الدورة الثانية للمنتدى العربي رفيع المستوى للتنمية المستدامة
آفاق بيئية : محمد التفراوتي
تتواصل أشغال الدورة الثانية للمنتدى العربي رفيع المستوى للتنمية المستدامة المنظمة من قبل لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونب) بالتعاون مع جامعة الدول العربية الدورة الثانية للمنتدى العربي رفيع المستوى للتنمية المستدامة خلال الفترة من 5 إلى ماي 2015 في المنامة برعاية الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس وزراء مملكة البحرين.
و ينشد المنتدى للتحضير العربي للمنتدى السياسي رفيع المستوى حول التنمية المستدامة المزمع عقده بنيويورك من 26 يونيو إلى 08 تمّوز/يوليو 2015 تحت شعار “تعزيز التكامل، والتنفيذ والمتابعة – المنتدى السياسي رفيع المستوى ما بعد 2015 .ويروم تبادل وجهات النظر بشأن موقف المنطقة العربية حيال أهداف التنمية المستدامة، حيث تترتكز المناقشات على تحليل للوضع القائم واتجاهات التنمية المستدامة في المنطقة العربية بالاستناد إلى نتائج التقرير العربي الأول حول التنمية المستدامة، وبشكل خاص على التحدّيات الإقليمية المرتبطة بالتنفيذ.كما سيقدم تعريفا لمفهوم تمويل التنمية المستدامة، حيث ستتناول المناقشات الفجوة التمويلية في المنطقة العربية ومصادر التمويل المبتكرة على المستويين الدولي والإقليمي. هذا فضلا عن إطلاق حوار حول الخطوات المستقبلية لرصد وتقييم أهداف التنمية المستدامة والأطر المؤسسية المناسبة للتخطيط والتنفيذ ومراجعة التنفيذ وإعداد التقارير على المستوى الإقليمي. وسيتمّ التركيز كذلك على الركائز العلمية لسياسات التنمية المستدامة وبناء القدرات الوطنية حول قياس التقدم المحرز حول أهداف التنمية المستدامة في إطار ما يعرف بثورة البيانات.
وأفاد الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء ، من خلال كلمة افتتاحية تلاها الشيخ علي بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء، أن مملكة البحرين تعد من أوائل الدول التي أنجزت معظم الأهداف الإنمائية للألفية قبل موعدها من حيث توفير التعليم المجاني وتمكين المرأة وتكافؤ الفرص بين الجنسين وتوسيع نطاق التضامن الاجتماعي ورفع مستوى الرعاية الصحية، وبهذا احتلت مكانة على المستوى العالمي في تقارير التنمية البشرية والمستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة والمؤسسات المتخصصة لسنوات عديدة متتالية.
وأكد الأمير خليفة أن جهود المجتمع الدولي على مسار التنمية المستدامة لا يمكن أن تحقق أهدافها دون توافر الأمن والاستقرار الذي يعزز من مكاسب الدول ويزيد من قدرتها على تلبية تطلعات شعوبها في حياة أكثر ازدهارا وتقدما علي مختلف المستويات. ذلك أن ضمان تحقيق أمن واستقرار العالم يرتبط في المقام الأول بإنهاء أسباب التوترات والصراعات بشكل جذري، وذلك يستلزم الوصول إلى تصور دولي جماعي لكيفية النهوض بأوضاع الشعوب في مختلف البلدان. ونوه سموه إلى أهمية المنتدى في دراسة إمكانية وضع منظومة عربية موحدة تحفظ للدول والشعوب العربية الأمن والاستقرار، وترتقي بأوضاعها المعيشية وتزيد من صلابتها في مواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية. كما دعا الأمير إلى ضرورة استكمال ما أنجزته الدول العربية من الأهداف الإنمائية للألفية، والتحرك بشكل إيجابي لتقديم رؤية عربية شاملة لمرحلة ما بعد 2015 تراعي فيها الاحتياجات الراهنة على صعيد التنمية والأولويات المستقبلية.
وقالت الأستاذة فائقة بنت سعيد الصالح وزيرة التنمية الاجتماعية أن مملكة البحرين تولي موضوعات التنمية المستدامة بمختلف قطاعاتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية اهتماماً واضحاً ضمن الخطط والبرامج الحكومية مما ينعكس إيجاباً على المواطن البحريني، ويسهم بشكل فاعل في دعم الجهود العربية الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة في المنطقة العربية، وتشير التقارير الدولية والإقليمية إلى التقدم الذي تحرزه المملكة في هذا المجال.
وأوضحت أن لهذا المنتدى أهمية في وضع التصور اللازم في إطار الأجندة المرتقبة لاحتياجات المنطقة من تمويل وإعادة الأعمار والحماية الاجتماعية والبيئية اللازمة ودمج الفئات الضعيفة والأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع بما يمكّنهم من أداء دورهم الهام في عملية التنمية، وهو الأمر الذي يتطلب تعزيز التجارة من أجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية والاستفادة من التكنولوجيا مع ضرورة دمج القضايا القطاعية ضمن أهداف التنمية المستدامة، وذلك انطلاقاً من مكتسبات المنطقة التي أحرزتها خلال العقدين الماضيين.
وأكدت أن نتائج هذا المنتدى تدعم الجهود العربية الرامية لتضمين الأولويات العربية ضمن أجندة التنمية المستدامة العالمية لما بعد 2015، وخاصة بعد صدور قرار القمة العربية في شرم الشيخ الذي أكد على مواصلة الجهود لتضمين أولويات المنطقة في الأجندة العالمية المرتقبة.
وأضافت الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام والأمينة التنفيذي للإسكوا أن التنمية المستدامة هي الأساس الذي تقوم عليه اقتصادات قوية تشمل الجميع وتقضي على الفقر والبطالة، وهي الأساس “الذي تُبنى عليه مجتمعات آمنة مستقرة، خالية من الخوف والتهميش، وهي السبيل لحماية مواردنا الطبيعية وبيئتنا لخير أبنائنا وأحفادنا”.
وقالت “أن التنمية المستدامة هي حق مشروع لجميع الشعوب، لا يتحقق ما لم تتوفر له الموارد المالية والبشرية، والمؤسسات القوية الفاعلة، حق لا يستقيم ما لم يسُد الأمن المجتمعي المبني على مواطنة متساوية في ظل حكم صالح يقوم على الاحترام القاطع لحقوق الإنسان للجميع”.
وأوضح السيد ابراهيم ثياو، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن العالم والمنطقة العربية يتغيران بوتيرة غير مسبوقة في التكنولوجيا وأساليب العيش وفي توجهات وإرادة الشعوب وطموحاتها. وأشار إلى أن عام 2015 هو عام مهم لاتخاذ إجراء حول البيئة والتنمية المستدامة، “إذ تفصلنا أشهر قليلة عن موعد تبني العالم لأجندة أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015، كما يشهد عام 2015 مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، ومؤتمر الأطراف COP 21، في سعي لتحقيق اتفاق ملزم حول تغير المناخ الذي سيكون له تأثير إيجابي كبير على المنطقة العربية”.
وقال: “إننا نعمل مع شركائنا في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الخليج العربية والعراق والأردن وقطر ودولة الإمارات العربية لدعم الشراكة العالمية من اجل التنمية المستدامة والمساهمة في إعداد أدوات لرفع القدرة على التنمية ونقل التكنولوجيا والنماذج الجديدة للاستثمار وتعبئة الموارد من اجل تحقيق أجندة التنمية المستدامة لما بعد 2015، كالاستثمار اللازم للتكيف مع تغير المناخ، وأمور أخرى أساسية لتحقيق التنمية المستدامة”.
وأكد أن المنطقة العربية هي أكثر المناطق هشاشة من حيث الحاجة إلى المياه، والمناخ الجاف، والتنمية الحضرية التي تجتاح المناطق الساحلية، والنزاعات وقضايا الحوكمة، لذلك هي بحاجة ماسة لنهج شامل ومبتكر في التنمية المستدامة، مضيفا أن العنصر الأساسي للنجاح في تحقيق أجندة التنمية الجديدة يكمن في كيفية ترجمة المبادئ إلى سياسات على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.
ومن جهتها تناولت الدكتورة سيما بحوث، المدير الإقليمي لمكتب الدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الإنجازات التنموية المتميزة في مجالات التنمية البشرية كافة، بما فيها أهداف الألفية خلال الأعوام الماضية ولا تزال، واضعة نهجا يعكس الحرص على تحقيق الرفاه لشعبها ويرتكز على رؤية متروية لقيادة واعية ورشيدة.
وذكرت أن المنتدى يمثل مناسبة في غاية الأهمية للاطلاع على التقدم المحرز في تحقيق الأهداف الإنمائية خلال الخمسة عشر عاما الماضية وتدارس وضع التنمية المستدامة على نحو عام في المنطقة العربية، مشيرة إلى أن المنتدى ينعقد في مرحلة عصيبة تمر بها المنطقة العربية، ويجب على نحو سريع مراجعة التحديات التي تواجه المجتمع الدولي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وخلال أولى جلسات المنتدى تناول المشاركون موضوع “التحوّل من الأهداف الإنمائية للألفية إلى أهداف التنمية المستدامة: أصوات من المنطقة العربية” والتي أدارتها السيدة فائقة الصالح، وزيرة التنمية الاجتماعية، وتمحورت مداخلات الجلسة حول وضع التنمية المستدامة في المنطقة العربية والأمن والاستقرار في المنطقة العربية كشروط لتحقيق التنمية المستدامة – ثمن النزاعات والحق في التنمية والكرامة ـ التحول النمطي المطلوب.
وتدارس المؤتمرون خلال الجلسة الثانية للمنتدى “المسارات الدولية حول خطة التنمية لما بعد 2015” أدارها السيد طاهر الشخشير، وزير البيئة ونائب رئيس اللجنة العليا للتنمية المستدامة في المملكة الأردنية الهاشمية ، وهمت مداخلات الجلسة إطار جديد بشأن الحد من الكوارث 2015 ـ 2030 وأهداف التنمية المستدامة وقمة الأمم المتحدة حول خطة التنمية لما بعد عام 2015 و مفاوضات تغيّر المناخ والدورة الواحدة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ و التكامل والكونية: متطلّبات أساسية لخطة التنمية لما بعد عام 2015 و خطة التنمية لما بعد 2015: خطة للأغنياء.
يشار أن المنتدى شهد مشارك نحو 400 مشارك من الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين العرب المعنيين بالتنمية المستدامة وممثلي المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة وبنوك التنمية العربية وجامعة الدول العربية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا التنمية المستدامة. وسيتم إصدار وثيقة البحرين في ختام المنتدى حيث تحتوي على التوصيات النهائية والتي سيتم رفعها إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى في دورته الثالثة والتي ستعقد في نيويورك من 26 يونيو إلى 8 يوليو 2015.