جديد خطوات الحفاظ على الطبيعة

محمد التفراوتي22 أغسطس 2023آخر تحديث :
Florian Plaucheur/AFP via Getty Images
Florian Plaucheur/AFP via Getty Images

بقلم ساندرين ديكسون- ديكليف وسايمون زاديك

جنيف – إن الاقتصاد العالمي يعاني من ادمان استغلال الموارد الطبيعية والذي يتم بلا هوادة وبدون استدامة. ومع ذلك وعلى الرغم من اعتمادنا الكامل على الطبيعة، فإن مساهمتها – على سبيل المثال، المياه المستخدمة لصنع ملابسك أو التربة التي يزرع فيها طعامك – ضمنية وغير مرئية إلى حد كبير. وبناءً على ذلك، فإن بناء مستقبل عادل وصديق للطبيعة يتطلب جيلًا جديدًا من الأسواق القائمة على المبادئ والحوكمة الجيدة لأصول وخدمات النظام البيئي.

إن الطبيعة واستقرار المناخ هما وجهان لعملة واحدة ومصيرهما متشابك. يعد الحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادته أمرًا ضروريًا للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بينما يؤدي الاحتباس الحراري العالمي غير المنضبط إلى تدمير الثروة الطبيعية للكوكب، لكن الجهود المبذولة لإزالة الكربون من الاقتصاد العالمي ليست كافية لمنع استغلال النظم البيئية. يمكننا اليوم التعلم من دليل المناخ والاستفادة منه ولكن لا يجوز نسخه ولصقه.

ان هناك حاجة إلى دليل جديد لوقف وعكس فقدان التنوع البيولوجي حيث تم إنشاء قوة المهام المعنية بالأسواق الطبيعية في مارس 2022 للمساعدة في كتابته. سوف يتم إصدار نتائج وتوصيات قوة المهام تلك حول أفضل السبل لتشكيل جيل جديد من الأسواق التي تحافظ على الطبيعة بدلاً من تدميرها وذلك خلال القمة الإقليمية لتحالف غابات الأمازون المطيرة في بيليم بالبرازيل.

تعكس الحاجة إلى قوة المهام تلك توجهًا تاريخيًا بإن يكون هناك ثمن للطبيعة. ان هناك ضغوطات كبيرة على سبيل المثال من أجل تحديد المخاطر المتعلقة بالطبيعة وطلب إفصاحات الشركات المتعلقة بالطبيعة. ان هناك اهتمام متزايد بالزراعة المتجددة وقد أثار تقاسم منافع الموارد الجينية نقاشًا قويًا وبدأت أسواق ائتمان التنوع البيولوجي في التبلور.

يدعي المدافعون عن الحلول المستندة إلى السوق أن هذه التطورات، إلى جانب الإشارات المتعلقة بالسياسات ستعمل في نهاية المطاف على مواءمة الاقتصاد العالمي مع النتائج الصديقة للطبيعة. يجادل هولاء بأنه سيتم انقاذ النظم البيئية للكوكب من خلال مكافأة الشركات والحكومات التي تقدم منتجات وخدمات مالية متعلقة بالطبيعة وتوجيه الاستثمار نحو استعادة التنوع البيولوجي.

لقد اعتمد صناع السياسات وقادة الشركات على نفس النهج للتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري وبنتائج متباينة. لكن تغير المناخ أكثر قابلية للتكيف مع نموذج قائم على السوق لسببين: يمكن بسهولة قياس انبعاثات غازات الدفيئة والتحقق منها كما تستمر التكنولوجيا الخضراء في جذب كميات هائلة من الاستثمار، ولكن العالم الطبيعي لا يوجد فيه ما يعادل انبعاثات غازات الدفيئة، مما يجعل التسعير أكثر صعوبة كما لا يوجد فيه مشهد تقني عام قابل للاستثمار باستثناء مجموعة ناشئة من تقنيات إنتاج السلع المنقذة للطبيعة مثل اللحوم المزروعة في المختبر والزراعة العمودية.

إن هناك اختلاف أساسي آخر يتعلق بدور السكان الاصليين والمجتمعات المحلية في الحفاظ على الطبيعة، وعلى الرغم من أن السكان الأصليين يشكلون أقل من 5٪ من سكان العالم، فإنهم يحمون 80٪ من التنوع البيولوجي للكوكب، وحتى السياسات والأدوات ذات النوايا الحسنة والقائمة على السوق يمكن أن تقوض دور حماة الطبيعة هولاء وتؤثر سلبًا على النظرة المستقبلية لجهود المحافظة على الطبيعة (وبالنتيجة التخفيف من التغير المناخي).

إن من المؤكد أن آليات السوق يمكن بل ويجب تسخيرها لإنقاذ الطبيعة، ولكن بالنظر إلى هذه التحديات الفريدة، فإنها لن تنجح إلا إذا تم تصميم مبادئ الحوكمة وأساليب التشغيل الخاصة بها بشكل يعزز من المساواة والازدهار المستدام. تقدم قوة المهام سبع توصيات عملية يمكن أن توجه الاقتصاد العالمي نحو مسار صديق للطبيعة.

يأتي على رأس القائمة قيام وزراء المالية والاقتصاد ومحافظي البنوك المركزية بمواءمة القواعد الاقتصادية والمالية بشكل أوثق مع أهداف الحفاظ على التنوع البيولوجي ودعم حماة الطبيعة، وعند تعديل اتفاقيات التجارة والاستثمار، يتوجب على عملية التنسيق بين السياسات الدولية من خلال مجموعة العشرين والمنتديات الدولية الأخرى أن تتحقق بأن البلدان ذات الدخل المنخفض الغنية بالطبيعة لا تتحمل العبء الأكبر لتكاليف التحول.

يجب على البنوك المركزية والمشرفين أيضًا التحقق من أن الأسواق المالية متوافقة مع التزامات الطبيعة والمناخ كما يجب على المسؤولين عن حوكمة التمويل العالمي التصرف بشكل استباقي حيث لا يجوز الاكتفاء فقط بمعالجة الأهداف على المستوى المتوسط للاستقرار المالي وتكامل السوق.

يجب إعادة تنظيم إدارة أسواق السلع الطبيعية غير المعدنية وخاصة بالنسبة للمنتجات الزراعية وذلك نظرًا لتأثيراتها الهائلة على التنوع البيولوجي والمناخ والمجتمع. يجب أن تشمل هذه الإجراءات المستهدفة تدابير لزيادة الشفافية بما في ذلك القدرة على التتبع الكامل والتغلب على عدم الاهتمام التنظيمي الحالي في الطبيعة.

يجب أن تركّز قواعد مكافحة غسيل الأموال بشكل أكبر على الجرائم البيئية مثل إزالة الغابات والتعدين وصيد الأسماك والاتجار بالحياة البرية بشكل غير قانوني. يمكن للاستثمارات القانونية في القطاع الزراعي وخاصة فيما يتعلق بإنتاج السلع الطبيعية أن تمول عن غير قصد هذه الجرائم التي تدمر الطبيعة وغالبًا ما تؤدي الى زيادة العنف.

نظرًا للتحديات الفريدة المتمثلة في وقف فقدان التنوع البيولوجي وعكس مساره والاعتماد الكلي للبشرية على النظم البيئية المزدهرة، نحتاج إلى دليل جديد للحفاظ على الطبيعة. يمكن لمثل هذا الدليل الاعتماد على استراتيجيات المناخ الحالية مع الضغط أيضًا من أجل اتخاذ تدابير أكثر طموحًا وتتناسب بشكل أكبر مع الأهداف المقصودة. إن هذا مهم بشكل خاص عند تصميم أسواق الطبيعة من أجل تحقيق نتائج عادلة وصديقة للطبيعة وذلك لما فيه مصلحة الناس والكوكب.

*ساندرين ديكسون- ديكليف هي الرئيسة المشاركة لنادي روما وعضو قوة المهام المعنية بأسواق الطبيعة. سايمون زاديك هو المدير التنفيذي لمؤسسة ناتشر فاينانس والرئيس المشارك لأمانة قوة المهام المعنية بأسواق الطبيعة.
حقوق النشر: بروجيكت سنديكت ،2023

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!