الدوحة : نظم المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) جلسة خاصة في قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ في الدوحة، حول دور قطاع الأعمال العربي في التحول الى اقتصاد منخفض الكربون. وقد اختار منظمو القمة هذه الجلسة موضوعاً لفيلم وثائقي ستنتجها مؤسسة الدوحة للأفلام. واجتذبت الجلسة حشداً من الإعلاميين، لإثارتها قضايا ساخنة تتعلق باستنزاف الموارد الطبيعية في المنطقة العربية.
تحدث في الجلسة الدكتور راشد أحمد بن فهد وزير البيئة والمياه في الامارات، والدكتور أندرو ستير رئيس معهد الموارد العالمي. فقدم بن فهد عرضاً لاستراتيجية الاقتصاد الأخضر الوطنية في بلاده، مشيراً الى أن الامارات، التي أقلقها ارتفاع أرقام البصمة البيئية، باشرت برنامجاً خاصاً لاحتساب بصمتها وتحديد طرق لتخفيضها، ما يحفظ مواردها الطبيعية. وقدم ستير نظرة عالمية على الموارد الطبيعية وربطها بأثر تغير المناخ.
وعرض مدير الجلسة، أمين عام “أفد” نجيب صعب، الاعلان الذي وقعه قادة 120 شركة في قمة قطاع الأعمال التي نظمها “أفد” في أبوظبي عام 2007، وتعهدوا فيها بتخفيض استهلاك الطاقة والمياه في عملياتهم بنسبة 20 في المئة بحلول سنة 2012. ودعا ثلاثة منهم ليعرضوا ما حققوه. فأوضح راجي حتر من أرامكس (الامارات / الأردن) أن شركته خفضت استهلاك الوقود بنسبة 23 في المئة نتيجة استعمال سيارات أكثر كفاءة، واعتمدت أنظمة مشددة في مستودعاتها وأبنيتها المكتبية وعملياتها، ما أدى إلى انخفاض حاد في الانبعاثات الكربونية. وقدم ألان صليبا من الخرافي ناشيونال (الكويت) برنامج التدريب “ترشيد”، الذي تنفذه شركته لبناء قدرات 36 ألف موظف لديها، من أجل إدارة وتنفيذ برامج الاستدامة. وقدم مايكل نايتس من أكوا باور (السعودية) عرضاً لالتزام شركته بتعزيز الطاقة المتجددة في السعودية وخارجها.
وخلص صعب الى أن مجتمع الأعمال يؤدي دوراً أكبر في التحول الى اقتصاد منخفض الكربون. وأثنى بن فهد على مبادرات القطاع الخاص التي يقودها “أفد”، مشدداً على الحاجة الى شراكات بين القطاعين العام والخاص للتعامل مع تغير المناخ. وعقَّب ستير بأن العروض تثبت قدرة القطاع الخاص على المساعدة في مكافحة تغير المناخ، مع الاستمرار في الربح والاستدامة. وشارك في الحوار وزير البيئة الفلسطيني يوسف أبوصفية وأمين عام مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة (كامري) جمال جاب الله، ومجموعة من المسؤولين ورؤساء منظمات دولية وخبراء وأكاديميين.
وقدم صعب ملخصاً لنتائج تقرير “أفد” الأخير حول البصمة البيئية في البلدان العربية، الذي أظهر أن ثلاثة بلدان في منطقة الخليج تتقدم العالم كله من حيث ارتفاع بصمتها البيئية. وكان هناك اتفاق على الحاجة الى مزيد من الإدارة الرشيدة للموارد.
ضم وفد “أفد” الى قمة المناخ ممثلين لقطاع الأعمال والمجتمع المدني والسلك الأكاديمي. وقد أدى دوراً هاماً في مساعدة الوفود العربية في عملية المفاوضات، من خلال تقديم بيانات علمية وخيارات تتعلق بالسياسات. وشارك الوفد في كثير من الجلسات، بما فيها جلسة التكيف مع تغير المناخ في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وكان صعب من المتحدثين فيها.
وفي لقاء صحافي بعد ظهر الجمعة، قال صعب إن حصيلة القمة كانت متواضعة، نظراً الى أن الاتفاق على تمديد بروتوكول كيوتو لمدة ثماني سنوات أخرى لن يفضي الى نتائج ملموسة، في حين أن الملوثين الأكبرين، الصين والولايات المتحدة، لم يوقعاه. وأشار الى أن الدول التي قدمت تعهدات ملزمة لتخفيض انبعاثاتها الكربونية هي فقط دول الاتحاد الأوروبي وأوستراليا، وهي مسؤولة عن 15 في المئة فقط من الانبعاثات العالمية. وكرر دعوة “أفد” الى اتفاق ثلاثي المسارات، حيث تلتزم البلدان المتقدمة بتخفيضات كبيرة فورية للانبعاثات الكربونية، وتلتزم البرازيل وروسيا والهند والصين بأهداف ثابتة بعد فترة سماح متوسطة تبلغ نحو خمس سنوات، وتُعطى البلدان النامية فترة سماح مدتها 15 سنة، مقترنة بحوافز. وقال صعب إن هذا وحده قد يجتذب الولايات المتحدة والصين الى كيوتو ويكسر الحلقة المفرغة. وتصر الولايات المتحدة حالياً على أن تلتزم الصين بتخفيضات ملزمة من دون ابطاء، في حين تختبئ الصين خلف البلدان النامية في مجموعة الـ77 لتأخير اتخاذ اجراء. وأوضح صعب أنه “من غير المنصف معاملة الصين بالطريقة ذاتها التي تعامل بها زيمبابوي واليمن، لكن من غير المنصف أيضاً وضعها فوراً في الفئة ذاتها مع الولايات المتحدة”.
وأضاف صعب أنه في حين نجحت قطر كبلد مضيف، إذ وفّرت مستويات إستثنائية من الراحة والتسهيلات للوفود، فقد كان بامكانها أن تفعل المزيد كرئيس للمؤتمر في ما يتعلق بتحضير الجولات لاتفاقات متماسكة وملموسة، “فلا يمكنك أن تجمع 200 بلد في قاعة كبرى وتتوقع منهم التوصل إلى إتفاق حول هذه المسألة المصيرية”.