضيب ليصل إل 50 في المائة مقابل 8 في المائة سنة 2020. و تطوير معدل التصنيع ليبلغ 10 في المائة مقابل 3.0 في المائة حالياً. و النهوض بالصادرات لتصل إلى 70 ألف طن مقابل 3600 طن سنة 2020.
يشار أن دورة المعرض الدولي للتمور لهذه السنة يشهد مشاركة 230 عارضا من مزارعي ومنتجي ومصنعي التمور من المغرب ومن عدة دول كالإمارات العربية المتحدة ومصر والسودان وموريتانيا والأردن والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والمكسيك، ويمتد المعرض على مساحة 40 ألف متر مربع.
يذكر المعرض الدولي للتمور بالمغرب هو حدث يمتد لعقود طويلة، يعود أصله إلى أربعينيات القرن الماضي عندما أنشئ بظهير باسم “معرض تافيلالت للتمور”، وقد حظي بشرف زيارة تاريخية من قبل المغفور له الراحل الملك محمد الخامس عام 1957. كما شهدت المنطقة زيارة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اسنة 2011، مؤكدا على أهمية النظام البيئي للواحة، وحرصا على تعزيز المشاريع الكبرى التي تم تدشينها في عهده. وشكلت هذه الزيارة نقطة تحول مهمة في تاريخ هذا المعرض الذي تحول إلى معرض دولي تحت قيادته، وأعاد تنشيط منطقة تشكل فيها الأنشطة الزراعية للواحات، خاصة نخيل التمر، مصدر دخل مهم للمزارعين و قوة دافعة لاقتصاد الواحات.
جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي تنسج أواصر التعاون بين مزارعي ومنتجي ومصنعي ومصدري التمور
نال رواق الإمارات العربية المتحدة المركز الأول من بين الدول المشاركة .وأكد الدكتور عبد الوهاب زايد أمين عام الجائزة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة حققت فوزاً جديداً يضاف إلى سجلها الذهبي في مجال دعم وتنمية قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور، وذلك إثر فوزها بالمركز الأول كأفضل وأفخم جناح بين الدول المشاركة بالملتقى الدولي للتمور بأرفود 2023 .
ونوه الدكتور عبد الوهاب زايد، أمين عام جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، بالنجاح الكبير الذي حققه الملتقى في دورته الثانية عشر، موضحا أن “مشاركة دولة الإمارات تأتي للتأكيد على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية “حفظه الله”، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله.”
وتلعب جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي دورا هاما في تحقيق نهضة قطاع التمور في العالم. وتقوم بنسج أواصر التعاون بين مزارعي ومنتجي ومصنعي ومصدري التمور على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. وتشجع الابحاث العلمية الرائدة.
وبلغ عدد الجهات المشاركة برواق الإمارات 26 جهة تمثل القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني العاملين في زراعة النخيل وإنتاج التمور منهم ستة عارضين من دولة الامارات العربية المتحدة، وأربع عارضين من جمهورية مصر العربية، وعارض من جمهورية السودان، وعارضين من المملكة الأردنية الهاشمية، وعارضين من الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأربع عارضين من الولايات المتحدة المكسيكية.
ونوه الأستاذ الباحث “ريكاردو سلامة توريس” من المكسيك بجهود كل المتدخلين في المهرجان. شاكرا دعوة جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي ، مضيفا أن شركته في المكسيك تعمل على صناعة نخيل التمر من نوع المجهول والمساهمة بشكل أساسي في إنتاج التمر بنسبة 94 في المائة في الوقت الذي تنتج فيه المكسيك حوالي 20000 طن من التمر في جميع أنحاء البلاد.
وأشاد الدكتور زياد همامي خبير زراعي عن المركز الدولي للزراعات الملحية بالمعرض الدولي للتمور في المغرب وجهود جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي. واشار أن المركز قدم مستجدات الأبحاث المنجزة في نخيل التمر، والتي تتعلق بالتقنيات الزراعية التي يمكن للمزارعين استعمالها، في الحقول الهامشية مالحة المياه والتربة وتتسم بندرة المياه وقلة الخصوبة وتعاني من الأمراض والآفات التي يمكن ان تصيب النخيل والتمر.
وقال ممثل شركة الطحان المصرية لمنتجات التمور أن مشاركته الثانية في الملتقى الدولي للتمور بأرفود كشفت عن تقنيات جديدة في صناعة التمر، من قبيل إضافة نكهة الفرولة أو الموز للتمر، بحيث تجده محشوا بالمكسرات من الداخل كاللوز والجوز، مع توفرها على أنواع مثل الدبس المعروف بتحلاوت، ونوه بمجهودات جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي في تنظيم الملتقيات والمؤتمرات حول قطاع التمور في العالم العربي وفي العالم ككل.
وثمن الدكتور حسن علي دينار، خبير سوداني سابق لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو بمستوى تنظيم الملتقى وعبر سعادته بالمشاركة في المهرجان الدولي الثاني عشر للتمور بالمغرب، مضيفا: “أن الشكر موصول لمؤسسة جائزة خليفة الدولية لأنه لولاهم ما استطعنا المشاركة بالرغم من الظروف التي يمر بها السودان الآن، فبجهد كبير منهم كممثلين للإمارات العربية المتحدة استطعنا المشاركة على شكل محدود وهذا كله يقودنا إلى بناء الخبرات، بناء الشراكات، واكتساب المعارف، والتفاعل مع الجهات المشاركة في هذا المهرجان”، مذكرا أن السودان تحتوي على حوالي 80,000 صنف من التمور منها البنديلا والمجهول.
وأضاف السيد يوسف حسين أبو حماد من الأردن، مزارع تمور وصاحب مزارع واحة المحيط للتمور أن جهود مؤتمر أرفود للتمور معتبرة. وأن معرض أرفود يشكل فرصة للتعرف على منتوجات التمور من الدول العربية ودول أخرى وكذا التعرف على ثقافات الشعوب وعلى منتجاتها من التمور وكسب الثقة والخبرة، مشيرا إلى جودة تمر المجهول الأردني.
وأوضح السيد مصطفى يوسف أحمد المدير التنفيذي لشركة شالي للتمور بمصر بأن الشركة متخصصة في إنتاج التمور المصرية، مؤكدا أن المغرب من أهم الأسواق التي تستقبل التمور المصرية. وشكر جائزة خليفة الدولية التي حققت خريطة مسار للتمور المصرية، فهي تبدأ تواجدها في كل الأسواق والمشاركات على مستوى أنحاء العالم كله.