تحالف دولي بقيادة الإمارات لمكافحة سوسة النخيل الحمراء: مقاربة علمية وابتكارية لحماية الأمن الغذائي والبيئة

محمد التفراوتي16 أبريل 2025Last Update :
تحالف دولي بقيادة الإمارات لمكافحة سوسة النخيل الحمراء: مقاربة علمية وابتكارية لحماية الأمن الغذائي والبيئة

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

تعد سوسة النخيل الحمراء (RPW) آفة مدمرة تهدد زراعة نخيل التمر، والنظم البيئية، وسبل العيش بالواحات والقرى في 49 دولة. ويمثل إطلاق الاتحاد الدولي لمكافحة سوسة النخيل الحمراء (C4RPWC) استجابة علمية جريئة لهذا التحدي العالمي. يتولى قيادة هذا الاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسسة “غيتس”، وينفذه المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA) ضمن منظومة المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، بالتعاون مع جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي (KIADPAI)، ووزارة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والمركز الدولي للزراعة الملحية (ICBA)، وهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية (ADAFSA)، وجامعة الإمارات العربية المتحدة (UAEU).
ويضم الاتحاد مؤسسات بحثية وصناع سياسات وشركاء تنمية ضمن استراتيجية منسقة وشاملة.

وشكلت جلسة رفيعة المستوى الانطلاقة الرسمية العامة للاتحاد، ومهدت الطريق نحو مستقبل واعد لمكافحة هذه الآفة عبر مقاربة متكاملة تجمع بين العلم والسياسات والابتكار والتطبيق العملي. وقدمت الجلسة رؤى من القيادة الإماراتية ومؤسسة “غيتس” والمجتمع العلمي، عبر جلستين سلطتا الضوء على الأهمية العالمية والاستعداد المحلي لهذه المبادرة التحولية.

و شهد فندق قصر الإمارات بأبوظبي يوم الاربعاء 16 ابريل 2024 حضور نخبة من الخبراء والباحثين لإطلاق هذه المبادرة، في سياق الجهود الدولية لمواجهة تهديد بيئي وزراعي خطير. ويأتي الحدث بقيادة الإمارات وبالتعاون مع مؤسسة “غيتس”، التي ساهمت في رسم الرؤية المستقبلية للمكافحة، بينما أشرفت منظمة المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA) تحت مظلة المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، على تنفيذ المبادرة بالتنسيق مع عدد من الشركاء الرئيسيين. وبرزت أهمية توحيد الجهود بين الجهات البحثية والسياسية والتنموية.


افتتحت الجلسة بكلمة ترحيبية ألقتها “كورينا ولنر”، مديرة تطوير المشروع، أعقبتها كلمات افتتاحية من السيدة فاطمة الملا من مكتب الشؤون الدولية بالمكتب الرئاسي الإماراتي. كما شارك ممثلون عن مؤسسة غيتس في تقديم رؤى استراتيجية حول المبادرة في ظل التحديات الزراعية والأمن الغذائي.

في كلمته الرئيسية، شدد الدكتور عبد الوهاب زايد على أهمية التكامل بين البحث العلمي والتطبيق العملي، مؤكدا على الدور الحاسم للابتكار في التصدي للآفة من خلال حلول تدمج التكنولوجيا والسياسات القومية.

وتضمنت الفعالية عرضا علميا قدمه الدكتور “أوجوستو بيسيرا”، كبير العلماء في ICARDA، حول أحدث التقنيات المستخدمة في إدارة الآفات. تلاه جلستان حواريتان؛ الأولى تناولت تاريخ وتعقيد الآفة، والثانية ناقشت مستقبل المكافحة من منظور علمي، مع التركيز على التقنيات البيئية والرقمية لتعزيز قدرات الكشف المبكر والاستجابة المستدامة.

استعرضت الدكتورة “لينا تريباثي” من المعهد الدولي للزراعة الاستوائية إمكانيات استخدام أدوات مثل RNAi وCRISPR لاستهداف العمليات الحيوية للآفة بدقة، إلى جانب تدخلات الميكروبيوم لتقليل الاعتماد على المبيدات وحماية البيئة. كما شملت المبادرة مبيدات حيوية وتقنيات الحشرات العقيمة والتحرير الجيني للنخيل، مدعومة بخريطة ميكروبيومية دقيقة.

و تطبق هذه الابتكارات تدريجيا، بدءا من التجارب في البيوت المحمية إلى الميدان، ضمن سلسلة منسقة تؤسس لنموذج زراعي مستدام وآمن، على غرار التجارب الناجحة في أبوظبي.

و برز الابتكار الرقمي أيضا كعنصر محوري، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحليل البيانات الحيوية، وتطوير نظام رقمي متكامل يجمع بين الكشف والإنذار والإجراء، مما يساهم في توجيه الخدمات الزراعية وتحسين الاستجابة.

وفي إطار الإدارة المتكاملة للآفات، تم اعتماد ممارسات وقائية تجمع بين الوسائل البيولوجية والميكانيكية والزراعية، ترتكز على التشخيص المبكر، والتقليم الدوري، وإزالة الأشجار المصابة، وإدارة الري، بما يضمن استدامة النخيل.

ويتطلب مكافحة الآفة تنسيقا دوليا شاملا، مع إشراك صغار الفلاحين من خلال تجارب ميدانية ومقاربات “علم المواطن”، بما يعزز مراقبة الآفة محليا ويضمن ديمومة الحلول.

و خلصت الكلمات الختامية إلى نداء جماعي من أجل توسيع نطاق المبادرة وتعزيز التعاون الدولي، تأكيدا على أن مجابهة سوسة النخيل الحمراء تتطلب شراكات استراتيجية متعددة المستويات، تربط بين البحث، والابتكار، والسياسات الفعالة.

إعلان أبوظبي بشأن إدارة سوسة النخيل الحمراء (2019/ 2024)

انطلقت الجهود الدولية لمكافحة سوسة النخيل الحمراء من “إعلان أبوظبي الأول” الصادر في 9 مارس 2019، خلال الاجتماع الوزاري للمانحين. وأكد المشاركون على البعد الثقافي والديني والاجتماعي لشجرة النخيل، معربين عن قلقهم من تهديد الآفة، ومجددين دعمهم للبرنامج الإقليمي للقضاء عليها، بقيادة منظمة الفاو.

وفي 26 فبراير 2024، عقد الاجتماع الوزاري الثاني في أبوظبي، حيث ناقش المشاركون تقييم الأداء وتعزيز تنفيذ الاستراتيجية الإطارية، مثمنين الدعم السخي من الدول المانحة ومؤكدين أهمية الأبحاث التطبيقية والصحة النباتية.

وتواصلت الجهود حتى نهاية 2024 لتقييم مخرجات المرحلة الأولى، تمهيدا لبدء مرحلة جديدة تمتد خمس سنوات بتمويل إضافي. وتظل شجرة النخيل، برمزيتها التاريخية والدينية، في صلب هذه الجهود الدولية، كرمز للغذاء والاستقرار في وجه التحديات البيئية.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News
error: Content is protected !!