آفاق بيئية : محمد التفراوتي
ظهور فيروس كورونا مؤشراً يدل على ضرورة اتّخاذ تدابير وقائية جديدة بشأن حماية البشرية فوق كوكب الارض، وخصوصا في مجال البحث العلمي لبلورة خطة دولية واضحة امام الجائحات العالمية.
في إطار المناقشة عبر تقنية الويب مع بعض زملائه اعضاء المنظمة العالمية للشهوب قال الكاتب وخبير النيازك المغربي الدكتور إبهي عبدالرحمان من كلية العلوم بجامعة ابن زهر انه من النقط التي اثارت انتباهه هي ما مدى خطر هذه الشهوب على الارض عندما تكون كبيرة الحجم او تحتوي على مواد حيوية او سامة غير موجودة في كوكبنا.
من هذا المنطلق ومع ظهور فيروس تاجي جديد مسؤول عن وباء Covid-19 وانتشار حالة من الذعر فى جميع أنحاء العالم، وبحث الناس عن إجابات وتفسيرات لحدوثه، ظهرت احدى النظريات عبر الويب مفادها أن فيروس كورونا جاء من الفضاء. رغم اننا امام فيروس ارضي من سلالة معروفة فقد ظهرت ارتباكات جلية وبالتالي فهل العالم مستعد للتصدي لوباء مميت وخصوصا آت من الفضاء. من هذا المنطلق بات من الضروري توضيح بعض النقط حول هذه التساؤلات وواقع علم الفيروسات في العالم وهل هناك دروس يمكن تعلمها من Covid -19 وغيرها من الأمراض المعدية الفتاكة؟ وبالأحرى هل نحن مستعدين لمحاربة جائحة من اصل فضائي؟
آفاق بيئية تجري حوار مع الدكتور إبهي عبد الرحمان في الموضوع :
هل من الممكن ان يتعرض سكان كوكب الارض الى جائحة من فيروس فضائي؟
نعم ممكن، يجب ان تعلم عزيزي القارئ، ان هناك علماء مختصون في علم الاحياء خارج الارض ²Exobilogie² او علم الأحياء الفلكي ²Astrobiologie² (لا يوجد اي مختبر في الدول النامية)، وزادهم الوحيد هم النيازك الدقيقة و النيازك من نوع الكاربوني الغنية بمواد حيوية فضائية. ومجموعة كبيرة من العلماء متفقون بان هذا النوع من النيازك هو الذي اتى بمكونات الحياة والماء الى كوكبنا الازرق. علما أن معظم هذه النيازك تأتينا من المذنبات، والكل يعرف ان المذنبات هي خليط من الجليد والغبار و المواد الحيوية، فهذا الجليد هو الذي يحمي هذه المواد الحيوية لتخترق الغلاف الجوي من دون ان تحترق.
إن أكثر الأخطار التي يمكن تخيلها والتي يجب على البشرية أن تحتاط منها، هي اما نيزك كبير جدا يصطدم بالأرض (وهذا ما حدث مع الديناصورات قبل 65 مليون سنة و ادى الى انقراضها) او وصول فطريات أو بكتيريا أو فيروسات فضائية. علما ان هذه الأشكال الكونية للحياة البدائية أكثر احتمالية للوصول الى الارض من الأشكال المعقدة والذكية. ويمكن أن تكون مصدر جائحة خطيرة جدا، لان جهاز المناعة البشري لا يعرفها بتاتا حيث يمكن ان تدخل في تركيبتها مواد عضوية ليست موجودة في الارض. ومع ذلك، حتى الآن، لم يتم اكتشاف الكائنات الحية الدقيقة خارج الأرض. في المقابل هناك مجموعة كبيرة من الباحثين عثروا في تحليلات النيازك على مواد عضوية من الأحماض الأمينية، اللبنات الأساسية للحياة، والتي تحتوي على الهيدروجين والكربون. والجديد ان باحثون في جامعة ²هارفارد² في الولايات المتحدة سمحت لهم تقنية مطياف الكتلة الحديثة ²Spectrometrie de mass² )تستخدم لتوضيح البنى الكيميائية للجزيئات( على نيزك صغير يسمى ²Acfer 086² تم العثور عليه في الجزائر، توصيف الهيكل الكيميائي بدقة لم تتحقق من قبل. أدرك الباحثون بعد ذلك أن الأحماض الأمينية التي تم اكتشافها سابقًا تم تحويلها بالفعل إلى بروتين حقيقي يتألف من سلسلتين من الأحماض الأمينية مرتبطة بذرات الحديد والأكسجين والليثيوم. للتأكد من أن البروتين ليس من أصل أرضي، قام الباحثون بحساب نسبة الدوتريوم/الهيدروجين (تقنية تستعمل لتحديد أصل المواد) واتضح أنها ليست مطابقة مع احياء الارض وبالعكس مطابقة جدا مع المذنبات كبيرة المدار. البنية المكتشفة التي يطلق عليها اسم “الهيموليثين” وهي أول بروتين فضائي مكتشف لحد الآن. من المهم أن نلاحظ أن هذه الدراسة لازالت في البداية وستتعقبها ابحاث اخرى على نيازك اخرى لتتضح الرؤية .
من خلال الأجهزة الأكثر تعقيدًا المتاحة اليوم، مجموعة من العلماء تأكدوا بان بعض النيازك الكربونية تحتوي على جميع المكونات اللازمة لتوليد الحياة أينما سقطت وإن سمحت لها الظروف بالازدهار. في نفس السياق قالت العالمة ²كويني تشان ² من جامعة ²أوبن² في المملكة المتحدة بعد دراسة نيزكين توأمين ثم العثور عليهما في كل من المغرب والمكسيك: “هذه حقًا هي المرة الأولى التي نجد فيها مادة عضوية وفيرة مرتبطة بالمياه السائلة التي تعتبر حاسمة حقًا لأصل الحياة”. وتشمل هذه المكونات العضوية، الأحماض الأمينية اللازمة لتكوين البروتين، وكذلك الكربون والأكسجين والنيتروجين.
ما رأيك في اصل فيروس كورونا ؟
رغم ادعاءات مجموعة من العلماء بان فيروس كورونا من اصل فضائي وخصوصا العالم الكبير البروفيسور ²تشاندرا ويكراماسينج² ²Chandra Wickramasinghe² من مركز ²باكنغهام² لعلم الأحياء الفلكية، صرح يومه 18 مارس 2020 أن الفيروس التاجي المتجدد أصله خارج الأرض. حيث نشر الباحث في علم الفلك وعلم الأحياء الفلكية، أن الفيروس كان يعيش على مذنب، وربما سقطت قطعة منه فوق الصين فى أكتوبر 2019. ويعتقد أنه من المحتمل أن يحتوي على جسيمات معدية. وقد ادت هذه التصريحات مخاوف وتساؤلات كثيرة في الشبكة العنكبوتية في كل ارجاء العالم.
رغم كل هذه الادعاءات فانا شخصيا لا اظن ان فيروس كورونا من اصل فضائي لمجموعة من الاسباب : اولا، فعلا لقد انفجر نيزك متزامن مع مرور مذنب فوق الصين لكن هذا المرور كان بعيدا جدا على سطح الارض؛ ثانيا، هذا الفيروس معروف عند الباحثين مند سنين، فيروس ارضي من سلالة الفيروسات التاجية المعروفة المتلازمة لالتهاب الرئوي الحاد (سارس) وبعض أنواع نزلات البرد الشائعة. الجديد في هذا الفيروس، انه جدد او غير بعض الجزيئات الحيوية بطريقة معروفة عند كل الباحثين في علم الجينات و تسمى ²Mutation²، وأخيرا وكما قلنا في السابق بان الباحثين يستعملون تقنية “نسبة الدوتريوم/الهيدروجين” لتحديد أصل المواد، ولحد الآن لا يوجد أي دليل موثوق به يثبت أن فيروس كورونا الجديد جاء من الفضاء الخارجي. ولهذا تجاهل مجموعة من خبراء الأمراض المعدية ادعاء البروفيسور “ويكراماسينج”.
ما هي دروس وعبر جائحة كورونا؟
لدينا الكثير لنتعلمه من أزمة وباءCovid-19 . على سبيل المثال، عجز الباحثين عن وجود دواء او لقاح وخصوصا علماء الدول العربية والمسلمة اذ اكتفينا بالانتظار كعامة البشر وتركنا المجال للدجالين وعلاجاتهم الغريبة وذلك راجع لقلة الامكانيات المتاحة لهذه الشريحة، عجز المؤسسات المعنية بالصحة العامة مثل منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية اذ اكتفت بالحجر الصحي المعروف منذ العصور الوسطى، ليس هنالك خطة دولية واضحة امام جائحة عالمية تهدد البشرية من داخل الارض او خارجها. و لا ننسى شلل جزء كبير من الاقتصاد العالمي بسبب الإجراءات المتخذة لمكافحة هذا الفيروس.
اعتقد أنه قد يكون من المفيد دراسة أجواء القلق المصاحبة للوضع الراهن بسبب انتشار فيروس كورونا لنستعد للتصدي لأي وباء اكبر او تهديد بأي وباء محتمل قادم من الفضاء وهو ما يعتبره مجموعة كبيرة من العلماء احتمالاً واقعيا، حيث قد تُسبب هذه المواد الحيوية او السامة غير الموجودة في كوكبنا مشكلاتٍ وأمراض خبيثة لسكان المستقبل . تزامنا مع حماية الأرض من وباء محتمل قادم من الفضاء، يجب كذلك منع الكائنات الحية الأرضية من تلويث كواكب مجموعتنا الشمسية.
وفي الختام، اناشد جميع المسئولين في العالم وخصوصا الدول العظمى ان يركزوا على حماية البشرية فوق كوكب الارض، ويتيحوا للعلماء كل الامكانيات المادية والمعنوية للوصول الى خطة دولية واضحة امام الجائحات العالمية، لأننا في الاخير لسنا ديناصورات ننتظر حتى تسقط علينا صخرة كبيرة او مواد حيوية سامة وتؤدي الى انقراضنا جميعا.
للإطلاع على نص الحوار بجريدة بيان اليوم إضغط هنا